Home»Islam»الحاجة إلى الرسل …

الحاجة إلى الرسل …

0
Shares
PinterestGoogle+

من الأمور الجائزة على الله تعالى من حيث العقل، ووجوب الإيمان بها من حيث الشرع إرسال جميع الرسل والأنبياء من لدن آدم عليه السلام إلى خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم، تفضلا منه سبحانه وتعالى ورحمة  » رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزاً حَكِيماً. [النساء : 165]

وقد أوجب الله تعالى على المكلف (العاقل البالغ)الإيمان بجميع الرسل دون تفريق بينهم فقال سبحانه : » قُولُواْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ [البقرة : 136].
الحاجة إلى الرسل

اعلم أن النبوة وإن كانت جائزة على الله تعالى من حيث العقل غير أنها من أعظم أركان الدين، فقد اقتضت حكمة الله تعالى أن يرسل رسلا تفضلا منه ورحمة لما في ذلك من مصالح دينية ودنيوية.

فقد بعث الله تعالى الرسل لبيان الأحكام التكليقية المتمثلة في أمره ونهيه وإباحته… وليعلموا الناس ويرشدوهم معرفة حقائق التوحيد الخالص، ويدلوهم على الخير والشر، وكل ما يقيم حياتهم على نحو أفضل، ويسلك بهم مسلك النجاة في آخرتهم… خصوصا وأن العقل لا يستقل في إدراك بعض الحقائق الإيمانية التي تندرج ضمن الإيمان بالغيب.

    لقد بعث الله الرسل ليكشفوا للعقول: « من شؤون حضرته الرفيعة بما يشاء أن يعتقده العباد فيه، وما قدر أن يكون له مدخل في سعادتهم الأخروية، وأن يبنوا للناس من أحوال الآخرة ما لابد لهم من علمه، معبرين عنه بما تحتمله طاقة عقولهم، ولا يبعد عن متناول أفهامهم، وأن يبلغوا عنه شرائع عامة تحدد لهم سيرهم في تقويم نفوسهم، وكبح شهواتهم، وتعلمهم من الأعمال ما هو مناط سعادتهم وشقائهم في ذلك الكون المغيب عن مشاعرهم بتفصيله، اللاصق علمه بأعماق ضمائرهم في إجماله…(1)

وإذا كان بعث الرسل من القضايا الجائزة لا الواجبة ولا المستحيلة عند الأشاعرة لكن بعد الانبعاث تأييدهم بالمعجزات وعصمتهم من الموبقات من جملة الواجبات…(2)
تعريف كل من الرسول والنبي

الرسول إنسان ذكر حر سليم من منفر طبعا، أوحي إليه بشرع وأمر بتليغه، وقيل له كتاب أو نسخ لبعض شريعة من قبله.

والنبي إنسان ذكر حر سليم من منفر طبعا أوحي إليه بشرع مطلقا، وقيل : وأمر بتليغه. فمن أوحي إليه بشرع وأمر بتليغه وله كتاب أو نسخ لبعض شرع من قبله رسول ونبي باتفاق، فإن أمر بالتبليغ وليس له كتاب ولا نسخ كيوشع بن نون وإسماعيل فنبي اتفاقا.(3)
الصفات الأساسية للرسل 

اقتصت حكمة الله تعالى أن يكون الرسل بشرا من جنس المرسل إليهم حتى يكونوا أكثر صلة بالناس وأعرف بمشاعرهم وأحاسيسهم ليكونوا قدوة للناس فيما يبلغونه عن الله عز وجل، واختيار ملك يبلغ رسالة الله إلى الرسول ليبلغها هو إلى الناس شيء طبيعي، ما دام عالم الملائكة مختلفا عن عالم الإنسان . قال تعالى : » قُل لَّوْ كَانَ فِي الأَرْضِ مَلآئِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِم مِّنَ السَّمَاءِ مَلَكاً رَّسُولاً [الإسراء : 95].(4)

ومن الصفات الضرورية التي دل الشرع والعقل على ثبوتها للرسل عليهم الصلاة والسلام:
الصفة الأولى: الأمانة.

ومعناها حفظ ظواهرهم وبواطنهم من المعاصي والمكروهات. ويعبر علماء العقيدة عن الأمانة بالعصمة أيضا، وهي ملكة نفسانية تمنع صاحبها الفجور.

وبهذا التفسير يكون معنى العصمة: هو حفظ الله تعالى لظواهر الأنبياء وبواطنهم من كل عمل منهي عنه، في الصغر والكبر، قبل النبوة وبعدها. فلا يصدر عنهم ذنب ولا يرتكبون معصية. (5)

ويتفرع عن هذه الصفة الكلام في عصمة الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام من خلال العناصر الآتية:

أولا: مفهوم العصمة: العصمة لغة تعني المنع والوقاية والحفظ، وفي اصطلاح علماء العقيدة تعني: حفظ الله تعالى لأنبيائه ورسله عليهم الصلاة والسلام من الذنب مع استحالة وقوعه.

ثانيا: العصمة قبل النبوة: الذي نرتضاه معتقدا في هذا الموضع أن الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام كانو معصومين قبل البعثة، فلا يصدر عنهم ذنب بحال. وهذا الامتناع إنما استفدناه من الشرع الحكيم دون العقل، لأن ما يسمى معصية في العرف إنما يكون بعد تقرير الشرع نفسه أنها معصية…

ثالثا: العصمة بعد النبوة: أجمع أهل الحق على عصمة الأنبياء والرسل بعد النبوة، وهذا هو الأليق بخير من اصطفاهم الله تعالى لهداية الناس إلى الطريق المستفيم. 

الصفة الثانية: الصدق.

وهو ضد الكذب، ومعناه مطابقة الخبر للواقع، أو موافقة الخبر لما في نفس الأمر، إي لما عند الله تعالى، سواء وافق اعتقاد المخبر أم لا.(6)

وإذا كان الصدق واجبا في حق الرسل عليهم الصلاة والسلام في كل ما يبلغونه ويخبرون عنه فإن اتصافهم بالكذب محال. والدليل على ذلك أنهم لو لم يكونوا صادقين للزم الكذب في خبره تعالى لتصديقه لهم بالمعجزة النازلة منزلة قوله تعالى: صدق عبدي في كل ما يبلغ عني…(7)

وإذا كان الصدق من الصفات التي ينبغي أن يتصف بها عامة المؤمنين ،  فإن وجوب اتصاف الرسل عليهم الصلاة والسلام بهذه الصفة الكمالية من باب أولى.

الصفة الثالثة: الفطانة.

ومعناها الحذق وسرعة الفهم والتيقظ لإلزام الخصوم وإبطال دعاويهم ودحض حججهم، بحيث يستطيعون إقامة الدليل على صدق ما يدعون إليه، ويبطلون شبه المخالفين لهم.(8)

وهذا واقع جميع الأنبياء والمرسلين، قال تعالى: وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَاء إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ [الأنعام : 83] وقال أيضا: « قَالُواْ يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتَنِا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ [هود: 32] وقال لنبيه محمد r: « وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ [النحل : 125].

الصفة الرابعة: التبليغ.

معناه لغة الإيصال، والمقصود بهذا اللفظ في هذا الموضع أن الرسل عليهم الصلاة والسلام يبلغون جميع ما أمرهم الله تعالى بتبليغه، ولا يتصور كتمانهم لشيء من ذلك، قال تعالى: « يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ [المائدة:67].

فهذه الصفات الأربعة الأساسية مما يجب على كل مكلف اعتقادها في حق الرسل عليهم الصلاة والسلام، واعتقاد استحالة اتصافهم بأضدادها، وهي كما سلف: الصدق، وضده الكذب، والأمانة، وضدها الخيانة،  والتبليغ، وضده الكتمان. والفطانة وضدها الغفلة.

وهذه الصفات الأربعة التي أتينا على ذكرها هي المتداولة فى علم التوحيد، وهي من الشروط العقلية للنبوة. أما اللشروط الشرعية العادية فهي البشرية، والحرية، والذكورة، وكمال العقل، والذكاء، وقوة الرأي، والسلامة من كل ما ينفر من الإتباع حال النبوة.

ومنها أيضا كونه أعلم من جميع من بعث إليهم بأحكام الشريعة المبعوث بها أصلية كانت أو فرعية.(9)

بشرية الرسل

هذه المسألة بالغة الأهمية عند علماء العقيدة، وبسب عناية الإسلام بها لم تجد المعتقدات الوثنية سبيلا لعقول المسلمين، بل لم يعرف الفكر الإسلامي عبر تاريخه تلك الضلالات التي عرفتها بعض الأمم السابقة. كتأليه الأنبياء أو النابغين من المفكرين، فقد أله المسيحيون عيسى عليه السلام، وأله البوذيون بوذا … في حين ظل محمد r محافظا على بشريته المتميزة بتلقي الوحي، وأصبح هذا الأمر حقيقة واضحة مسلما بها.(10)

ولقد تحدث علماء العقيدة عن الصفات الجائزة في حق الرسل والأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وقرروا في هذا الصدد أصلا مهما وهو القول بجواز اتصاف الرسل والأنبياء بسائر الأعراض البشرية التي لا تؤدي إلى نقص في مراتبهم أو الإخلال بمقاماتهم العلية كالمرض والعمى والبرص وغير ذلك من الأمور المنفرة …(11)

ومن النصوص الدينية التي تعزز هذا الجانب: 

فقال تعالى  » قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً [الكهف : 110].

وقال أيضا: » قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِّلْمُشْرِكِينَ [فصلت : 6].

وقال أيضا: « قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلاَ ضَرّاً إِلاَّ مَا شَاء اللّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ [الأعراف:188].

وقال أيضا: » قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرّاً وَلاَ نَفْعاً إِلاَّ مَا شَاء اللّهُ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ إِذَا جَاء أَجَلُهُمْ فَلاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ [يونس : 49].

وقال أيضا: » وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ  [آل عمران:144].

أما دليل جواز وقوع الأعراض البشرية على الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام والتي لا تؤدي إلى نقص كما سلف القول، فمشاهدة وواقعة فعلا. وهذا كما يقول بعض العلماء « إما لتعظيم أجورهم أو للتسلي عن الدنيا أو للتنبيه لخسة قدرها عند الله تعالى وعدم رضاه بها دار جزاء لأنبيائه وأوليائه باعتبار أحوالهم فيها عليهم الصلاة والسلام… »(12)

خصائص نبوة سيدنا محمد r

اعلم أن الله تعالى خص نبينا محمدا  r بخصائص كثيرة منها:

    *

      أنه r خاتم الأنبياء والمرسلين لقوله تعالى: « مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً [الأحزاب: 40]. ويترب على هذا الأصل دوام شريعته وعدم نسخها إلى قيام الساعة. وأنها ناسخة لجميع الشرائع السابقة. 
    *

      عموم بعثته عليه الصلاة والسلام للثقلين: أي للجن والإنسن، لقوله تعالى: » وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ [سبأ: 28] وقوله عز وجل في حقه r : » وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ [الأنبياء: 107]، وقوله أيضا: » تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً [الفرقان: 1]. ويترتب عن هذا المعتقد كذلك أن الرسالة الإسلامية جاءت عامة وصالحة لكل زمان ومكان. فإذا كانت رسالة الأنبياء السابقين خاصة بالقوم الذين بعثوا فيهم، فإن رسالة نبينا محمد r التي هي خاتمة الرسالات جاءت عامة، كما مر في النصوص الصريحة السابقة. التي تؤكد عالمية الرسالة الإسلامية وصلاحيتها لكل زمان ومكان، لما تنطوي عليه من تشريعات كونية سامية، وقيم نبيلة عالية، تهدف إلى تحقيق السعادة والخلاص للبشرية جمعاء.
    *

      من أبلغ المعجزات التي اختص بها نبينا محمد r القرآن الكريم، وهو معجزة عامة وخالدة، ستظل تحمل في ثنايا ألوانا من التحديات، في كل زمان ومكان. فضلا عما اختص هذا الكتاب الكريم من جزالة اللفظ والنظم والفصاحة، واشتماله على قصص الأولين، وما ان فيه من أخبار الأمم الماضية، إلى غير ذلك من وجوه الإعجاز الكثيرة، مع القطع أنه r كان أميا لا يكتب ولا يقرأ، ولم يعهد منه r في جميع زمانه تعاطي لدراسة كتب، ولا تعلمها. وقد نفى سبحانه وتعالى ذلك بقوله: « وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لَّارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ [العنكبوت:48].(20)
    *

      شفاعته لأهل الكبائر من أمته: وقد أجمع أهل السنة والجماعة على هذا الأمر، كما تظافرت الأدلة على صحة الشفاعة، فمن الكتاب قوله تعالى: » عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَّحْمُوداً [الإسراء : 79] وقد فسر عدد من الصحابة رضي الله عنهم المقام المحمود بالشفاعة العظمى المختصة به قطعا.

وفي الحديث الصحيح عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله r: « كل نبي سأل سؤالا، أو قال: لكل نبي دعوة قد دعا لأمته، وإني اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي. »(21)

وفي رواية عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله r: « إن لكل نبي دعوة مستجابة، وإني اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي، وهي نائلة منكم إن شاء الله من مات لا يشرك بالله شيئا. » (22)

ومعنى شفاعته r أي عفوه سبحانه وتعالى على طائفة من أمته بعد نفاذ وعيده، فيخرجون من من النار بشفاعته r . كما يتناول مفهوم الشفاعة شفاعته r في زيادة الدرجات لأهل الجنة، ومنها شفاعته r في إدخال قوم الجنة بغير حساب، ومنها شفاعته في عدم دخول قوم النار بعد أن استحقوها وفي خروج الموحدين من النار…(23)

ويقول ابن أبي زيد القيرواني: » إنه يُخرج منها بشفاعة الرسول r من شفع له » قال القاضي عبد الوهاب: فمذهب أهل السنة وأئمة الملة والأخبار متواترة به على المعنى وإن اختلفت ألفاظه…(24)

    *

      الحوض: من الأمور التي أعطاه الله تعالى لنبيه الكريم محمد r حوض في الجنة ترده أمته لا يظمأ من شرب منه، ويذاد عنه من بدل وغير.

وقد ورد في الحديث الصحيح قوله r: « حوضي مسيرة شهر، ماؤه أبيض من اللبن، وريحه أطيب من المسك، وكيزانه كنجوم السماء فمن شرب منه لا يظمأ بعده أبدا. »(25)

وهناك من العلماء من فسر قوله تعالى « إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ [الكوثر: 1] بالحوض الذي اختص به رسول الله r .

قال الإمام القرطبي: »… اختلف أهل التأويل في الكوثر الذي أعطيه النبي r على ستة عشرة قولا: الأول أنه نهر في الجنة رواه البخاري عن أنس والترمذي أيضا… الثاني، أنه حوض النبي r في الموقف، قاله عطاء، وفي صحيح مسلم عن أنس قال: بينما نحن عند رسول الله r إذ غفي إغفاء، ثم رفع رأسه متبسما فقلنا: ما أضحكك يا رسول الله ؟ قال »: نزلت علي آنفا سورة فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم: » إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ [الكوثر :1،3] ثم قال: أتدرون ما الكوثر؟ قلنا: الله ورسوله أعلم. قال: هو فإنه نهر وعدنيه ربي عز وجل، عليه خير كثير، هو حوض ترد عليه أمتي يوم القيامة، آنيته عدد النجوم، فيُخلج العبد منهم فأقول إنه من أمتي، فيقال: إنك لا تدري ما أحدث بعدك. »(26)

وقد وردت في وصف الحوض وبيان صفاته أحاديث صحيحة كثيرة مما يجعل الإيمان به واجبا والتصديق به فرضا.(27)

المصادر والمراحع:

() حاشية محمد الطالب بن الحاج على ميارة 1/61

(2) رسالة التوحيد الشيخ محمد عبده، ص:150.

(3) الملل والنحل، للشهرستاني، 1/102

(4) مقارنة الأديان، الدكتور أحمد شلبي: 3 / 119

(5) شرح جوهرة التوحيد الباجوري ص:174

(6) شرح أم البراهين للملالي، ص:77.

(7 ) شرح جوهرة التوحيد للباجوري، ص:278

(8)شرح جوهرة التوحيد الباجوري ص  278/ شرح جوهرة التوحيد سليمان القضاة ص: 162

(9) شرح جوهرة التوحيد للباجوري، ص:280.

(10)مقارنة الأديان الدكتور  أحمد شبلي . 3 / 119 .

(11 ) شرح جوهرة التوحيد، للباجوري، ص: 282.

(12) أم البراهين، للسنوسي، مع حاشية الدسوقي، ص:245.

(13) شرح السنوسية الكبرى، للإمام أبي عبد الله السنوسي، ص: 351.

(4) الملل والنحل للشهرستاني، 1/102

(5) شرح جوهرة التوحيد للباجوري، ص: 298

(6) غاية المرام في علم لكلام، لسيف الدين الآمدي، ص:286.

(17 ) موقف العقل والعم والعالم من رب العالمين وعباده المرسلين، الشيخ مصطفى صبري 4/32

(18) شرح جوهرة التوحيد للباجوري، ص: 297

(19) شرح جوهرة التوحيد للباجوري، ص: 340 تحقيق محمد أديب الكيلاني وعبد الكريم تتان.

(20) الإنصاف فيما يجب اعتقاده ولا يجوز الجهل به، للباقلاني، ص: 62

(21) صحيح البخاري تعليقا: 6305  صحيح مسلم 200. مسند أحمد،

(22)  صحيح البخاري، آخر كتاب الرقاق (6304) (7474)، صحيح مسلم 199.، سنن الترمذي 3602، سنن ابن ماجه، 4307.

(23)  شرح جوهرة التوحيد للباجوري، ص:428-431، شرح السنوسية الكبرى المسماة: عمدة أهل التوفيقوالتسديد، للإمام أبي عبد الله السنوسي، ص:405 الإبانة عن أصول الديانة للإمام الأشعري، ص: 245، شرح عقيدة ابن أبي زيد القيرواني للقاضي عبد الوهاب، ص: 334.

(24) شرح عقيدة ابن أبي زيد القرواني للقاضي عبد الوهاب، ص: 284/ أنظر أيضا الإبانة للإمام الأشعري، ص: 241

(25) صحيح البخاري، الرقاق باب 53. صحيح مسلم، الفضائل باب 9 حديث رقم 2292

(26) الجامع لأحكام القرآن، للقرطبي، 20/214

(27) أنظر على سبيل المثال صحيح مسلم ، باب إثبات حوض نبينا محمد r 7/9 / الإبانة عن أصول الديانة للإمام الأشعري، ص: 245

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

1 Comment

  1. mo3jab.mouhib
    19/10/2010 at 23:51

    merci bien docteur.astafadna am3ak.

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *