Home»National»مقولة نبذ الكراهية والتسامح بين الحقيقة وبين المغالطة والمزايدة

مقولة نبذ الكراهية والتسامح بين الحقيقة وبين المغالطة والمزايدة

0
Shares
PinterestGoogle+

مقولة نبذ الكراهية والتسامح بين الحقيقة وبين المغالطة والمزايدة

محمد شركي

ما كنت لأخوض في هذا الموضوع  لولا تداول وسائل التواصل الاجتماعي فيديو مسجل في تل أبيب لامرأة فوق سن الخمسين  تدعى هدى بالقاضي الحلوي من أصل مغربي ،وهي  منحدرة من مدينة تطوان  ، وتحمل الجنسيتين السويسرية والفرنسية  كما صرحت بذلك  لأحد الصهاينة ،  تدعى هدى بالقاضي الحلوي حسب تصريحها حيث نطقت اسمها بلكنة  فرنسية، ووصفت نفسها بأنها  ناشطة  مدافعة عن دولة الكيان الصهيوني ، كما صرحت بأنها مسلمة سنية مالكية ، وقد ظهرت في الفيديو تحمل في  يدها العلم الصهيوني باعتزاز وافتخار.

ومما جاء في كلامها أن الصهاينة يحترمون حقوق الإنسان ، ويحترمون جميع  الديانات بما في ذلك المسيحية والإسلام ، وأنهم يكنون في قلوبهم الرحمة  لكل الإنسانية ، وأن أرض فلسطين المقدسة هي أرضهم كما جاء ذلك في سورة  المائدة . وفي اعتقادها أن يهوديا واحدا هو أفضل من كل الشعب الفلسطيني . وأشادت باليهود المغاربة الذين سكنوا المغرب قبل ثلاثة آلاف عام قبل أن يدخله العرب ، و رحلوا إلى فلسطين سنة 1948 ، وقد تركوا كل ممتلكاتهم وخيراتهم . لهذا  لا تقبل هي  أن يوصفوا  بالأشرار، وأنهم يعادون المسلمين.  وصرحت أنها  جاءت إلى تل أبيب لمساندة الصهاينة الذين تعرضوا  لعدوان بربري همجي من الفلسطينيين  انطلاقا  من قطاع غزة ، وأنهم على حق ، و سينتصرون . وتوجهت إلى المسلمين بقولها :  » افتحوا عيونكم إن الأشرار  يقصفون الأرض المقدسة التي باركها الله  وخص بها اليهود بالمادفع و بالصواريخ  . وختمت كلامها بالقول إذا  ما كانت عقيدة من يقاتلون الصهاينة ستدخلهم الجنة ، فإنها لن  تدخلها معهم، بل ستكون مع إخوانها اليهود حيثما حشروا .

 إن ما صرحت به هذه الناشطة المتصهينة  إنما هو محاولة مكشوفة  للتمويه على تصهينها  وخيانتها لوطنها وأمتها العربية والإسلامية  مدعية الانتساب الكاذب إلى الإسلام السني المالكي ،وهي في تسوق لفكرة شيطنة الشعب الفلسطيني على طريقة الصهاينة ، وتسخر من كل الشعوب العربية والإسلامية مقابل مدح الصهاينة  متجاهلة  ما يقترفونه من  جرائم الإبادة الجماعية  ضد الشعب الفلسطيني في القطاع والضفة ، وهو إجرام بدأ  منذ احتلالهم لأرضه هذا الشعب   منذ سنة 1948  إلى آخر إبادة  جماعية همجية طيلة سنة كاملة ، والتي لا زالت مستمرة إلى اليوم ، وقد أدانتها كل شعوب المعمور التي خرجت ولازالت  تخرج باستمرار  في مظاهرات مليونية حاشدة  منددة بها ، كما أنها موضوع  إدانة لدى  المحاكم الدولية وكل المحافل والمنظمات الإنسانية  والحقوقية في المعمور .

ولم تزد هذه المتصهينة  فيما صرحت به عن ترديد مقولة اليمين الصهيوني المتطرف الذي يعتمد على ما سماه الفيلسوف الفرنسي رجاء جارودي بالأساطير أو الخرافات المؤسسة لدولة الكيان الصهيوني  ، وعلى رأس هذه الخرافات  مزاعم حق الصهاينة في امتلاك أرض الميعاد التي وعدهم الرب بها في فلسطين.  ولقد تعمدت هذه المتصهينة  إقحام موضوع اليهود المغاربة،  والمؤسسة الملكية للتمويه على تصهينها ، علما بأن المغاربة يميزون بين ما عاش بين ظهرانيهم من يهود ،ولا زالوا  يعيشون معهم لكنهم يتبرءون  ممن  انظموا منهم إلى الحركة الصهيونية العنصربة ، وقد  هاجر إلى أرض فلسطين انصياعا لها، وقد احتلوا ديار الفلسطينيين، واغتصبوها منهم ،كما اغتصبوا ممتلكاتهم ، ومتاجرهم ومزارعهم ، وأقيمت لهم هناك مستوطنات  . ولا يخفى على أحد أن كل اليهود الذين هاجروا إلى فلسطين استجالة للحركة الصهيونية من كل بقاع العالم بمن فيهم يهود مغاربة  خضعوا للتجنيد الإجباري ، وعملوا في صفوف الجيش المحتل ، وفي صفوف شرطته ، ولا يخلو أحد منهم إما ملطخة يداه بدماء الفلسطينيين أو متورط في تعذيبهم والإساءة إليهم ، وهذه حقيقة لا يمكن أن ينكرها إلا جاحد أو مكابر.

والمتصهينون من أمثال هذه المتصهينة يستغلون فكرة نبذ الكراهية والتسامح تجاه اليهود يغالطون ، ويزايدن بها على كل من ينتقد الاحتلال الصهيوني، ويدين جرائمه الوحشية في حق الفلسطينيين أصحاب الأرض التي احتلها بالقوة يوم استنبته فيها الاحتلال البريطاني ككيان لم  يكن له وجود قبل سنة 1948 بشاهدة تاريخ لا يمكن أن يجحد ، أو ينكر أو يشكك فيه أحد إلا من يعرض نفسه للسخرية .

ومعلوم أن التاريخ يشهد بأن  اليهود في كل بلاد الإسلام بما في ذلك المغرب عاشوا التسامح في أرقى صوره ، ولم  يتعرضوا لكراهية أو مضايقة أو ميز   ، بل كان يمارسون شعائرهم الدينية بكل حرية ، ويمارسون حياتهم اليومية بشكل طبيعي ، بل كانت لهم أنشطة تجارية وصناعية  وزراعية تدر عليهم الأموال التي تضمن لهم العيش الكريم . ولا مبرر اليوم لتعالي أصوات متصهينين من أجل المزايدة على المغاربة الذين تنحصر كراهيتهم للصهيونية باعتبارها حركة عنصرية دموية بشهادة كل المحافل وعلى رأسها  محاكم دولية تابعة لهيئة الأمم المتحدة ، و بشهادة كل شعوب المعمور ، ولا مبرر للمغالطة عن طريق  إقحام موضوع  اليهود المغاربة في هذا الأمر.

وإذا ما أرنا مناقشة ما جاء في كلام هذه المتصهينة التطوانية  ـ حاشا تطوان ـ   ونحن نربأ بأهله، وبكل المغاربة أن ينتسب إليهم مثلها ، فإن التركيز سيقتصر على  ادعائها الانتساب إلى الإسلام السني ، وإلى المذهب المالكي ـ وهما منها براءـ  إذ لو كانت كما تدعي لهداها انتسابها إليهما إلى معرفة رأيهما في موضوع اليهود عموما ، و في موضوع الصهاينة منهم خصوصا انطلاقا من كتاب الله تعالى ، ومن سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وكفى بهما شاهدي عدل كما يقول أهل العلم . إن القرآن الكريم  أسهب وفصل تفصيلا في الحديث عن بني إسرائيل ، ومجمل الحديث  فيه عنهم عبارة عن انتقاد لما كان منهم من خروج  صارخ عن شريعة نبي الله موسى ، ومن أعقبوه من الأنبياء الذين بعثوا فيهم سلام الله عليه أجمعين . وتكفي الإشارة إلى تجاسرهم على الذات الإلهية إذ نسبوا  لله تعالى عزيرا ابنا  له ـ  تعالى عما افتروا علوا كبيراـ  ووصفوه تعالى بالبخل وبالفقر ، وقتلوا أنبياءه ، وعبدوا العجل في غياب موسى عليه السلام ، وأكلوا السحت ، وقذفوا مريم العذراء أم المسيح عليهما السلام ، وحرف الكلم عن مواضعه في التوراة ، وزعموا أنهم أبناء الله وأحباؤه ، وأنه لا يدخل جنته إلا من كان هودا …. إلى غير ذلك من مَ شين الأقوال والأقعال ، فكيف تزعم هذه  المتصهينة أن الله تعالى خصهم بأرضه المقدسة ، وهي تغفل أو تتغافل عن كل ما ذمهم به سبحانه وتعالى ، وقد جعل منهم قردة وخنازير ، ولعنهم على لسان داوود وعيسى ابن مريم . ولم يستثن منهم الله تعالى إلا الفئة التي آمنت بما أنزل على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ،والذي صدق ما بين يديه من توراة وإنجيل  قبل أن يحرفا .

 وما أفاض الله تعالى في وصفهم في محكم التنزيل إلا ليحيط البشرية  جمعاء بخبثهم، ومكرهم، وخسة طباعهم وإضمارهم الحقدة والكراهية لكل البشرية . فكيف تزعم  هذه المتصهينة أنهم خيارالناس ، وأنهم يحترمون حقوق الإنسان ، ويحترمون كل الديانات ؟  وهم يضمرون الحقد الأسود لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويسيئون إليه قولا وتصويرا ، ويكرهون المسلمين ، ويدنسون مقدساتهم. وهل من يصدق ما جاء في كتاب الله عز وجل ، وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم من تعريض بانحراف اليهود عن شريعة موسى عليه السلام يتهم بكراهيتهم وبعدم التسامح معهم  ويزايد عليه بذلك  في وطنيته وفي دينه ؟

وبناء على ما تقدم يتعين على هذه المتصهينة أن تختار بين  تصديق والتزام ما جاء في كتاب الله تعالى ، وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم عن اليهود باعتبار ما تزعمه  من انتماء إلى العقيدة السنية  وإلى  المذهبي المالكي ، وبين تكذيبهما ، والعزف على وتر تمجيد التصهين، وقد كشفت  بذلك عن جهلها المركب إن لم يكن مكعبا بالكتاب والسنة، وكان يلزمها أن تعلن براءتها منهما ـ وهما منها براء ـ  لجحودها  بهما وتنكرها  لما جاء فيهما من حق لا يأتيه باطل من بين يديه ولا من خلفه  بخصوص ما يتعلق  باليهود الذي بدلوا وحرفوا ما جاء في شريعة نبي الله موسى عليه السلام ، وباءوا  بسبب ذلك بغضب من الله عز وجل .

فهنيئا لهذه المتصهية بانتمائها الصهيوني ، وقد شرف الله تعالى الإسلام ، والمغرب، وتطوان  من أن يكون لها نسب يمت إليهم بصلة ، وقد صرحت ببراءتها ممن يدخلون الجنة من المسلمين ، واختارت أن يكون مصيرها مع إخوانها الصهاينة حيثما حشروا ، وستعلم  مع الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *