لوزارة تحاول استدراج الشركاء إلى بيت الطاعة
لقد ساهمت
العديد من الفعاليات،والفاعلين
السياسيين و النقابيين و الحقوقيين و المثقفين
و الأكاديميين و الأطر التربوية و الطلبة
و عموم الجماهير الشعبية بحماس ووطنية وإخلاص، ومهنية عالية، في
النقاش الكبير الذي
أتاحه الميثاق الوطني للتربية والتكوين،
وعلى رأسهم جمعية الآباء التي ساهمت بنشاط
كبير في عملية الأجرأة، بالإثراء
والإضافة والشطب للعديد من المشاريع التي
كان تسير في الاتجاه المعاكس لتطلعات الطبقات
الشعبية، وعقدت آمالا عريضة
على الميثاق ، لا لأنه لا
يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، ولا لأنه تميز بالكمال،
ولا لأنه لبى كل مطالب وشروط
وحاجيات المدرسة الوطنية ، لكن لكونه أول
أرضية وطنية ساهم في إنجازها مغاربة وفي
واضحة النهار، وتم التوافق
حولها بين كل القوى السياسية والاجتماعية
، وكنا ننتظر أن يتحول الميثاق إلى قانون
ملزم ، تقع مسؤولية تطبيقه على السلطة التنفيذية
،إلا أن ذلك لم يحدث، ومنذ أن تأكدنا من
ذلك » غسلنا أيدينا »، وأدركنا حينئذ
، أننا أهدرنا الكثير من الوقت والمال بدون
طائل،و أن الأزمة قادمة،
تنتظرنا في المنعطف، وأن الدخول في الحائط
حتمي،ومسألة وقت لا أقل ولا أكثر، وحذرنا
من ذلك عبر مختلف بيانات المحلية والجهوية
والوطنية،في الوقت الذي كان الخطاب الرسمي
يوزع التفاؤل، ويعد الناس والمهتمين بالمستقبل
الزاهر، ويتهمنا بلبس النظارات السوداء…وكانت
النكبة، نكبة المدرسة العمومية التي رسمت
التقارير الدولية مظاهرها وتجلياتها ،
وأصبحت فضيحتنا وأزمتنا أممية، وتم حشرنا
مع كسلاء العالم، من الرتبة 123 حسب مؤشر
التنمية البشرية سنة 2007 إلى الرتبة 126 سنة
2008 إلى الرتبة 130سنة 2009 …ولم نعط لأنفسنا
الوقت الكافي للجلوس
أرضا، وتقييم ما حدث، وكيف حدث،ومن المسؤول،
وكيفية الخروج من الأزمة
،بل ذهب الخطاب الرسمي
إلى البحث عن ضحايا لتقديمهم قربانا على
مذبح فشل الإصلاح…و طبقوا
بالمقلوب المثل القائل » لا نبدل الفريق
الفائز » ،وبدل اللجوء إلى
المساءلة و التقييم الجماعي
،ثم الاجتهاد الجماعي،
وتحت مبرر الاستعجال، وامتصاصا للغضب والسخط
الشعبين ، كلف أصحاب القرار والسلطة
نفس الفريق الذي أدخلنا في الحائط، والمسؤول
عن الفشل،بوضع برنامج استعجالي « عجلة
النجدة » ، مما فتح المجال
أمام الإشاعات والشائعات،وخطاب المقاهي
،ومذياع الشارع وذهب البعض إلى نسب المخطط
لمكاتب دراسة أجنبية، واعتبره البعض
من وحي المؤسسات المالية الأجنبية، مما
اضطر السي أحمد إلى التنبيه إلى ذلك
بانفعال وغضب، خلال الدورة السابعة للمجلس
الإداري لأكاديمية جهة سوس ماسة، ورغم
ذلك لم يقنع مستمعيه بمغربية و »وطنية »
مخططه.
نحن كفصيل
جمعي فاعل داخل المنظومة التربوية، واكبنا
معظم الإصلاحات وساهمنا في جلها مساهمة
فعالة، وانطلاقا من
توجهاتنا المبدئية والعقدية التي تنحاز
للطبقات الشعبية، وتساند كل مل يخدمها
،وتعارض كل ما لا يتماشى مع مطامحها،كنا
دائما نتفادى البوليميك ونساند الوزارة
مساندة نقدية، يجب أن نعترف أن المخطط بمشاريعه
الخمسة والعشرين، يحمل الكثير من الإيجابيات
والمشاريع الثورية، التي يجب دعمها
والإلحاح على أجرأتها وتنفيذها ميدانيا
،كإقرار مبدأ التعليم
الأولي بالعالم القروي وإلزامية
التعليم و تأهيل المؤسسات
التعليمية وتجهيزها وصيانتها ومحاربة
ظاهرتي التكرار والانقطاع
عن الدراسة و إنصاف الأطفال
ذوي الحاجات الخاصة
والدعم المدرسي والاجتماعي،
والاهتمام بجودة الحياة
المدرسية،و إخراج مشروع المدرسة الجماعاتية
إلى الوجود، الكفيلة بحل مشكل التمدرس
في العالم القروي، علما أنها ستكون مزودة
بالداخليات ومختلف المرافق الصحية والاجتماعية
والترفيهية، وستضم ،حسب الخطاب الرسمي،
السكن الوظيفي لرجال ونساء التعليم ، وبالتالي
تجميع الأساتذة والتلاميذ في محيط معين
،سيؤدي إلى خلق مجتمع قروي جديد، سيسمح
بالكثير من الممارسات والمظاهر الايجابية،
إضافة إلى خلق « بورصة للتبادل بين الأساتذة »
لحل مشكل التحاق الأزواج بعضهم البعض..إنها
أفكار ومشاريع ثورية لكن ليس كل ما يبرق
ذهبا، ولقد تعلمنا ونحن صغار من خلال قصة
« الثعلب وبائع السمك » بأن هناك فرق
شاسع بين القول والفعل،
وعلى كل حال ،لا يمكن لأي عاقل
اطلع على المخطط أن ينكر أهميته ومدى تأثيره
على مستقبل المدرسة العمومية، إذا ما تم
تطبيقه، لكن مشكلتنا في هذا البلد السعيد،
أن الخلل يكمن دائما في التنفيذ والتطبيق،
فكم من مشاريع تاريخية طموحها ومفصلية
،تم إقبارها تحت مبررات مختلفة…لقد تمكنت
الوزارة كعادتها من تمرير مخططها بالقوة
، مما أربك جميع الشركاء والفاعلون،
و أدى إلى بداية تشكيل معارضة
بعض الفاعلين،مدعومة من قوى سياسية ونقابية
مختلفة والتوجهات والأجندات، بدأت شيئا
فشيئا تعبر عن نفسها من خلال سلسلة من الاحتجاجات
، وتتخد شكل بقعة الزيت… ولكسر شوكة المعارضين
، وخلق فجوة في تحالفاتهم الحالية والمستقبلية،
وحشرهم في الزاوية، ،سعت
الوزارة إلى مغازلة الشركاء من خلال
غياب خطاب التهديد والوعيد، والتلويح برد
الاعتبار لرجال التعليم،
والاحتفال باليوم الوطني لجمعيات الآباء
واليوم العالمي للمدرس، وترويج خطاب
« هدم أسوار المدارس،لتصبح فضاءات مفتوحة
على المجتمع » ،وزيارة بعض أعضاء الحكومة
لبعض المؤسسات التعليمية، للتعبير عن إرادة
الدولة في الارتقاء بالمدرسة المغربية…والكل
يعرف الجغرافية السياسية والاجتماعية
و نوع المدارس التي تمت زيارتها.إن هذا
التكتيك بدأ يعطي ثماره،
حيث كثر المهرولون، والفرحون بالجلوس حول
الموائد المستديرة لتدارس ما لا يجب تدارسه،
وإهمال ما يجب تدارسه. لقد نجحت الوزارة
في الترويج لشعارات متعددة،كالتعبئة حول المدرسة،
وانخراط الجميع لإنجاح الإصلاح
، ومفهوم « الإشراك « ، لتنتقل إلى مأسسة
العلاقة مع جمعيات الآباء عبر « مشروع
ميثاق غليظ » لا يعدو أن يكون شكلا من
أشكال الاستدراج إلى بيت الطاعة، لقد نجحوا
في جمع جمعيات الآباء الثورية والرجعية
والديمقراطية تحت قبة واحدة، جمعوا الإخوة
الأعداء الذين لا يمثلون إلا أنفسهم ، باستثناء
المجلس الوطني،ليوقعوا على الشيكات البيضاء،
رغم أن الوزارة لم تطلب
منهم حتى قراءة المخطط الاستعجالي
أو إثراءه بعد صياغته، أو تصحيح الأخطاء
واستدراك النواقص، كما حدث مع الكتاب الأبيض،
إننا نرفض أن تتحول جمعيات الآباء إلى
أدوات تؤشر على صياغة
التقارير التركيبية، ونرفض اغتنام الفرصة
لطعن النقابات في الظهر، يجب أن لا ينسى
المهرولون أنهم حلفاؤنا الإستراتيجيون…
لقد كان من واجب الوزارة أن تمد الشركاء
والفاعلون بالمخطط الاستعجالي المفصل
والذي تتجاوز صفحاته
الألف ،بدل من التقرير التركيبي، لأن الشياطين
تكمن في التفاصيل، وليعلم المهرولون أنهم
يرتكبون أخطاء قاتلة
بوضعهم لبيضهم في سلة واحدة، وليستفيدوا
من تاريخهم الجمعي ،وصراعاتهم المريرة
مع مهندسي المشاريع التربوية الفاشلة…إن
الحديث عن قطاع التربية والتكوين حديث
عاطفي ذو شجون، ورغم ذلك
نقول، إن انتقاداتنا لمختلف المشاريع مرده
لخوفنا من إعادة أنتاج الإخفاق والفشل،
ومنبعها حبنا وغيرتنا على المدرسة العمومية،
التي أخرجتنا من الجهل والأمية، وجعلتنا
نرتقي في السلم الاجتماعي
،ومادام أن الفأس قد وقعت في الرأس ،ومادام
أن المخزن عازم على تطبيق برنامجه الاستعجالي
بنا أو بدوننا، ولأننا مضطرين لركوب القطار
وهو يسير، نقترح على المسؤولين
الخماسية التالية:
- إن المخطط
يحمل إيجابيات كثيرة ندعمها ونساندها،و
نلح على تطبيقها وإنجازاها، ونتمنى أن
لا تتحول هذه المشاريع إلى شجرة تغطي الغابة،
ومطية لتمرير المشاريع التصفوية، كالتخصيص
وضرب المجانية، و »تهشيش » إطار المدرس .
2- تحسين
الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للأطر
التربوية والإدارية العاملة بالقطاع،
التي بدونها لن ينجح أي إصلاح مهما كان،
ولا يعقل أن يكون مربي الأجيال في
أسفل السلم الاجتماعي، فالمحبط لا يربي
إلا محبطا،كما يجب وضع الثقة في مربي ومربيات
الأجيال، ولا أطن أن
التوظيف التعاقدي و
الساعات الإجبارية والمدرس
المتحرك والمدرس المتعدد
الاختصاصات و الاشتغال
خلال العطل البينية، إجراءات ستعزز الثقة
بين الفرقاء،و ستشجع الأسرة التعليمية
على الانخراط في الإصلاح.
3- يجب
أن يبقى المجال التربوي
تربويا،بسرياليته ومثاليته ورصيده الروحي
والمعنوي، ولن يتأتى ذلك إلا بالابتعاد
على مفاهيم ومصطلحات السوق،وعدم الانجرار
وراء المفاهيم البراقة للعولمة، التي تهدف
إلى تسليع الفعل والمنتوج التربوي، ورأسملته،
والتي تصر الوزارة على ترديده من خلال خطابها
وأدبياتها
4- إن الإدعاء
أن « التلميذ » هو الهدف والغاية ، ومحور
العملية التعليمية التعلمية، ديماغوجية
لم تعد تنطلي على أحد،ولم يعد يصدقها أحد
،وأصبحت أسطوانة مشروخة كالوعود الانتخابية،
لأن الذي لا يسمع لأراء الآباء والأولياء،
لا أظن أنه سيكترث لسماع أراء التلاميذ،
وعلى الذين يعيشون في الأبراج
العالية، ويصدرون القرارات أن ينزلوا إلى
الواقع المعيش داخل المؤسسات ليشاهدون
كيف يهان التلميذ ،و تهدر كرامته يوميا
داخل الحرم المدرسي وخارجه، و تفرض عليه
مقررات ثقيلة وغير مفهومة تزيده غباء،
أكثر مما تنور عقله، دون أن أسرد مشاكله
الاقتصادية والاجتماعية البنيوية.
5-
كان مخططكم الاستعجالي يتكون من 23 مشروعا،
وأضفتم إليه مشروعين جديدين، فلا بأس من
إضافة مشروع جديد رقم 26، خاص بتكوين أعضاء
مكاتب جمعيات الآباء، إذا كنتم فعلا تريدون
شريكا فعالا ، لأن جل الجمعيات فقيرة وهزيلة
التكوين والمعرفة والمتابعة، ولا أظن أنها
قادرة بمواصفاتها الحالية على دعم الإصلاح
أو إنجاحه، ما عدا إذا كان الوزارة تريد
جعل الجمعيات ديكورا أو فرقة للتطبيل والتزمير
والبصم .
وفي الأخير،
يقول الله تعالى في كتابه
الكريم: « وقال ربكم ادعوني استجب لكم… »اللهم
أعن برياحك قائد وقائدة السفينة الشراعية
للمخطط الاستعجالي على الوصول إلى شواطئ
2012 بسلام،سالمين غانمين، وأن تكذب المثل
الشعبي القائل
» أن
السفينة التي يقودها ضابطان مصيرها الغرق ».اللهم
أحفظني، وأحفظ بقية زملائي وزملائي من
المذكرات الوزارية الغزيرة التي تستهدف
الحقوق والمكتسبات.اللهم ألهمنا الصبر
على تحمل الظروف الصعبة والمزرية والخطيرة
التي نمارس فيها الفعل التربوي.اللهم حنن
علينا قلب مكتب الدراسات الأجنبي
،الذي يعد الاقتراحات الخاصة بتعديل نظام
« التقاعد »، وأن لا يشملنا ،لا بتمديد
سنوات العمل، ولا بالزيادة في الاقتطاعات،
ويسمح لنا بتكملة
« السربيس » على خير، بدل أن نموت بين
المقاعد.اللهم زيني بالستر والعفاف، واسترني
بلباس القنوع والكفاف، واحملني على العدل
والإنصاف، وأمني من كل ما أخاف بعصمتك ،يا
عصمة الخائفين.اللهم اجعل سعيي مشكورا،
وذنبي مغفورا، وعملي مقبولا، وعيبي مستورا،
يا أسمع السامعين، أمين والحمد لله رب العالمين
Aucun commentaire