حوار مع يراعي المكسور
ثارت ثائرتي ـ والثورة ديني و ديدني ـ لما رأيت بنات أفكاري تزف إلى عرس لا يعرفون لهن قدرا ، ولا يرقبون فيهن إلا ولا ذمة فصببت جام غضبي على يراعي وكسرته ، فحاورني قائلا : على رسلك يا سيدي ما أنا إلا عبد عبيدك ، فقلت: وما ذاك؟ قال : ألست أسير سبابة وإبهام ووسطى تقيد رعشاتي ؟ قلت : بلى ، قال: أو ليسوا خدام راحتك الباطشة بهم تصول وتجول ؟ قلت : بلى ، قال : أو ليسوا عبيد دماغك الشيخ الوقور بشيبه القابع في حصن جمجمتك الحصين ؟ قلت : بلى ، قال : أوليس هو عبد جنانك المحصن بقضبان تراقيك وهو ولي نعمته يضخ له نعمانا به يحيى ؟ قلت : بلى ، قال : أولست يا سيدي عبد جنانك المطيع الساجد في محرابه ؟ ترددت قبل أن أجيب ، ولم أجد بد من قول : بلى ، فقال فلماذا إذن تصب علي جام غضبك وتقصم فقار ظهري ؟ وأنت تعلم أني مجرد مركب تركبه عرائس أفكارك ، فإن كان فيهن عيب فمن حلي هوى جنانك ولي أمرك وسلطانك ، وإن طاردهن البوار فمن أهواء عبيد أفئدة غيرك ممن تزف لهم. فرجعت إلى نفسي ، ونكست على رأسي وعلمت أن يراعي بريء براءة الذي برأ من دم يوسف الصديق ، وقلت أف لبنات أفكار أزفهن أسيرات لعبيد أهواء تسكن أفئدة غيري زفاف ذل وهوان ، وهن المصونات في جنان خلف قضبان التراقي ، وفي حصن حصين بجمجمتي . واعتذرت ليراعي المكسور، وقررت ألا تركب هوادجه بعد اليوم عرائس أفكاري ، وألا أزفهن ولو بمهور تعدل ما في تابوت سليمان ببقية مما ترك آل موسى وهارون تحمله الملائكة.
Aucun commentaire