عاش حاملو الشواهد الجامعية أياما مشهودة وأحلاما معدودة.زرع الأمل في قلوبهم وشاع الطموح بين صدورهم.هيئوا ملفا وانتظموا صفا صفا ,اتصلوا يمينا ويسارا ناقبين أخبارا وباحثين أصحابا .قد لا أبالغ وحسب بعض من عرفتهم اجتهادهم ربما أكثر مما اجتهدوا طيلة سنوات الجامعة من سهر وجدية لم يسبق لها مثيل . بعضهم من كثرة ما استعد وكثرة ما اعتقد ظن أنه على أبواب التوظيف رغم كثرة المتنافسين خاصة لما علم زيادة عدد مناصب المتبارين من 100 الى 300 ,رقم لم ينشر منذ سنين وسنين حتى أيام عز الوظائف والمتبارين .
اطلعوا على مواد المباراة ليعلموا من خلال المذكرة التي نشرت على الانترنيت أن الموضوع الأول يتعلق بالتدبير المالي والمادي والمحاسباتي, والموضوع الثاني يتعلق بقضايا التربية والتكوين,مما يعني البحث عن أساليب التدبير من أسس وضوابط تتعلق بالمداخيل وكيفية صرفها وتتبع استعمالها واستغلالها « موضوع لا داعي لأن أخوض في تفاصيله » . فكنت ممن تلقوا اتصالات لا تحصى دون أن أتردد في تقديم المساعدة على قدر المستطاع ووفق ما هو مصاغ .
يوم السبت 26 دجنبر 2009 توجه المتبارون الى قاعة الامتحان حاملين رصيدا وحديدا .

جسم يرتجف وارتعاش مختلف . دقت ساعة المصير, وزعت الأوراق فجفت الأصوات وضاقت النفس وكأننا بين الأموات .سؤال من المحال ,متبارون هيئوا وفق ما تم الإعلان عنه حول التدبير المالي والمادي والمحاسباتي ليفاجئوا بموضوع حول » إعداد ميزانية الدولة » بمعنى انه يتعلق بالقانون المالي ولا صلة له بالتدبير المالي والمادي .
لم أكن حاضرا في الامتحان ولا غيري من مفتشي المصالح المادية والمالية ممن أعرف نزاهتهم » الباقية الله أعلم » بل ولم يطلب مني وضع مقترحات للأسئلة ولا من أصدقائي ,لسبب بسيط تواجد فريق مركزي مسيطر متسلط له خيوط جهوية ,يدبر كل الأمور من افتحاصات وأبحاث بالأكاديميات والنيابات والمؤسسات ويحتكر كل المسئوليات بدليل أننا ولم أقل أنني لم نستدع يوما لاجتماع مركزي ولم نلتق يوما مع مفتش الشئون المالية والإدارية السابق واللاحق بصفتي مفتش وليس كنقابي …أليس الأمر غريبا؟

– كيف يعقل أن ينضم امتحان للممونين دون أن نشرك في أية مرحلة من مراحله ؟حتى في التنسيق ؟ أو المداومة ؟أو الحضور الشكلي؟أليس هذا تدبير انفرادي؟

– كيف تعلن وزارتنا موضوعا في مذكرتها الرسمية ؟وموضوع مخالف لما حدد مسبقا عند الامتحان ؟

– أيرجع الأمر الى انعدام التنسيق بين واضعي المذكرة وواضعي مواد المباراة؟أم الى احتفاظ واضعي الأسئلة بنفس النمط السابق ؟
– أم لعدم اطلاعهم على مذكرة المباراة؟أم لنية مبيتة؟

ان الطلبة المتنافسين على تلك المناصب وبعد ذهولهم التجأ بعضهم الى أساليب النقل والنحل بمختلف الوسائل بما في ذلك الهاتف النقال الذي كان له دور فعال,مما سيقلل فرص البعض لحساب البعض الآخر,ومما يعني أننا دائما لا نتعامل بتكافؤ الفرص ولا بالموضوعية ولا بتساوي الحظوظ . بل حتى نمط الأسئلة قد يكون الغرض منه التمويه للتصرف في النتائج على الأنماط المعروفة.
إننا نعد أجيال المستقبل إعدادا سيمكنهم من تخطي الحواجز والعمل بإخلاص ,لا أن نساهم في الإفلاس والخلاص,باعتماد المحسوبية والمحدودية والموالاة والانتقائية والانفراد والتسلط والمراوغة والحيل والزبونية والصداقات ….
وفق الله كل من يساهم في الإصلاح الجاد المتين الصادق ,وأحبط الله عمل كل من يساعد على إغراقنا في الويلات ويرمي بنا ضمن المهملات…