الديمقراطية الغربية صناعة حربية في البلاد الإسلامية
الديمقراطية وهي حكم الشعب لنفسه بنفسه ـ يا حسرتاه ـ صناعة يتبجح بها الغرب عندما يخاطب العالم وتحديدا الشرق العربي والإسلامي. ولقد جيش الغرب الجيوش الجرارة برئاسة الولايات المتحدة لنقل صناعة الديمقراطية الغربية إلى بلاد أفغانستان التي جربت فيها الدكتاتورية السوفياتية من قبل ولم تفلح . وبعد الحيلولة دون رغبة الشعب الأفغاني في تقرير مصيره وحكمه لنفسه بنفسه خلاف ما تتبجح بذلك الديمقراطية الغربية عمد الغرب بقوة السلاح إلى تنظيم انتخابات في أفغانستان ليس لغرض حكم الأفغان أنفسهم بأنفسهم وإنما لغرض شرعنة نظام فرض على الشعب الأفغاني بقوة السلاح بعد الإطاحة بنظام من اختيار الشعب والذي خرج من رحم الشعب دون استعانة بغزو أجنبي. ومع قرب موعد تسويق الديمقراطية الغربية بقوة السلاح ، وبالرغم من زيادة القوات الغازية أضعافا مضاعفة اشتدت وتيرة المقاومة الشرسة التي يتميز بها الشعب الأفغاني ووصلت إلى مقر قيادة حلف الناتو ، وإلى باحة القصر الرئاسي للتعبير عن رفض الشعب الأفغاني لتسويق الديمقراطية الغربية فوق أرضه.
وبالرغم من محاولة الجيوش الغازية ركوب مطية منظمة الأمم المتحدة لشرعنة غزوها فإن صفقة الديمقراطية الغربية باتت خاسرة في أرض أفغانستان عند شعب يعرف كيف يحكم نفسه بنفسه دون دخيل أجنبي. وإن الطروحات الغربية المضللة تحاول أن توهم الرأي العام العالمي بوجود شعب يريد الغزو الغربي لبلاده ، ووجود إرهاب يهدد هذا الشعب ويحول دون رغبته في اختيار بضاعة الديمقراطية الغربية المعروضة بقوة السلاح. وواقع الحال أن الشعب الأفغاني يحتضن مقاومته ولولا احتضانه لها لما استطاعت أن تصل إلى قلب المنطقة المحصنة في قلب العاصمة كابول. والمحتل الغربي يعي جيدا أن الشعب الأفغاني قد اختار حريته قبل كل شيء ، وأن لعبة الديمقراطية الغربية من خلال انتخابات صورية ومحسومة سلفا وفق منطق الغزو لا تعني الشعب الأفغاني في شيء. كان بالإمكان أن تكون اللعبة مقبولة لو أن الغرب كانت عنده الشجاعة الكافية للسماح بمرشح طالبان لدخول اللعبة ، وضمان تصويت نزيه دون تدخل الترسانة الحربية الغربية. إن الديمقراطية التي تعني حكم الشعب نفسه بنفسه تقتضي ألا يحال دون رغبة هذا الشعب في اختياراته . أما أن يقرر الاحتلال مصيره فلا حاجة لصناديق ولا لانتخابات . وهل كانت الانتخابات والصناديق مرجع القوات المحتلة عندما فكرت في غزو أفغانستان ؟ فلو أن القوات المحتلة اكتفت بتنصيب الرئاسة العميلة لها دون مسرحية الانتخابات لهان الأمر، ولكن الغرب المريض بالغرور لا يخجل من تنظيم انتخابات باستعمال قوة السلاح لأن مسرحية الانتخابات في البلاد المحتلة هي تسويق إعلامي يروج بين شعوب دول الغرب لتبرير صرف ميزانية إدارة حرب خارج الحدود. وعلينا أن نتصور درجة وعي شعوب الدول الغربية التي تصدق أن استقلال أفغانستان وحكم الشعب الأفغاني لنفسه بنفسه هو تهديد لأمنها القومي . إن هذا المنطق لو تم ترويجه في المجتمعات الحيوانية لرفضته عقولها البهيمية.
دولة فقيرة لا زالت مناطقها معزولة عن بعضها بسبب انعدام الشبكات الطرقية تهدد أمن بلدان تغزو الفضاء، إنه منطق حكاية الحيوانات المرضى بالطاعون حيث تصير جريمة الحمار الذي قضم قضمة من حشيش دير مهجور سببا في حلول لعنة الطاعون بالسباع الضارية التي سفكت الدماء. هذا هو منطق الغرب وهو منطق لا يتجاوز منطق الحيوان ولا يختلف عنه. ولا أظن أن ثقافة الغرب تعرف حكاية الحيوانات المرضى بالطاعون إذ لو كانت الشعوب الغربية تعرفها لرفضت منطق ساستها في أفغانستان ، وإذا كانت تعرفها فهي تجهل الاستفادة منها. ولعل الذي أجرى الحكايات على ألسنة الحيوانات من أجل معالجة الأمور البشرية يريد أن يقنع البشر بالنأي عن مستوى الحيوانات حينما يجعلها تستهجن ما لا يستهجنه البشر عمدا. ستجري الانتخابات في أفغانستان باستعراض العضلات الغربية في مناطق حشودها العسكرية ، ولن تصل صناديق الاقتراع أصلا إلى مناطق نفوذ المقاومة الأفغانية ، ولن يخجل الغرب من إعلان النتيجة التي حددها سلفا وبتبجح وتعتيم إعلامي على الحقائق فوق الأرض الأفغانية ولكن المؤكد أن المقاومة ستستمر ، وسيأتي يوم يضطر الغرب للرحيل كما رحل من قبل من مستعمراته السابقة مذموما مخذولا وقد بارت بضاعة ديمقراطيته السرابية المسوقة بقوة السلاح.
Aucun commentaire