سنة بعد أخرى يضيق الخناق على الركن الخامس من أركان الإسلام بسبب تعقيدات إجراءات إرسال واستقبال الحجيج . لقد دخل هذا الركن لعبة القمار في بعض البلدان حيث أصبح ما يسمى القرعة هو الإجراء الجاري به العمل لتسجيل وإرسال الحجيج إلى الديار المقدسة . والله عز وجل حين يقول : (( ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا )) يقصد كل الناس بدون تقنين ولا تحديد ، ولا قرعة ، ولا هم يحزنون . فإذا كانت الدولة المستقبلة للحجيج لا تستطيع استقبال الناس في موسم حج فهذا شأنها ومشكلها لأن الناس عددهم يتزايد ، وهذه إرادة الله عز وجل في ملكه . والله عندما فرض الحج على الناس كان سبحانه وتعالى على علم تام بعددهم في كل زمان ومكان .

فالحالة الموجودة اليوم هي وجود ملايين المسلمين الذين يستطيعون إلى الحج سبيلا ، ولكن بلدانهم لا تستطيع إرسالهم إلى الحج لأن البلد المستقبل لا يريد إلا عددا محددا من الحجيج . والمؤسف أن البلد المستقبل ومن حوله من دول الجوار يبذرون الأموال الطائلة في الرياضة واللعب واللهو وما لا فائدة فيه عوض أن تنفق على توسيع الحرم المكي ليستوعب كل أعداد الحجيج الذين يستطيعون إليه سبيلا في كل وقت وحين . إن توسيع الحرم المكي معناه التفكير في أعداد الحجيج من كل بقاع الأرض من أجل توفير كل ما يلزم من مساحات ، ومن مرافق ، ومن وسائل ومن إمكانيات . والبلد المستقبل إنما تجبى إليه أموال كل بلاد المسلمين ، وكلفة الحج تزداد سنويا ، ولا عذر للبلد المستقبل ، ولا عذر للبلدان التي ترسل الحجيج لأن نفقة الحج نفقة خاصة تقع على المسلمين ولا تقع على دولهم .

وإذا كانت الدولة المستقبلة ، والدول المرسلة للحجيج قد اتخذت قرار تقنين ما لم يقننه الله عز وجل فعليهم أن يجدوا حلا لمشكلة المسلمين الذين يستطيعون إلى الحج سبيلا ولكن تمنعهم القرعة من ذلك. إن المسلمين إنما يرغبون في الحج من أجل التخلص من الذنوب والمعاصي ، وكلهم يطمع في العودة من الحج المبرور كيوم ولدتهم أمهاتهم بمعنى يعودون وقد تخلصوا من ذنوبهم . والقرعة هي بمثابة حاجز بين التخلص من الذنوب والمعاصي وبين الراغبين في التخلص منها . فمن يتحمل مسؤولية عدم قيام من يستطيع إلى الحج سبيلا بواجبه الديني بسبب التقنين المفروض عليهم ؟؟ ومن يتحمل مسؤولية عدم تخلص المسلمين من ذنوبهم بسبب حرمانهم من الحج المبرور ؟؟ ومن يتحمل مسؤولية تعطيل الركن الخامس للإسلام ؟