مدينة المآذن
طابت يا دار لك الألف = و حصونك يألفها الإلف
لك ألف سلام أرسله = و شغاف القلب له ظرف
و قصيدة عشقي ألفها = قلم لا يسعفه الحرف
بالشعر أتى بالنثر جثا = ليدين لآلته العزف
فأليني الطبع و دليه = عن وجهك إن عز الكشف
لجمالك يا داري سحر = لا يبطل عُقـْدَتـَه الوصف
لو خضت البحر أغازلك = لاستنفد آهاتي الجَذف
لو جئت بكل الأطياف = شعرا ما لاح لها طيف
إني يا دار أحاولها = كلماتٍ يُعْــِوزها الحِلف
ذي وجدة مهد الأخيار = و العابر يشهد و الضيف
بالمهجة تـَقري الأضياف = و قلوب الناس لها تهفو
كالقاعة تحضن أعراسا = و فصول العُمْر لها صيف
من جاء يجوب شوارعها = صادته و مال به الطرف
فيحط رحاله يسكنها = و يقول هواكِ له خـَطـْف
يا وجدة حربك يخسَرها = للوهلة لطف أو عنف
يا وجدة سَمْتـُـك أجبرنا = و عفاف جمالك و العطف
بخصالك جُبْتِ جوانِحنا = بشموع ضيوف
لا تخفو
ببسالتك ، ببساطتك = بالدين إذا قـَصُرَ العُرْف
وَعُرفت بأنك شامخة = بقبابك فابتدأ الزحف
لكأنك بين مآذنك = و قبابـِك أمواجٌ تطفو
لكأن جميع شوارعك = و بيوتك فـَيْءٌ أو وقف
في كل ترابك قد مَرَغ َ = لله جبين أو أنف
سجادا صرت لمن سجدوا = لا يعرف رأسك و الخلف
محرابا فيك بشارتنا = لا زيغ فيك و لا زيف
و أذانك يُطـْـــِرب إن رُفِع = كطيور دان لها العزف
الكل يُحبر داعِيــهِ = لرحيم عن عاص يعفو
يدعو لفلاح يُرْدِفـُه = لِتـَشَهّـُدِه نِعْم الرِّدْفُ
يا وجدة طالت أعناق = وعلى التهليل لها عكْف
ترتج رُباك لصرختهم = فيُرى في الصدر لنا رجْف
أحياءك تصدح و الوسط = حاشى لبهائك أن يجفو
أحييتِ الدين لساكِنـَةٍ = فـَسَنا أمنٌ وخـَبا خـوف
ورفعتِ الشأن لقرآن = و تباهى في يدك السيف
و تباهى الناس بقراء = من عترة داوود استوفوا
لما صدحوا بمزامير = من خلفهم الناس اصطفوا
حفظ القرآنَ شبابُك بل = و نساءك فالتحق النصف
من بنت الشاطئ من بعث = بعثوا و بأيديهم صُحْف
مُلِئوا الإيمان وباعثه = مُلِئوهُ و طاب لنا الغـَرْف
و لأهل الذكر مجالسُ مِن = جنات فليُجْنَ القطف
يأتي الزراعُ مواسمَهم = فتلين قلوبهم الغـُلف
وترى من حول منابرهم = حلقات يرسمها الطـَّوْف
لكأنك يا وجدة حج = أزلِيّ ُ الموقف أو كهف
و كأنك دارَ الأرقم في = زمن الغرباء لنا تصفو
لو جاءك زيري اليوم بكى = من أجر فاض له الضِّعف
فتفيض العين بما كسب = وبدار يعشقها السقف
أعروسَ الشرق لقد وهن = مني عضمٌ و شكا الضّـُعْف
مالي عن مَهرك مقدُرة = إلا أن يُدركني اللطف
إلا قـَلـَمٌ و فم ٌ يـُفشي = ما دَسَّ لليلتــك الجوف
المهر أنا و الدار لك = و الدار الألفة لا الألف
و شهود الخطبة أجفان = ورموش تعشق لا تغفو
فأديمي الوصل و موعدنا = أن يصلح كمك و الكيف
2 Comments
ما أرق ألقكَ ، وماأروع الانسياب ،وددت والله أن أستمع إليها بدل قراءتهالان الخبب خفة ورشاقة
شكرا للأستاد الشاعر الكبير بوعلام الدخيسي على هدا البوح الجميل.
دمت وفيا للكلمة الشعرية الراقية
تحياتي
أبو أسامة