نزع الملكية بالمغرب
لقد نص الدستور المغربي على أن حق الملكية مضمون، للقانون أن يحد من مداه
و استعماله إذا دعت ضرورة النمو الاقتصادي و الاجتماعي المخطط للبلاد .
و إذا كانت دساتير المملكة المغربية من أول دستور سنة1962 إلى آخرها المعدل سنة 1996 قد اختلفت حول مدى تقييد حق الملكية انطلاقا من طبيعة النظام الاقتصادي و الاجتماعي و السياسي السائد،إلا أن الجوهر هو كون مبدأ التقييد وارد .
هذا التقييد اوجد له المشرع المغربي كيانا قانونيا يتجلى في ظهير 3 ابريل 1951 في نسخته الأصلية،ومن بعده قانون رقم 7.81 الصادر بتنفيذه الظهير المؤرخ في 6 ماي 1982 و كلاهما وجدا لتنظيم ما سمي بنزع الملكية الخاصة من اجل المنفعة العامة .
و الإشكالية التي تطرح هي ما مدى مخالفة هذين النصين للدستور؟مع العلم أن المغرب يعمل بمبدأ سمو الدستور عن أي قاعدة أو نص قانوني.
و حتى يفسر المشرع المغربي هذا الإشكال، فقد ترك ثغرة في النص الدستوري لينفذ منها حين قال:’’… للقانون أن يحد من مداه و استعماله إذا دعت ضرورة النمو الاقتصادي و الاجتماعي المخطط للبلاد’‘.
هذه الضرورة المشار إليها في الدستور تسمى بالمنفعة العامة وهي مرادفة لكل عمل يهدف إلى تحقيق غرض يستفيد منه المجتمع أو شريحة من شرائحه،بكيفية مباشرة مثل نزع ملكية أراضي لتشييد مشاريع و اوراش كبرى،كما حصل بالنسبة لتشييد ميناء طنجة المتوسط بالنظر لموقعه المتميز و كذلك للعائدات التي يقدمها هذا الاستثمار الضخم للاقتصاد المغربي.
غير أن مفهوم المنفعة العامة من الصعب تحديده لكونه ليس مفهوما ثابتا، مما يجعل تحديده راجعا للسلطات العمومية و لسلطتها التقديرية.
و لعل من حسنات نزع الملكية الخاصة من اجل المنفعة العامة انه تم ربط هذه الأخيرة بالتنمية الاقتصادية و الاجتماعية التي تعرفها شتى نواحي المملكة المغربية. أما من حيث سلبياتها، فهي أكثر من ايجابياتها حيث أن دراسة مشروع قانون نزع الملكية الجديد رقم 7.81 من قبل السلطة التشريعية اكتسى طابع الخطورة في المغرب لأنه نوقش في اقل من يوم واحد تقريبا و بالضبط يوم الاثنين 22 دجنبر 1980 ، بل و نوقشت إلى جانبه بعض الميزانيات الفرعية الخاصة ببعض الوزارات في ذات اليوم. فكيف لحق مقدس مثل حق الملكية أن يتم مناقشة كيفية سلبه إن صح التعبير في اقل من يوم؟
بالإضافة إلى ما سبق، فقد أدى الانحياز إلى جانب السلطة نازعة الملكية في بعض الأحيان إن لم نقل كلها إلى الخروج عن بعض المبادئ القانونية، بل أكثر من ذلك هناك بعض الفصول بها غموض واضح و مثير للانتباه.
أما إذا نظرنا إلى النص القانوني من حيث الصياغة، فهي صيغت بكيفية ركيكة
و هي بعيدة في بعض الأحيان كل البعد عن الأسلوب القانوني الصرف.
إن من طبيعة القواعد القانونية كونها مجردة و عامة، بحيث يجب على واضعيها
و مطبقيها أن يتجردوا من كل أهوائهم إذا ما أرادوا أن تقوم تلك القواعد بوظائفها على أحسن وجه و تساهم في تقدم المجتمع و ارتقائه.لهذا وجب تطبيق قانون نزع الملكية من اجل المنفعة العامة بعيدا عن تحقيق الأغراض الشخصية و المصالح الخاصة،علما انه يقنن امتيازا من امتيازات السلطة العامة و هو امتياز يجب أن يستخدم بالخصوص لتحقيق أغراض اجتماعية و اقتصادية تعود بالنفع على جميع شرائح المجتمع.
و تبقى إشكالية تحديد التعويض عصب هذه العملية كلها،علما أنها متروكة للسلطة التقديرية للإدارة نازعة الملكية، وهذا من أهم الأخطاء التي ارتكبها المشرع المغربي حيث أن عدم تقديم تعويض عادل للمنزوعة ملكيته سيزيد حرمانه من حقوقه الطبيعية و التي نص عليها القانون، إضافة إلى عرقلة الأهداف المتوخاة من نهج أسلوب نزع الملكية.
Aucun commentaire