Home»Régional»أين ستهربون من دماء أطفالنا ؟

أين ستهربون من دماء أطفالنا ؟

0
Shares
PinterestGoogle+

أين ستهربون من دماء أطفالنا ؟ سامي الأخرس
ما أجملها الذكريات عندما تخلد لحظات مع نفسك مستذكراً طفولتك بأزقة المخيم وأنت تداعب الكرة بقدماك الحافيتان مع أقرانك ، تتعالي ضحكاتكم وابتساماتكم من رحم اللجوء والتشتت ، ما أجملها وأنت تنمو يوماً تلو يوم بين أزقة المخيم المتراصة منازله من الطين والصفيح ، حاملاً حقيبتك المدرسية المصنوعة من القماش علي ظهرك راكضا مئات الأميال وأنت تسابق الزمن والجرح النازف بعيون من يكبروك سناً ، ما أجملها وأنت تبحث بيداك الصغيرتان الطاهرتان عن حجارة صغيرة تقذفها علي من طردوا أهلك وسلبوا بيتك وأحتلوا وطنك ، تقذفهم بعفوية الطفل الذي لا يدرك سوي كلمة اليهود ، ما أجملها وأنت تترك مقعدك الدراسي باحثا عن شعلة نار تشعل بها إطار تمرداً طفولياً علي هؤلاء الذين أدركت بفطرة الطفولة إنهم احتلوا مدينتي ، وسلبوا بيتي …..
تتكأ شارداً بذهنك ،وتناجي طفولتك ،وأنت لا تدرك من حولك سوي كلمة فلسطين ذات الراية الموحدة ، فلسطين التي نمت عشقاً مع نموك الجسدي والعقلي ، ونمت حباً وأنت لا تسمع بساعات المساء سوي صوتا واحدا يصدر من بين ثنايا المخيم بصوت نشيد فدائي فدائي …. صوت الثورة الفلسطينية … صوت منظمة التحرير الفلسطينية ، وتغفو ليلاً … ليتجدد يومٌ أخر تستقبل طفولة تحمل تمرداً وثورة عنوانها أنا طفلٌ فلسطيني … أنا ابن المخيم … المتشوق لأن ألهو كباقي أطفال العالم ، وأحتفل مع أقراني بملابس جديدة لا نحصل عليها سوي كل عامين وربما أكثر مرة واحدة .
من عمق الألم نبت حب الوطن وتجذر في الأعماق ، ونما معه الحب للأخ والجار والصديق ،وابن مخيمي ، وابن وطني ، حب لكلمة واحدة فلسطين الأرض والهوية والانتماء … وكبرنا وكبر هذا الحب معنا .
فلم نعشق ألوان تافهه تفردوا بها وتحولت لحقد دفين ، لم نعشق ثقافة الموت والقتل التي هلت بأواخر الثمانينات تقتحم عقول صغارنا وشبابنا ، لن نعشق سوي راية الوطن وهي تزهو بإباء ، تعلو ويعلو معها حبك لوطن واحد ، تحلق ومعها نبضات قلبك التي لا تحمل سوي قدسية الدم والتضحية والفداء .
لا زلت أستذكر زفاف أول شهيد وهو يسجي براية الوطن التي لم يعد لها وجود علي جثامين الشهداء ، وجموع مدينتنا خلفه تهتف بصوت واحد بالروح بالدم نفديك يا فلسطين …. بالروح بالدم نفديك يا شهيد …..هتاف يصعد للسماء لأنه يتدفق من القلب بصدق وحب ، ينبض شوقا لفلسطين … لا زلت أستذكر ونحن نشتري بمصروفنا البسيط ثمن بوستر نخط عليه شعار حبنا لفلسطين …. لأجل هذا عشقنا فلسطين الأم والراية … فلسطين الأرض والهوية …. فلسطين الانتماء والعنوان … لأجل هذا زينت جباهنا وبيوتنا راية واحدة بألوانها الأربعة .
فهل أدرك القتلة من هي فلسطين ؟ فلسطين المقدسة بأرضها ودماء أبنائها ، فلسطين وليدة الشتات واللجوء ، فلسطين الثورة والأبطال …. أما فلسطينهم التي جزءوها لراية هنا وأخري هناك … لهتاف حزبي فئوي .. لحقد يقتل أطفالها بإسم الوطن … فلسطينهم التي مزقوا بقاياها بشعاراتهم الحاقدة البلهاء التي تباع وتشتري بحفنة دولارات ، فلسطينهم التي حولوها لأداة تخدم مصالحهم وأهوائهم وتغذي تبعيتهم وخيانتهم ، فلسطينهم التي يتشدق بها الزناة واللصوص والمنحرفين .
إنه زمن حمل به اللص بندقية باسم فلسطين ، وتحول اللوطي لقائد يتحدث باسم مجموعات عصبوية مسلحة بجاهليتها وتفاهتها ، وتحول التافه ضعيف الشخصية والكيان لمتحدث رسمي ، وتحول الحثالة لأديب وكاتب سياسي ومثقف يبث سمومه بصدور أبنائنا …. أين ستهربون يا من زرعتم الحقد وبذور التفاهه من دماء أحمد وأسامة وإسلام … ستطاردكم أيها الزناديق المجرمون … ستطاردكم لعنتهم بأحلامكم ويقظتكم وحيثما كنتم … أين ستهرب هذه الحيوانات التي ملئت عقولنا تفاهة وخبث من دماء هؤلاء الأطفال ….. انتم وأسيادكم لا تسون نعال أحد هؤلاء الأطفال ، بل نعالهم أقدس وأسمي منكم ومن تربيتكم المخنثة .
إنه زمن لم تعد فيه فلسطين الموطن والهوية والانتماء ، حيث تحولت فلسطين لأداة تخدم أهوائهم الشيطانية ، أداة تستغل في بيوت الرحمن لتحرض الابن علي قتل أبيه ، والأخ علي قتل أخيه ، زمن تحول به المثقف لبوق ملعون يروج لبضاعة فاسدة ، أفسدت العقول وعبئت الصدور بسموم الأفاعي …. فلسطين التي تباع علي منابر الإعلام وتحت رحمة السيد بوش وآيات الله في قم وطهران … زمن التشرذم الذي حولنا لدمي نقتل أطفال في طريقهم لمدرستهم … زمن شهد عليه أحمد وأسامة وإسلام … وآلاف من أطفالنا سيلعنكم أيها البغاة الزناة ، ستطاردكم وتطارد ربطات أعناقكم وأنتم تدارون بها نجاستكم التي غرقتم بوحلها ، زمن تحولت العمامات البيضاء لقرود تفتي وتحلل القتل باسم الدين ، زمت يقتل به الطفل بوضح النهار ليشبع اللصوص رغباتهم في إقامة الفلل والقصور ونيل رضي أسيادهم في الغرب وتل أبيب … زمن يحج به ساستنا وقادتنا وأولياء أمرنا لعنهم الله جميعا لأولياء نعمهم في البيت الأبيض وطهران ليمزقوا أجساد أطفالنا ، زمن يقتل به الطفل بوضح النهار تحت ذرائع كاذبة واهية ، فمن يقتل ويضحك فهو معلوم لديهم ومعه قرار منهم ، وخرج تحت حمايتهم …
زمن نصبتم به الكلب المشرد لقائد ، واللص الزاني اللوطي لمقاتل … هذا هو زمنكم … زمن تحولت به البندقية لمأجورة تقتل لمن يدفع أكثر .
فأي مقاتل هذا الذي يختطف ضابط ليسرق سيارته بحجة المقاومة ، وأي مقاتل هذا الذي يعلن الولاء لمن يدفع مقابل جثة طفل ، وأي مثقف هذا الذي جعل من قلمه بوق مخزي ملعون يحرض علي القتل .هل أدركنا لماذا قتل أحمد وإسلام وأسامة .. قتلوا لأنه جعلوا من فلسطين ملاذاً ليهربوا من انحرافهم السلوكي والفكري ، وتفاهة شخصياتهم … لاين ستهربون أيها المجرمون ؟
سامي الأخرس
12/12/2006

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *