مسؤولية المجتمع المدني أمام كارثة السيول
إذا كانت مسؤولية الساهرين على الشأن العام مباشرة عما يحل بالمجتمع من كوارث بحكم مهامهم إذ إليهم يهرع في كل نازلة فإن ذلك لا يعني سقوط المسؤولية عن المجتمع المدني برمته . فنحن أمة عقيدة تجعل المسؤولية في الجميع دون استثناء، والدين يفرض على الجميع التدخل باسم الواجب ، فعندما يقول الله عز وجل : [ وتعاونوا على البر والتقوى ] فالمقصود بالبر البر المطلق غير المقيد وفي كل الحالات ، وإذا ما وجب التعاون على البر في الحالات العادية فهو أوجب في الحالات الاستثنائية. وعندما يقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: » المسلم للمسلم كالبنيان يشد بعضه بعضا » فهو يقصد التآزر والتكاتف في الشدة قبل الرخاء. وعندما يقول عليه السلام: » على كل مسلم صدقة « ويقال له فإن لم يجد، يقول: « يعمل بيده فيتصدق، أو يعين ذا الحاجة الملهوف، أم يأمر بالخير، أو يمسك عن الشر » واعتبر كل ذلك صدقة ، فإن ذلك يعني تعميم المسؤولية.
فالكارثة حلت والحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه ، وقضاء الله لا يرد وإنما يسأل سبحانه اللطف في القضاء ولكن المسؤولية لا تقف عند هذا الحد فعلى كل فئات المجتمع المدني من أحزاب وجمعيات وجماعات وهيئات وأفراد …. أن تقوم بالواجب الديني الذي هو واجب وطني في نفس الوقت من خلال اكتتابات لفائدة ذوي الحاجة الملهوفين ممن أصابهم القرح بسبب كارثة السيول لأن الكل مسؤول أمام الله عز وجل ، ومن تلكأ في عون ذي الحاجة الملهوف وهو قادر عليه ادخر الله عز وجل له شدة في حياته قبل أن يحاسبه بعد موته ، وابتلاه كما ابتلى غيره بما لا طاقة له به ولم يجد عونا عليه.
والتعاون يقتضي التنسيق بين المتعاونين حتى لا تكون التدخلات عشوائية ، فذو الحاجة الملهوف قد يكون في أمس الحاجة إلى شيء لا يكترث به المساعدون ، بينما يركزون على نوع واحد من المساعدة فيكون الفائض فيها عن الحاجة ، وهو فائض أولى به من يحتاجه.
ولقد جاءت بعض المبادرات من بعض الجهات كأسر التربية والتعليم في بعض المؤسسات التربوية حيث تضافرت الجهود لتعويض تلاميذ الأسر المنكوبة فيما ضاع منهم من لوازم مدرسية ، وهي فكرة رائدة نتمنى أن تشمل جميع المؤسسات لتعود على المنكوبين بالفائدة ، وبالتنسيق يتم توفير ما بعد اللوازم المدرسية من ألبسة وأفرشة وأطعمة وأدوية… وغيرها مما يعين المنكوبين.
وفي المقابل يجب على جهات أخرى أن تساهم كل حسب وسعه واختصاصه فعلى سبيل المثال تشطب شركة الماء الصالح للشرب وشركة الكهرباء ما في ذمة المنكوبين من فواتير أو تسقط عنهم الأداء لأجل معلوم كمواساة لهم.
وتقوم الهيئات الصحية العامة والخاصة بتطبيبهم مجانا لأجل معلوم. ويقوم أهل التجارة الغذائية بتزويدهم بمئونة معلومة لأجل معلوم حتى تمر بهم الضائقة ويسترجعوا توازنهم المادي والمعنوي وهلم جرا حتى يشارك الجميع في واجب ديني ووطني. وفي المقابل يجب على المنكوبين أن يكونوا في المستوى وألا يتخذوا من الكارثة ذريعة للتواكل والكسل واستغلال عواطف المتعاطفين ، وعليهم إذا ما عوض عليهم الله ما ضاع منهم أن يقنعوا وألا يجشعوا، فالله أعلم بالنوايا والطوايا وهو يؤتي الخير من كان يضمر خيرا ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله.
وعلى الشريحة التي لا تقدم شيئا للمنكوبين أن تمسك عن الشر فذلك صدقتها.
1 Comment
نريدك هكذاياالسي الشركي تمتعنابمقالاتك الرائعةواسلوبك الجميل عوض الردعلى التعليقات التي لاتتفق مع ماتطرحه اوالتلاسن بقوارص الكلام الذي يحسب على المرءولايحسب له بارك الله فيك ونساله تعالى العفووالعافية