الدوائر الادارية
الدوائر الإدارية
نعلم بأن العملية الإدارية أنها الوسيلة التي بمقتضاها تحويل الموارد والإمكانيات المتاحة إلى أهداف محددة،في كل الإدارات وعلى اختلاف مستوياتها وتنوع اختصاصاتها.
و تتم هذه العملية عن طريق ثلاث دوائر إدارية ،وأي نقص في أي دائرة إدارية يؤدي حتما إلى قلة كفاءة العملية الإدارية وضعفها واختلال الأهداف التي تسعى الإدارة إلى تحقيقها.
وقد حصر فقهاء الإدارة ثلاث دوائر إدارية في العملية الإدارية:
◄ أولا : دوائر الوظائف الإدارية :
ويمكن تعريفها بأنها مجموعة مراحل متتالية مبنية على منهجية محكمة على مستوى الإدارة كلها.
وهذه الوظائف بالتتابع هي :
*1 التخطيط :
ويقصد به التفكير المنظم السابق لعمليات التنفيذ بهدف مواجهة المستقبل في ظل الإمكانيات المتوفرة وفق برامج وخطط زمنية.
وفي علم الإدارة لا نستطيع أن نقول أن هناك إدارة سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية أو تعليمية..لا تخطط على الإطلاق.وفي نظرنا الإدارة بلا تخطيط هي إدارة حيوانية (أنظر مقالنا « الإدارة الحيوانية بين الفكر والممارسة ») و بصفة عامة لا يمكن على الإطلاق أن تكون هناك إدارة ليس في تصورها أي شيء عن التخطيط.
*2 التنظيم :
وهو تجهيز الوسائل والأدوات المادية والبشرية وتقسيم الأعمال وتوزيعها على المرؤوسين وتحديد المسؤوليات .
انه ترتيب اختصاصات مختلفة لكل موقع من مواقع المنظمة والقيام بترتيب العلاقات بين هذه المواقع .
*3 التشكيل :
والمقصود به تعيين الموظفين داخل الوظائف التي قمنا بتحديدها وتحديد إطارها في الوظيفة السابقة ( التنظيم) فنقول أن فلان (الموظف ) يصلح في المكان الفلاني (الوظيفة ).
فمن البلادة تصور إدارة تسند المهام فيها لأي شخص دون النظر إلى إمكانياته وقدراته واختصاصه.
*4 التوجيه :
أي توجيه وقيادة العاملين والإشراف عليهم وتحفيزهم، وهو العمل الإشرافي المستمر الذي يلازم تنفيذ الأعمال المقررة في الخطة .
إذ لابد من وجود توجيه على مستوى الإدارة بحيث تعمل على توجيه الموارد المتاحة إلى أهداف معينة قابلة للقياس وكما تم تحديدها مسبقا.أي وجود قائد أو رئيس أو مدير.. بمعنى الكلمة .
*5 الرقابة :
وهي متابعة الأعمال أولا بأول للتعرف على مدى مطابقتها للخطة وتعديل مسارها عند اكتشاف انحرافها عما هو مقرر انجازه.
فالوظائف السابقة من تخطيط وتنظيم وتشكيل وتوجيه لابد أن تتم في الشكل المرسوم والمحدد لها،ولابد من التأكد من ذلك عبر المتابعة و الرقابة .
ولا يمكن هنا أن نتصور كذلك أي إدارة ليس فيها أي محاولة للتعرف على نسبة النجاح في الالتزام بالخطط والنظم .
وللإشارة فقد تجد أخي القارئ في بعض الكتابات الإدارية وخاصة في علم الموارد البشرية مصطلح السيطرة بدل مصطلحي الرقابة أو المتابعة ،وجميعهم لهم نفس المعنى ونفس المدلول ،ونحن لا نؤيد إطلاق هذا المصطلح واستعماله لكون مفهوم الرقابة يحيل إلى الإدارة الحديثة المبنية على الحكامة الجيدة في حين مفهوم السيطرة يحيل إلى المدرسة الكلاسيكية بنظريتها البيروقراطية وأكثر من ذلك يحيل إلى أسلوب الجبر والإكراه..
◄
ثانيا : دائرة السلوك الإداري :
يمكن تعريف دائرة السلوك الإداري أنها ممارسات سلوكية تراكمية تحدث يوميا وتتأثر بالبيئة المحيطة.
-إن أداء الوظائف الإدارية الخمسة السابقة تتم عبر مجموعة من الموظفين الذين بدورهم يقوموا بسلوكيات معينة كي تتحقق هذه الوظائف ،إذا كلما كان أداء الموظفين للأدوار السلوكية المنوطة بهم جيدة ،كلما كان أداء الوظائف الخمسة من تخطيط وتنظيم وتشكيل وتوجيه ورقابة ،على مستوى الإدارة جيدا ،والعكس صحيح.
فإذا كان لإدارة ما خلل في التخطيط أو في إحدى الوظائف الإدارية الأخرى أو تأديتها للوظائف الإدارية ضعيف ـ فلا بد أن موظفيها ومستخدميها يفتقدون أداء هذا الدور أو هذه الأدوار- المتتالية والمترابطة –..إذا الخلل في السلوك يتبعه حتما خلل في الوظائف .
والأدوار السلوكية الإدارية متنوعة ومتعددة نذكر أهمها :
*1 الدور الإداري التمثيلي :
وهو سلوك مرخص من الإدارة يقوم به موظفها باعتباره ممثلا لها لدى أشخاص ( معنويين أو اعتباريين ) خارجيين عن إدارته أو مع موظفي إدارته نفسها،ولابد أداء هذا الدور أن يعبر الموظف عن رأي إدارته لا رأيه الشخصي ـ ويكون تمثيله لها تمثيلا صادقا متزنا قانونيا ـ يهدف إلى تحقيق غاية إدارته وينهج أسلوب الحياد.
*2 الدور الإداري الاجتماعي :
وهو دور مهم لكونه نتيجته تعود إيجابا أو سلبا على الإدارة والعاملين بها على حد سواء .فهذا الدور إن تم أداؤه بشكل سيء يؤدي ذلك إلى خلل في تحقيق النتيجة أو العمل المطلوب ،فمثلا أن قام مدير إداري أو رئيس قسم بتوجيه أحد الموظفين أو العاملين مصاب بحالة إحباط ( لديه مشكل عائلي ) ،فيجب عليه أن يغير أسلوب التعامل ومحور الحديث عما كان يفعل في الأيام والحالات العادية .
ولقد تبتت دراسة أن من بين أسباب إخفاق بعض إدارة المشاريع هو تعامل رئيس العمل مع عماله ومستخدميه بطريقة ثابتة في توجيه ورقابتهم بالإضافة إلى نفس الدراسة أن أغلب هؤلاء الرؤساء وجدوا أن لديهم خلل في سلوكهم الاجتماعي .
*3 الدور الإداري القراري :
وهي عملية اختيار من بين مجموعة من البدائل وصولا إلى نتيجة معينة في موقف ووقت معينين.
فالموظف منوط به أن يصنع قرارات ،ولكي يحسن اتخاذ القرار لابد من توافر المعلومات وتجميعها والربط بينها والوصول إلى استنتاجات صحيحة والقدرة على تحليل هذه الاستنتاجات بحكمة ونباهة .
وهناك جزء في السلوك الإداري يتمثل في القدرة على توصيل المعلومة الإدارية،فقد يكون عند المدير أو الرئيس معلومة أو فكرة أوابداع.. ولكنها لا تنتج لأنها لم تصل بالشكل المطلوب إلى المستوى المنفذ.والعكس صحيح .وفي كثير من الحالات وخاصة في الأفكار الجديدة لا يتم استيعابها من طرف الرئيس أو المدير بسبب ضعف إيصال الفكرة أو عدم الإصغاء الجيد لها.
والمعلومة هي اللب الرئيسي المبني عليه إصدار القرار واتخاذه.
ومن معوقات اتخاذ القرار الصائب كذلك التردد وعدم الحسم
– السرعة في اتخاذ القرار
– عدم إشراك الجماعة ( رؤساء الأقسام،المتخصصين..).
◄
ثالثا : دائرة المهارات الإدارية :
لكي يؤدي كل موظف بشكل جيد الوظائف الإدارية الخمسة أو إحداها الموكولة إليه ،وينجح في الفهم التعاملي في الدائرة السلوكية الإدارية لابد أن يتسم بمجموعة من المهارات والقدرات الإدارية.( أنظر مقالنا الكفاءات الضرورية للموظف الإداري ) وهذه المهارات هي :
– الكفاءات الفنية :
وهي كل ما يتصل بالمعلومات والقدرات الفنية الخاصة بعمله كمعرفته بوصف وظيفته ومتطلباتها ومسؤولياته وواجباته فيها معرفة شاملة من الناحية التنظيمية والقانونية والأخلاقية والعرفية
– المهارات الإنسانية : وهي كل ما يتعلق بسلوك الموظف كفرد في علاقته بالآخرين وأسلوبه في التعامل معهم ،ويدخل في ذلك سلوكه في الاتصال والتحاور والقيادة ،وتفاعله خلال المواقف الاجتماعية المختلفة
– الكفاءة الفكرية :
أي قدرته على النظرة الشاملة والواسعة للأمور ،فيربط بين أنماط السلوك المختلفة في عمله ،وينسق بين القرارات العديدة التي تصدر فيها بما يساعد الإدارة ككل على التوجه نحو الهدف المحدد لها.
وهناك حقيقة لا يمكن تجاهلها ،وهي أن العمل يصبغ دائما بتكوين الموظف ككل ودوافعه فيه ودرجة استيعابه وتفكيره .
ومما لا شك فيه أن كل فرد منا يقوم بأداء عمل معين سوف تختلف رؤيته عن غيره في هذا العمل نتيجة اختلاف في التكوين والبيئة المحيطة والثقافة وأهم شيء (في نظرنا المتواضع) الأخلاق .
وهذه المهارات منها كما أسلفنا ما يتعلق بالدور الاجتماعي ومنها ما يتعلق بذاته وشخصيته .
فإذا كان الموظف يفتقد توجيه الموارد الخاصة به كشخص فهل يستطيع تنمية موارد غيره ؟؟
بالطبع لا يستطيع ففاقد الشيء لا يعطيه .
* إذا هذه هي الدوائر الثلاثة التي تشكل العملية الإدارية :
فالدائرة الأولى ( الوظائف الإدارية الخمسة ) فهي تتم على مستوى الإدارة ككل.
والدائرة الثانية التي تطبع على مستوى سلوك الموظف الإداري.
والدائرة الثالثة التي ينبغي أن يتمتع بها أي موظف إداري .
وهذه الدوائر الثلاثة هي التي تكون العملية الإدارية التي يتم بمقتضاها تحويل الموارد والإمكانيات المتاحة إلى أهداف محددة.
محفوظ كيطوني
باحث في الإدارة
المراجع :
– الدكتور أحمد ماهر :الإدارة مدخل بناء المهارات .المكتب العربي الحديث .
-الدكتور محمد عبد الجواد :حرفة الإدارة-دار البشير للثقافة والعلوم 2006 .
-الدكتور سيد الهواري :
الإدارة الأصول و الأسس العملية .مكتبة عين شمس.
– الدكتور عبد الرحمن توفيق ملف تدريبي : تنمية مهارات مديري الشؤون المالية والإدارية .مركز الخبرات المهنية للإدارة بيميك.
– محفوظ كيطوني :الإدارة الحيوانية بين الفكر والممارسة .مقال
– محفوظ كيطوني : الكفاءات الضرورية للموظف الإداري.مقال
1 Comment
شكر خاص للسيد كيطوني وأتمنى أن يعيد سواء هو أو الموقع مقالاته المتعلقة بالمبادرة الوطنية للتنمية البشرية .ولكم جزيل الشكر