واقعنا المعاش….والفرار منه !!!!!!!!!!
شد انتباهي إحدى الفتاوى لجارنا الإمام « السي عبد الرحمان » عندما سأله أحد المتطفلين و بلغة المزح عن مآل من يقدم على الهجرة السرية و يسقط بين أسنان القرش في يم المتوسط ،فكان رد فقيهنا الموقر بأن مصيره في الفردوس تحت يافطة أنه مات من أجل لقمة العيش،هكذا جواب عادي مادام أن إمامنا اجتهد و برر تعليله وفق فقه الواقع، لكن ما حز بنفسي هو ذلك التناقض بين القانون الذي سنته الدولة و الذي يجرم صراحة الهجرة السرية و بين فكرة الفردوس الموعود الذي بشر به إمامنا المحترم،وهنا تهت في فيض من الأسئلة عساني أجد تبريرات تشفني غليلي.
لقد قام الرسول صلى الله عليه و سلم بتبليغ رسالته و التي كان هدفها ديني و أخروي وكان الدنيوي في خدمة الديني بامتياز،لكن بعد وفاة نبينا (ص) و مرحلة الخلفاء الراشدين بدأ الصراع حول السلطة بمفهوم سياسي و بركماتي، و هكذا أضحى الجانب الديني أو -« السياسة الشرعية » بتعبير ابن خلدون في مقدمته- في خدمة السياسي وفي خدمة تركيز السلطة و الثروة.
هذا الإنقلاب في الأدوار بين مرحلة الرسالة التي كان الدنيوي في خدمة الأخروي ،و ما بعد هذه المرحلة التي يتجسد فيها الأخروي في خدمة الدنيوي ، جعلت فئات من المجتمع تنفر هذه الوضعية , وزيادة على خوفها من بطش السلطة ابتدعت آليات جديدة لرسم المجتمع المنشود في مخيلتها، بعيدا عن الواقع المعاش مما خلق تنافرا بين الدولة العربية الإسلامية – بمفهومها الحضاري و التاريخي و ليس التيوقراطي- و ترسانة قوانينها و جزء من البشر الذي يروم مجتمعا لن تتوفر يوما الشروط لعودته مادام أن نبينا الكريم هو آخر المرسلين.و يعتبر التصوف من بين الوسائل التي يهجر فيها الفرد مجتمعه و ينشد مجتمعا آخر.و هكذا يصبح الفرد غير مساهم في تقدم دولته و في رصد أخطائها و تثمين إيجابياتها.
ومن بين الممارسات السيئة التي نرصدها في واقعنا اليومي أعطي بعض الأمثلة التي تجسد عدم اندماج الفرد فيما تقدم عليه الدولة من مبادرات:
1-
أقدمت الحكومة المغربية مؤخرا على إضافة ساعة في توقيتها مستهدفة الحد من هدر الطاقة،لكن الملاحظ أن 1
مجموعة من الناس ترفض هده المبادرة،و كثيرا ما تحاصرك ب »واش الساعة لقديمة و لا جديدة » رغم أن عقارب الساعة مبرمجة على توقيت وحيد.
2-يعتبر إصلاح « مدونة الأسرة » طفرة نوعية في تطور المجتمع المغربي الذي خلق بتوافق كل مكونات المجتمع المغربي،لكن يلاحظ عدم اقتناع بعض الناس تحت مسوغات متعددة تنقصها المقاربة العقلانية.وعوض أن تنتقد المدونة وتحدد نقائصها- وغالبا لا تجد أحدا قد اطلع عليها- تراهم يرفضونها جملة و تفصيلا.
3-تعتبر الزكاة ركنا من أركان الإسلام الخمسة، و قد فرضها الله من أجل المساهمة من الحد من الفقر ، ومساعدة المحتاجين و خلق نوع من التضامن الإجتماعي و الحد من الفوارق.وهكذا تجد مثلا شخصا صاحب شركة له مرجعية فكرية إسلامية يحرص على أداء الزكاة التي تقدر ب 2.5% من الثروة التي يمتلكها ، وتراه من جهة أخرى يرفض أداء الضريبة على الشركات التي تقدر ب 35% التي خلقتها الدولة للضخ في خزينتها من أجل خلق بنيات تحتية وتعليم و تغطية صحية…..الخ.
إن المساهمة في بناء مجتمع متطور لن يتم بالهروب و تخيل سيناريو طوباوي موجود سوى في مخيلة البعض،لكن التغيير يتم داخل نسق منظومة معينة بالنقد البناء و الهادف و داخل المجتمع من خلال تبني الشيء و تجاوزه و خلق قطيعة ابستمولوجية معه.لكن على الدولة أيضا أن تصيغ تعليما حداثيا و عصريا شاملا يستهدف جميع الفئات يتم من خلاله الإدماج الشامل،و حتى يكون مصدر التلقين واحدا، و حتى لا نجد أمامنا مصادر متعددة و متناقضة، و حتى لا نجد »كل واحد يلغى بلغاه ».
رشيد حمزاوي : كفايت
oujdacity.net
1 Comment
اعجبتنى كلمة للمفكر،د.مهدى بنعبود،رحمة الله عليه، »لان اسجن او اعتقل فى الوطن الذى ناضلت وجاهدت من اجل حريته واستقلاله خير لى من اعيش حرا طليقا فى بلاد الغربة »