إنهم يريدون اقتسام كعكة اليتيم
لقد علمنا أن وزارة التربية الوطنية جمعت مدراء الأكاديميات ونوابها في مختلف النيابات قصد التهيئة للدخول المدرسي المقبل 2009 -2010 وحسب مصدرنا » غير الموثوق به »، فان الوزارة قررت التبرع على أبناء المغاربة بالكتب المدرسية مجانا، وأن العملية ستشمل كل مستويات التعليم الابتدائي، وربما سيطال كرم وخير السي أحمد ولالة لطيفة السابعة إعدادي وربما الثامنة كذلك…أقول هذا، وأنا أعلم، كما تعلمون، أن مصاريف هذه العملية مستخرجة من جيوبنا ،وعرق جبيننا، ومحصول ضرائبنا، التي نحن مطالبين بتأديتها مهما كانت الظرفية…وفي هذا الصدد تعاقدت الوزارة مع الناشرين ودور الطبع على توفير الكميات اللازمة في الوقت المحدد ،حتى يتم الدخول المدرسي القادم في أحسن الظروف،ونتمكن من إعطاء انطلاقة « كروجية »للخطة الاستعجالية…
ومن الإشكاليات الذي تمت مناقشتها، الجهات التي سوف تتكلف بالتوزيع،فهل سيتم العمل بالطريقة التي تم بها التعامل مع » المحافظ الملكية » ، أو اللجوء إلى طريقة جديدة في التوزيع، وهنا دخل على الخط الكتبيون أو أصحاب المكتبات، بإيعاز من الناشرين، الذين لم ينسوا زبناءهم، وأرادوا أن يشاركونهم في تقسيم كعكة اليتيم،في إطار إرجاع المصعد، ويحرضونهم على التكتل من أجل الضغط على الوزارة من أجل إدخالهم في العملية، ومن المحتمل أن تعقد الوزارة اجتماعا مع هؤلاء للنظر في كيفية تقسيم » كعكة العيد »، رغم أن الحل واضح وسهل ،ويتلخص في تكفل الوزارة بنقل الكتب إلى مختلف نيابات المغرب، حيث تتكون لجان مشتركة محلية تشارك فيها جمعيات الآباء، ويتم توزيع الكتب المدرسية على المؤسسات،لتجاوز الثغرات التي عرفتها عملية توزيع المحافظ الملكية ، وأظن أن هذا أفضل مسلك، بسبب انعدام الوسطاء، فلماذا ندخل أصحاب المكتبات؟؟إن الأمر يتعلق بالناشرين-الوزارة-النيابات، لا أقل ولا أكثر، أما الذين يقدمون التنمية الجهوية، وتحرك وجولان أموال المركز في الجهات…فهذا خطاب مردود عليه، ونقول لهم أن البلاء يأتينا دائما من الوسطاء و » الشناقة »، ولكم في أضحية عيد الأضحى العبرة يا أولي الألباب… إذا صدق هذا الخبر، الذي استقيناه عن طريق الصدفة ومن مصادر بعيدة عن قطاع التعليم،رغم أن مسؤولينا التربويين يستقبلوننا بالأحضان والعناق،لكنهم يخفون علينا مثل هذه الأخبار السارة، والتي تثلج الصدر، كأنهم لا يريدوننا أن نفرح ونستبشر ونبشر الناس، إنهم يسارعون لنشر إخبار التوقيفات والاقتطاعات و »المذكرات الفرانكشتانية » ، التي تحول أحلامنا القليلة والناذرة إلى « كوشمارات » يومية…ماذا كانوا سيخسرون لو سربوا هذه الأخبار السارة عبر قنواتهم غير الرسمية، كما يفعلون بانتقالاتهم الوهمية والمقصودة قولا أو تلميحا؟لماذا يتركوننا نتسول المعلومات من الأغراب؟ ألسنا شركاءكم في التدبير؟ انظروا إلى ما يفعله الناشرون، رغم أنهم المستفيدين من العملية، مع شركائهم أصحاب المكتبات، إنهم يبحثون لهم عن موطأ قدم داخل مطبخ العرس، أما نحن « الشركاء الأساس » فيتم تهميشنا ،وطردنا من الولائم، ويقررون مصيرنا ومصير أبناءنا وراء ظهورنا…
لقد تأكدنا بما لا يدع للشك أن الخطة الاستعجالية، لا تريد منا أن نكون شركاء في المقدمة ، بل أتباع في المؤخرة، وهذا فعلا المكان الذي نستحقه كجمعيات الآباء بمختلف مسمياتنا، المحلية منها والجهوية والوطنية ، يجب أن نعترف أننا فشلنا فشلا دريعا في تأطير الجمعيات وتكوينها ورفع أداءها، وبالتالي وجب أن نقدم استقالاتنا، ونترك المجال لمن هم أحسن منا ،جرأة وكفاءة ونضالية، إن جمعيات الآباء تعيش أحلك مراحلها، و لم تتمكن من تطوير أساليب نضالها، وعجزت عن فرض نفسها كمحاور، وكمترافع، وكقوة اقتراحية، لقد انشغلت بمشاكلها الداخلية الضيقة، ودخلت في معارك هامشية، لا طائل من ورائها، وانعدمت داخلها الممارسات الديمقراطية، وتم تدجين معظمها وتحولت إلى مقاولات خدماتية ،شكلت عبأ إضافيا على الآباء والأولياء، وأصبح نشاطها موسميا ، واكتفت مركزياتها ب »نقل ولصق » مقتطفات نارية مسروقة من بيانات بعض المنظمات العدمية البعيدة عن الواقع…وضيعت مصالح الآباء والأولياء، مما سمح لشريكنا التغول علينا والانفراد باتخاذ القرارات دون حضورنا أو استشارتنا… وما خفي أكبر…
إن قرار تسليم الكتب المدرسية على التلاميذ بادرة حسنة تسير في الاتجاه الصحيح التي أفرزته المبادرة الملكية المباركة ، وهذا يعني كذلك أن وزارتنا قد وضعت رجلها على الطريق الصحيح، وأنها أصغت للنداءات المتكررة التي ما فتئنا نطلقها من أجل مجانية الكتب الأدوات المدرسية ، إذا أردنا فعلا أن نشجع التمدرس، ونحد من الهذر المدرسي، الذي لا يمكن محاربته بالإنشاء والشفوي، وخطابات صالونات الرباط،والمذكرات الوزارية الطويلة الإحالة، التي لم يعد يلتفت لها أحد، وإنما بإجراءات ملموسة وعملية، يلمسها الفاعلون التربويون في الميدان، وهي الإستراتيجية الوحيدة القادرة على تحسين ترتيبنا في سلم التنمية البشرية، ويبقى هذا الإجراء لوحده غير كاف لبلوغ هذه الأهداف، إن لم يصاحبه النقل المدرسي في البوادي، والإكثار من دور الطلبة والطالبات والداخليات، ورفع من قيمة المنحة تمشيا مع الارتفاع الصاروخي للأسعار،والإعفاء من الرسوم الدراسية للعائلات الفقيرة، وتوفير وتكثير المطاعم المدرسية وتحسين جودة « وجبات العار »، المتمثلة في قطعة الجبن وربع خبزة أو السردين، التي توزع على التلاميذ في ظروف حاطة بكرامة الحيوانات، فبالأحرى مواطني الغد، إنها « وجبات » يمكن أن تطفأ جوع التلاميذ، لكنها لا تضمن بقاءهم في المدرسة، فبالأحرى محاربة سوء ونقص تغذيتهم، لأن الجائع لا يتعلم، ونحن نعيش زمنا تغول فيه « تفاح الأرض » علينا، وطلع إلى سطح الحمام، ودخل البصل الهولندي الأشقر إلى الأسواق، وأصبح ثمنهما يوازي أو يفوق ثمن الموز ،ولم يعد يقترب منهما أحد، إلا من تقلت جيوبه، وانتفخت محفظته …
ونحن- كطبقة وسطى- نعيش ظرفية اقتصادية واجتماعية صعبة ومعقدة، لم نعد نعرف كيف نصرف الدرهيمات التي نتوصل بها من المخزن، ولم نعد نكمل شهور السنة إلا بمشقة النفس ، ولا حول ولا قوة إلا بالله…وأظن أن هذه المبادرة لو صدقت سوف تفرج على الناس، وتحل جزءا من المشاكل التي تعاني منها الأسر كل بداية موسم دراسي، علما أن الدخول المدرسي المقبل، سيصادف نهاية شهر رمضان المبارك وعيد الفطر وما يتطلب ذلك من مصاريف متنوعة…لقد علمونا في علم الاجتماع ،ونلاحظ من خلال تتبعنا لتطور الشعوب ،أن الطبقة الوسطى شكلت وتشكل ضمانة الاستقرار والتطور. فالذين لا يملكون شيئاً، يسعون إلى تغيير كل شيء، والذين يملكون كل شيء لا يريدون تغيير أي شيء، ولا يأبهون لمصير الآخرين، أما من هم في الوسط فيسعون دائماً إلى تحسين ظروف المعيشة، وإلى رفع القدرة الشرائية، ويشكلون صمام الأمان للسلم الاجتماعي، ومنطقة عازلة بين الاستقرار والاضطراب…
لم يكن اليسار المتطرف يؤمن بالطبقة الوسطى، وكان يعاديها باعتبارها معرقلة للصراع الطبقي، ورغم ذلك نمت هذه الطبقة في مرحلة السبعينات، إلا أن عوامل مرحلة التقويم الهيكلي، وتوصيات صندوق النقد الدولي ومختلف الدوائر الامبريالية ،ساهمت في ضعفها وتدهورها وتراجع دورها، وعلى رأسها النظام الجبائي الذي يبتلع جزءا كبيرا من الأجور، حيث وصلت الضريبة على الدخل إلى 42% بالنسبة إلى الأجور المتوسطة والعليا، أضف إلى ذلك تجميد الأجور وتحرير أسعار بعض المواد الأولية ،مرورا بانفصال التعليم عن سوق الشغل، الذي لم يعد يعتمد على إمكانيات الفرد، وإنما على الوسط الذي كبر فيه، فيصعب على خريجي الجامعة العمومية العثور على مناصب في شركات متعددة الجنسيات، لأنهم لا يتكلمون بطلاقة لغات أجنبية، و لا يتوفرون على الخلفية الأسرية والعلاقات « والبريستيج » الذي يتمتع به خريجو المدارس الخاصة، أو حتى على المظهر الاجتماعي الذي يجذب مديري الشركات،ورغم الثورة التي عرفها عالم قروض الاستهلاك، فلازال الاستهلاك ضعيفا،ولم يمكن معظم الموظفين من امتلاك سيارة أو شقة، أضف إلى ذلك تعامل المخزن الحذر مع الطبقات الوسطى، وانزعاجه من نزعتها الاحتجاجية، وإلحاحها على الدمقرطة، ولنا في نكبة رجال التعليم في 1979 المثال الساطع….وحتى لا نتهم بالعدمية ،نحن نثمن التوجه الجديد للدولة المغربية الذي دشنه خطاب العرش الأخير الذي أكد فيه جلالة الملك على » ضرورة أن يكون الهدف الاستراتيجي لكافة السياسات العمومية، هو توسيع الطبقة الوسطى، لتشكل القاعدة العريضة وعماد الاستقرار والقوة المحركة للإنتاج والإبداع »،هذه الدعوة التي جاءت في وقتها ، واستجابت لتطلعات المواطنين،كما نبارك ونتمنى النجاح للجنة التي أسستها الحكومة المغربية من أجل » تحفيز الطبقة الوسطى ومساعدتها على مواجهة ازدياد كلفة المعيشة، التي أصبحت تقوض استقرار هذه الفئة الاجتماعية « ، ونتمنى أن لا يكون ذلك غبارا انتخابيا سينقشع بعد مرور الحملة الانتخابية.لقد صبر شعبا أكثر من نصف قرن، ولا أظن أن سنوات أخرى من الصبر » تفرق كثير » كما يقول المصريون… » وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ » صدق الله العظيم.
2 Comments
لا أدري لماذا كل هذا التشكيك والحديث عن موضوع ثم إدراج أو تمرير إسقاطات شخصية في كل القضايا ، هوس المؤامرة وتقييم لكل المبادرات من زاوية نفعية لاغير .إن أوضاع التعليم هنا تعرف ترديا غير مسبوق والعاملين في قطاع التعليم تقتطع منهم ضرائب تكسر آمالهم وتجعلهم يشتغلون 40 سنة من أجل دفع آخر أقساط بيوتهم (هنا أتحدث عن الكنديين أبناء البلد لاعن المهاجرالذي حاله حال من خبأ وجهه واستحى أن يعود لأرض وطنه لكي لايقال أنه فشل)على الرغم مما نسمعه ويشاع هنا من اختلاسات وشبهات في الصفقات إلا أن عامة الناس ليست لديهم تلك الروح العدمية ، فيمضي الموظف جل وقته في الشغل بل في عملين إثنين حتى يتسنى له دفع فواتير التلفزة وأقساط أبناء الجامعة وضرائب لاتعد ولاتحصى، حتى إن زارك صديق إلى بيتك يجب عليه دفع ثمن وقوف سيارته. أأسف لأن غالبية الناس لا يبيحون بأمور كهذه فيقدمون عالم زهريا ،عالم الحلم ، أأسف اخي ثانية لأنني لاأقصدك شخصيا. واللهم ألطف بنا
اصحاب المكتبات و دور النشر هم تجار ومن حقهم السعي الى الكسب ام جمعبات اباء وامهات التلاميذ فهي اطار جمعوي يسعى الى خدمة مصلحة التلميذ التربوية بالاساس و بالتالي فهي شريك تربوي وليس شريكا تجاري. تحياتي عزيزي حومين