Home»International»حكومة مقالة؟ أي منطق هذا؟

حكومة مقالة؟ أي منطق هذا؟

0
Shares
PinterestGoogle+

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وآله وصحبه أجمعين

حكومة مقالة؟ أي منطق هذا؟

بقلم: عبد المجيد بنمسعود

يمكن للإنسان العاقل أن يميز في الكلام بين ألفاظ أو عبارات ذات دلالات تعبر عن الواقع وتحمل حقيقة الشيء المعبر عنه في أبعاده وتجلياته،وبين ألفاظ أو عبارات لا نتردد في وصفها بأنها زائفة أو جوفاء، إذا ما نظرنا إليها في سياقها الذي وردت فيه، أي الغرض الذي سيقت لأجله، ويحتاج الأمر منا، لإرجاع الحق إلى نصابه وإنقاذ الكلام من الزور والعبث والتمويه والكذب والخداع، إلى فك الارتباط بين مكونات الكلام،من مسند ومسند إليه، أو موضوع ومحمول،وإرجاع كل منها إلى موقعه وسياقه الحق، لنخلص إلى القضايا في صفائها وصرامتها المنطقية التي ليست أكثر من تعبيرها عن الحق والواقع في نصاعته وإشراقه
من العبارات التي ينطبق عليها وصف الزيف والخواء، والكذب والهراء، بامتياز، عبارة: « حكومة مقالة » التي يروج تداولها في الشان الفلسطيني عند الحديث عن حكومة حماس التي آلت الأوضاع إلى محاصرتها في قطاع غزة، قلعة الممانعة والصمود والإباء.

والذي يثير الحنق والاستغراب هو سريان هذه العبارة عبر أغلب قنوات الأخبار ووسائل الإعلام. ونحن إذا أحسنا النية، أمكننا أن نحكم على هذا الاستعمال بكونه نتاجا للمسايرة والتقليد عند بعض تلك الوسائل والقنوات، ومع ذلك نستدرك لنقول بأن هذا الاحتمال مستبعد إلى حد كبير، لأن مؤسسات الإعلام في عصر العولمة والصراع الإيديولوجي المحموم، لا بد أن يحسب فيها الحساب لكل جزئية من جزئيات الخطاب الإعلامي الذي لا يمكن عزله عن موازين القوى ، فيما يسمى بلعبة السياسة وتنازع النفوذ. ومن ثم يمكننا القول بكل يقين: إن الحكم على حكومة حماس بأنها « حكومة مقالة » مشتق ،لا محالة، من موقف قوى الاستكبار العالمي التي تتزعمها الويلات المتحدة، ويشكل رأس الحربة فيها الكيان اليهودي الغاصب الذي تتأجج وتيرة فساده وعلوه يوما عن يوم في اتجاه وعده المحتوم، المسجل في قوله تعالى:  » فإذا جاء وعد الآخرة ليسوءوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبيرا ») الإسراء:7″ ( ، ويشكل تابعا ذليلا لكلا الفريقين، طابور العمالة والنفاق البغيض الذي يعمل مأجورا لديهما لقاء فتات حقير، يبوء آكلوه في النهاية بالندامة والخزي العظيم.
ونحن نتساءل هاهنا عن مدى صوابية هذا النعت الذي يسند إلى عناصر حماس التي كانت تشكل أبرز وأهم مكونات حكومة قضت صناديق الاقتراع أن تكون هي فيها القلب النابض ، نظرا لكونه المرآة الصافية التي تعكس بصدق وأمانة إرادة شعب مقهور يتوق إلى التحرر والانعتاق،وقبلت من باب المداراة، ودرءا للشقاق، أن يشارك فيها بعض من لا مفر من أن يشكلوا داخل نسيجها نشازا، يستعصي على التطويع، ومن ثم فهو يحمل في جوفه عوامل التثبيط والتعويق والتدمير ولو بعد حين.وقد أثبتت الوقائع والأحداث فعلا بعد ذلك الحين، خبث وخسة ذلك المكون المقبول على مضض،والذي كان يبيت المكايد والدسائس الرهيبة لمن تجاوزوا عنه، وعاملوه بحلم مشهود، في لحظة تاريخية جعلت من ذلك المسلك ما هو في حكم المحظورات التي تبيحها الضرورات.وقد برهنت على الطبيعة الخيانية لهؤلاء الساقطين، مقدمات انقلاب مريب أجهض في مهده بفعل يقظة قوى حماس التي لم تغب عنها حقيقة هؤلاء في يوم من الأيام، فكانت الأحداث التي أدت بقوى حماس ومن وقف إلى جانبها من القوى الحية بإحكام القبضة على قطاع غزة،بمثابة النار التي نفت الخبث والغثاء، عن أرض غزة المعطاء،وصدق الله القائل:  » فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض كذلك يضرب الله الأمثال » ) الرعد:17 ( وقد أثبتت ترسانة الوثائق السرية التي تحمل خطط الغدر والخيانة التي أعدها من مردوا على النفاق، لاستئصال قيادات حماس، هول المؤامرة التي دبرت في الخفاء، فأبى الله إلا أن يكشفها ويفضح شرذمة الأفاكين المجرمين الذين اتخذوا من القضية المقدسة مطية للإثراء الحرام والمجد السياسي الزائف الموهوم، تحت غطاء أمريكي صهيوني مكشوف.وبعد أن افتضحت فصول المؤامرة ورد الله الضالعين فيها على أعقابهم لم ينالوا شيئا،نفضوا أيديهم الملطخة بدماء الشهداء الذين أذاقوا العدو الصهيوني الغاشم العلقم، وزلزلوا الأرض تحت قدميه بعملياتهم البطولية الرائعة،نفضوها من تراب غزة الطاهر،وانزووا في رام الله ليواصلوا مكرهم الكبار، ويتربصوا بالأحرار الدوائر، ويخوضوا ضدهم حربا شعواء ذات وجهين: قوام أحدهما إطلاق اليد الآثمة في الشرفاء في الضفة، اعتقالا وسجنا وتنكيلا، تعبيرا عن الغيظ والحنق، ونار الحسد التي تأكل قلوبهم السوداء، وقوام الثاني، إطلاق ألسنة حداد بالأراجيف والأكاذيب، يسلقون بها من عقدوا الصفقة مع الله جل وعلا، دون أدنى وازع من حياء،وأنى لهم ذلك، وهم الذين صنعوا على عين شياطين اليهود، وحلفائهم من الأمريكان مصاصي الدماء. وأثناء ذلك أبرموا طبخة ظاهرة البطلان، بتشكيل حكومة مزورة ضدا على إرادة الشعب الفلسطيني الذي وضع ثقته وولاءه لمن جعلوا طريق المقاومة والجهاد، خيارهم الاستراتيجي الثابت، فأعلنوا تأكيدهم لشعارهم الممجوج، الذي مفاده أن المضي في مسلسل السلام مع إسرائيل،يظل بالنسبة إليهم ثابتهم الاستراتيجي الذي لا يتزحزحون عنه قيد أنملة.ولإتمام هذا الزور الذي اقترفوه تحت أعين العالم،عربيه وعجميه،أطلقوا على وزراء حماس في قطاع غزة المحررة والمحاصرة: « الحكومة المقالة »، ظلما وعلوا، وبصم المستكبرون صناع قرار السوء على هذه العبارة الزائفة الجوفاء، وسرت في وسائل الإعلام سريان النار في الهشيم، كما يسري كل لغو باطل، في عالم اختلت فيه الموازين، وتحكم فيه اللصوص المتلفعون برداء الشرعية وما هم منها في شيء،ظنا منهم بأن وصفهم ذاك، كفيل بأن يمنحهم المصداقية ويضفي عليهم لباس الشرعية،وهذا « منطق » غاية في الغرابة والسفالة والتبجح والعناد.

من المقال حقا وحقيقة أيها الناس؟ هل هم أبناء فلسطين البررة الذين حفظوا عهدها وصانوا عرضها وأبوا أن يتنازلوا عن ذرة من ترابها وحقوقها،واسترخصوا في سبيل ذلك الغالي والنفيس ؟ واختارهم الشعب ليكونوا لسانه الناطق وحصنه العتيد؟ أم هم هؤلاء الخانعون الساقطون في شرك العمالة والخيانة،ممن باعوا القضية بأرخص الأثمان،وتحولوا إلى سياط يجلد بها الصهاينة الخنازير ظهور الأوفياء الشرفاء؟
إن كل من يحترم نفسه من الإعلاميين ووسائل الإعلام، لابد أن يصححوا المفاهيم، ويعيدوا الأمور إلى نصابها، فالأبيض أبيض والأسود أسود،ولا يمكن أن يحل أحدهما محل الآخر، فإذا ما وقع التمادي في الزور والتحريف وقلب الأسماء والمسميات، فإن فوضى عارمة هوجاء، توشك أن تطبق بأجنحتها السوداء، على هذا العالم الممعن في البؤس والشقاء، ولكن الذي لا يداخلنا فيه أدنى ارتياب، أن تباشير صبح قريب تومض في الأفق، وتغمر إرهاصاتها صفحة السماء، مؤذنة باقتلاع أسباب الشر والسوء.
فهل يملك المنبتون الذين يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون، أن يقيلوا من يضربون بجذورهم في أعماق أرض الرباط، ويمثلون وجهها المشرق الوضاء؟ لقد آن الأوان أن يجمع حقائبهم هؤلاء السفلة الأقذار، فليست فلسطين لهم بدار، فهي معقل الأسود الأشاوس الأحرار الذين يرعبون بزئيرهم كل جبان خوار، وليخسأ الكذبة المجرمون ، فلهم اللعنة ولهم سوء الدار.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *