مأساة المسلمين في باكستان دليل على فتور الأخوة الإسلامية
في كل الأقطار الإسلامية يتردد باستمرار قول النبي صلى الله عليه وسلم : » مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى » وهذا الحديث يدل على اللحمة التي تربط بين الموحدين . فالتداعي الحاصل في العالم الإسلامي حين تقع الشكوى من فئة مؤمنة في بقعة من بقع الأرض أمر مفروغ منه بموجب التوجيه النبوي ولكن مع الأسف الشديد نجد المسلمين في هذا العصر قد انعدم التداعي فيهم لشكاوي أشقائهم هنا وهناك في أصقاع المعمور. فلطالما أن واشتكى المسلمون في أرض الإسراء والمعراج بسبب الحصار الصهيوني الخانق ولكن لا تداعي في كل بلاد الإسلام أو بتعبير دقيق لا يتجاوز التداعي عندنا التباكي الذي لا ينجد مستغيثا ولا يمسح دمعه ، ولا يخفف آلامه .
فالأمة التي لم يقع فيها التداعي مع أن الأمر يتعلق بأرض مقدسة ووقف إسلامي تقع مسؤوليته على المسلمين كافة لا ينتظر منها شيء عندما يئن المسلمون الباكسانيون والأفغان بسبب كارثة الطوفان التي حلت بهم . لقد اشتكى الباكستانيون وهم ملايين المشردين ولكن لا أحد تداعى لهم بالسهر والحمى . وكان من المفروض أن تتولى الحكومات الإسلامية عمليات جمع التبرعات للمنكوبين الذين تعوزهم أبسط وأخطر الحاجيات وهي مياه الشرب النقية . لقد صاروا عرضة للأوبئة والأمراض ، وهم في العراء ، وأطفالهم وشيوخهم ومرضاهم يقضون بالمئات يوميا ولا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم . فعوض التداعي بالسهر والحمى نسمع بأموال المسلمين هنا وهناك تصرف على العبث واللهو ، وعلى المهرجانات ، وعلى التظاهرات الرياضية والفنية ، بل وتصرف في عواصم بلاد الغرب ، في الكازينوهات والمراقص والماخورات والمسابح والشواطىء .
أية أمة هذه ؟ إن غياب التداعي لمصائب المسلمين في الأراضي المقدسة ، وفي كل بلاد الإسلام شرقا وغربا دليل على ضعف الأخوة الإسلامية وفتورها واضمحلال الرابطة الإسلامية التي طالما حث عليها علماء الأمة وناضلوا من أجلها وواجهوا المستعمر الغربي من أجل إعادة بناء صرحها الذي هده الاحتلال الغربي . لقد انطلت حيل المحتل الغربي الماكر على المسلمين ، وأقروا ما خطه بينهم من حدود وأسلاك شائكة جعلت الأمة الإسلامية الواحدة أشلاء ممزعة ينهشها الوحش الغربي الكاسرمتى شاء وأنى شاء . إن وسائل الإعلام العالمية تنقل لنا صور إخواننا الباكستانيين الفقراء المعدمين يتضوعون جوعا ، وهم يعانون أسوأ كارثة بيئية دون أن يهز ذلك مشاعر المسلمين في أنحاء العالم ، والمشكل أن هذا يقع في شهر الصيام المبارك حيث يتنافس المسلمون على الأكل والشرب وتنقل فضائياتهم أصناف الأطعمة والأشربة التي يتهافتون عليها وقد صارت مصدر افتخار في حين يئن المنكوبون من الجوع والعطش في باكستان وأفغانستان . وإنه لمؤسف حقا أن يكون عدد المسلمين مليارا وثلث المليار ويجوع ويعطش أربعة عشر مليون باكستاني . فلو تصدق المليار من المسلمين بتمرة وحداة وكوب ماء أو لبن واحد لكفى ذلك المنكوبين المحتاجين .إن مقياس قوة لحمة الأخوة الإسلامية هو نسبة التداعي المسجلة عندما يشتكي المكروبون في بقعة من بقاع العالم ، وعلينا أن نثمن درجة التداعي المسجلة في عصرنا هذا لمعرفة حقيقة الأخوة الإسلامية .
Aucun commentaire