مكاسب هيئة المراقبة التربوية غير قابلة للتضييع أو المساومة
كثيرة هي الجهات مركزيا وجهويا وإقليميا التي أغراها الأسلوب الهادئ في الحوار لهيئة المراقبة التربوية من خلال نقابتها حتى بلغ الأمر ببعض هذه الجهات اعتقاد الضعف والوهن في الهيئة ، وهو في حقيقة الأمر سوء حساب وسوء تقدير سببهما جهل بالحقائق ، وكم من لين في الحوار أغرى الجاهل الغر بمن يحاوره ، وما أكثر من ينخدع بأنياب الليث فيظنها بارزة بسبب ابتسامة كما جاء في شعر حكيم الشعراء.
إن هيئة المراقبة التي تتولى حراسة المنظومة التربوية الحراسة الشاملة وفق منظورات متعددة بموجب قوانين لا يمكن أن تفتر حراستها أو يتراخى إشرافها على منظومة يراهن عليها المجتمع المغربي وهو ينشد التنمية الشاملة من أجل تبوء مكانته بين الأمم .
والمنظومة التربوية في بلادنا يصدق عليها وصف البطل المغربي التاريخي طارق بن زياد رحمه الله تعالى وهو يخاطب أجداد المغاربة وهم قادمون على فتح الأندلس بقوله : « » إنكم كالأيتام في مأدبة اللئام « » فما أكثر لئام المنظومة التربوية الذين يفسدونها تحت شعارات مبهرجة كاذبة ، ظاهرها الصلاح والإصلاح وباطنها الفساد والإفساد . وما زلنا لم نسمع إلى يومنا هذا بمسؤول مركزي أو جهوي أو إقليمي قلد مسؤولية تدبير شأن المنظومة التربوية فأقر واعترف بسوء تدبيره بعد ظهور الفساد للعيان ، وبمسؤوليته عن هذا الفساد والإفساد. فكما جاء في الحديث النبوي الشريف: ( يقرأ القرآن ثلاثة مؤمن ومنافق وفاجر ) وقيل إن المؤمن يقرؤه وهو مؤمن به ومطبق له، والمنافق يقرؤه وهو كافر به لا يلتزم بما فيه، والفاجر يقرؤه وهو يستغله ويتاجر به ويأكل به.
فكذلك شأن المنظومة التربوية ينتسب إليها المؤمن والمنافق والفاجر، فالمؤمن بها يحرص على صيانتها، والمنافق يتظاهر بالدفاع عنها وهو يخربها، والفاجر يستغلها أبشع استغلال. ومن سوء حظ المنظومة التربوية أن فلول النفاق والفجور فيها أكثر من فئة الإيمان.
ولما كان الحراس بحكم مهمة الحراسة غير مرغوب فيهم من طرف من يضمر الخيانة للمنظومة أو يشجع عليها أو يغض الطرف عمن يخونها ،فإن جهاز المراقبة لا يمكن أن يسلم من قالة السوء خصوصا ممن يبيتون للفساد والإفساد تحت شعارات ملفقة كاذبة.
وإن جهاز المراقبة قد حقق الكثير من المكاسب التي لعبت دورا هاما في صيانة المنظومة التربوية باعتراف المنصفين الصادقين ولا عبرة باعتراف بعض المفسدين في المناسبات الخطابية الكاذبة من الذين يعضون أناملهم غيظا على جهاز المراقبة في السر ، وترتسم في العلن على شفاههم الابتسامات الصفراء المصاحبة لعبارات المجاملة الكاذبة التي لا تتجاوز الآذان لأنها لا تخرج من جنان بل من لسان .
وإن الذي تحدثه نفسه بالإجهاز على مكتسبات جهاز المراقبة واهم كل الوهم. ومن يغتر بحالات محسوبة على أصحابها لا تجاوزهم فيحاول تعميم حكمها على الجهاز شأنه شأن من حكم على كنز من خلال قطع زائفة يتيمة وسط ركام إبريز خالص. وصاحب حكم التعميم من خلال حالات شاذة يصدق عليه المثل العامي القائل : » اللي ما كلا اللحم تعجبو الرية واللي ما شاف النساء تعجبو رقية » هذا حال بعض المسؤولين الذين يتمنطقون « بالبرواغ « كما يقال في العامية ويعتقدون أنهم قد ظفروا برأس السوق فيتورطون في مسلسلات فساد وإفساد لا نهاية لها وتلعنهم النتائج ويلعنهم التاريخ ويلعنهم اللاعنون وبئس المسؤولون.
إن هيئة المراقبة التربوية تمر بظرف دقيق يطبعه التكالب عليها من جهات عدة قصد الدوس على مكتسباتها ، وليست الهيئة باللقمة السائغة كما يظن الواهمون بل سيجدون فيها قتادا لا يستساغ فيخرط البلعم والألسنة والأمعاء.
إن لقاء السابع من فبراير الذي تعتزم النقابة عقده يعتبر محطة من أهم محطات هيئة المراقبة لمساءلة الذات ، ومراجعة الحسابات ، وإقرار الاستراتيجيات من أجل إحباط كل المؤمرات التي تحاك ضد المنظومة التربوية ، والتي لن تستطيع مخادعة عين المراقبة التربوية الساهرة .
ولا مجال لتضليل هذه العين من خلال التافه من الأمور التي تثار في شأن جهاز المراقبة لتثنيه عن مهامه، ولن ينخدع لها أبدا، ولن يسايرها كما تريد الجهات المغرضة. وإن اللقاء المرتقب سيكشف كل الأقنعة وسيخط مسارا للهيئة لن يكون لصالح العابثين بالمنظومة المستهدفين لجهاز يحرسها بأمانة ، وسيضطر مفسدو المنظومة بسوء تدبيرهم إلى الرحيل القسري خزايا وهم خاسئون .
2 Comments
كما قرأنا ذلك في موقع الوزارة على الأنترنيت ، تمت ، في الأسبوع الأخير من ينلير تعيينات جديدة على بعض النيابات والأكاديميات .ومرة أخرى يتم الإجهاز على ما كان قد اعتبر مكسبا طال انتظاره أعني إعمال المنهجية الديموقراطية في إسناد مناصب المسؤولية في قطاع التربية الوطنية على قاعدة الإعلان عن الناصب الشاغرة وفتح التباري حولها بين المترشحين الراغبين والمؤهلين واعتماد معايير محددة ومعلنة .لكن يبدو أننا كنا واهمين فدار لقمان ما تزال على حالها ولا أسلوب المباغتة والاستغفال هو المنهجية السائدة.ألا يندرج أسلوب الكولسة هذا للوزارة في إطار الإجهاز على حقوق جهاز التفتيش ؟ ثم ألا يدعو الأمر إلى بلاغ من النقابة في الموضوع وذلك أضعف الإيمان ؟
هل هو هدر من نوع آخر ؟
يبدو جليا أن تغييب الشفافية والمنهجية الديموقراطية في عملية إسناد مناصب المسؤولية داخل قطاع التربية الوطنية يعود في النهاية بالخسارة على هذا القطاع وهذا ما لا يريده أحد ، وذلك لسببين رئيسين على الأقل : فهو يحرم المنظومة ككل من قيمة مضافة هامة يمكن أن تقدمها طاقات وفعاليات كثيرة تزخر بها المنظومة لكنها لا تستطيع ولوج مواقع المسؤولية والتأثير المباشر في الأحداث بسبب الأساليب المتبعة في التعيينات .وهو يحرمها أيضا من تعبئة وتوفير شروط الانخراط الفعلي وبحماس لجميع مكوناتها في العمل من أجل تفعيل الإصلاحات وتنزيل البرنامج الاستعجالي على الطبيعة لأن من تلك الشروط ، صفاء الأجواء ووضوح منهجيات الاشتغال .