النخب وأشباه النخب بجرادة:من هي و كيف تفكر؟؟؟؟؟
منذ القدم اعتبرت جرادة منطقة رعوية بامتياز ، تعتمد على تربية المواشي، لكن منذ عشرينات القرن الماضي اكتشف فيها الفحم ، مما جعلها وجهة مفضلة من طرف عدة فئات منحدرة من أوساط و مناطق فقيرة من المغرب، من جهة سوس ماسة درعة و تانسيفت الحوز و طانطان و ورزازات و بني ملال و تازة ….الخ. هذا الواقع المنجمي أنتج نخبا نقابية تدافع عن مصالح العمال،و رغم أن أغلبية هذه اليد العاملة المنجمية كانت غارقة في يم من الأمية،فإنه تمت محاولة تأطيرها في إنتاج هذه النخب،و ذلك ارتباطا بالغليان الإجتماعي و السياسي العام الذي كانت تعرفه الساحة المغربية،و نظرا لأن هذه النقابات كانت تشكل امتدادا للأحزاب السياسية المنحدرة من الحركة الوطنية التي لم تشرك في الحكم، ، والتي كانت تصعد « نضالاتها القطاعية »،و ذلك من أجل رفع سقف مفاوضاتها في البورصة السياسية.و كانت فئة كبيرة من العمال لا تفرق بين النقابي و السياسي.
و من نافلة المزح إعطاء مثال :فمثلا تسأل عاملا على من صوتت في الإنتخابات الجماعية أو البرلمانية ؟ فيقول لك على « زي-طي- طي » و هو كناية عن الكنفدرالية الديمقراطية للشغل « CDT » !!!!!!!
إن ما يسجل خلال الفترة المنجمية ، ،غياب بنية تحتية، و استثمارات خاصة، و حتى أصحاب الأموال كانوا إما يكدسونها في الأبناك، و أو يرسلونها للإستثمار في أقاليمهم الأصلية.و كانت الذهنية الجماعية « الجرادية » تعتبر أنه من « البريستيج » انتقال ساكنة جرادة إلى مدينة وجدة لقضاء مآربها.و كانت ثقافة المبادرة غائبة عند ساكنة جرادة،مما ولد لها عجزا بنيويا.فإنشاء المقاولة لم يكن من أولويات ساكنة جرادة.فحتى الخبز الذي يعتبر مادة أساسية لم تكن تصنعه سوى مخبزة وحيدة و بوسائل تقليدية.و قد كان المهندسون و « الشيفان » يشكلون طبقة الميسورين،و في المقابل كانت فئة العمال التي كانت تكن حقدا دفينا للفئة الأولى نظرا للقمع الرمزي الذي كانت تمارسه عليهم داخل المنجم و في المستشفى،و في الأماكن التي كانت تلج إليها ….الخ ،و للتفاوت الإجتماعي الذي كان يفصل بين الاثنين.لقد كانت الفئة المتحكمة في الفضاء الزمكاني بجرادة في فترة ماقبل التسعينات تشكل تحالفا برغماتيا مع النخبة التقليدية لتسيير شئون المدينة ،و كانوا يتحكمون في الحقل السياسي و الإنتخابي ،لكن بعد فترة التسعينات،و الانفتاح السياسي الذي عرفه المغرب،برزت النخبة الحداثية المنتجة من الفعل النقابي لتقود الفعل السياسي،و قامت بمجهودات كبيرة لإصلاح العجز،لكن بدا أن هذا الخصاص كبير.
بعد إغلاق المنجم ،الذي كان يشكل المصدر الوحيد للرزق لساكنة جرادة، و يشكل كذلك القاعدة الخلفية لشرعية النخبة السياسية الحداثية بمدينة جرادة،حصلت الصدمة،فالدولة لم تقدم بديلا سوسيو-اقتصاديا للإنتقال من الاقتصاد المنجمي إلى اقتصاد متعدد.و الذهنية المحلية لا تمتلك ثقافة المبادرة و المغامرة نظرا لوجودها في منطقة معزولة.و وقعت جرادة تحت صدمة « تسونامي ».
لقد كان الشعار الشهير الذي كتبه أحد « العقلاء » في مختلف المنازل و الأزقة » جرادة للبيع » نموذجا للموت التي عرفته مدينة جرادة.
دامت الصدمة حوالي 03 سنوات،حيث غادرت نسبة كبيرة مدينة جرادة و باعت منازلها بأثمان رمزية ،وذهبت إلى مواطنها الأصلية،و بدت الأزمة ظاهرة للعيان،و قامت أغلبية الأسر التي حصلت على مقابل المغادرة بإرسال أحد أبنائها أو أكثر إلى إسبانيا ،ليشكل بعد ذلك ضمانة لمستقبلها،و موردا لرزقها.حاولت الدولة طمأنة الساكنة من خلال خلق عمالة إقليم جرادة،و تكريس نوع من الاستقرار.
بعد هذا التقديم أريد أن أعطي مفهوما للنخبة على المستوى النظري،كما أتحدث عن النخب السائدة في جرادة بعد الإغلاق ، ،و عن ذهنية النخب و أشباه النخب بجرادة.
فالنخبة هي قشدة المجتمع ، و عقله المدبر ، هي التي تفكر من أجله و لصالحه على المســتوى الرمزي و المادي، إنها مجموعة من الناس الذين يحصلون على قبول أغلبية أفراد المجتمع الذين يعيشون في وسطه ، أكان تقليديا أو عصريا ، بحيث يترجم هذا الإجماع إلى ولاءات و قبول و تزكية. وقد أفرد مجموعة من المنظرين للتعريف بالنخبة من قبيل موسكا و باريطو.وإذا لابد لنا أن نتساءل هل لنا نخبة محلية حقيقية بمدينة جرادة؟أين تتجلى تمظهراتها،كيف تعمل من أجل خدمة المجتمع و بالتالي تصبح كرائدة له، و سائقة لهمومه.و هنا أردت تقسيم هذه النخبة بجرادة إلى قسمين:
(I
نخبة تقليدية و هي المهيمنة على الفعل السياسي بمدينة جرادة.
(II
نخبة حداثية: و هي قليلة كما و كيفا.
و زيادة على هذين القسمين من النخب هناك شبه-النخبة(pseudo-élite) أو النخبة الجنيسة (élite générique)- لكن بدون مفعول- و التي تبدو و كأنها نخبة من خلال ممارساتها، لكنها لا تمثل إلا نفسها و بالتالي لا يمكن تسميتها بالنخبة.
(I بالنسبة للنخبة التقليدية فهي تتشكل من أغنياء و تجار ،و هم يستقطبون الأصوات الإنتخابية من خلال ممارسات خدماتية و إحسانية،كتقديم أضحية العيد لعدد كبير من الفقراء،و تقديم خدمات اجتماعية. وهذه النخبة منخرطة في شبكة علائقية تقليدية كالقبيلة و العرق و المصاهرة ،و قد ظهر جليا في فترة الانتخابات الجماعية السابقة أن إحدى القبائل المصاهرة مع أحد رؤساء اللوائح الإنتخابية، وهو من هذه الفئة التقليدية،أدت واجبها الإنتخابي يوم التصويت و كأنها في يوم احتفالي،حيث ارتدت أحسن ما تملك من ثياب.
(II نخبة حداثية: و هي مكونة من أشخاص ينتمون إلى أحزاب وطنية ديمقراطية ، و هي تنقسم إلى توجهين:
أ- التوجه الأول ما زال يحن إلى الفترة المنجمية،و كل ممارساته تريد أن تكسب شرعية من خلال ما تبقى من الفعل السياسي المنجمي.و إن لم يغير من استراتيجتيه كتشبيب أطره،و ضخ دماء جديدة و الاعتماد على آفاق جديدة فإن مآله الموت الحقيقي.
ب- التوجه الثاني مكون من أطر أتت من الفعل المدني،و ناضلت داخل جمعيات تنموية،و لامست القاع الإجتماعي،و هي تصبو إلى خلق مشاريع مندمجة،و تحاول أن تساهم في خلق بدائل اقتصادية،و تقوم بالتحسيس و مواكبة التغيرات ،لكن دورها سيبقى هامشيا إن لم تتضافر الجهود ،وهذا التوجه يلقى معارضة شديدة من التوجه الحداثي الأول الذي يحس بنوع من الاحتضار ، و من طرف شبه-النخبة.
(III
بالنسبة لفئة أشباه النخب ،و هي مكونة من:
« انتلجنسيا المقاهي » : و هي فئات متعددة جالسة في المقاهي، تنتقد كل شيء،و لا يروق لها أي شيء،لكن عمليا لا تفعل أي
شيء،تراها منغمسة في تحليل الظواهر ،لا تحبذ التغيير، و ترى كل الأفعال بعين سوداوية ، و هي مكونة من أشخاص تبنوا في مرحلة من المراحل الجامعية الفكر اليسراوي،أو من فئة ترى نفسها أنها سلبية ،و بالتالي هي تحقد على كل شي.
و تشترك الفئات المتعددة من أشباه النخب في الأمور التالية:
1-تعتمد على ثقافة نزع ثوب النضال فيما بينها ، و كل طرف يعلن أنه أكثر نضالا من الطرف ألآخر و يتهمه بالولاء لجهة ما ،أما هو فيعلن صفاءه،و هم يظهرون كأمراء الحرب من خلال مجموعات صغيرة لا تتجاوز الستة أشخاص.
2-الاعتماد على الإشاعة في ضرب الجهات التي ترى أنها منافسة لها و ترى أنها تتجاوزها،فكم سمعنا من إشاعات حول اتهام « الجمعية أ » أو الجمعية ب » من هدر المال العام، و تقدير ثمن هذا الهدر،لينسى بعد ذلك الاتهام و يصبح في عداد الماضي، ليختلق بعد ذلك اتهام جديد،و برقم جديد. فقد أصبحنا بجرادة نسمع آخر صيحات الإشاعة.فيا سادة من ينهب مالا عاما،عليه أن يتابع قضائيا،و الجهة التي تتهمه عليها أن تتحمل مسئوليتها في كشف ضياع هذا المال.أما أن يصبح الاتهام ورقة لضرب المنافس، وكما أن الذي يطلق عنانه للاتهامات المجانية عليه أن يكشف عن عورته ،فهذا يراد به باطل و يعطي صورة سودوادية لواقعنا المحلي.ويعطي صورة عن جرادة و كأننا في واقع قرسطوي.
3- إن المبادرات التي يقوم بها المجتمع المدني، من اجل تنفيذ البرامج و المشاريع من خلال اتفاقيات،يؤجج نار هذه الفئات،بحيث ترى أنها لا تستفيد من « الكعكعة »- حسب فهمها و بالأحرى وهمها- و هذا ما يؤكد أن نهب المال لا يوجد إلا في مخيلتها،و هي تروم أن تكون مكان هي الجمعيات.و بما أنها لا تمتلك المؤهلات و القدرات المؤسساتية التي تمكنها من الإستفادة من المشاريع باعتبار بعضهم ينخرطون في جمعيات ليس لها وقع على الساكنة،فهي تطلق خيالها لسيل من الإتهامات المجانبة للحقيقة.
4-أن خطاب هذه الفئة ،بشكل انفرادي يتميز بالتبرأ من ما يقال و يشاع، و تدعو الجمعيات الفاعلة في الحقل المدني إلى دعمها، وتتحدث بلغة وديعة لكن عندما يخلون إلى حال سبيلهم،يكشرون على أنيابهم،و يطلقون عنانهم لكيل الاتهامات.
إن مدينة جرادة تحتاج إلى تضافر الجهود من أجل النهوض بواقعنا،من فاعلين سياسيين حقيقيين و سلطات عمومية،و مجتمع مدني حقيقي ،و على النخبة المحلية الحداثية أن ترقى بتفكيرها ،و تنساق إلى التفكير العقلاني أما تقديم صورة متخلفة عن واقع متخلف.فتلك هي الطامة الكبرى.
6 Comments
تحليل سطحي لا يرقى إلى مستوى تاريخ وواقع مدينة منجمية بتاريخها الذي تم تلخيصه بشكل كاريكاتوري في زي طي طي
جرادة هي الاتحاد المغلابي للشغل ومدينة أول عامل شهيد في تاريخ الحركة الوطنية، وما يجري حاليا ليس إلا انتقام من هذا التاريخ
في الحقيقة موضوع مكمول وهذا ما تعودناه من الكاتب الله يكثر من امثاله حتى ننهض بمدينتنا بل با قليمنا الى ما نصبو اليه انشاء الله رغم اني انحدر من القرى المجاورة وهذه هدية لكل انسان شريف غيور محب للوطن وحب الوطن من الايمان
عداتي لهم فضل عليا ومنة *فلا ابعد الرحمان عني الاعاديا
هم بحثوا عن زلتي فاجتنبتها*ونافسوني فاكتسبت المعاليا
انه الواقع المر بهاده المدينة التي خدلها اشباه ابنائها.فعلا فمن يحسبون انفسهم نخب مثقفة يتكدسون في مقها الداخلة ينتقدون بدون اعطاء حلول.فهم يحنون الي حلقيات الجامعة.فجرادة بحاجة لمن يبدل الجهود للنهوض باقتصادها.فصختا علي المنتقدين بدون اعطاء الحل.
اشكر السيد حمزاوي الذي تطرق إلى هذا الموضوع الشائك و الذي يتحدث عن النخب بجرادة،حقيقة جرادة أضحت كمجتمع رعوي،و النقاشات وصلت إلى مستوى ساقط.فعلي الجميع أن ينتج خطابا جديدا و خلق جسور التواصل بين كل الفاعلين بالمدينة .لأن ما يلاحظ هو أن بعض الطفيليات تتغذى من خلال إنتاج صراعات خيالية.و مصلحة جرادة في آخر المطاف هي الضائعة .و
برافو السي حمزاوي،فقد عريت على واقع محللينا السياسيين الخياليين.فهنيئا لك
لقد تابعت عن كثب هذا الصراع الخاوي بمدينة جرادة و لاحظت أن المدينة تقدم الثمن غاليا ،من خلال كيل الإتهامات لناس يبذلون قصارى جهدهم للتعريف بها.فكفاكم من الهراءات و حاولوا التنسيق معهم عسى أن تنهضوا جميعا.ألم تسألوا أنفسكم من تخدمون بهذه الصراعات؟لماذا لا تستفيدوا من تجربتهم؟لماذا تركتم اللوبي الذي الذي أجهز على ممتلكات جرادة و أغتنى بشكل سريع بعد إغلاق جرادة.عباو بعيبكم.الله يهديكم