Home»National»استقلالية المستشار في التوجيه التربوي مبدأ أساسي للارتقاء بجودة منظومة التوجيه التربوي

استقلالية المستشار في التوجيه التربوي مبدأ أساسي للارتقاء بجودة منظومة التوجيه التربوي

1
Shares
PinterestGoogle+

استقلالية المستشار في التوجيه التربوي
مبدأ أساسي للارتقاء بجودة منظومة التوجيه التربوي

بقلم: نهاري امبارك*

مقدمة

يعتبر المستشار في التوجيه التربوي أحد الفاعلين التربويين في الحقل التربوي والتكويني. ومن المعلوم أن المستشار في التوجيه التربوي يعمل، وفق نظام قطاع الاستشارة والتوجيه الذي يتشكل، ومنذ 1987، من مؤسستين تعليميتين ثانويتين على الأقل، تضم، كمعدل وطني، ما يفوق 2400 تلميذة وتلميذا. ونظرا لتعدد المهام المنوطة به، ووضعيته ضمن منظومة التربية والتكوين، فإن المستشار في التوجيه التربوي، لا يفتأ يتنقل بين المؤسستين أو المؤسسات المسندة إليه للاستجابة لطلبات الفرقاء التربويين، من أجل تقديم مشورة أو مشاركة في عملية تربوية أو إدارية أو تقنية أو حضور اجتماعات منها ما هو مبرمج مسبقا ومنها ما هو طارئ، لتدارس أحداث أو حالات أو وضعيات مختلفة تتعلق بمختلف المجالات: مجالس القسم، مجالس التدبير، المجالس التربوي، وقضايا تربوية متنوعة تطفو، بشكل مباغت، ومن حين لآخر على الساحة التربوية والإدارية والتقنية، كوضع تصور أو خطاطة لبرنامج معين، أو وضع أسس لعقد شراكة، أو إنجاز بحث تربوي حول ظاهرة معينة أو تنظيم نشاط لفائدة التلاميذ أو أولياء أمرهم….وما إلى ذلك من العمليات والأنشطة المبرمجة، أو تلك التي يتم التفكير فيها بشكل مفاجئ لمعالجة وضعية معينة ضمانا للسير العادي للعملية التربوية والتكوينية.
وبحكم تكوينه المتنوع التربوي والإداري والتقني، لمدة سنتين، بمركز التوجيه والتخطيط التربوي، في المجالات التربوية والنفسية والاجتماعية والتشريعية والإحصائية، فإن المستشار في التوجيه التربوي يعتبر عنصرا فاعلا، ويحتل مكانة هامة من خلال تدخلاته ومبادراته ومساهماته في مختلف الاجتماعات والعمليات، حيث تتسم مبادراته بالفعالية والرجاحة والموضوعية، تسهم في السير بالنقاش وتحليل الوضعيات نحو أهداف وحلول تمكن من تجاوز حالات الاحتقان من خلال بلورة آراء ومقترحات بناءة ومثمرة.
وفي إطار واقع منظومة التوجيه التربوي، ومن منظور تعدد المؤسسات التعليمية الثانوية المسندة إلى المستشار في التوجيه التربوي، وتعدد المهام الموكولة إليه وأهميتها ضمن منظومة التربية والتكوين، وتعدد اللقاءات والاجتماعات والمجالس المبرمجة والطارئة بهذه المؤسسة أو تلك، فإن مساهمات المستشار في التوجيه التربوي، لن تتم إلا عن طريق التنقل المستمر وقطع مسافات بين مؤسسات قطاع الاستشارة والتوجيه المسند إليه، ومختلف البنيات الإدارية والتأطيرية والخدماتية.

في إطار هذه الوضعية، فإن طبيعة مهام المستشار في التوجيه التربوي وإسهاماته تتطلب هامشا رحبا وملموسا من الاستقلالية وحرية المبادرة والتنقل.
فما دلالة استقلالية المستشار في التوجيه التربوي ضمن منظومة التربية والتكوين؟ وما دواعي وأسس إرسائها واقعيا وعمليا؟ وكيف تسهم في الارتقاء بجودة خدمات منظومة التوجيه التربوي؟
سوف نحاول، ضمن الفقرات الموالية، الإجابة، قدر الإمكان، على هذه الأسئلة المحورية، انطلاقا من واقع منظومة التوجيه التربوي، واعتمادا على التقارير المنجزة والتجارب الشخصية المتواضعة المكتسبة عبر سنوات من الممارسة الميدانية.
I

.دلالة استقلالية المستشار في التوجيه التربوي:
ارتباطا بالواقع العملي ضمن منظومة التربية والتكوين، سوف لن نخوض في تعاريف نظرية مسهبة، بقدر ما نحاول ملامسة المفهوم إجرائيا في علاقته بالوظيفة العمومية، عموما، وبطبيعة مهام المستشار في التوجيه التربوي من حيث الجوانب الاجتماعية والتربوية والنفسية والأخلاقية على الخصوص، فإن دلالة استقلالية المستشار في التوجيه التربوي، تعني القدرة على التصرف واتخاذ المبادرات الشخصية بأمانة ومسئولية وفق ما يمليه الواجب المهني خدمة للصالح العام وفي إطار من الوعي الذاتي والنزاهة والموضوعية. وحتى نربط أكثر المفهوم بواقع منظومة التوجيه التربوي، فإنه يمكن التصريح أن استقلالية المستشار في التوجيه التربوي هي قدرته على القيام، بمسئولية ووعي تامين، بالمهام الموكولة إليه دون التقيد بالبعد الزمكاني، من أجل توظيف موارده وإمكاناته الشخصية دون تقصير، متحررا من القيود والإكراهات الكابحة ومستحضرا المبادرة الشخصية في ذات الآن.
إن استقلالية المستشار في الوجيه التربوي، وهو يمارس مهامه دون قيد، تعني شعوره بالاستقلال وإثباته ذاته ووجوده وهويته المهنية ومساهمته الفعلية وتواجده الفعلي ضمن محيطه التربوي والإداري والتقني فعلا وممارسة، بإقامة علاقات مباشرة، وفي كل آن، مع مختلف الفرقاء والأطراف والبنيات والجهات.
من هذا المنظور، فاستقلالية المستشار في التوجيه التربوي، تعتبر تحررا في إطار التشريعات المعمول بها، كما تعتبر أحد أشكال المبادرة الحرة والممارسة الميدانية في إطار حرية مسئولة مع التزام تعاقدي مع الذات والضمير المهني وذلك بصدق وإخلاص وتفان في العمل خدمة للصالح العام.
II

.دواعي وأسس إرساء استقلالية المستشار في التوجيه التربوي:
بتسيق تام ومستمر مع عدة جهات إدارية وتربوية وخدماتية وعدة أطراف متعددة الاختصاصات، ينجز المستشار في التوجيه التربوي، المهام الممكن إجمالها ضمن المحاور التالية:

1.المشاركة في عمليات تربوية ونفسية تهدف إلى معرفة التلميذ ومساعدته على معرفة نفسه باعتماد روائز واستمارات متخصصة ومقابلات فردية أو جماعية وتنظيم حلقات للإنصات والتتبع، كما تهدف مواكبة التلاميذ خلال مسارهم الدراسي ومساعدتهم على تجاوز الصعوبات التي تعترضهم ومساعدة الراغبين منهم على بلورة مشاريعهم الشخصية والمهنية؛

2.المساهمة في إعداد روائز متخصصة والإشراف على تمريرها ودراسة وتحليل نتائجها واستثمارها لفائدة التلاميذ ذوي الصعوبات التربوية والدراسية والاجتماعية؛

3.المشاركة في عمليات وأنشطة تهدف إلى تزويد التلاميذ بمعلومات في مختلف المجالات المدرسية والمهنية والجامعية وتحيينها وتقريبها منهم وأولياء أمورهم والطاقم الإداري والتربوي؛

4.المساهمة في البحث عن التلاميذ المتعثرين وتنظيم حصص الدعم التربوي لفائدتهم بهدف محاربة الهدر المدرسي، عن طريق دمجهم ضمن الصفوف الدراسية ومسايرتهم الدراسة والاحتفاظ بهم، ما أمكن، ضمن الأسلاك الدراسية؛

5.المساهمة في دراسة الوضعية التربوية والمدرسية للتلاميذ قصد الارتقاء بالجودة التعليمية وإرساء أسس التجديد التربوي، وذلك بتشجيع التمدرس، عموما، والتميز في صفوف التلاميذ النجباء؛

6.القيام ببحوث ودراسات في المجالات التربوية والمدرسية والاجتماعية مساهمة في الارتقاء بمنظومة التربوية والتكوين؛
7

.المشاركة في أشغال مختلف اللجان والخلايا ومختلف الاجتماعات الخاصة بمجالس التدبير والمجالس التربوية ومجالس الأقسام على صعيد المؤسسات التعليمية؛

8.التنسيق الخارجي مع الأطر العاملة بمختلف البنيات الإدارية والتأطيرية والخدماتية من أجل الاطلاع على المستجدات في حينها؛

9.التنسيق الداخلي بين الأطر الإدارية والتربوية المساعدة والمشرفة على العمليات التربوية والإدارية ذات الصلة بالاستشارة والمساعدة على التوجيه؛

10.المشاركة في مختلف التظاهرات واللقاءات التربوية والثقافية محليا وجهويا ووطنيا؛
11

.المشاركة في مختلف الاجتماعات الخاصة بالمجالين التربوي والتكويني سواء على صعيد النيابة أو الأكاديمية أو مندوبية التكوين المهني أو المديرية الجهوية للتكوين المهني؛

12.ومهام أخرى …
من هذه المنطلقات والوضعيات المتشعبة والجهات المتعددة، فإن عمل المستشار في التوجيه التربوي يتطلب استقلالية وتحررا مسئولين، حتى يتمكن من المشاركة والمساهمة في مختلف العمليات والأنشطة، سواء على صعيد مؤسسات قطاع الاستشارة والمساعدة على التوجيه، أو على صعيد المنطقة التربوية، أو على صعيد نيابة وزارة التربية الوطنية، أو على صعيد الأكاديمية الجهوية، أو على صعيد قطاع التكوين المهني، أو على صعيد المؤسسات الجامعية ومؤسسات تكوين الأطر وغيرها…
III.

مساهمة استقلالية المستشار في التوجيه التربوي في الارتقاء بمنظومة التوجيه التربوي:
يتيح مبدأ الاستقلالية إلى المستشار في التوجيه التربوي حرية التنقل في كل حين للوقوف على مختلف العمليات المبرمجة والطارئة، وذلك في إطار من الالتزام واستحضار المصلحة العامة بروح من الوطنية والمسئولية، الشيء الذي يساهم لا محالة في الارتقاء بمنظومة التوجيه التربوي، خصوصا، ونظام التربية والتكوين بشكل عام، باعتماد آليات تنسيقية والارتكاز على عمليات تشاركية وذلك وفق ما يلي:

1.التنسيق الخارجي مع مختلف الأطر العاملة بالبنيات التأطيرية والإدارية والخدماتية:
من أجل التعرف على المستجدات أو المشاركة في اجتماعات ولقاءات وتظاهرات وغيرها، يقوم المستشار في التوجيه التربوي باتصالات مع الأطر العاملة بمختلف البنيات التأطيرية والإدارية والخدماتية، وذلك وفق ما يلي:

1.1-التنسيق المستمر والمتواصل مع الأطر المشرفة على تسيير مركز الاستشارة والمساعدة على التوجيه أو المركز الجهوي للإعلام والمساعدة على التوجيه، قصد الاطلاع على المستجدات الآنية والتزود بالمعلومات المحينة اللازمة والمطلوبة من طرف التلاميذ وأولياء أمورهم والطاقم الإداري والتربوي؛

2.1- زيارة نيابة وزارة التربية الوطنية لحضور اجتماعات تواصلية وتشاورية لتدارس مختلف الوضعيات في حينها، والتنسيق مع المصالح والمكاتب المتخصصة، للاطلاع على ما جد من المذكرات النيابية والأكاديمية والوزارية قصد اعتماد مضامينها وتطبيق مقتضياتها لفائدة الفرقاء التربويين في الآجال المحددة لمختلف العمليات التربوية والإدارية؛

3.1- زيارة الأقسام والمصالح المختصة بأكاديمية التربية والتكوين كلما دعت الضرورة، لمواكبة المستجدات واستثمارها وتبليغها في حينها، إلى التلاميذ وأولياء أمورهم والأطر الإدارية والتربوية؛
4.1

– زيارة المفتشية الإقليمية أو الجهوية للتفتيش للاطلاع على كل المستجدات وتبادل الآراء حول مختلف العمليات وتدارس المشاكل والصعوبات الميدانية والبحث عن الحلول الناجعة لكل وضعية إشكالية قصد تحسين الإنجاز وتحقيق، فعلا، الأهداف المنتظرة والمسطرة مسبقا؛

5.1- زيارة مندوبية التكوين المهني أو المديرية الجهوية للتكوين المهني، إما لحضور اجتماعات تواصلية تنسيقية أو للتزود بالمعلومات الضرورية حول مختلف التكوينات المتواجدة والمحدثة، والتعرف على إجراءات ترشيح التلاميذ، وشروط القبول، وظروف التكوين، ودبلومات التخرج، ومجالات العمل، ومدى الإدماج، وإمكانات الترقي والمكانة الاجتماعية للمتخرجين، وغير ذلك من المعلومات المحفزة والداعمة لوضع المتدربين والمتخرجين والملتحقين بسوق الشغل؛
6.1

– زيارة المؤسسات الجامعية ومؤسسات تكوين الأطر وحضور ملتقيات دراسية أو إخبارية والتزود بمعلومات، في عين المكان، محينة وآنية حول مختلف المسالك والتكوينات والدراسات وظروف اشتغال الطلبة والمتكونين من حيث الدراسة والتأطير والأشغال التطبيقية والمخبرية، والتجارب الميدانية، ومعاينة ظروف الأحياء الجامعية، والإيواء وغير ذلك مما يسهم في جعل التلاميذ على علم تام بكل ما يرتبط بالآفاق الدراسية والتكوينية؛
2.التنسيق الداخلي مع مختلف الفرقاء التربويين والإداريين:
ينسق المستشار في التوجيه التربوي، بقطاع الاستشارة والمساعدة على التوجيه مع مجموعة من الأطراف الإدارية والتربوية كل حسب مهامه وتخصصاته، وذلك على الشكل التالي:

1.2- التنسيق مع مفتش المنطقة التربوية: مع انطلاق السنة الدراسية، وكلما دعت الضرورية إلى ذلك، يعقد المستشار في التوجيه لقاءات مع مفتش المنطقة التربوية، وذلك إما بشأن وضع البرنامج السنوي أو طرح ومناقشة بعض الصعوبات التي تعترض سير إنجاز مختلف الأنشطة على صعيد المؤسسة التربوية وقطاع الاستشارة والمساعدة على التوجيه؛

2.2- التنسيق مع مدير المؤسسة التعليمية: يقوم المستشار في التوجيه التربوي، عند بداية كل موسم دراسي، باتصالات مع مديري المؤسسات التعليمية، كل على حدة، بقطاع الاستشارة والتوجيه المسند إليه، قصد التفاوض والتوافق حول محتويات البرنامج السنوي وفق خصوصيات كل مؤسسة تربوية من حيث مرافقها الإدارية والتربوية والصحية وتجهيزاتها التحتية والموارد المادية والبشرية المتوفرة بها وبنيتها التربوية، لضمان السير العادي لمختلف العمليات التربوية والإدارية المرتبطة بمنظومة التوجيه التربوي.
وللإشارة فإن هذه الاتصالات، من أجل التنسيق مع مدير المؤسسة، تستمر خلال السنة الدراسية للوقوف على ما تم إنجازه وما يمكن تعديله، في مجال الاستشارة والمساعدة على التوجيه، من أجل الاستجابة، لحاجيات المؤسسة التعليمية عموما، وحاجات روادها من تلاميذ وأولياء أمورهم وأطر إدارية وتربوية في إطار من التفاهم والتراضي.

3.2- التنسيق مع الناظر ومدير المؤسسة الثانوية الإعدادية: يعقد المستشار في التوجيه التربوي لقاءات منتظمة مع ناظر المؤسسة الثانوية التأهيلية ومع مدير المؤسسة الثانوية الإعدادية، من أجل التعرف على مختلف الأطر المساهمة في عمليات الاستشارة والتوجيه: الأساتذة الكفلاء: جداول حصصهم والأقسام المسندة إليهم؛ الأساتذة الرئيسيون: جداول حصصهم والأقسام المسندة إليهم؛ الأساتذة عموما: جداول حصصهم والأقسام المسندة إليهم؛ الحراس العامون: جداول حصصهم والأقسام المسندة إليهم؛
كما يمكن التعرف على مختلف عمليات التقييم التربوي والنتائج المدرسية والأنشطة الموازية المبرمجة خلال السنة الدراسية.

4.2- التنسيق مع الحراس العامين: يتصل المستشار في التوجيه التربوي، مع بداية السنة الدراسية وبشكل مستمر، بالحراس العامين، قصد: التعرف على استعمال زمن أقسام للتلاميذ المسندة إلى كل حارس عام؛ التعرف، من خلال الوثائق الرسمية، على التلاميذ ذوي المشاكل الخاصة: ردات الفعل، التغيب، نتائج دون المستوى….

5.2- التنسيق مع الأستاذ الرئيسي: يعقد المستشار في التوجيه التربوي، مع انطلاق السنة الدراسية، وكلما دعت الضرورة إلى ذلك، اجتماعات مع الأستاذ الرئيسي قصد تحديد برنامجه الدوري والسنوي، والوقوف عمليا على سير العمليات والأنشطة، والتعرف ميدانيا، وفي الوقت المناسب، على النتائج المحققة ومناقشتها والمشاكل والصعوبات الموجودة والتعرف على التلاميذ ذوي المشاكل الخاصة من خلال وسائل العمل المتاحة (روائز واستمارات) والبحث عن الحلول المناسبة في حينها لتجاوزها ولتحسين الأداء التربوي والتعليمي؛

6.2- التنسيق مع الأساتذة الكفلاء: في إطار اجتماعات رسمية مع الأساتذة الكفلاء، يتعرف المستشار في التوجيه التربوي على برامجهم الدورية والسنوية ويناقشها معهم ويعدلها وفق خصوصيات المؤسسة، كما يتعرف على طرائق وكيفيات إنجازهم المهام المنوطة بهم والنتائج المتوصل إليها، ويتعرف كذلك، من خلال الوثائق المستعملة (دفتر التتبع الفردي للتلاميذ) على التلاميذ ذوي المشاكل الخاصة لمساعدتهم على تجاوز الصعوبات التي تعترضهم؛

7.2- التنسيق مع طبيب الصحة المدرسية أو الممرض: يتعرف المستشار في التوجيه التربوي، من خلال الوثائق الرسمية لدى الممرض وطبيب الصحة المدرسية على التلاميذ الذين أصيبوا ببعض الأمراض ونوعها ومدى خطورتها وآثارها وانعكاساتها على الساكنة المدرسية، فينجز تقريرا حول هذه الحالات، ويسلم نسخة منه إلى كل من رئيس المؤسسة والحراس العامين والأساتذة الرئيسين والكفلاء، ويمكن أن يقترح، بتنسيق مع مدير المؤسسة التعليمية، نوع المعالجة التربوية والمدرسية لأولئك التلاميذ، في إطار توجيهات إلى الأطر الإدارية والتربوية المشرفة.

8.2- التنسيق مع الأخصائيين النفسي والاجتماعي : في إطار عمليات التنسيق المستمر، واتصالات المستشار في التوجيه التربوي مع الأساتذة الكفلاء والرئيسيين، وأساتذة مختلف المواد والأطر الإدارية، يمكن التعرف على التلاميذ الذين يعانون من مشاكل نفسية أو اجتماعية من خلال سلوكاتهم وتعاملهم مع مدرسيهم وأقرانهم أو من خلال نتائجهم المدرسية، التي غالبا ما تكون دون المستوى المطلوب، فيعرضون على خلايا الإنصات، أو يخصص لهم المستشار في التوجيه التربوي، بعد التشاور مع أولياء أمرهم وتعبيرهم عن القبول، مقابلات فردية أو يخضعهم لروائز متخصصة، التي يمكن أن يتبن، من خلالها، صحة الفرضيات أو الملاحظات المقدمة سلفا، ليتم عرض أولئك التلاميذ سواء على أخصائي نفسي أو اجتماعي أو هما معا، لتلقي العلاجات أو المواساة اللازمة والمساعدة الضرورية التي تتطلبها حالتهم النفسية والاجتماعية، في محاولة لدمجهم ضمن مجموعة الفصل كتلاميذ أسوياء يسايرون دراستهم بشكل عاد.

يتسلم المستشار في التوجيه التربوي من الأخصائيين النفسي والاجتماعي تقارير حول الحالات المعروضة عليهما، ونوع العلاج المقدم والنتائج المتوصل إليها، ومدى قدرة أولائك التلاميذ على متابعة دراستهم ونوعية سلوكاتهم ومعاملاتهم المستقبلية وإمكانية تتبعهم وكيفية التعامل معهم.
بعد دراسة هذه التقارير بمعية الأساتذة الكفلاء والرئيسيين، يعرض المستشار في التوجيه التربوي النتائج والخلاصات المتوصل إليها، على الطاقم الإداري والتربوي ليتم التعامل مع هؤلاء التلاميذ بما تتطلبه وضعياتهم النفسية والاجتماعية، إلى أن يتم دمجهم بشكل سلس في مجموعة الفصل ويصبحون أفرادا أسوياء، أو يخضعون لمراقبة خاصة ليتم عرضهم مرات أخرى على الأخصائيين، إذا ما تكررت ملاحظة نفس الأعراض ونفس السلوكات وسجلت نفس النتائج المدرسية.
خلاصات ومقترحات:
حيث إن طبيعة مهام المستشار في التوجيه التربوي تتطلب تنقلات مستمرة واتصالات مع عدة أطراف وجهات إدارية وتأطيرية، وزيارة عدة مصالح ومكاتب مختصة والتنسيق مع عدة مؤسسات إدارية وتعليمية وتكوينية وخدماتية، فإن العمل بمبدأ الاستقلالية والتحرر المسئول أمر يفرض نفسه، لإتاحة المستشار في التوجيه التربوي تدبير عاملي الزمان والمكان بشكل يستجيب لحاجيات مختلف الفرقاء والأطراف، وفق منطق الأولوية، سواء بداخل قطاع الاستشارة والمساعدة على التوجيه أو بخارجه، حتى يتمكن من المشاركة والمساهمة الفعلية في جميع العمليات والأنشطة، وذلك على النحو التالي: 

السهر على إنجاز مختلف العمليات والأنشطة التربوية والإدارية وتتبعها ميدانيا، وتقييم النتائج المتوصل إليها والعمل على تحسينها وإنجاز تقارير دورية وسنوية بشأنها، وذلك عن طريق التنسيق المستمر الداخلي والخارجي مع الأطر الإدارية والتربوية بقطاع الاستشارة والمساعدة على التوجيه، من جهة، ومع مختلف الأجهزة الإدارية والتأطيرية والخدماتية المتواجدة خارج قطاع الاستشارة والمساعدة على التوجيه من جهة أخرى؛ تنظيم جهاز الإشراف والتأطير زيارات واجتماعات تقييمية منتظمة مع المستشارين في التوجيه التربوي لتتبع مدى إنجاز البرامج المسطرة المتوافق حولها، والوقوف ميدانيا على النتائج المحققة، وجرد الصعوبات والمشاكل، والبحث عن الحلول الناجعة لمختلف الوضعيات والإشكالات لتحسين المردودية والرفع من جودة خدمات الاستشارة والمساعدة على التوجيه، والارتقاء بالجودة التعليمية والتربوية بشكل عام؛ وتحفيزا أو تشجيعا لمبادرات المستشار في التوجيه التربوي، وتقوية لثقته بنفسه، وعملا على تأمين شخصه من أخطار تلاحقه في تنقلاته ذهابا وإيابا بين مؤسسات قطاع الاستشارة والتوجيه والبنيات التأطيرية والإدارية والخدماتية، فإن تمكين المستشار في التوجيه التربوي من ترخيص بالتنقل، في شكل تكليف بمهام، خلال السنة الدراسية، يتخذ شكل بطاقة تعريفية تشمل معلومات حول المستشار في التوجيه التربوي ورقم أو اسم قطاعه للاستشارة والمساعدة على التوجيه، والمحاور الرئيسية لبرنامجه السنوي، وصيغة التنسيق مع مختلف البنيات والجهات والأجهزة الإدارية والتأطيرية والخدماتية ذات الصلة بالمهام والعمليات المرتبطة بمجال الاستشارة والمساعدة على التوجيه.
وقبل الختم يجدر التأكيد على أن عمل المستشار في التوجيه التربوي وفق مبدأ الاستقلالية والتحرر المسئولين، والتقييم والتتبع لمختلف المهام المنوطة به، وتنقله باعتماد ترخيص يتخذ شكل تكليف بمهام خلال السنة الدراسية، من شأنه أن يسهم في الرفع من تحسين خدمات التوجيه التربوي والارتقاء بالجودة التعليمية والتربوية.
*مفتش في التوجيه التربوي، مكناس. NHARI Mbarek

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

6 Comments

  1. اداري
    04/02/2010 at 16:33

    هل تعني الاستقلالية عدم الحضور الى المؤسسات؟مجرد سؤال فمستشار التوجيه بمؤسستنا حضر الى المؤسسة مرة واحدةهذا الموسم

  2. مدرس
    04/02/2010 at 16:35

    يبدو أن صاحب المقال يتحدث عن فيلم خيالي فواقع الحال يكذب تماماما ورد في هذا المقال.فتجربتي الميدانية كمدرس بالتعليم الثانوي التأهيلي ثم كإداري تدفعني للإدلاء بشهادتي حي أضع الأمور في نصابهاوأرد على بعض المغالطات.فالمستشار الذي كان مكلفا بالثانوية التي أشتغل بها كان كان يحضر إلى الحجرات أثناء فقرات الدروس فيحكي حكايته في عشر دقائق أو أقل قاطعا على الأستاذ درسه بدون أن يشفي غليل التلميذ . وهكذا ينهي حملته في ساعتين على أقصى تقدير في انتظار حملته المقبلة . ويجب انتظار أربع اشهر أو خمس حتى يشرفنا بريارته التالية.وبناء على تجربتي الإدارية اتضح لي أن المستشار في التوجيه التربوي هو موظف شبح ولو كانت وزارتنا تحاسب المتهاونين لتم احتسابه ضمن الموظفين الأشباح. أما دوره في المجال النفسي والاجتماعي فهو شئ يدعو للضحك. فإذا كانت الوزارة تعطيكم تعويضات عن المهام الإدارية وأي مهام جسيمة تنجزونها !!!, فأنا اتحدىكل مستشار في التوجيه يتوفر على لوائح التلاميذ حاليا , ولأدهي والأمر هو أن هذا الموظف يكتفي بنقل النتائج النهائية من عند الحارس العام ويطالبه بإنجاز مهام هي من اختصاص المستشار . فاحمدوا الله واشكروه الذي وهب لكم خدمة ساهلة ماهلة غي المقاهي والرجل على الرجل.

  3. أبو مروان إطار في التوجيه التربوي
    04/02/2010 at 16:35

    السلام عليكم
    يطالب صاحب المقال بمنح المستشار في التوجيه المزيد من الاستقلالية والتي فسرها بكونها استبعاد البعد الزمكاني في عمل المستشار في التوجيه
    وإن كنت أتفق مع المبدأ إلا أن طريقة العمل تفترض عكس ذلك، فمنطق الاشتغال وفق برامج العمل يعني من ضمن ما يعنيه تحديد الزمان والمكان. هذه أولا وثانيا إن كان مطلوبا من المستشار في التوجيه كل هذه التنقلات (الأكاديمية، النيابة، الجامعة …) فما هو الدور المفترض لباقي بنيات مجال التوجيه؟ وثالثا أين هو الأستاذ الرئيسي والأستاذ الكفيل الذي يتحدث عنهما صاحب المقال؟

  4. أبو مروان
    04/02/2010 at 16:36

    أعبر عن أسفي لعدم إقدام موقع وجدة سيتي على إظهار التعليق الذي أدليت به منذ يومين

  5. أبو عصام
    07/02/2010 at 23:23

    باسم الله الرحمان الرحيم
    السادة المعلقون والسادة المهتمون
    لقد أصبح من الملاحظ في نظامنا التعليمي تفشي ظاهرة التناحر والصراعات المجانية. فالكل ينتقد الكل. ولا أحد يضع الأصبع على أصل الداء. الكل ينتقد الأستاد ويتهمه بالتهاون ونقل مجهوده من القسم الى أماكن الدروس الاضافية. السادة الاداريون متهمون باستغلال فرص تواجدهم في الاجتماعات بالنيابة باستمرار، السادة المستشارون متهمون بالتواجد في عدة أماكن وبالمؤسسات الا عند القيام بالحملات الاعلامية . الكل متهم، والكل يشتكي من ظروف العمل. حتى النقابات متهمةبعدم الدفاع عن رجال التعليم.عندما نقارن هدا الواقع مع وضعية التعليم لسنوات خلت، نكتشف فروقات كبيرة، ويظهر بما لا مجال للشك فيه أن الدولة كانت مهتمةبالموضوع أكثر مما عليه الآن. ان المشكل في اعتقادي يتجاوز المستوى الفردي أو مستوى الفئة التعليمية. بل هو مشكل هيكلي، مشكل تصور لغايات وأهداف التعليم في لاقته بالشغل ، هو مشكل مواطن لا يفهم معنى المواطنة بلد تسيرة ادارة بعيدة كل البعد عن الادارة المواطنة. ان التفكير في معالجة الموضوع ليس هو محاسبة فلان أ علان بل هو حل اشكالية المفهومين الدي أشرنا اليهما.

  6. متدرب 2
    14/02/2013 at 20:44

    ردا على الأداري، الاستقلالية لا تعني عدم الحضور، فكل و ضميره، و اعلم أن الإدارة لا تحبذ أصلا حضور المستشار في التوجيه.

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *