لماذا بادر عمدة فاس بمنع بيع الخمور بالعاصمة العلمية للمملكة ؟
أقدم عمدة مدينة فاس ،القيادي في حزب الاستقلال،و رئيس التنظيم النقابي الموازي للحزب ،و الشخصية ألأكثر حضورا في المشهد الإعلامي داخل حزب علال الفاسي ،من خلال خرجاته الإعلامية المثيرة للجدل ،- أقدم – مؤخرا على منع بيع الخمور داخل مدينة فاس،مما أثار زوبعة إعلامية،و ردود فعل متباينة داخل المشهد السياسي المغربي من مؤيد و معارض لهذه الخطوة.لذا سنحاول طرح مجموعة من الأسئلة،و القيام بمقاربات قمينة بإعطاء جزء من الإجابة لهذه الخطوة السياسية التي لاقت ترحيبا من قيادة الحزب الذي يقود الحكومة،والذي خندقها في إطار تطبيق الشريعة.
إذن هل القرار الذي قام به السيد العمدة هو قرار يدخل في إطار اختصاصات المجالس الجماعية طبقا للميثاق الجماعي الجديد رقم 78.00،و إن كان كذلك لماذا كل هذه الردود الخارجة عن اللياقة السياسية – إن صح التعبير- من طرف بعض القوى المنافسة للحزب؟و لماذا هذا القرار في هذا الوقت بالذات ؟هل له علاقة بأجندة داخلية في إطار التحالفات المحلية للحزب؟ أم له سياقات أخرى مرتبطة بالحراك السياسي الجاري حاليا،و التحالفات المرتقبة للتهيئ لسنة 2012؟ و ما موقع حزب الإستقلال من مشروع القطب الحداثي الذي أعلنه مزوار و الذي يضم الأصالة و المعاصرة و الإتحاد الإشتراكي، أحد أقطاب الكتلة التي أسست للتناوب التوافقي، بين ألأحزاب المنبثقة من الحركة الوطنية و المؤسسة الملكية ،و التي أنتجت إصلاحات هيكلية و تغيير قوانين،و شروط المطالبة بإصلاح سياسي و دستوري؟ و ما هو مستقبل الكتلة ؟و هل هذه الخطوة تعتبر قلبا للطاولة ،و تهديدا لعودة الحزب إلى خلفيته المذهبية التي أتى بها في بداية القرن قبل أن ترتبط بالفكر الوطني و محاربة الاستعمار؟لماذا تدخل حزب الأصالة و المعاصرة على الخط، ألا يعتبر هذا الأخير أن الأصالة التي استمد منها الإسم تعني إبقاء الحقل الديني في إمارة المؤمنين و بالتالي ليس من حق أي أحد الحديث عنه؟…..إلخ.
منهجيا أقسم مقاربة تفسير هذه الخطوة إلى اعتبارين أساسيين:
1
–الإعتبار الأول المرتبط بسياق التطورات و التحالفات المرتقبة للتهيئ لانتخابات 2012.
2-الإعتبار المحلي و علاقته بالتحالفات داخل المجلس البلدي لمدينة فاس.
1-بالنسبة للنقطة الأولى:
أ-جدير بالذكر أن السيد حميد شباط يعتبر قياديا من العيار الثقيل داخل حزب الميزان كما أنه يتربع على رأس التنظيم النقابي الموازي للحزب،و قد وصل إلى عمادة مدينة فاس ،بعد أن كان رئيسا للمجلس البلدي لزواغة مولاي يعقوب،و هو عضو برلماني ،و أن أية خطوة يقوم بها،إلا و يضرب لها ألف حساب، وبالتالي ما أقدم عليه هو خطوة سياسية محسوبة قام بها حزب الإستقلال.كما أنه أنعش الاستثمار بفاس ،و أقنع مجموعة من الفاسيين الذين هاجروا إلى الدار البيضاء و الدول افريقية في ستينات القرن العشرين بالعودة إلى مدينة فاس،و وعد الفاسيين بإيصال البحر إليهم.و له منبر إعلامي جهوي يدعى : »غربال القرويين » يمرر من خلاله مواقفه.كما انه قام بصراعات مع المجلس الجهوي للحسابات.
ب-لقد سوقت بعض وسائل الإعلام عن مشروع قطب حداثي بين الأصالة و المعاصرة،التجمع الوطني للأحرار،و الإتحاد الإشتراكي- هذا الأخير كذب الخبر- و يروم هذا القطب إلى خلق تحالف متين يقود الإنتخابات البرلمانية القادمة في حدود سنة 2012.مما يكون قد أزعج قيادة حزب الإستقلال،التي تراهن على الكتلة كوعاء سياسي و قاطرة لتحالف الأغلبية،للعودة إلى الحكومة سنة 2012.فحزب الأصالة و المعاصرة الذي يبني تحالفاته على قاعدة خطوط حمراء ،و هي عدم الالتقاء مع مشروع العدالة و التنمية،لذا فإن حزب الإستقلال ذي الاتجاه السياسي المحافظ،سيجد نفسه معزولا بدون الكتلة،لذا هدد بالعودة إلى أصوله التاريخية و قلب الطاولة ،لإزعاج الأصالة و المعاصرة قائد مشروع هذا التحالف.فكما هو معلوم فحزب الاستقلال تاريخيا كان يمثل حركة دينية إصلاحية ، في بداية القرن العشرين،كانت تروم خلق خلافة إسلامية و هذا ما كان يعبر عنه الزعيم علال الفاسي في كتاباته و منها كتاب « الشريعة و مقاصدها » ،و كانت متأثرة بالفكر الإصلاحي بالمشرق العربي،الذي كان يتميز به رشيد رضا،محمد عبده،عبد الرحمان الكواكبي….إلخ.
لكن هذه الحركة ارتبطت بالفكر الوطني و محاربة الإستعمار ،إبان الظهير البربري سنة 1930.إذن التقاطبات السياسية التي تجري على الساحة السياسية و المهيئة لسنة 2012،و التي يرى فيها حزب الوردة أنها تحاول عزله،هو ما جعله يخرج أوراقه.لقد خدمت الصراع إحدى التصريحات التي أدلى بها أحد القياديين من الأصالة و المعاصرة في أحد البرامج الحوارية في القناة الثانية حول العملية التي قام بها عمدة فاس.و للتخفيف من هذه الحدة أعلن حزب التراكتور أن الهدف الذي يسعى إليه في اكتساح مجلس النواب هو 2017 و ليس سنة 2012 التي يتغيا من خلالها إلى خلق أقطاب متجانسة إيديويولوجيا.كما أن أقطاب الكتلة قاموا بعقد عدة لقاءات تشاورية.
2-بالنسبة للنقطة الثانية ،و التي تعتبر ذات بعد محلي ،يمكن إرجاع أسبابها إلى:
أ-محاولة تغيير التحالف القائم مع الأصالة و المعاصرة و تغييره بتحالف مع العدالة و التنمية.
ب- مغازلة الأصوت الداعمة لحزب العدالة و التنمية في أفق انتخابات 2012.
إن إرادة تخليق المشهد السياسي رغبة تتملك السلطات العليا في البلد،لتواكب الأحزاب السياسية هذه الأوراش المفتوحة من قبيل الجهوية الموسعة.فالأيام القليلة القادمة وحدها ستكشف عن صيرورة هذه التحولات.و ما هذا الحراك إلا جزاء من هذه الدينامية ،التي نتمنى ألا تكون صراعا حول المواقع !!!!!!!!
1 Comment
ورد خطأ ذكر حزب الوردة ،و الصواب هو حزب الميزان.فمعذرة.