Home»International»ثقافة المقاومة في تجارب الشعوب

ثقافة المقاومة في تجارب الشعوب

1
Shares
PinterestGoogle+

المؤتمر السنوي الأول للمؤسسات والمراكز الثقافية
نحو تعزيز ثقافة المقاومة
ثقافة المقاومة في تجارب الشعوب
يوسف حجازي

قال الكاتب والممثل والمخرج المسرحي البريطاني هارولد بنتر في مناسبة إطلاق ديوان شعره الذي يتضمن قصائده التي نظمها تعبيرا عن معارضته للحرب على العراق ، ان الولايات المتحدة الأمريكية دولة نازية أكثر نازية من المانيا ، لأن المانيا كانت تريد السيطرة على أوربا ولكن الولايات المتحدة الأمريكية تريد السيطرة على العالم ، كما انه وصف جورج بوش الابن بالمجرم الجماعي وتوني بلير بالأحمق ، وقال عن صموئيل بيكيت أنا لا أريد من صموئيل بيكيت فلسفات ولا دوغمات ولا عقائد ولا مخارج ولا حقائق ولا إجابات ، ولكن يكفيني انه الكاتب الأكثر شجاعة وانه وكلما سحق انفي في البراز أكثر ازداد امتناني أكثر وأكثر ، وهذه حقيقة والحقيقة لا تنفصل عن القيمة والقيمة لا تترسخ في نفس الإنسان إلا بالحرية ، ومن يؤمن بالحقيقة والقيمة المعرفية والحرية يملك الطريق الى تحقيق الإنسان لأن الإنسان إرادة وعي وتطلع الى الحرية ، ولا مساومة في الحقيقة لأن المساومة في الحقيقة خيانة ، ولا مساومة في القيمة المعنوية لأن المساومة في القيمة المعنوية خيانة ، ولا مساومة في الحرية لأن المساومة في الحرية خيانة ، ومن لا يؤمن بالحقيقة والقيمة المعنوية والحرية يملك الطريق الى تحقيق الحاكم الذي يصدر الفتاوى التي تجيز للمهزومين حتى ان يحتفلوا بهزائمهم وتجيز للجائعين حتى ان يأكلوا برازهم ، وهذه حقيقة والتاريخ هو العلم الذي يدرس الحقائق ، والحقائق دائما حية ،

ولذلك ليس هناك تاريخ قديم وتاريخ وسيط وتاريخ حديث وتاريخ معاصر ، لأن التاريخ في الخبرة الإنسانية كله معاصر ، نعيشه ونتمثله ونعتبر به ، وكثيرا ما تكتسب رؤيتنا وأفعالنا وخياراتنا معناها من التاريخ ، لأن التاريخ لسان حال الجغرافية وظل الإنسان على الأرض ، وهكذا تكون علاقتنا بالتاريخ ليست علاقة أسطورة ( تايخسطورة ) وليست علاقة ماضوية فردوسية ، وليست علاقة حنينيه ( نوستالجيا – أي حنين الى شيء مجهول يتملك الإنسان بدون سبب واضح ) وليس علاقة حاجة نستدعيها وفق الحاجة ، وليس علاقة ثوبا نفصله على قياس الحاكم ، ولكنها علاقة تفاعلية مستمرة ، فالإنسان هو الكائن الوحيد الذي يتطلع الى السماء متجاوزا عالم المادة لاستكشاف قصة الكون الكبرى ، والإنسان ليس مجرد حالة طبيعية بيولوجية لأنه مستخلف من الله متجاوزا للطبيعة ، والإنسان ليس الها لأنه حادث زمني له بداية ونهاية ، والإنسان ليس مطلق على الأرض كما قال الراحل على عزت بيغوفتش الرئيس المؤسس لجمهورية البوسنة والهرسك ، ولذلك لا يمكن للإنسان ان يعيش بدون تاريخ أو هوية ومن يحاول تجاهل أو تنحية التاريخ يريد في الحقيقة تجاوز تاريخ الامة المحدد لهويتها باتجاه التماهي في تاريخ الآخر تكريسا للتبعية والاستلاب والانسلاخ ، ويرى هيغل ان الفكرة الموجهة لمضمون فلسفة التاريخ هي ان التاريخ العام هو التقدم في وعي الحرية ، ويرى المفكر طارق البشري ان القرنين الماضيين كانا قرنا الاستعمار ومكافحته ، ولذلك كانت البوصلة واضحة وتتجه الى المهام الرئيسية للشعوب وهي المحافظة على الذات والهوية والتصدي للاختراق وتحقيق الاستقلال ، وبعد انحسار الاستعمار الأوربي التقليدي بدأت مرحلة الاستعمار الجديد في صورة اختراق للمؤسسات وفي صورة الاحتكارات والاستثمارات والأحلاف والقواعد العسكرية والقروض والمساعدات والشركات العابرة للقارات ، وقد ترافق ذلك مع محاولة الاستعمار اختراق الضمير أو الوعي وهي المنطقة الحرجة من الأمة ،

وقد تمكن من استمالة حلفاء من بين النخب ، ولكن هذه الشريحة لم تتسع يوما لتصبح أغلبية وتكسر إرادة الشعوب والأوطان ، فقد تتعرض صورة الأولويات أحيانا الى الاختلال والاضطراب ولكنها غير قابلة للانقلاب ، ولكن وفي سياق هذه الحركة الاستعمارية تتوافق مقولة المؤرخ البريطاني ارنولد توينبي حول التحدي والاستجابة ، فالأمم تستجيب بالمقاومة كلما ظهرت تحديات عدوانية أو استعمارية أو احتلال أو دكتاتورية أو فساد حتى وان كانت هذه الاستجابة ذات قدرات محدودة في المقاومة ، وغالبا ما تكون الاستجابة عبر مختلف الفئات الاجتماعية والتيارات السياسية والثقافية ، ويسجل التاريخ ان كل الحركات والأفكار التي اكتشفت مبكرا بوصلة الامة الحقيقية وحددت أولوياتها وفقا لذلك وسارت على نهجها ونمت وازدهرت واتسعت وتطورت أصبحت عنوانا للمرحلة ، وقد ظهر ذلك في أكثر من تجربة ، فقد استنهضت تحديات الاستعمار والإبادة والتطهير العرقي والاحتلال والاضطهاد والاستبداد والفقر والجوع والجهل والمرض والتخلف استجابة حيوية ترقى الى مستوى المأساة التي لحقت بالشعوب ، وقد تمثلت هذه التحديات في المقاومة وسواء كانت هذه المقاومة ضد العدو القومي أو العدو الوطني أو العدو الطبقي فهي إرادة وثقافة يجب ان يكتسبها ويتمتع بها كل فرد في المجتمع الذي يتعرض لمثل هذه التحديات والانتهاكات لحرماته وأرضه وعرضه وسيادته الشخصية والوطنية ، والمقاومة بحد ذاتها شعور عال بالتضحية من اجل الحقوق والمقدسات والمسؤولية والدفاع عن الكرامة الخاصة والعامة ، والمقاومة أشكال وأساليب ، فالكفاح المسلح الذي كان فيما مضى من أرقى أشكال المقاومة المشروعة دفاعا عن قضايا الشعوب المضطهدة ومدعوما من أوساط وتيارات محلية وإقليمية وعالمية واسعة بما فيها الأمم المتحدة حيث ينظر إليه كوسيلة عادلة يحق ممارستها ، صارت اليوم وبحكم تغير الظروف الدولية والإقليمية على كل المستويات وخاصة الأمم المتحدة التي تحولت الى دولة انكلو – سكسونية فوق كل الدول أسلوبا مرفوضا وينظر إليه بسلبية لا حدود لها نظرا للانتشار الواسع لمفاهيم نبذ العنف وتفضيل الخيار الديمقراطي والحوار كأسلوب يتوافق مع مقاسات هذه الأيام ، وقد رأينا اوباما يقول في خطابه في جامعة القاهرة والذي وجهه الى العالم الإسلامي يدعو الى ثقافة المقاومة المدنية وضرب لنا مثلا ونسي نفسه وشعبه بمقاومة السود في أميركا ، لكن اوباما الذي درس التاريخ لم يدرس فلسفة التاريخ ولذلك لم يفهم كيف يمكن ان تدفع الأحداث التاريخية أكثر الناس اعتدالا الى التطرف ، ولم يقول لنا كيف ولماذا تحولت الثورة الأمريكية من المقاومة المدنية الى الكفاح المسلح ، كما انه لم يقول لنا شيئا عن الحرب الأهلية الأمريكية – حرب تحرير العبيد التي كانت أكثر الحروب دموية وشراسة والتي كان من نتائجها اغتيال الرئيس أبراهام لنكولن ، وانا هنا أقول للسيد اوباما وهو لا شك يحب السينما إذا كنت تريد ان تعرف شيئا عن الحرب الأهلية الأمريكية فأنا أنصحك ان تشاهد فيلم ذهب مع الريح لفيفان لى وجريجوري بيك ، وأخيرا أقول للسيد اوباما امسك عنا إحسانك يا رب الغوث لأن تجربتنا مع أميركا مرة مرارة الحنظل ، والحنظل كلما زاد مائه زاد مراره ، وتجربتنا مع أميركا مرة وكلما زادت التجارب مع أميركا زادت مرارة هذه التجارب ، أما فيما يتعلق بنجاح المقاومة المدنية في الهند فقد نجحت لأن الهند لها خصوصيتها الخاصة الجغرافية والتضاريسية والديمغرافية ، ولذلك عندما اعتمد المهاتما غاندي ثقافة الاحمسا أو اللاعنف أو الحب في اسمي صوره كان يعرف أنه لا يمكن لبضع عشرات من الألوف من القوات البريطانية ان تسيطر على مساحة أكثر من ثلاثة ملايين كيلومتر مربع وحدود يبلغ طولها 15168 كم وسلسلة جبال هي الأكبر في العالم ويبلغ طولها 2400 كم ، وغاندي نفسه ثروة قومية معنوية لأنه كان يملك منسوب وعي كامل في مفهوم الحرية والثورة ، لكن تجربة جنوب أفريقيا تختلف عن التجربة الأمريكية لأنها بدأت بالكفاح المسلح ثم تطورت الى مقاومة مدنية ، ولكن ذلك جاء بعد التحول في سياسة النظام العنصري بعد فشله ومنذ أواسط السبعينات في تنفيذ الحل العنصري وإقامة مجالس بلدية للمدن السوداء التي تقع خارج البانتوستانات العشرة وتصاعد القمع ضد السود والزج بهم في البانتوستانات ، وقد عرضت الحكومة البيضاء على مانديلا إطلاق سراحه مقابل وقف المقاومة المسلحة ولكنه رفض ، ولذلك سعت الحكومة العنصرية الى طرح حلول سياسية في إقامة ثلاث برلمانات للبيض والملونين والسود ، والى تغيير النظام السياسي الجمهوري الأبيض الى نظام رئاسي بحيث يتم ربط شؤون السود بالرئيس ، وقد كان الهدف من ذلك هو الحيلولة دون تحالف السود والهنود والملونين ، وذلك بالإضافة الى إعطاء مسحة إنسانية للنظام بإلغاء عدد من القوانين الثانوية ، كقانون حظر الزواج بين السود والبيض ، وتخفيف قوانين المرور ، ومراجعة السياسة العنصرية ، واستقالة بوتا من الحزب والحكومة في عام 1989 ، وتسليم دوكليرك الذي بدأ في تغيير دفة السياسة البيضاء والإفراج عن مانديلا وإلغاء 30 قرار عنصري وإصدار عفو عن أعضاء المؤتمر الوطني الأفريقي ، لكن يجب ان لا ننسى ان ذلك كان قد تزامن مع ما حدث من تحولات في السياسة الدولية والنظام العالمي ، وانتهاء سياسة الحرب الباردة ، وقد جاء ذلك أيضا بعد سلسلة من الاجتماعات السرية بين الحزب الوطني الأبيض وحزب المؤتمر الوطني الأفريقي مقابل إعلان المؤتمر الوطني الإفريقي ر

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *