الاستعداد بالطعام لعبادة الصيام خروج عن القصد والغاية
يخيل لمن يزور أسواقنا في هذه الأيام أننا مقبولون على شهر طعام وليس على شهر صيام حيث غزت السلع الخاصة بالمأكولات والمشروبات هذه الأسواق ، وفاقت غيرها من السلع . والناس مقبلون بنهم شديد على هذه السلع الخاصة بالبلع . والغريب أن هذا الإقبال الكبيرعلى المأكولات والمشروبات يناقض غاية عبادة الصيام التي تعبدنا بها الخالق سبحانه حيث قصد بتجويعنا وتعطيشنا إلى تزكية أنفسنا التي تألف الأكل والشرب والشهوة طيلة حول كامل يقتضي شهرا للتقليل من الإقبال على هذه الشهوات . فإذا ما صارت الغاية من هذا الشهر هي الإقبال بنهم أكبر مما يكون في غيره من الشهور على الشهوات خاصة الأكل والشرب فإنها تفقد وظيفتها المتمثلة في صرف الأنفس عن الشهوات لتتعود على ذلك في باقي شهور السنة وتتحول من نفوس شهوانية لا ضابط لشهوانيتها إلى نفوس متزنة ومتوازنة تحافظ على التوازن بين ما هو مادي شهواني وما هو روحي . وبإقبال الناس على المأكولات والمشروبات استعدادا لشهر الصيام ، وهو شهر القطيعة مع الشهوات يزداد طغيان ما هو مادي شهواني على ما هو روحي وبذلك يزداد اختلال التوازن في الأنفس وتغيب الغاية المرجوة من عبادة الصيام .
ولقد زرت رفقة صديق لي سوق مدينتنا المحروسة بعناية الله عز وجل ، وقد كلفه أهل بيته باقتناء بعض المواد المستعملة فيما يسمى حلويات رمضان علما بأن رمضان شهر صيام من المفروض ألا تنسب له الحلويات التي هي أنسب لغيره من شهور الطعام ، وبينما كان يقتني أغراضه كنت أبسط معه وأسأله عن كل مادة يقتنيها وعن استعمالها خاصة بعض المواد من قبيل زريعة الكتان ، والجنجلان وحبة حلاوة والكوزة والبسباس والانجبار والمسكة الحرة …. وهي أخلاط تضاف إلى اللوز والجوز إذ فوجئت بسيدة محترمة تجيبني وقد ظنت أنني أسأل سؤال الجاهل لا سؤال الباسط المتندر مع صديقي قائلة إنها مواد مقوية تساعد على مواجهة الصيام فزادني جوابها بسطا مع صديقي دون أن أشعرها بذلك فوجدت أن الصيام عندنا يواجه بالمقويات مما يقتضي الفحص الطبي للصيام على غرار الفحص في المجال الرياضي للكشف عن المنشطات حيث يجب أن تجرى فحوص للصائمين للكشف عن نسبة هذه المقويات التي تمنعهم من الشعور بالجوع الذي هو غاية عبادة الصيام .
والناس عندنا يتنافسون في اقتناء هذه المقويات أو التقيوتات بالتعبير العامي بمعنى أنهم يتحايلون على عبادة الصيام كما يتحايل الرياضيون في الرياضات عن طريق تناول المنشطات التي تعطيهم طاقات استثنائية فوق طاقتهم العادية ، وعليه فالذين يستعينون بالمقويات يتعمدون الحصول على طاقات استثنائية لمواجهة الصيام عن سبق إصرار . ومن حسن حظنا أن الله تعالى رخص لنا الأكل والشرب حتى يتبين لنا الخيط الأبيض من الخيط الأسود دون منع المقويات وإلا لكان صيامنا لاغيا كما تلغى نتائج الرياضات التي يستعمل أصحابها المنشطات . وكم وددنا لو أن لوائح المقتنيات التي يحملها الناس إلى الأسواق من أجل شراء ما يتعلق بالأكل والشرب كانت لها لوائح مماثلة تتعلق بالأوراد القرآنية اليومية ، والأذكار ، والنوافل ، والصدقات ، وأعمال الخير كمقويات للجانب الروحي كما تلتمس المقويات المادية الخاصة بالجسد. وبطبيعة الحال لا نعدم في مجتمعنا المتزودين بخير الزاد ، وإن كنا نود لو كان المجتمع كله من هذا الصنف الذي يعطي للصيام دلالته الحقيقية عوض الدلالة الشهوانية الطاغية على أغلبية الناس .
1 Comment
اووووف شحال فيك ديال لكرتيك اسيدي محمد خلي الناس تاكل و تشرب من نعم الله او ما تبقاش حاضي الشادة و الفادة.
وكول رزقك وبرع مالين الدار و رمضان مبارك و تقبل الله صيام الجميع.