ناجي العلي … الاسم الحركي للنكبة والثورة
ناجي العلي
الاسم الحركي للنكبة والثورة
يوسف حجازي
إذا كانت إنسانية الإنسان قد بدأت بالكلام فان ثورة الحجارة في فلسطين قد بدأت بنبوءة ناجي العلي الذي دفع حياته ثمنا لتلك النبوءة ، وهذه حقيقة لأن ناجي العلي عرف موقعه الحقيقي ولذلك كانت فلسطين عالمه الحقيقي ، وقد قال ن نفسه
أنا شخصيا منحاز إلى طبقتي ، منحاز للفقراء ، وأنا لا أخالف روحي ولا أتملق احد ، والقضية لا تتحمل الاجتهاد ، الفقراء هم الذين يعانون معاناة حقيقية ، المناضل الحقيقي دائم العطاء ويؤخذ حقه من خلال الآخرين وليس من حسابهم
أما حنظلة الذي كان ناجي العلي يحمله موافقه فقد قال عن نفسه
اسمي حنظلة ، اسم أبي مش ضروري ، أختي اسمها نكبة ، ونمرة رجلي ما بعرفها لأني دائما حافي ، ولدت في 5 حزيران 1967 ، محسوبك إنسان عربي وبس ، إنسان عربي وأممي وبعرف كل اللغات ، وبحكي كل اللهجات ، ومعاشر كل الناس المليح والعاطل والادمي والازعر ،وكل الناس اللي يشتغلوا مزبوط واللي هيك هيك ، ورحت الأغوار وبعرف مين بيقاتل ومين بيطلع بلاغات بس ، وقلتله إني مستعد ارسم عنه الكاريكاتير كل يوم ، وفهمته إني ما بخاف من حدا غير من الله واللي بدو يزعل يروح يبلط البحر، وقلتلو عن اللي بيفكروا في الكونديشن والسيارة وشو يطبخوا أكثر من ما بيفكروا بفلسطين .
وقد اختارته صحيفة أساهي اليابانية واحدا من أشهر عشرة رسامين في العالم ، وقال عنه مدير تحريرها أن ناجي يرسم يحمض الكبريتيك ( ماء النار ) كما قالت عنه صحيفة نيويورك تايمز ( إذا أردت أن تعرف رأي العرب في أميركا فانظر إلى رسوم ناجي العلي )
ولد ناجي العلي في قرية الشجرة في عام 1937 وهي القرية التي كان المسيح يتظلل بفي شجرة فيها والتي استشهد فيها القائد الشاعر عبد الرحيم محمود ، وغادر ناجي العلي فلسطين إلى لبنان بعد النكبة في عام 1948 وبعد انتظار شهرين تحت أشجار التين ثم في ضيافة اسكافي لبناني صديق قديم لوالده في مدينة بنت جبيل انتقل مع عائلته إلى مخيم عين الحلوة في صيدا ، وفي هذا المخيم درس ناجي العلي في مدارس اتحاد الكنائس المسيحية حيث حصل على الشهادة الابتدائية ولكن الظروف اضطرته إلى العمل في طرابلس وبيروت والسعودية بعد حصوله على دبلوم الميكانيك ، وقد بدأ إحساسه الوطني ووعيه القومي والإنساني يتشكل في وقت مبكر أثناء دراسته الابتدائية وأخذ يشارك في المناسبات الوطنية مثل مناسبة تصريح بلفور والتقسيم والنكبة ، ودرس ناجي العلي فن الرسم في الاكاديمية اللبنانية في بيروت والكلية الجعفرية في صور وتعزز ميله إلى الرسم في السجون اللبنانية وكان أول من نشر له رسوماته القائد الشهيد غسان كنفاني ، أما أعماله الفنية التي تجاوزت أكثر من أربعين ألف رسم كاريكاتوري فقد أصدرها في ثلاث كتب في عام 1976 وفي عام 1983 وفي عام 1985، لقد كان ناجي العلي عظيما ليس لأنه فنانا فحسب ولكن لأنه بشر بالثورة الذي كان يتمنى أن تكون قومية في الوقت الذي كان يدرك أن عليه أن يدفع حياته ثمنا لتلك البشارة الذي كان يبشر بها في معارضه الفنية في بيروت ودمشق وعمان وواشنطن ولندن والكويت على صفحات أكثر الصحف العربية توزيعا واتزانا مثل الطليعة والوطن والسفير والقبس ، وأخيرا سقط احد ابرز رموز الوجوه الحضارية والثقافية للثورة الفلسطينية برصاص الغدر والخيانة والثورة المضادة والأيادي السوداء في لندن في 22/7/1987 وظل غائبا عن الوعي حتى فارق الحياة شهيدا في 29 /8/ 1987 ، وودعت فلسطين الحية الشهيد الحي ناجي العلي ، لأن وجود شهداء يعني وجود أمة حية ، ولأن الأمة الحية هي الأمة التي يعيش فيها الشهداء إحياء .
Aucun commentaire