Home»National»جريدة التجديد : 22 -02- 2005 هل تقبل الجزائر على فتح الحدود مع المغرب

جريدة التجديد : 22 -02- 2005 هل تقبل الجزائر على فتح الحدود مع المغرب

0
Shares
PinterestGoogle+

أية أبعاد وراء خطوة المغرب في اتجاه الجزائر ؟ وهل تكشف عن تحول استراتيجي في الموقف المغربي؟ وماذا يعني احتضان المغرب لاجتماع وزراء خارجية الاتحاد المغاربي؟ وما هي العوامل التي أسهمت في تأسيس المناخ الجديد من العلاقات؟ وما احتمالات استمرار وتطور هذا التوجه؟ وهل استفاد البلدان من دروس التوتر والجمود التي شهدتها العلاقات في الأشهر الماضية؟ وبما يحول دون تكرار الإخفاقات التي رافقتها؟

تلك جزء من الأسئلة التي ترددت بعد تطورات الأسبوع الماضي، من انعقاد مجلس وزراء خارجية الاتحاد المغاربي يوم الخميس الماضي، والإعلان عن مشاركة الملك محمد السادس في القمة العربية المقررة ليومي 22 و23 مارس القادم، واستقبال عضو الديوان الملكي رشدي الشرايبي في نفس اليوم من قبل الرئيس بوتفليقة، وتسليمه رسالة ملكية حول الوضع العربي والقمة العربية المقبلة، ثم ما يتردد عن زيارة للوزير الأول ادريس جطو للجزائر في الأسابيع القادمة، كل ذلك أكد تبلور توجه مغربي لبدء صفحة جديدة في العلاقات المغربية-الجزائرية، والاستجابة للإشارات القادمة من الجزائر منذ يناير الماضي والتي اعتبرت عنوانا عن رغبة جزائرية في علاقات إيجابية مع المغرب، فهل يكون الرد الجزائري في مستوى هذا التوجه ويكون فتح الحدود العنوان الأبرز له؟

رهان إنجاح القمة العربية

لا يمكن نفي عنصر المفاجأة عن التطورات المشار إليها، رغم أن المحيط الإقليمي والدولي للمغرب عرف متغيرات عدة، تجعل من التوجه لإنهاء التوتر الكامن في العلاقات المغربية-الجزائرية مطلبا مستعجلا وملحا، ومن هذه المتغيرات التي جرى التركيز عليها لتفسير ما سبق، هو ربط ذلك بالرغبة الجزائرية لإنجاح القمة العربية تخدم سعيها لتعزيز دورها في الساحة العربية، وخاصة في الظرفية الحرجة التي تمر بها المنطقة بعد اغتيال رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق رفيق الحريري والتوجه الأمريكي لتصعيد الموقف ضد سوريا، وقبله انعقاد قمة شرم الشيخ واستحقاقات التسوية والتطبيع المترتبة عنها، دون إغفال الواقع الناشئ بعد الانتخابات العراقية، ولهذا اتسم الموقف السياسي الجزائري الرسمي إزاء المغرب منذ حوالي الشهر بنبرة إيجابية مختلفة كلية عن الخطاب، الذي ساد من غشت إلى أكتوبر الماضي، واتسم بسلبية مفرطة ضدا على توجه المغرب لإلغاء التأشيرة عن المواطنين الجزائريين وفي الوقت نفسه تصعيد الموقف إزاء المبعوث الأممي الجديد ألفارو دوسوتو ورفض أي تغيير لخطة بيكر للتسوية.

في هذا السياق يمكن أن نلحظ توجها جزائريا مماثلا تجاه موريتانيا والتي أعلنت هي الأخرى حضور رئيسها للقمة العربية، مع العلم أن الفترة السابقة عرفت توترا في العلاقات الجزائرية الموريتانية.

ثمة رأي يعتبر أنه من التجني اختزال المسعى الجزائري في مجرد هدف إنجاح قمة عربية، قد تكون عابرة وتخلف معها ضربة لمصداقية الموقف الجزائري، ويستدل على ذلك بأن تصريحات وزير خارجية الجزائر عبدالعزيز بلخادم ذهبت بعيدا في التفاؤل بمرحلة جديدة في العلاقات المغربية الجزائرية، وهو تفاؤل يتجاوز بكثير لغة المجاملات الديبلوماسية، ومن ذلك قوله بعد اختتام أشغال مجلس وزراء خارجية الاتحاد المغاربي، حيث أعلن  »نحن الآن نعمل على بناء جسور الثقة بين البلدين  »، ومؤكدا أن  »هناك سعيا جماعيا لإزالة العقبات في طريق التوافق الجزائري المغربي »، ووجود أمل في  »تعبيد الطريق من أجل عودة العلاقات إلى سابق عهدها »، ويضاف لذلك نجاح اجتماع مجلس وزراء خارجية الاتحاد المغاربي، وتعبير المغرب عن استعداده للانخراط في مسلسل تطوير الاتحاد المغاربي، فذلك لوحده معطى يرجح الثقة في التطورات الجارية.

موقف إسباني وأمريكي

إلا أن ما سبق لا يكفي لتفسير موقفي البلدين وسعيهما نحو تسريع مسلسل التقارب، حيث ينبغي الانتباه لأمرين، الأول يتمثل في تأكيد التحول الإيجابي في العلاقات المغربية-الإسبانية والذي توج بزيارة الملك الإسباني للمغرب في 17-19 يناير الماضي وذلك بمشاركة خمسة من وزراء الحكومة الإسبانية (الخارجية، الصناعة، الثقافة، التعليم، التنمية)، برغم المحاولات التي استهدفت إفشال هذا التحول، مما حتم على الجزائر التعامل مع هذا المعطى في تدبير علاقاتها مع المغرب، خاصة وأن إسبانيا أخذت تحتل موقعا محوريا في السياسة الأوربية نحو المنطقة المغاربية، بما جعل من مبادرتها في التدخل لدفع عملية تسوية نزاع الصحراء المغربية يحمل في جوهره طابع المبادرة الأوربية، ورغم ما قيل عن تراجع إسباني، فإن وزير خارجية إسبانيا ميغيل موراتينوس في زيارته للجزائر بداية يناير الماضي قدمت دليلا على استمرار إسبانيا في تدقيق مشروعها والتمهيد له واستيعاب الموقف الجزائري ضمنه.

الأمر الثاني والمؤثر هو الآخر، برز في الموقف الأمريكي والذي عبر عنه سفير الولايات المتحدة بالجزائر ريتشارد إيردمان في حواره مع يومية لا ليبيرتي والصادر في عدد 25 يناير 2005 حيث عبر الاعتقاد الأمريكي في أن  »علاقات حسنة بين المغرب والجزائر ستساهم في مناخ جهوي أكثر ملائمة لحل النزاع »، مع تعبير السفير في نفس الحوار عن الموقف الامريكي الداعم لأطروحة الحل السياسي، لكن وفق مخطط بيكر، وهو جواب يحمل عناصر متعددة لفهم ما يجري حاليا، ومنه الحاجة لتفاهم مغربي جزائري لا يرتبط فقط بقضية الصحراء المغربية، بل يتجاوزها لخدمة التوجهات الأمريكية نحو شمال إفريقيا ككل، وهي توجهات متعددة الرهانات الاقتصادية والسياسية والأمنية والعسكرية، وبأهداف تشمل نشر قواعد عسكرية جديدة، ودمج أكبر في مشروع الشراكة الشرق الأوسطية، إلا أن النقطة الاساسية والتي ترددت بشكل مثير في الآونة الأخيرة، تمثلت في وجود مسعى أمريكي للضغط على القمة العربية القادمة بهدف استصدار قرار يهم موضوع الوجود السوري بلبنان كورقة أخيرة قبل اللجوء إلى الأمم المتحدة، مما يجعل من القمة العربية موضوع رهان أمريكي في إطار حملتها ضد سوريا، وهي قضية حرجة وذات حساسية كبيرة ستجعل من الغياب عن القمة العربية غياب عن محطة حاسمة في المنطقة قد تكون لها نتائج كبيرة على مستقبلها.

هدوء في قضية الصحراء المغربية

من العناصر الأخرى والتي لا يمكن إغفال تأثيرها، هناك الهدوء النسبي لقضية الصحراء المغربية، والتي مدد القرار رقم 1570 الأخير لمجلس الأمن ولاية بعثة المينورسو إلى غاية 30 أبريل القادم، والتي كشف التقرير الدوري الأخير للأمين العام كوفي عنان والمؤرخ في 27 يناير الماضي استمرار وضعية عدم التقدم في حل المأزق الحالي لعملية التسوية الأممية، وفي الوقت نفسه عدم تسجيل أية مبادرة جزائرية تجاه الأمم المتحدة حول تدبير الملف، وذلك بعد أن ردد البعض وجود نية لتقديم طلب جزائري رسمي بإعفاء المبعوث الأممي ألفارو دوسوتو، وعدم حصول هذا الطلب لا يمنع من افتراض تأجيله إلى غاية مناقشة الموضوع من جديد في أبريل المقبل.

ماذا بعد هذه الخطوة

هل سيعقب قرار المغرب بحضور القمة العربية بالجزائر بما يستتبعها من احتمال عقد قمة مغربية جزائرية حسم مشكلة إغلاق الحدود من قبل الجزائر، ومقابلة الموقف المغربي بإلغاء التأشيرة بإجراء مماثل، وصولا إلى عقد القمة المغاربية المؤجلة منذ 1995؟

سيكون من المغامرة الحسم لأحد من الإجابتين، فالمناخ الذي تشكل يعزز من احتمال فتح الحدود وعقد القمة المغاربية، لكن تحقق ذلك رهين بإكمال اللجنة الثنائية التقنية لعملها، وهي مسألة لم تنته بعد، لكن في المقابل قد تكون زيارة الوزير الأول ادريس جطو للجزائر في الأسابيع القادمة مناسبة لإنهاء الإجراءات التقنية بما يجعل من هذا الخيار أمرا واردا، خاصة وأن التوجه المغربي الإيجابي وقبوله الحضور في القمة بالجزائر واحتضان مجلس وزراء الاتحاد المغاربي يجعل الموقف الجزائري في وضع حرج حول كيفية الرد على هذا المواقف المغربية ومقابلتها بخطوة تنسجم وهذا المنحى الإيجابي، وأقلها الإقدام على فتح الحدود بين البلدين، في ظل ظروف دولية وإقليمية لم تعد تسمح باستمرار منطق الاستنزاف والاحتراب.

مصطفى الخلفي

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *