« الجزيرة » قناة تربعت على عرش الإعلام العربي بدون منافس، نظرا للإمكانات الكبيرة المسخرة، من تكنولوجيا،و كفاءات،و رؤية استراتيجية …….جعلتها تمثل سلطة لها تأثير كبير في أوساط جل الأنظمة السياسية العربية.

وبعيدا عن خلفيات و مرامي هذه الهرم الإعلامي الكبير،أريد أن أقدم في هذا المقام، أخبارا حول ما يجري في عمق قناة الجزيرة. فالمدير العام للقناة ،و هو مهندس الميكانيك و الإعلامي  السوري،وضاح خنفر، هذا الرجل الذي بدأ مراسلا عاديا في قناة الجزيرة،لكن الأقدار،و حنكته و مراسه،سيجعلونه على رأس قيادة سفينة القناة،التي عرفت قبل حرب الخليج الثانية  بعض التراجع،و لما شغل مراسلا في العراق،فقد اكسب « الجزيرة » قوة، و قام بتأطير حوالي عشرة من الشبان العراقيين أغلبيتهم كانوا من فاقدي الأمل ،واحد منهم  أصبح الآن من مراسلي الجزيرة. كل هذا العمل جعله مديرا عاما لقناة الجزيرة. و ما يثيرني حقا،  هو ما يمتاز به المشارقة من تكوين عالي في عدة مجالات،و هذا يذكرني بالأديب المشرقي الكبير « عبد الرحمان منيف » صاحب رواية  « مدن الملح » و الذي كان خبيرا في البترول،و مبدعا أدبيا كبيرا.

ومن قوة الجزيرة هو تعدد مشاربها الفكرية،من القومي إلى الإسلامي إلى اليساري…..إلخ ،كما تتميز إيجابيا بتعدد الإنتماءات الدينية لصحفييها ،فصاحب برنامج  » الاتجاه المعاكس » الشهير،الإعلامي فيصل القاسم الحاصل على الدكتورة في اللغة  الإنجليزية،هو مسيحي درزي،وهو أخ الفنان المطرب « مجد القاسم » و الذي كان قد منع في إحدى الفترات من دخول مصر،لأن فيصل كان قد شن حينذاك حملة إعلامية على أم الدنيا. و سامي حداد صاحب البرنامج الذي يبث من لندن » الرأي و الرأي الآخر » مسيحي، و « إيمان عياد » مسيحية كذلك، زيادة على وجود أكثرية مسلمة.و للجزيرة مجلس إداري،يتكون من  المساهمين الماليين  للقناة،الذين يتفاخرون فيما بينهم من أجل تبني مقدم أو مقدمة أخبار ، و غالبا ما يشترط عضو المجلس الإداري أن يطلع يوميا على شاشة الجزيرة الصحافي المفضل لديه.

و باعتبار  « الجزيرة » مؤسسة  إعلامية ،فقد عملت على خلق  » مركز الجزيرة الإعلامي للتدريب و التطوير » و  » مركز الجزيرة للدراسات » ، هذا الأخير الذي يرأسه ابن مدينة الناظور  الدكتور مصطفى لمرابط ،أستاذ البيولوجيا بجامعة  محمد الأول بوجدة الذي تشرفت أن كنت عنده طالبا في السنة الرابعة /بيولوجيا نباتية برسم سنة 1996 ،حيث كان يدرس مادة « التطور/EVOLUTION ». و يشجع هذا المركز الدراسات الخليجية،و المشرقية،و دراسة الإقتصادت الناشئة و مدى الإستفادة منها ، كالصين، لكن يبدو أنه مع الأسف يغفل الدراسات المغاربية.

وقد عرفت القناة  مؤخرا  طرد خمس  صحافيات  ،و ذلك على خلفية ارتداءهن ملابس « تخل بالحشمة  » كما راج.

هكذا تكون « الجزيرة » قناة فوق العادة، فهي رغم عيوبها، تعتبر غولا إعلاميا بامتياز،خلقت واقعا إعلاميا جديدا لا يمكن تجاوزه في الوقت القريب على الأقل