واقع الصحافة الجهوية بفاس بولمان
- أستاذ أنتم
كناشطين في الميدان الإعلامي ما هو تقييمكم
لوضع الصحافة الجهوية بالمغرب عامة و بمدينة
فاس خاصة ؟
أعتقد أن مقاربة وضع الصحافة الجهوية
بالمغرب يمكن تلمسه من زاويتين: الأولى
تبرز من خلالها صحافة جهوية مواطنة فاعلة
و مسؤولة ، منتظمة الصدور، ذات مصداقية
مبنى ومعنى ، فهي تتوفر على طاقم إعلامي
مهني متمرس، هيئة تحرير منتظمة الاجتماعات
، في مقر رسمي معترف به ، تشيع الخبر من
مصادره القوية ، وتسهم في تنمية الجهة
سياسيا ثقافيا واجتماعيا وتخصب الخبر
وتعمل على تقريبه من المواطن ساخنا وفوريا.
الثانية صحافة جهوية غير مسؤولة ، ولا
تكتسي أخبارها أية مصداقية، مقرها في حقيبة
مدير بلا خط تحريري ولا رؤيا واضحة
، سيطر على كل المناصب والمهام التحريرية
وقلد نفسه سيدا ومدير مسؤولا عن النشر
والتوزيع ، مقره في حقيبته ، ينشر الإشاعة
بغرض الابتزاز، ويفاوض في أمر نشر ملفات
من عدمه ، كما ينتظر بنزقية فرصة المناسبات
الدينية والوطنية كي يطرق أبواب المنتخبين
والسلطات من اجل إعلانات مباركة تأكل الثوم
بفم المتعاونين معه.
- العديد
من الناس أصبحوا الآن يصفون الصحفيين الجهويين
بالمرتزقة، في نظركم ما هو السبب في ذلك
؟ هل لأن الصحفيين الجهويين فعلا محتاجين
للدعم المادي ، لذلك يبحثون عن الإعلانات
و غيرها ؟ أم أنهم امتهنوا الصحافة فقط
من أجل الربح؟
لابد أن نستحضر الظروف القانونية المرنة
في ظل حرية التعبير التي ينعم بها بلدنا
ارتباطا بالعهد الجديد إثر تضحيات جسام
قدمها مناضلون ووطنيون صادقون. إذ يكفي
رسالة طلب إلى وكيل الملك حتى يصبح في اقل
من أسبوع نادل مقهى مديرا لجريدة ، ومرمم
أحذية مسؤولا عن منبر إعلامي …لكن ماذا
تنتظر من نادل مقهى وشخص من ذوي السوابق
وتاجر مخدرات « صحفي « سوى الاسترزاق
والارتزاق باسم صاحبة الجلالة ؟. فهو مند
البداية، فكر خطط ودبر للربح ضدا على مهنة
لها أخلاقياتها ، وبتواطؤ رسمي معلن. وإذا
كان الربح مكسبا مشروعا متى كان على أسس
شريفة وقانونية ، فإن الإعلانات أيضا نظمها
القانون وهيأ لها شروطا ومعايير متى توفرت
استفاد منها طالبها ،منها على سبيل الذكر
الوضعية المقاولاتية للجريدة ومدى استيفائها
للشروط القانونية من ضرائب و….هناك أيضا
الانتظام في الصدور ومستوى الحضور والإشعاع
في الساحة الإعلامية وهامش التوزيع والسحب
… » اعتقد أن عددا كبيرا من الأسماء
والتجارب الرئيسة في مجال الصحافة الجهوية
هنا والآن وجدت من اجل الإساءة للإعلام
الجهوي ، وإلا كيف نفهم تلك المقالات الانشائية
المنمقة التي تفيض مدحا في رئيس جماعة،
أو تلميعا في مسوؤل امني ؟
- يلاحظ عزوف
كبير للمواطنين عن الجرائد الجهوية ، في
اعتقادكم ما السبب في ذلك ؟ هل لضعف المحتوى
الذي تقدمه هذه الجرائد ؟ أم أن المستوى
الأكاديمي للصحفيين الجهويين لا يخولهم
مواكبة التطور الإعلامي الحالي ؟؟
أعتقد أن العزوف عن القراءة وعن اقتناء
الجريدة بالنسبة للمواطن المغربي شأن يتساوى
فيه الجهوي بالوطني ، فأرقام السحب والمبيعات
في هذا الصدد تكذب الغطاس ، أما الأسباب
فهي سوسيوثقافية بالأساس . فالمواطن المغربي
أول ما يفكر فيه عند اقتناء منزل هو تجهيز
الصالة وغرفة النوم وتأثيثها بالتلامط
في انتظار ضيوف مارقين قد لا يأتون سوى
مرة كل سنة ، ولن يفكر مطلقا في مكتبة ،
فالكتاب والقراءة والجريدة ليست من الأولويات
مطلقا ، المسالة إذن ثقافية مرضية
، فالتلميذ في المدرسة لا يتصفح سوى مقررات
المدرسة ولا شيء خارج ذلك ، وهي مؤشرات
إفلاس حقيقية بالنسبة لواقعنا الثقافي
والتربوي ، أما هزالة المنتوج الإعلامي
الجهوي فهو واقع لا يرتفع ، ومع ذلك، لا
اعتقد شخصيا انه مؤثر على نحو أساسي ومركزي
، فالتفاهة قراؤها ، وللسخافة عشاقها
، أما الحديث عن المستوى الأكاديمي الذي
يعني مرحلة تكوين مؤسساتي تتوج بدبلوم
يؤهل الصحفي ممارسة مهنة الصحافة
وفق مناهج وأساليب علمية ضمن صحافة وطنية
أو جهوية فاعتقد أن الأمر يتعلق بكذبة
كبرى وافتراء لا ضفاف له . فالأسماء
والتجارب الآن خريجة مدرسة الحياة والعصامية
والاستثناء هو القاعدة .
- أنتم كإعلاميين
في إعتقادكم ما هي المشاكل الأساسية التي
تعاني منها الصحافة الجهوية ؟ و ما هي الحلول
التي تقترحونها لمعالجتها ؟
أعتقد أن الصحافة الجهوية بالدول التي
حباها الله بالديمقراطية تؤثر على نحو
كبير في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية
والثقافية للمواطن نظرا لما تتمتع به من
احتفاء وتكريم من طرف الدولة ، لكن
الصحافة الجعهوية بالمغرب في ظل الشروط
الاستسهالية السالفة الذكر ما زالت
لم تحض بالرعاية اللازمة من طرف المسؤولين
رغم الشعارات التي ترفع بمناسبة أو غيرها
فعدد التوصيات والتصريحات لا تنتهي
بشأن دعم الإعلام الجهوي .. كما أن الصحافة
الوطنية حزبية كانت أم مستقلة تعتمد كثيرا
على الخبر الجهوي نظرا لأهميته وتجسيده
لثقافة القرب والخبر الجهوي الجاد والموضوعي
يشكل روح أية جريدة جهوية ويضمن
لها رواجها و مستقبلها ،يحدث هذا رغم أن
كل اليوميات الوطنية تتضمن صفحات خاصة
بقضايا المواطنين بالأقاليم والجهات ،
لكن ضمان التعميق والتغطية الشاملة والتحقيق
والاستقلالية هي بالأساس تبقى لصالح الصحافة
الجهوية بحكم قانون القرب » ويمكن الإشارة
هنا إلى أن الإعلام الجهوي بالمغرب ما
زال يهيكل نفسه بنفسه بإمكانيته المحدودة
وبأطره الشابة الغيورة والعديمة التكوين
أيضا . واعتقد أنه إذا ما استثنينا
محوري الرباط والدار البيضاء ، فإن باقي
جهات لا تتوفر على وسائل الطباعة والسحب
و هذا من اكبر التحديات التي تعيق تطور
الإعلام الجهوي بالمغرب وفق أحدث الدراسات
في هذا المجال . أود لو أقول أن الصحافة
الجهوية سوف تظل تعاني لأمد قادم من
عدة مشاكل « كانعدام التكوين الكافي وإعادة
التكوين بالنسبة للصحافي الجهوي وحرمان
الصحف الجهوية من الدعم العمومي كما هو
الشأن بالنسبة للإعلام الوطني ، وعدم استفادة
الصحف الجهوية من الإعلانات الإدارية والفضائية
والتجارية وإعلانات المؤسسات العمومية
، ضعف الولوجية إلى الخبر ، عدم الانتظام
في الصدور ومحدودية إشعاع وتوزيع الصحف
الجهوية المنتظمة «
أما مطالب الصحافة الجهوية في تقديرنا
فهي متاحة وتصدر على شكل توصيات هنا أو
هناك ويمكن إجمالها في توفير إرادة
حقيقية لوضع هذه الصحافة في مسارها الطبيعي
وفق الإعلام المقاولاتي الحديث كصحافة
محترفة ومهنية خدمة للتنمية الجهوية وتطوير
أداء هذا الإعلام الجهوي
تمتيعها الاستفادة من الإعلانات الإدارية
والقضائية والتجارية وإعلانات المؤسسات
العمومية على الصحف الجهوية ومنح صحفييها
المهنيين الجهويين بطاقة التنقل مجانا
عبر القطار
تأهيل أطرها مركزيا عبر التكوين وإعادة
التكوين وتمكين فاعليها من مصادر الخبر
وتحصين حرية التعبير
– تمثيل الصحافة الجهوية في لجنة بطاقة
الصحافة وكذا
إشراك عناصرها في الوفود الصحفية المرافقة
للزيارات الرسمية داخل الوطن وخارجه من
غير أن نغفل إبراز بعض عناوينها في المشهد
الإعلامي السمعي البصري.
– التنصيص على إدماج التنمية الإعلامية
إلى جانب التنمية الاقتصادية الاجتماعية
والثقافية في القوانين المنظمة للجماعات
المحلية والجهوية و تشجيع الاستثمار في
الإعلام الجهوي من خلال منح قروض بفوائد
مشجعة. وأخيرا فإن الإعلام المقاولاتي
الجهوي لن يتأتى له تطوير آليات اشتغاله
إلا بالاستفادة من وسائل وشروط الدعم المادي
والمعنوي الذي تستفيد منه باقي الجرائد
و الصحف الوطنية « .
الأسئلة
الخاصة بموقع الجزيرة توك aljazeeratalk :
- أستاذ عزيز
ما تقييمكم لمستوى الإعلام العربي مقارنة
بالإعلام الغربي ؟
لا
قياس مع وجود الفارق ، لكن من باب الاستئناس
فإن المغرب رغم اكراهات العمل الصحفي وطنيا
أو جهويا ورغم غياب تشريع متلائم مع المستجدات
الدولية ولا يستجيب لتطلعات الفاعلين فهو
يعتبر رائدا على المستوى العربي وربما
الإفريقي وهذه شهادة العدو قبل الصديق.
- بعد القرار
الذي صاغه الكونغرس الأمريكي لمعاقبة القنوات
العربية التي تدعم ما يسمى الإرهاب ، هل
تؤيدون هذا القرار ؟
لم اطلع على قرار الكونغريس القاضي
بمعاقبة القنوات العربية التي تدعم
ما تسميه أمريكا بالإرهاب ، حتى أعفي نفسي
من التصويت عليه ، لكن استطيع أن اجزم أن
فوبيا الإرهاب » المقاومة » كما يتمثله
ويسوقه الغرب بات عقدة أمريكا وحلفائها
كإسرائيل ، كل ذلك يعني شيئا واحدا
هو توفير الأمن الاستراتيجي للكيان الإسرائيلي
، فكل القرارات الدولية الصادرة عن مجلس
الأمن ذات الصلة ، هي في جوهرها حرب
استباقية من اجل حماية الكيان الصهيوني
، ولنا أن نستحضر قناة المنار التابعة لحزب
الله مثلا، والتي تعتبرها أمريكا قناة
إرهابية، حتى نتلمس جوهر الإشكالية .
- في نظركم
لماذا الولايات المتحدة قامت بصياغة هذا
القرار ؟ هل فعلا لأن مستوى الإعلام العربي
وصل إلى الحد الذي يربك فيه حسابات الغرب
؟ أم أن أمريكا فقط تريد بسط سيطرتها على
الإعلام العربي ؟
أعتقد أن أمريكا بلدا بلا جذور تاريخية
، مما يعني أنها شعب بلا صداقات تاريخية
، فالمصلحة وصفقات السلاح هي من تحدد الأولويات
بالنسبة للكونغريس ، وليس لان الإعلام
العربي وصل إلى الحد الذي يربك فيه حسابات
الغرب .
نعم على مستوى آخر ، عندما نشاهد مثلا ما
قامت به شرطة دبي للكشف عن مخططات الموساد
لقتل القيادي في حماس من تسجيلات وإثباتات
نكاد نجزم أن الإعلام العربي وصل إلى الحد
الذي بات فيه يربك …ليس الإعلام الغربي
وإنما يعيد تركيب الادوار من جديد
.لان الخليج العربي نفسه هو من سهل لأمريكا
غزو العراق وأقام سفارة للموساد في قلب
قطر.
- أستاذ عزيز
أنتم كأحد أهم المدونين العرب على شبكة
الأنترنت ، ما هي الحلول التي تقترحونها
للنهوض بالمحتوى العربي على الأنترنت
أعتقد
جازما أن المدرسة المغربية رغم مخططاتها
الاستعجالية لم تفعل بعد دورها
المركزي في التاطير والثقافي والتربوي
للناشئة ، مما جعل الأغلبية الساحقة من
المتمدرسين ترتع وتمرح في السيبيرات
خارج أية مراقبة أخلاقية ، وتحت هيمنة دردشات
آنية فارغة من أية محتوى ، مما جعل فتيات
المدارس والثانويات بعيدا ت عن التربية
قريبا ت من الجنس .
.هذا
من ناحية ، من ناحية ثانية ، لأنه في تقديرنا
، كل ما تحقق من طفرة على مستوى ألنت
في الحقل الشبابي إلى حدود الآن
لا دخل للمدرسة المغربية فيه ، بمعنى أكثر
وضوحا ، فان الايميلات التي بحوزة صغارنا
لم يتعلموها في المدرسة، ومن المحقق أن
نسبة كبيرة جدا من أساتذة التعليم الابتدائي
أو غيره ليس لهم ثقافة رقمية ولا ايميلات
، وبالتالي ، فان المدرسة المغربية
نفسها لم تصل بعد إلى مرحلة امتلاك
بريد الكتروني جار. بالأحرى النهوض
بمحتوى النت . لكن المستقبل حالم والغد
لناظره قريب.
محمد
بدراوي: صحفي متدرب جريدة شباب العرب
المغربية
Aucun commentaire