Home»Régional»جرادة : الوضع الصحي على الواجهة .

جرادة : الوضع الصحي على الواجهة .

0
Shares
PinterestGoogle+

تعد الصحة حق من حقوق المواطنة وهي مسؤولية مركزية لدى الجهات المعنية ، فلا يمكن الحديث عن عدالة اجتماعية ما لم يكن بإمكان المواطنين بمختلف شرائحهم الاستفادة من الخدمات الطبية الضرورة ، ولهذا تدعو الحاجة إلى تأهيل المنظومة الصحية وجعلها في خدمة التنمية الاجتماعية و تلبية احتياجات المواطنين وتوفر الحق في الولوج والاستفادة من الخدمات الاستشفائية في إطار سياسة القرب والتي لن يكون لها معنى ما لم تكن الخدمات حاضرة بالشكل الذي يراعي التوزيع العادل والمتوازن جغرافيا واجتماعيا لعناصر تلك الخدمات ويحقق تكافؤ الفرص على الصعيد الوطني وعلى الصعيد الجهوي آخذا في الحسبان الكثافة البشرية والنمو لكل منطقة . لهذا فكل اختلال سيضع المنظومة الصحية موضع سؤال وسيمس الحق في الصحة عندما يتقدم مرضى لهذه المؤسسات الاستشفائية – وهم أحيانا في حالة الخطر – ولا يجدون الخدمة متوفرة مما يعد خرقا للمواثيق الوطنية والدولية والتزامات المغرب العضو في منظمة الصحة العالمية ، علما أن الصحة على المستوى العالمي و من بينها المغرب توجد أمام تحديات جديدة كانفلونزا الخنازير والحوادث وصحة المرأة والطفل …

ونعتقد أن مستشفى إقليمي على راس الوحدات الاستشفائية يفترض فيه أن يلبي حاجيات المواطنين للعلاجات الضرورية وفي مقدمتها المرأة والطفل اللذان تضعهما الوزارة من بين أولوياتها .
المستشفى الإقليمي بجرادة الذي دشنه صاحب الجلالة الملك محمد السادس ليكون دعامة حقيقية للإقليم صحيا واجتماعيا وليساهم في تقريب الخدمات الصحية من سكان الإقليم ويساعد على تخفيض الضغط عن المركز ألاستشفائي الجهوي – الفارابي – بوجدة ، وقد تم إعداد المستشفى لضمان حاجات أزيد من 105 ألف نسمة – حسب وزارة الصحة – من السكان الموزعين على 11 جماعة قروية و3 جماعات حضرية من بينهم 38 ألف من النساء في سن الإنجاب و1960 طفلا دون السن الأولى ، وبطاقم طبي مكون من 19 طبيبا من بينهم 7 اختصاصيين و 59 ممرضا و9 اطر إدارية .

لقد بدأ المستشفى بداية متعثرة نتيجة العديد من الاكراهات كعدم توفر الماء والواد الحار والخصاص في الحاجيات … والتي قيل عنها الكثير سواء كمطلب نقابي متعلق بالشغيلة الصحية وكمطلب شعبي لتحسين الخدمات ورغم وعد المسؤول الجهوي لا تزال بعض هذه الأعطاب حاضرة إلا أن ما لا يمكن فهمه أن يضطر المستشفى إلى تسول الأكسجين من بعض الجهات بالإقليم فقد ظلت سيارة الإسعاف بدون أكسجين أكثر من ثلاثة اشهر وهو مادة حيوية بمدينة أهلها يعانون من الاختناق الذي يتسبب فيه مرض السيلكوز الذي يؤدي الى تدميرتدريجي لرئتين فيضطر هؤلاء المرضى إلى الانتقال استعجالا للاستفادة من الأكسجين بمستشفى ابن رشد الذي كان يتوفر على جميع اللوازم المتعلقة بهذا المرض المهني المنتشر بالمدينة ( انظر المرقفات ) والخصاص المهول بالنسبة للدم الضروري في بعض العمليات الجراحية ولا زال لم يتجاوز مشكلة التزود بالماء بصفة نهائية … علما أن المستشفى يتوفر على مداخيل يومية من خلال الخدمات الاستشفائية المؤدى عنها من طرف المواطنين ، والتي أصبحت تخضع لمنطق تجاري ينضاف إلى نفقات التنقل دون مراعاة الظروق الاجتماعية المحلية رغم تسويق خطاب التغطية الصحية حيث يطبق المنشور المشترك لوزارة المالية والصحة في فرض تسعيرات على اغلب الخدمات الصحية التي تندرج في إطار تحقيق ما يسمى بالتسيير الذاتي للمؤسسات الصحية ( SEGMA ) الأمر الذي ينفي التحجج بعدم توفر الحاجيات والإمكانات .

أخيرا طفى على السطح مشكل الموارد البشرية ، فالمستشفى الذي كان يتوفر على 3 أطباء اختصاص نساء مما ساهم في فك الارتباط بالمستشفى الجهوي بوجدة ، وكان المنتظر أن يتم تجاوز النقص في التخصصات الأخرى بدأ يظهر عجزا في تقديم الخدمات . حيث يتعرض المستشفى للإفراغ من الموارد البشرية الأساسية حيث لم يعد يتوفر إلا على طبيب واحد خاص بالنساء لا يمكن أن يؤدي عمله بطريقة طبيعية بعد السماح بانتقال الطبيب الخاص بالتخدير والإنعاش نظرا للتكامل بين جميع التخصصات ، إضافة إلى انتقال طبيب نساء للعمل بإحدى المصحات بوجدة وتوقف آخر عن العمل !!! مما ساهم في عدم انتظامية الخدمات المقدمة للمواطنين حيث أصبحت العمليات التي كانت تجرى محليا تصدر إلى المستشفى الجهوي مما أصبح يخلق مشاكل للمواطنين وللمرضى في حالات استعجالية ، هذه الاختلالات التدبيرية أدت إلى ارتفاع أصوات المواطنين الغاضبين والمحتجين إعلاميا وعبر الجمعيات الحقوقية … وهي ردود أفعال موضوعية تحمل القائمين على تدبير الشأن الصحي المحلي ما يعرض المواطنين للخطر لغياب توفر الخدمة والرمي بهم إلى مواجهة المشاكل بالمستشفى الجهوي بوجدة الذي يعترض عن القيام بالخدمات المفترض تواجدها محليا . ونتساءل كيف يمكن السماح بانتقال طبيب مختص دون إيجاد البديل له ؟ وكيف لا تتم مراعاة تكامل الوظائف داخل المستشفى؟ ومن الذي يملك حق نقل طبيب أو الترخيص له للعمل في جهة أخرى بالقطاع الخاص دون مراعاة حاجيات المستشفى الذي سيصاب لا محالة بالشلل اذا استمر في نفس التوجه ، واشكالية ازدواجية المهام بين القطاع الخاص والعام التي تؤدي إلى وضع الخدمة بالمستشفيات العمومية في مرتبة ثانوية لا تؤدى بالشكل المطلوب بانضباط وانتظام ومسؤولية وتساهل الإدارة مع هذا الوضع وعدم اعتبار احتجاجات المواطنين كل هذا يدعو إلى التساؤل .
وحملت عرائض السكان الإشارة إلى الضعف في ما يخص الاهتمام بصحة الطفل فالحصة المخصصة للطفل دون المستوى وتضطر الأمهات – وفق مواعيد مرخصة من المستوصفات – إلى انتظار لمدة طويلة الطبيبة المختصة التي تأتي من وجدة بعد معاينة حالات الأطفال المواليد بالمصحات الخصوصية التي تأخذ منها وقتا طويلا إضافة إلى المسافة التي تفصل وجدة عن جرادة فقد تصل ما بعد الساعة 11، وغير ما مرة يعود الأمهات بأطفالهن دون عرضهم على الطبيب المختص ، فتعمل الإدارة على تصريف المحتجين باعدا ر واهية .

قد فتحت عرائض مطلبية واحتجاجية بحاسي بلال – 800 توقيع تحمل مجموعة من المطالب تتعلق بتحسين الخدمات و المعاملة وتوفير المداومة و سيارة إسعاف تكون رهن الحالات الاستعجالية ليلا نظرا لغياب وسائل النقل الى المستشفى الموجود بتراب جماعة لعوينات . والاحتجاجات الأخيرة لجمعيات مرضى السيليكوز وباقي منظمات المجتمع المدني الجمعوية والحقوقية … وعن طريق رسائل مباشرة إلى الوزارة الوصية وأحزاب سياسية . حيث يعترض مرضى السيليكوزوباقي منظمات المجتمع المدني على إغلاق مستشفى ابن رشد .
هذا المستشفى الذي يعتبر من أهم المطالب الأساسية للعمال قبل إنجاز اتفاقية إغلاق منجم جرادة والتي تنص على ان يستمر مستشفى ابن رشد رهن إشارة مرضى السيلكوز ، حيث ظل يؤدي وظيفته منذ الإغلاق بصفة طبيعية نظرا للإمكانيات التي خصصت له ، فبل محاولة الالتفاف على وظيفته بتهريب بعض المرضى إلى المستشفى الإقليمي ، والحال أن مستشفى ابن رشد من أهم المكاسب التي حرص العمال على توفيرها للتخفيف من معاناة المرض المهني الخطير والقاتل ، وظلوا يتشبثون به هم وأبناؤهم الذين لم يجدوا من منفذ اقتصادي سوى اللجوء إلى آبار الموت لاستخرج الفحم بطرق بدائية إن لم تنتهي بالاختناق أو الموت ردما تحت الأرض فان النهاية ستكون مرض السيليكوز حتما فالأمر لم يعد يقتصر على الشباب فقط بل تهديد السيليكوز انتقل إلى النساء والأطفال الذين يعملون في ظروف مهينة للكرامة البشرية إذ يوظفون في تصفية وتنقية الفحم ب 40 درهما لليوم في غياب كامل لشروط الوقاية وسط غبار السيليس الذي يغطي كل فضاء العمل ويتم استهلاكه لساعات طويلة.

ويعتبر حقوقيون وفاعلون جمعويون وأطراف سياسية بالمدينة أن الإجهاز على مستشفى ابن رشد يعتبر أمرا خطيرا وتعسفيا سيعري عن المسكوت عنه في هذه المدينة المنكوبة التي تختزل مآسي وآلاما ستكشف عنها الأيام والسنين المقبلة .
فهل تعلم وزارة الصحة أن جزءا من ساكنة إقليم جرادة يبحثون عن الحصول على سيارة الإسعاف من خارج الحدود يسولونها من وراء البحر عن طريق جمعياتهم التنموية ، أليس في هذا إهانه لهذا البلد العزيز ؟
وهل تعلم وزارة الصحة أن نساء في حالة مخاض لم يستقبلن بمؤسسات استشفائية بدعوى عدم توفر اختصاصي ، أليس في هذا ضياع لحق المواطنة وإهانة لحقوق المرأة ؟
وهل تعلم أن أطفالا رضعا وصبيان ينتظرون ساعات طويلة الطبيب الاختصاصي الذي يأتي ولن يأتي ، أليس في هذا ظلم لأطفال أبرياء هم أولى بالرعاية والاهتمام ؟
وهل تعلم أن صدور مرضى السيليكوز تتقطع في غياب جرعات الأوكسجين المفقود أحيانا كثيرة اليس في هذا تنكر لإتفاقية الاغلاق ؟
هل تعلم وزارة الصحة أن ساكنة جرادة تعاني الألم ويتهددها شبح الموت ، تشعر بالمرارة والاحتقان ، أليس في هذا تهميش لهذا الإقليم .
وفي انتظار أن يتحسن الوضع ويرفع التهميش ويتوقف الألم ويبتعد تهديد شبح الموت ستبقى كل هذه الأسئلة مطروحة …….
م . ب
فاعل جمعوي وحقوقي
جرادة

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *