وقفات مع كتاب أصول الديانة اليهودية وفروعها ودورها في تكوين عقائد الرافضة ( الحلقة 3 )
جاء في الباب الأول من كتاب الدكتور سعد المبارك الحسن محمد والمعنون ب: » أصول وفروع الديانة اليهودية » ما يلي :
1 ـ التعريف بالعهد القديم : هو كتاب يقدسه اليهود وهو عبارة عن كل ما وصلهم من أخبار عن الأنبياء الذين كانوا قبل عيسى عليه السلام ، وقام بجمعه يهود السبي وعلى رأسهم عزرا عام 444 ق .م وهو ما يعرف بشريعة موسى عليه السلام، وهو تسعة وثلاثون سفرا ، وتسعمائة وتسعة وعشرون إصحاح. والمعروف أن التوراة هي الأسفار الخمسة الأولى : التكوين ، الخروج ، اللاويين ، العدد ، التثنية ، أما بقية الأسفار فهي منسوبة للأنبياء بعد موسى عليه السلام. والمعلوم في القرآن الكريم أن التوراة بعدما كانت هدى ونور لقوله تعالى : (( إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور )) صارت محرفة لقوله تعالى : (( من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه )) . ولا زالت طائفة السامريين لا تعترف إلا بالأسفار الخمسة إلى جانب سفري يشوع والقضاة . وبولس اليهودي واسمه شاول هو أول من سمى التوراة بالعهد القديم .
2 ـ التلمود : التلمود كلمة تعني التعليم وهي كلمة مشتقة من » لوميد » وهي عبرية تعني الدراسة أو التعلم وهي قريبة من كلمة تلميذ العربية ، وهي عبارة عن أحكام مستمدة من العهد القديم وصلت عن طريق المشافهة ، وهي المصدر الثاني من مصادر التشريع اليهودي بمثابة الحديث عن المسلمين ، وقد بدأت في الظهور بعد زمن السبي البابلي في القرن الخامس قبل الميلاد . ويضم التلمود كلا من المشنا (الوصية )والجمارا ( التكملة ) ، ويدعي اليهود أن المشنا أنزل على موسى عليه السلام في طور سيناء، وأن الجمارا هو شرح للمشنا وضعه الأحبار. وخلاصة القول أن التلمود هو كتاب العقائد المفسر لتعاليم اليهود . وتوجد نسختان للتلمود : أ)ـ نسخة التلمود الأورشاليمي ، ب )، نسخة التلمود البابلي. وإذا ما اتفق اليهود في المشنا فإنهم يختلفون في الجمارا. ويضم التلمود البابلي أربعة عشر مجلدا .
وتلمود أورشاليم هو المتداول بين اليهود وتتخلله دوائر وبياضات تدل على حذف ويتعلق الأمر بعبارات شتم للمسيح عليه السلام ولعنه هو أمه تنزها عن الشتم واللعن وكان الحذف قرار المجمع الديني اليهودي في مدينة بولونيا سنة 1631 . والتلمود هو عبارة عن شروح حسب أهواء اليهود للتوراة المحرفة بشهادة القرآن الكريم . ويزعم اليهود أن التلمود وحي من الله أنزله على الحاخامات ، وبعضهم يقدسه ويعتبره أفضل من التوراة ومما جاء في التلمود : » من درس التوراة فعل فضيلة لا يستحق عليها المكافأة ، ومن درس المشنا فعل فضيلة يستحق أن يكافأ عليها ، ومن درس الجمارا فعل أعظم فضيلة » وعند اليهود أن من احتقر أقوال الحاخامات استحق الموت وهو عقاب لا يناله من احتقر التوراة. وفرقة القرائين من اليهود تنكر التلمود جملة وتفصيلا . وأما القرآن الكريم فقد قال في التلمود : (( فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون )) .
3 ـ التاريخ اليهودي مصدر من مصادر العقيدة اليهودية : إلى جانب التوراة المحرفة والتلمود الموضوع نجد التاريخ اليهودي المزور والمكذوب الذي يجعله اليهود في مرتبة المقدس ومنه يبتدعون معتقدات من قبيل أرض الميعاد ، وشعب الله المختار ، والتيه والشتات والعودة . والحقيقة أن ما لحق اليهود منذ السبي ولد لديهم عقدة شعب الله المختار الجدير بأرض الميعاد علما بأن تحريفهم للتوراة وخروجهم عن شريعة موسى هو الذي جعل الله تعالى ينكل بهم إلا أنهم أرادوا أن يجعلوا من التنكيل وسيلة لاسترداد أوصاف خص بها الله موسى ومن كان معه من الصالحين دون المنحرفين والضالين من اليهود عبر تاريخ مخز يعظمونه ويقدسونه .
4 ـ عقيدة الألوهية عن اليهود : العقيدة التي جاء بها نبي الله موسى هي عقيدة التوحيد والتنزيه إلا أن انحراف وتحريف اليهود لتعاليم موسى جعلهم يستبدلون التنزيه بالتجسيم ،وقد قص علينا القرآن الكريم خبر التجسيم في قوله تعالى : (( واتخذ قوم موسى من بعده من حليهم عجلا جسدا له خوار )) وفي قوله : (( فكذلك ألقى السامري فأخرج لهم عجلا جسدا له خوار فقالوا هذا إلهكم وإله موسى فنسي )) . والعبارات الدالة على التجسيم كثيرة في العهد القديم والتلمود منها : » فأخذت الكأس من يد الرب وسقيت كل الشعوب الذين أرسلني الرب إليهم » وهذا كلام ينسب للنبي إرميا وهو موجود في سفر إرميا ، ومنها قولهم : » فاستيقظ الرب كنائم جبار » كما جاء في المزمور وقولهم » إن الله حين أكمل خلق العالم قال تعالوا نخلق بشرا يشبهنا فخلق آدم » كما ذكر شهاب الدين القرافي في الأجوبة الفاخرة . والقرآن الكريم يكشف عن عقيدة التجسيد عند اليهود في قوله تعالى : (( وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة )) . وخرافة مصارعة يعقوب لله تعالى جسدا لجسد والتغلب عليه معروفة في أسفار العهد القديم.
5 ـ سوء أدب اليهود مع الله عز وجل : إلى جانب التجسيد ينعت اليهود الذات الإلهية بنعوت مشينة ـ تعالى الله عنها ـ ومنها الجهل والندم فمما جاء في سفر الخروج » فإني أجتاز في أرض مصر هذه الليلة وأضرب كل بكر من الناس والبهائم …. إلى أن يقول : ويكون لكم الدم علامة على البيوت التي أنتم فيها فأرى الدم وأعبر عنكم فلا يكون عليكم ضربة للهلاك حين أضرب أرض مصر » فالله تعالى عند اليهود لا بد أن يوجه بعلامة يجعلونها على بيوتهم ليضرب المصريين دون اليهود لأنه لا يستطيع التمييز بين بيوت اليهود وبيوت المصريين . ومما جاء في التلمود : » وقد اعترف الله بخطئه في تصريحه بتخريب الهيكل فصار يبكي ويمضي ثلاثة أجزاء الليل يزأر كالأسد قائلا : تبا لي لأني صرحت بخراب بيتي وإحراق الهيكل ونهب أولادي » وهو كلام ورد في كتاب الكنز المرصود في قواعد التلمود ترجمة يوسف نصر الله . وكما نعت الله عند اليهود بالجهل نعت أيضا بالندم ومما جاء في سفر الخروج : » فندم الرب على الشر الذي قال إنه يفعله بشعبه » .
6 ـ تحريف التوراة : لقد عبث اليهود بالتوراة بأشكال مختلفة منها تلبيس الحق بالباطل وكتمان الحق لهذا قال الله تعالى في القرآن الكريم مخاطبا اليهود : (( ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون )) ، ومنها إخفاء الحق لقوله تعالى : (( يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب )) ، ومنها الوضع لقوله تعالى : (( فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله )) ومنها التغيير لقوله تعالى : (( يحرفون الكلم عن مواضعه )) ومنها الكذب بالزيادة والنقصان لقوله تعالى : (( وإن منهم لفريقا يلوون ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب )) .
7
ـ الطعن في أنبياء الله : فكما نال اليهود من الذات الإلهية المقدسة نالوا من أنبيائه أيضا فاتهموا نوحا بالسكر المفضي إلى انكشاف عورته ، واتهموا إبراهيم بالكذب والدياثة والمتاجرة بعرضه عندما نسبوا له الكذب على ملك مصر بأن سارة أخته وليست زوجه حتى أن الملك المصري أخذها لولا أن الله أصابه بعذاب . واتهموا لوطا بمضاجعة بنتيه والإنجاب منهما ، واتهموا يعقوب بالغش والخديعة من أجل أن يباركه أبوه إسحاق على حساب أخيه عيسو ،كل ذلك وارد في سفر التكوين ، واتهموا موسى بالإجرام والقتل ، واتهموا داود بالزنا وأنه أنجب سليمان من زانية .
8 ـ الغلو في تقديس الحاخامات والقول بعصمتهم : مقابل التعريض بالذات الإلهية وبالأنبياء والرسل الكرام نجد اليهود يقدسون الحاخامات وينزهونهم ، فمما جاء في تنزيه الحاخامات في التلمود : » إن تعاليم الحاخامات لا يمكن نقضها ولا تغييرها ولو بأمر الإله » ويزعمون أن الله اعترف بخطئه أمام هؤلاء الحاخامات وهو كلام جاء في كتاب الكنز المرصود . ومما جاء في التلمود أيضا : » ومن يجادل حاخامه أو معلمه فقد أخطأ وكأنه جادل العزة الإلهية » .
9 ـ عقيدة الوصي عند اليهود : يعتقد اليهود أنه لكل نبي وصي يخلفه ومن ذلك وصية موسى عليه السلام لفتاه يوشع بن نون ، ومما جاء في سفر يشوع : » في ذلك اليوم عظم الرب يشوع في أعين جميع إسرائيل فهابوه كما هابوا موسى كل أيام حياته » ومما ينسب ليوشع تأخر الشمس عن الغروب له وتوقف القمر عند قتاله لأعدائه .
10 ـ عقيدة الرجعة عند اليهود : المقصود بالرجعة هي رجوع الأموات قبل يوم القيامة . ومما جاء في أخبارهم أن الله سلط عليهم الأفاعي فقتلت منهم خلقا كثيرا فأمر الله موسى بصنع حية من نحاس كل من نظر إليها ممن لدغته الحيات عادت له الحياة بعد الممات . ونحن المسلمون نصدق بإحياء الله لليهود زمن موسى ولكن كمعجزة لا كعقيدة رجعة كما يعتقدون ، ونؤمن بإحياء عزير كمعجزة لا كرجعة ، وبموجب عقيدة الرجعة ينتظر اليهود المسيح المنتظر .
11 ـ عقيدة المسيح المنتظر : وهي عقيدة سببها ما لقيه اليهود من سبي في بابل لهذا ظلت عقدة انتظار من يخلصهم موجودة عندهم ، وهم يحلمون بخروج رجل منهم ينتقم من أعدائهم . فالمسيح المنتظر عند اليهود هو من نسل داود بالضرورة. قال الحكيم السموأل : » وينتظرون قائما يأتيهم من آل داود النبي إذا حرك شفتيه بالدعاء مات جميع الأمم ولا يبقى إلا اليهود » . وليس المسيح المنتظر عند اليهود هو عيسى بن مريم الذي يتهمون أمه بالزنا ويتهمونه بالدجل والكذب بل مسيح آخر مهمته الانتقام من أعداء اليهود ، وما هو إلا المسيح الدجال الفتان كما وصفه رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي ستكون نهايته على يد المسيح عيسى بن مريم عليه وعلى أمه السلام .
12 ـ عقيدة الكذب والنفاق عند اليهود : يقوم دين اليهود على الكذب فقد كذبوا على خالقهم وعلى أنبيائه ، وشعارهم في الحياة الكذب والنفاق ، وهم يتشرفون بهذه الأوصاف ويفخرون بها ، ويتنافسون فيها طلبا للأجر في اعتقادهم . ومما جاء في التلمود قولهم : » اسم الله لا يدنس عند ما يكذب اليهودي على الغريم غير اليهودي » وقولهم : » على اليهودي أن يحلف عشرين يمينا كاذبة ولا يعرض أحد إخوانه اليهود لضرر ما » وقولهم : » لذلك قال رب الجنود ها أنا ذا أنقيهم وأمتحنهم لأني ماذا أعمل من أجل بنت شعبي لسانهم سهم قتال يتكلم بالغش بفمه يكلم صاحبه بسلام وفي قلبه يضع له كمينا » بمعنى يجوز لليهودي أن يجاهر بلسانه ما ليس في قلبه .
13 ـ تكبر اليهود واحتقارهم للآخرين : يعتقد اليهود جازمين بأنهم من طينة غير طينة البشر لأنهم شعب الله المختار اصطفاهم على سائر الناس. ومما جاء في التلمود : » أيها اليهود إنكم من بني البشر لأن أرواحكم مصدرها روح الله أما باقي الأمم فليست كذلك لأن أرواحهم مصدرها الروح النجسة » لهذا يفكرون في إهلاك البشر ومما جاء في التوراة : » فاعلم اليوم أن الرب إلهك هو العابر أمامك نارا آكلة ، فهو يبيدهم ويذلهم أمامك فتطردهم وتهلكهم سريعا كما كلمك الرب » لهذا نجد اليهود شعبا متعطشا للدماء بدافع فساد عقيدتهم وقد تضخمت لديهم عقدة التعالي على غيرهم ومما جاء في التلمود أيضا : » لا يدخل الجنة إلا اليهود أما الجحيم فهو مأوى الكفار » ومما جاء في التلمود أيضا : » سلط الله اليهود على أموال باقي الأمم ودمائهم » لهذا يضعون أيديهم على مصادر المال في العالم بدافع هذه العقدة ، ويبيحون أرواح الناس بنفس الاعتقاد الفاسد .
14 ـ عقدة الهيكل والتابوت والملك عند اليهود : مر بنا أن اليهود ينتظرون رجلا من نسل داود يعيد ملكه ، ويزعمون أن التابوت وهو صندوق يوجد بداخله عصا موسى وعصا هارون ولوحين ومن التوراة والمن ويقال غير ذلك ، ويزعمون أن من ملك التابوت لا يهزم ، ولقد زعموا أيضا أن الهيكل الذي بدأ بناءه داود وأكمل بناءه سليمان كان من أجل التابوت جاء في التوراة : » لنأخذ لأنفسنا من شيلوة تابوت عهد الرب فيدخل في وسطنا ويخلصنا من يد أعدائنا « . ولهذا يصر اليهود على احتلال بيت المقدس وهدم المسجد الأقصى وإقامة الهيكل مكانه من أجل التابوت فبعضهم يزعم أنه بإعادة بناء الهيكل يعيد الرب التابوت إليه ولا يهزم لليهود جيش وهو فيهم حسب اعتقادهم .
هذه هي عقيدة اليهود وستليها في الحلقة القادمة عقيدة الرافضة لتكون الحلقة الأخيرة مقارنة بين العقيدتين الفاسدتين .
Aucun commentaire