النعيق العلماني وراء الوعي الديني المتنامي
بعد اندحار العلمانية في البلاد العربية والإسلامية على إثر انهيار الشيوعية لم تجد فلولها المندحرة بدا من النعيق وراء كل عمل إسلامي هادف و بان يحاول تقديم البديل الحضاري للإنسانية التائهة والحائرة بعد أن جربت نموذج الحضارة الغربية المادية الاستهلاكية الفارغة من كل مضمون إنساني. لقد بلغت الأزمة الاقتصادية الغربية أوجا غير مسبوق ، وهي أزمة تعكس الأزمة الاجتماعية والأخلاقية الخانقة.
وبالرغم من اقتناع العالم بأسره بهذه الأزمة ، وهذا الانهيار الشامل اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا وفكريا وثقافيا فإن فلول العلمانية في البلاد العربية والإسلامية لا زالت تنعق بنجاح النموذج الغربي. فالغرب يعترف بانهيار نموذجه يوميا ، والشركات تنهار يوميا ، والعلمانيون عندنا لا زالوا يسبحون باسم الحضارة الغربية. وكلما نشر مقال يوضح للناس ضرورة العودة إلى النموذج الحضاري الإسلامي كبديل وحيد لإنقاذ العالم من ورطة غير مسبوقة في التاريخ جاءت تعليقات وردود فلول العلمانية المنهزمة للتشكيك في النموذج الإسلامي وفي صدق من يتحدث عنه . والمضحك في تعليقات هذه الفلول هو الاغترار بصواب وجهات نظرها المفلسة ، واعتقاد التخلف في الآراء الإسلامية وفي أصحابها. ولقد عجبت من نعيق أحدهم على إثر ظهور مقال يتعلق بالزي الإسلامي نشر على موقع وجدة سيتي لكاتبة أصيلة عبرت عن وجهة نظر إسلامية صائبة بخصوص الزي الإسلامي حيث دعت إلى إنقاذ الزي الإسلامي من الابتذال إذ لاحظت أن غزو الزي الغربي تسبب في ابتذال الزي الإسلامي من خلال محاولة الدمج بين الأصالة الإسلامية والوافد الغربي مما تولد عنه تلفيق أفقد الزي الإسلامي دلالته الشرعية .
وقد غرت الناعق الذي تفوح منه رائحة العلمانية الكريهة وجهة نظره الضالة فنصب نفسه مناقشا لقضية الزي الشرعي مناقشة الخبير العارف المتمكن ، وهو لا يميز كوعه من بوعه . لقد تساءل عن طبيعة وشكل الزي الشرعي في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وحاول الفصل بين عهد الرسول الكريم الذي هو العهد الإسوة والقدوة والنموذج الواجب عولمته عبر ما بقي من تاريخ البشرية ، وبين باقي العصور. والعلماني التائه لا زال يراهن على عامل التاريخ كما هوحال العلمانية ، ويرى في التاريخ بديلا عن الدين الذي هو فوق التاريخ ، بل يقرر مصير التاريخ. ولتبلد حس العلماني التائه فإنه ككل فلول العلمانية مصاب بداء النرجسية المتعصبة لعصره ، ففي اعتقاده الفاسد أن عصره هو فوق كل العصور وهو نموذج لكل العصور السابقة علما بأن إسوته هو النموذج الغربي المفلس . فالمرأة في نظر هذا العلماني الحائر كان من المفروض عليها أن تلبس زيا بدويا يناسب الطبيعة الصحراوية خلاف المرأة في زمنه.
وليس من مصلحته أن تستتر المرأة وتصون جسدها عن الابتذال ، بل من مصلحته أن يعمل بصره الذي لا يعرف معنى للغض فيه لينفس عن مكبوتاته ، وبسبب هذا الكبت يرى صاحبنا العلماني أن على الدين أن يساير رغباته ورغبات أمثاله فيغير من دلالة النصوص المتعلقة بالزي الإسلامي الخاص بالمرأة ليصير جسد المرأة معبرا يمرر فوقه كل مل يتعلق بمظاهر الحياة في الحضارة الغربية المادية الاستهلاكية و الإشباعية. وسيظل النعيق العلماني يلاحق كل فكرة حضارية إسلامية نيابة عن الحضارة الغربية الآفلة دون مقابل ، ودون إذن لمجرد إرضاء نوازع الحقد العلماني الدفين على الدين والمتدينين بعد اتضاح تهافت الطرح العلماني من خلال نموذجين فاشلين في الشرق والغرب على حد سواء.
Aucun commentaire