أتحدى من ينفي عن الكتاب المقدس المتداول بين الناس اليوم التحريف بدليل واحد
في تعليق على مقالي بعنوان : » القرآن الكريم يحدد للمسلمين موقفهم من اليهود تحديدا لا يقبل النقاش » المنشور أول أمس 05/06/2010 انتقد أحدهم أن يكون كل اليهود تشملهم الآيات القرآنية التي وردت في المقال وتتعلق بلعنهم ، والتحذير من شدة عدائهم للمؤمنين ومن اتخاذهم أولياء . ومدار انتقاده على حرف من حروف المعاني وهو حرف » من » الذي يفيد التبعيض في قوله تعالى : (( لعن الذين كفروا من بني إسرائيل )) الآية ، ففي اعتقاد المعلق أن الأمر يتعلق ببعض بني إسرائيل لا بكل بني إسرائيل ، وأنا أقول له لم يحذر القرآن من الذين آمنوا من بني إسرائيل وهي طائفة قليلة جدا عاشت زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم وآمنت به لأنها عرفت حقيقة نبوته من كتبها التي لم تحرف . أما غالبية اليهود فقد كانوا يتداولون التوراة المحرفة لهذا أكثر القرآن الكريم من جدالهم لفضح تحريفهم مع استثناء القلة المؤمنة منهم إذ يقول الله تعالى في سورة المائدة : (( فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية يحرفون الكلم عن مواضعه ونسوا حظا مما ذكروا به ولا تزال تطلع على خائنة منهم إلا قليلا منهم )) وأنا ألفت نظر صديقي المعلق إلى الاستثناء في هذه الآية كما تنبه إلى التبعيض في الآية السابقة ، كما أريد منه وهو الذي أنكر علي أنني أشرح القرآن حسب هواي أن يتفضل بشرح قوله تعالى : (( يحرفون الكلم عن مواضعه ونسوا حظا مما ذكروا به )) .
فهذا قد حصل زمن رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم والوحي ينزل عليه ويكشف أسرار اليهود . فلو أن اليهود لم يحرفوا ما أنزل الله على موسى عليه السلام لوجدوا في القرآن ضالتهم لأنه نفس الوحي ولما وسعهم إلا اتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يرى صحفا في يد عمر بن الخطاب رضي الله عنه فيسأله عنها فيجيبه عمر بأنها صحف موسى فيغضب منه ويقول : » والله لو كان أخي موسى حيا لما وسعه إلا اتباعي » أو كما قال عليه السلام . فالقضية محسومة ذلك أن من كان يتداول التوراة غير المحرفة كان يصل بالضرورة إلى النتيجة الحتمية وهي الإيمان بدعوة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، أما من كان يتداول التوراة المحرفة وهي النسخة الموجودة اليوم والمعروفة بالعهد القديم فلا يمكن أن يدخل ضمن القلة القليلة التي استثناها القرآن الكريم في الآية السابقة .
ولقد صور القرآن الكريم تحريفهم بوضوح في سورة الأنعام إذ قال الله تعالى : (( وما قدروا الله حق قدره إذ قالوا ما أنزل الله على بشر من شيء قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى نورا وهدى للناس تجعلونه قراطيس تبدونها وتخفون كثيرا )) فالقراطيس هي الأوراق المفرقة و الإخفاء هو البتر وهو نوع من التحريف ، وهو ما يميز العهد القديم المتداول اليوم . ولقد تناولت العهد القديم بالقراءة من أوله إلى آخره وأتحدى من يدلني على ما جاء في قوله تعالى : (( ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون الذين يتبعون الرسول النبيء الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون )). لا توجد إشارة واحدة في العهد القديم تشير إلى الرسول النبيء والأمي البتة وعليه لا يستطيع أحد أن يزعم أن العهد القديم لم يخف اليهود بعض قراطيسه خاصة التي تتضمن الإشارة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهذا تحريف واضح لا جدال فيه ، ويترتب عنه الطعن في مصداقية العهد القديم لأن القرآن الكريم يصدق أو يكذب الذي بين يديه من الكتب السماوية ، وهو الكتاب المحفوظ بقوله تعالى : (( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون )) .
ويترتب عن فقدان العهد القديم للمصداقية انحراف عقيدة من يتبعونه ، ويترتب عن انحرافهم خروجهم من الاستثناء المشار إليه في الآية الكريمة ودخولهم في فئة الذين كفروا إذ يحصل الكفر بتحريف كلام الله عن مواضعه ، وعليه فحجة صديقي المعلق الذي علقها بحرف التبعيض لا تسمنه ولا تغنيه من جوع إذا ما أراد أن ينسب الإيمان لمتبعي التوراة المحرفة . وأحيل صديقي المعلق على آية كريمة ليس فيها حرف تبعيض وهي قوله تعالى : (( لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا)) فهل سيلجأ صديقي المعلق إلى تقدير حرف التبعيض هنا على طريقة تقدير النحاة للمحذوفات ؟ لن يجد صديقي المعلق ما يعتمده في القرآن والسنة لتبرير دفاعه عن اليهود ، أما إذا كان يخشى أن يؤذى اليهود الذين يساكنون المسلمين فليس هذا قصدي في مقالي ، لأن أمة الإسلام أمة الرحمة ، وقد احتضنتهم بالرغم من انحراف عقيدتهم مقابل جزية تضمن لهم حقوق البقاء على انحراف عقيدتهم والعيش بأمن وسلام بين المسلمين ولكن مقابل كف عدوانهم عن المسلمين ومع ذلك لا ينتفي عنهم الوصف القرآني بهذه المساكنة .والدليل على صدق القرآن الكريم في وصفهم أنهم عاشوا على سبيل المثال بيننا هنا في بلاد المغرب لقرون يحظون بالحماية والرعاية فلما كانت حرب 1967 تنكر معظمهم لاحتضان دام قرونا طويلة و رحلوا إلى فلسطين لطرد أهلها المسلمين منها والحلول محلهم في ديارهم وممتلكاتهم . ومنهم من لا زال يعيش بيننا مصان الكرامة ولكن الله أعلم إن كانت له علاقة سرية بالكيان الصهيوني أم لا ؟ فكثير من الناس يشكون في صحة ولائهم قياسا على موقف الذين هاجروا سنة 1967 ومن حق الناس الشك .
ومع تعليق صديقي جاء تعليق آخر يقول صاحبه : » مثل هذا الخطاب يخدم الصهيونية ولا يضرها في شيء » وهو كلام يصدق عليه المثل المشهور : » رمى الكلام على عواهنه » أي تكلم بما حضره ولم يبال أصاب أم أخطأ ذلك أنه إذا كان خطاب مقال يكشف فضح القرآن الكريم لليهود سيخدم الصهيونية ولن يضرها في شيء فهل خطاب صاحب هذا التعليق سيضر الصهيونية أم أنه سيخدمها ؟ وإذا كان المثل العربي يقول : » طرف الفتى يخبر عن جنانه » فأنا أقول : » خطاب الفتى يخبر عن جنانه » وخير من ذلك قوله تعالى : (( قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر )) وأخيرا أقول يا صاحب التعليق لقد عبرت في تعليقك عن غيرتك على اليهود فهلا أريتني غيرتك على الإسلام إن كنت حقا مسلما ؟
1 Comment
و ما رايك إذ كان القرآن الكريم نفسه يشير إلى انهم يؤمنون ببعض و يكفرون ببعض بمعنى ان التحريف لم يطل جميع الكتاب المقدس كما تزعم
فهل عدت إلى القرآن و هل قرأت سورة البقرة ام انك ترتجل ما تشاء و تنسبه للقرآن الكريم