خلدت مدينة وجدة كغيرها من كل مدن العالم والمدن المغربية عيد الطبقة العاملة ، الا ان الظاهرة الملفتة للانتباه هي ان عيد العمال اصبح تدريجيا يتم التعامل معه من طرف الطبقة الشغيلة بنوع من البرودة ، والفتور ، بل احيانا اللامبالاة …حتى ان المهرجانات الخطابية والمسيرات التي تنظم اليوم بهذه المناسبة صارت لا تسترعي اهتمام احد ، ليس فقط المواطنين العاديين وانما ايضا العمال انفسهم ..بحيث صارت عبارة عن مسرحيات مملة.

وترجع بي الذاكرة الى ايام زمان خلال سنوات السبعينيات ونحن تلاميذ بثانويات وجدة كيف كنا ننتظر بفارغ الصبر فاتح ماي لنشارك الطبقة العاملة في مسيراتها بشوارع وجدة ، حيث يتجمع العمال من كل المدن المجاورة …مدينة جرادةوعمال الفحم، وعمال زليجة ، وواد الحيمر ، هذا بالاضافة الى العديد من القطاعات العمالية الاخرى ، حيث كانت قوات الامن تستنفر كل ما لديها من ترسانتها خوفا من ان تنزلق الامور الى …(……)…فتلاحظ كل اصناف وتخصصات الامن والشرطة وكل منهم اوكلت له مهمة خاصة بما في ذلك تسجيل الشعارات وتبليغها في الحين الى الجهات المركزية …كانت الجماهير تحج الى شارع محمد الخامس باكرا لتستمع الى الشعارات النارية للطبقة  » الكادحة  » وكان تلاميذ الثانويات يتسربون رغم الحراسة البوليسية المشددة الى وسط صفوف العمال مندفعين بشعورهم الثوري – الشيوعي – الماركسي اللينيني …حيث يعملون على اطلاق شعارات من قبيل .. »باراكا من سياسة التقشف شي ياكل وشي يشوف  » « عمال وفلاحين وطلبة دقت ساعتنا وابتدينا  » ( وطبعا هو مقطع لاغنية الشيخ فؤاد نجم )…الخ…الخ …وكانت اجهزة الدولة لاتتنفس الصعداء الا بعد ان تنتهي مسيرات فاتح ماي بخير …

كان عدد النقابات يعد على رؤوس الاصابع …وكانت الاحتفالات بالفعل احتفالات رغم كونها كانت محفوفة بالكثير من المخاطر ….وها نحن عشنا الى زمان تعددت فيه النقابات حتى صرنا لانعرف لاعددها ولا حتى اسماءها لكثرتها …وتميع العمل النقابي …وتسربت اليه الانتهازية ، وصارت جل النقابات مجرد مطية لتحقيق اغراض شخصية آنية ، وصارت القطاعات العمالية تسجل على العمل النقابي اخطاء فادحة ، وهفوات لا تغتفر ، واستنتج العمال ان العديد من النقابيين يتاجرون بمصالحهم، …بل ومنهم من يتخذ « النضال النقابي  » مجرد مطية لحاجة في نفوسهم …وسجل العمال على النقابات اخطاء ، واخطاء ، واخطاء ….وهو ما جعل الطبقة العاملة تنفض يدها من العمل النقابي …وتبتعد عنه ، وتستسلم لمصيرها …بحيث صار العمل النقابي يعامل بنوع من الفتور واللا مبالاة ، وهو ما عكسه بشكل واضح فاتح ماي اليوم وطريقة الاحتفالات به …

هل اذن يمكن للدولة ان تفكر في اصدار قانون للنقابات على غرار قانون الاحزاب …لان العديد من النقابات ليست سوى اسم بلا مسمى ..او هي تخفي تحت غطاء العمل النقابي العديد من الموظفين الاشباح .