Home»International»مــــاذا يريـد العلمانيـــون بالمغـرب؟

مــــاذا يريـد العلمانيـــون بالمغـرب؟

1
Shares
PinterestGoogle+

وضعت جميعة  »بدائل » لعبد العالي بنعمور هذا الأسبوع تقريرا تحت عنوان  »من أجل مغرب صاعد »، ضمنته رؤيتها للحياة السياسية المغربية وانتقاداتها للوضع السياسي في البلاد ومنظورها للإصلاح، وهي كلها قضايا يمكن الاتفاق أو الاختلاف بشأنها، وتدخل في إطار التقييم السياسي للوضع العام في بلادنا لدى جميع الهيئات المدنية والأحزاب السياسية. ولكن الذي لوحظ على التقرير المشار إليه أنه ذهب بعيدا في تحليل الأوضاع القائمة، بحيث ربطها بالإسلام والطابع الإسلامي للدولة المغربية، ووجه النقد الصريح إلى الملكية المغربية لأنها ـ في رأيه ـ ترتبط في مشروعيتها الدستورية والتاريخية بالدين الإسلامي، ومن تم خلص التقرير إلى المطالبة بفصل الدين عن الدولة، وإفراغ الدولة من المضمون الديني، وعدم التنصيص في الدستور المغربي على أن الإسلام هو دين الدولة.

إن مثل هذه الأطروحات الملغومة والخطيرة في المغرب، الذي هو بلد إسلامي، ليس الهدف منها سوى إقحام البلاد والعباد في دوامة من الارتباك والفوضى، عبر إقصاء الدولة من الاضطلاع بالدور التاريخي المنوط بها، والذي ظل باستمرار حصنا منيعا أمام كل أشكال التطرف والتسيب، سواء حصل ذلك باسم الدين أو باسم العلمانية. ولا شك أن هذا الانفلات الذي وصل إلى حد المطالبة بإحلال العلمانية واستنباتها في المغرب بشكل فاضح وصريح، يبدو ربما أنه مدعوم ومسند من قبل جهات أجنبية لا تريد للمغاربة الخير، وتسعى إلى خلق الفوضى من خلال فرض علمانية غربية، في اتجاه جعل المغرب شبيها ببعض البلدان العربية والإسلامية القريبة منا مثل تونس أو البعيدة في المشرق العربي مثل تركيا، التي لم تكن العلمانية ـ كما يعتقد علمانيوننا المغرر بهم ـ نهاية للتخلف فيها أو نقلة حضارية وسياسية، بل وضعتها في دوامة خطيرة من التقاتل الداخلي وأزمة خطيرة في البحث عن الهوية الحضارية، وما تعيشه هذه البلدان اليوم شاهد على مصير الاختيار العلماني الذي سارت فيه، في الوقت الذي ظل المغرب متشبثا بتوابثه الدينية والحضارية والثقافية، مما ساعده على تجنب أزمات الهوية والاختيار الحضاري التي سقطت فيها البلدان المشار إليها.

وبعد ظهور التقرير المذكور، أدلى عبد العالي بنعمور بتصريحات لأسبوعية  »الجريدة الأخرى » جاء فيها مطالبته بتطبيق العلمانية في المغرب، ونادى بإلغاء وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، وجعل الإسلام قاصرا على مجموعة من القيم والأخلاقيات دون التشريعات وأشكال تنظيم المجتمع، كما دعا إلى الفصل بين السلطتين الدينية والسياسية في شخص أمير المؤمنين.

إن مثل هذه التصريحات والمواقف تعد خطيرة للغاية في بلادنا، حيث لم يتعود الشعب المغربي المسلم طيلة تاريخه على مثل هذه الدعوات الدخيلة، ولذلك نخشى أن يكون وراء هذه المطالب والدعوات الصريحة الكاشفة أياد خفية تحاول خلق الفتنة ونشر الارتباك في صفوف المغاربة والإساءة إلى الإسلام والمس بالمؤسسة الملكية التي ظلت على الدوام مركز التلاقي بين الجميع والحصن الواقي من الفتنة والعلمانية والتغريب.

التطـــرف وبـــؤس الخطـــــاب العلمانــــي

 »مباشرة معكم » كان هذا هو عنوان البرنامج الحواري المباشر الجديد الذي بثته القناة الثانية مساء الأربعاء 09 مارس الجاري، وكان موضوع الحلقة الأولى منه حول  »التطرف »، وبالمناسبة لا بأس من تسجيل جملة من الملاحظات على أربع مستويات:

أ ـ على مستوى الموضوع، حيث تداول الحاضرون موضوع  »التطرف » من حيث الأسباب وطرق العلاج والجهات التي تقف وراءه ودور وسائل التربية والإعلام في علاجه أو تغذيته ونحو ذلك من التيمات.. إلا أن الملاحظ أن  »التطرف » موضوع النقاش كان يقصد به ذلك الشكل الذي يتدثر باللباس الديني وحسب، وكأن القناة الثانية تسعى إلى أن تطبع في أذهان المغاربة هذا المفهوم المرتبط بالتدين، ومن ثم تنفير عموم المواطنين من الدين عموما وأهل التدين على وجه الخصوص!!، وكان الأولى أن يتم الحديث عن أشكال التطرف الأخرى المنتشرة في المجتمع وفي طليعتها التطرف العلماني بمختلف تمظهراته وتجلياته الخفية والظاهرة اللفظية والسلوكية الذي تغذيه أطراف عدة بما فيها وسائل الإعلام المرئية والمكتوبة، وتمارسه أقلية الأقلية في المجتمع المتنفذة في مؤسسات الدولة!!

ب ـ على مستوى الروبورطاجات، ركزت القناة الثانية في الروبورطاجات التي أعدت لهذا الموضوع على مجموعة من الأشكال المظهرية المرتبطة بالتدين مثل النقاب والكتيبات الصغيرة وأشرطة VCD وDVD وكتب مبسطة في العقيدة والعبادات والمعاملات الإسلامية، كما استقت آراء مجموعة من الشباب  »المتدين » حول قضايا ذات صلة بنفس المظاهر.. كما خلطت وبشكل متعمد وفاضح بين منابر الإعلام الإسلامي بما فيها جريدة  »التجديد » المعروفة بخطها التحريري المعتدل… والخلط ذاته تعمده الروبورطارج حين استعرض دعاة القنوات الفضائية ووسمهم جميعا بالتطرف بما فيهم الأستاذ عمرو خالد، الذي يتتبع برامجه آلاف المغاربة من غير أبناء الحركة الإسلامية ويتداولون أشرطته وكتبه بلا حرج، ويكفي أن نشير فقط إلى أن مشروع  »صناع الحياة » الذي يبثه على قناة  »اقرأ الفضائية » ينخرط فيه بالمغرب آلاف الشباب بكل جدية وحماس، على اختلاف قناعاتهم، نظرا لما وجدوا فيه من الجدة والإيجابية والاعتدال، وهو ما لم يلمسوه فيما تقدمه لهم برامج التنظيمات المغربية، وحتى برامج القناة الثانية!

فهل القصد من هذا الخلط تنفير المغاربة عموما والفئة الشابة خاصة من هذه الوجوه الدعوية؟ ثم لماذا لا تفسح القناة الثانية المجال لعلماء المغرب قصد القيام بالتوجيه الديني الذي ينسجم مع الخصوصية المغربية ومن ثم إنتاج قيم التسامح والانفتاح التي ما فتئ المتنفذون في قسم الأخبار بالقناة الثانية يرددونها، وفي المقابل يمارسون أقسى أشكال الإقصاء تجاه العلماء ويصدون الأبواب في وجوههم!!

أما إبراز الأشكال المظهرية للتدين فيراد منه تعميم صورة نمطية عن المتدينين لدى عموم المشاهدين، مفادها أن أبناء الحركة الإسلامية  »قشوريون » في تفكيرهم و »ظاهريون » في سلوكهم و »متنطعون » في معاملاتهم و »طائفيون » في علاقاتهم وهلم جرا من النعوت والأوصاف التي تستبطنها الصورة وينطق بها التعليق !!

ج ـ على مستوى خطاب العلمانيين، وهنا نسجل أن هذا الخطاب كشف عن بؤسه، إذ لم تسعفه لغة التحليل العلمي الدقيق (التي ينفيها عن منافسيه) فاستعاض بلغة متخشبة مشحونة بأساليب الحقد والكراهية (التي ينعت بها خصومه) وعبارات الشتيمة في حق طرف سياسي مشهود له بكفاءته السياسية وحضوره القوي في الساحة الوطنية، ولعل هذه الطينة من الخطاب تعبر عن ما يلي:

ـ لا وطنية بعض الأطراف العلمانية وإصرارها على وضع الحواجز والمتاريس في وجه أي مبادرة وطنية للحوار البناء بين أطراف المشهد السياسي المغربي.

ـ الرغبة الدفينة، بل والمعلنة ـ كما صرح أحدهم في الندوة ـ في  »شطب » (هكذا) الإسلاميين من الساحة السياسية، وإن أقسموا بالأيمان الغلاظ أنهم ديمقراطيون ووطنيون ومسالمون و…

ـ احتقار ذكاء المواطن المغربي، وذلك من خلال عرض بعض الخطابات الإسلامية مبتورة عن سياقاتها بغية إيهام المتلقي بخطورة فحوى تلك الخطابات !!

ـ الإحساس بالتفوق والتمركز الزائد حول الذات والاعتقاد بامتلاك الحقيقة المطلقة وممارسة  »الأستاذية » المتعالية والمتعالمة بخصوص جميع القضايا التي تهم الوطن الحبيب، ولعل هذا يظهر من خلال الإصرار على مساءلة الأطراف الأخرى، خاصة الإسلامية، عن مجموعة من القضايا ومطالبتها بإبراز مواقفها حيالها والإجابة بنعم أم لا!!

د ـ على مستوى خطاب الإسلاميين، وهنا ننوه بدرجة النضج العالية والاتزان والموضوعية في التحليل التي أبان عنها ممثل الإسلاميين في الندوة، إذ لم يقع في ردود الفعل المتشنجة إزاء  »السيل العارم » من النعوت القدحية الذي أفاضه عليه الطرف الآخر، كما أنه التزم بصلب الموضوع وقدم اقتراحات وجيهة في التعامل مع ظاهرة التطرف.

وكم كنا نأمل لو شارك عقلاء الصف العلماني الوطني في هذه الندوة كيما يكون الحوار هادفا والمساجلة موضوعية.. علنا نخطو خطوة أولى على درب الإصغاء الإيجابي بين مكونات مشهدنا السياسي بدلا عن حالة الصمم الإيديولوجي والسياسي الضاربة بأطنابها على آذاننا !!! عسى أن يكون ذلك قريبا…

محمد إكيج

عن جريدة التجديد

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

1 Comment

  1. مواطن مغربي
    29/01/2015 at 17:22

    التجربة المغربية غنية على كل ذخيل وتمييع ويكفي ان نقرا تاريخ الشعوب الحديثة

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *