ماذا يريدون من السودان؟
صحيح أن الأوضاع الإنسانة في إقليم دارفور متدهورة بشكل خطير , ويثير القلق , ومنظمات دولية غير حكومية حذرت من كارثة إنسانية وشيكة في الإقليم وكانت أخر هذه التحذيرات تلك التي أطلقتها منظمة العفو الدولية أخيرا.
إن الوضع المتشابك هناك والمعقد إلى درجة كبيرة يجعل بعض الحقائق غائبة علينا . يمكن أن نقول بان هناك تلاعبات للحكومة السودانية واستغلال الوضع من اجل السيطرة على الثروة والانفراد بالسلطة . ويمكن أن نقول بان المجموعات المسلحة هناك تريد اخذ حقوقها بالقوة على حساب الشعب وتضعه رهينة وورقة تحرج به الحكومة السودانية من جهة أخرى .
ويبقى المواطن هناك هو المتضرر الأول والأخير من كل هذه التلاعبات التي بالأساس هي صراع على السلطة والثروة وتصفيات الحسابات العرقية والقبلية .
لا يمكن أن نفهم الصراع في السودان إن لم نكن نلم بحيثيات النزاع . وربما طمر القضية السودانية وإهمالها هو السبب الرئيسي الذي جعل عدد كبير من الناس يجهلون بالوضع في السودان . وبما أننا لا نعرف الكثير ولا نلم بذلك سنحاول أن نشرح الغاية من التدخل الأجنبي الذي تبدوا سياسته واضحة . لقد حبك قرار جديد في مجلس الأمن تحت رقم 1706 منذ أيام يفوض الأمر في إقليم دارفور إلى قوة دولية تحول محل قوة الاتحاد الإفريقي التي انتشرت بعد توقيع اتفاق السلام ويجدر الذكر بان القرار صيغ أمريكيا وبريطانيا .
الكثيرون يتساءلون على هذا النقل المفاجئ لبؤرة الصراع المشرقية ورغبة بعض القوى في انتقالها إلى السودان .
أي أهداف لهذه القوى الغربية من استهداف السودان وخاصة في هذه الفترة بالذات ؟
هناك عدة سيناريوهات تحاول أن تفسر هذا التغيير .
الأول: يقول بان أمريكا بالخصوص تعاني كثيرا في العراق وتحاول إشغال الرأي العام بجزئيات لتغيبه عن الصراع الحقيقي في العراق . خاصة وان حربا أهلية وشيكة قد تندلع في أي لحظة وان لم نقل قد بدأت . ما يعني استمرارية للفشل الأمريكي وقوات التحالف في إدارة الأمن وبسط السيطرة .
الثاني : إن التحسن الذي عرفه السودان خاصة من الجهة الاقتصادية وزيادة إنتاج البترول أصبح هدفا أمريكيا سهلا في نظر الكثيرين فهو الذي أنهكته الحروب الأهلية والحروب البينية حول الصراع على الثروة والسلطة . وبذلك فالولايات المتحدة لا ترى خير في توقيع اتفاق سلام وان كانت تتظاهر بتأييدها لذلك .
إذا ما تمّ إرسال قوة دولية إلى السودان سنرى مواجهات خطيرة في الإقليم ستصعّب الوضع الإنسان هناك أكثر مما هو عليه وسوف يعود السودان إلى نقطة الصفر من جديد .
شخصيا استغرب من هذا التدخل فان كانت الحكومة السودانية قد وافقت على قوة الاتحاد الإفريقي لتنتشر في الإقليم , فلماذا يحبك قرار كهذا بدعوى فشل القوة الإفريقية بإدارة الأمور هناك؟ صحيح أن قوة الاتحاد الإفريقي تعاني من نقص التجهيزات والإمكانيات بصفة عامة . ولكن هذا ليس حلا فالحل يكمن في دعم قوات الاتحاد الإفريقي لتواجه الوضع هناك وتمتيعها بقدرات إضافية معززة ..ثم اختم بسؤال .أين دور الجامعة العربية في هذا الأمر ؟
Aucun commentaire