Home»Enseignement»سؤال الماء بوجدة : هل هي حاضرة أم بادية ؟

سؤال الماء بوجدة : هل هي حاضرة أم بادية ؟

0
Shares
PinterestGoogle+

الدكتور محمد بنيعيش
كلية الآداب والعلوم الإنسانية وجدة
1) جميلة هي مدينة وجدة ، مدينة نحبها وتحبنا ونحتضنها وتحتضننا ونألفها وتألفنا …ولكن !
حينما تكون أرض ويكون عليها مجتمع فذاك يقتضي ضرورة وجود مرافق ومعايش ومنتجعات ومخطط أخضر ملتزم .وهذا لا يتم إلا بتوفير ما يلزم من مقومات الحضارة التي هي مصطلح مشترك وقائم بالحاضرة المغايرة للبادية.
وقبل أن تكون حاضرة فقد كانت بادية ، ولم تتطور إلى الحاضرة إلا بتوفر عنصر الحياة الرئيسي الذي هو الماء ولا شيء غير الماء . فليس الزّواق ولا الرّواق ولا الزُّقاق هو من يؤسس للحاضرة ويعطيها قيمتها ورونقها.
وحينما يغيب هذا الماء وينقطع بعدما كان سلسبيلا فقد يصبح أمرا وبيلا وعذابا أليما يفقد المدينة جمالها ومركزيتها وقيمتها الحضرية والحضارية.
ومن العيب الكبير والمحرج أن تتعرض، في عصر متقدم، مدن كبيرة تضم آلاف السكان بل الملايين لانقطاع الماء باستمرار ووتيرة مخلة بالنشاط العام للساكنة ومقلقة لراحتهم ومهددة لنظافتهم وأناقتهم ، فيصيرون حينذاك لا هم مدنيون حضريون ولا بدويون أعرابيون.
فقديما كان المخططون للمدن قبل أن يضعوا أول حجر أساس لها يضعون الماء ومصادره في أولى الاعتبارات والضروريات . فإما الرسوُّ على ضفاف نهر ،كالنيل مثلا ،وإما البناء بالقرب من تلّ أو سفح جبل حيث احتمال تشييد السدود الضامنة للحقينة الكافية من الماء الشروب أولا ، ثم الاستهلاك العام ثانيا.
2) إذن فليس العيب في المدينة ولا في المناخ ولا حتى في الفرشة المائية للبلد ، ولكن العيب كل العيب في رجال البلد ونظرتهم القصيرة وإهمالهم لأهم عنصر ضامن للحياة ألا وهو الماء . فحينما يطرأ أمر عابر تتوقف الحركة تماما وتنقلب المدينة إلى صحراء قاحلة ومجمعا للنفايات وروائح الواد الحار المركزة ، كأسوأ مظهر للبيئة المزرية والمرْزية.
ومع الأسف هذا الأمر قد تعرضت وما زالت تتعرض له مدن مغربية من بينها مدينة وجدة على الخصوص ، حيث التراخي في التعامل مع هذا الأمر بشكل ملفت للنظر ،وذلك بزعم بعض المسئولين عدم توفر الآبار الجوفية الكافية أو تقحل السدود وما إلى ذلك ، وكل هذه مبررات واهية تبين عن عجز وخلل في التخطيط بل في الإرادة الصادقة لحل هذا المشكل . وقد كان ممكنا توظيف سياسة السدود الصغرى، كالقروض الصغرى ، باستقراء التلول والهضاب المتعددة المحيطة بالمدينة ، أو حتى الممتدة عبر المساحات الشاسعة غير المستغلة بين وجدة والمدن الشرقية المجاورة لها ، وخاصة من جهة الغرب . بحيث حينما تأتي عاصفة رعدية واحدة فقد توفر آلاف بل ملايين الأمتار المكعبة من الماء القابلة للاستغلال والتخزين لحين ضرورة الاستعمال إما في الشرب أو السقي وما إلى ذلك . ولكن مع الأسف قد يضيع الماء فيجرف العباد أويغور في الوحل والقحل ولا تكون بعده استفادة .وهذا الرأي كنموذج فقط .
3) في حين لا نلحظ أي تعبئة للحفر عن الآبار سواء داخل المدينة أو في ضواحيها بشكل يعبر عن حركة استعجالية لحل المشكل والسهر على راحة المواطن الذي يعيش جحيما لا يطاق حينما يقطع عنه الماء.وأخص منه وأمرّ في « فصل الصيف » حيث الحرارة المفرطة والضنك والضيق، مما يسبب في مشاكل نفسية وصحية وتشنجات عصبية واجتماعية لا تخفى على أحد.
فمدينة وجدة هي شبه قارية ومناخها جيد جدا ولكن يعوزها الماء الكافي للاستمتاع بجمالها ورونقها ،وإلا ستصبح كما قال لي أحد المراهقين جاء من خارج وجدة في فترة الحرارة :من أراد أن يختبر جهنم فليأت إلى وجدة. وهذا كلام من جهة فيه نوع من الصواب ومن جهة أخرى ليس صحيحا بالمرة ، إذ الجو بها له خصوصية صحية وهبوب منعش يتخلل تلك الحرارة ،وخاصة بعد العصر لا تقارن به أجواء الغالبية من المدن المغربية.
وأسوا بقعة بوجدة فيما أرى هي تلك التي جاءت عبر الطريق الآتية من سيدي يحيى نحو مرجان بعد اجتياز مفترق الطرق جهة مجمع الألعاب والحفلات، حيث سيعترضك في الطريق عند منتهى واد إسلي روائح البيض المسلوق والمقزز ،حتى إنه ليقتحم أنفك ولو كنت في داخل سيارتك والنوافذ مغلقة .إنها روائح كريهة للواد الحار المركز كنتيجة لغياب الصبيب المائي الكافي لإتلاف تلك الانبعاثات الكربونية البشرية. وهذا عيب بالمدينة كبير تقع مسؤوليته على كل المجالس والرئاسات الجهوية والإقليمية والبلدية والحضرية المعنية بهذا القطاع.
وأخيرا أقول :الماء الماء ولا من حضارة قائمة وحاضرة محترمة إلا بتوفير الماء …وفي هذا الكفاية…

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

4 Comments

  1. محمد الكرومي
    11/06/2022 at 12:52

    فعلا أصبحت وجدة محل عبث الاستهتار بسكانها في مسألة حيوية إلا وهي الماء .
    لا يخيب والرقيب على المسؤولين على هذا القطاع .
    يقطعون متى شاءوا ويطلقونه متى احبوا .
    لا توضيحات ولا حركات إعلامية فقط بيانات كاذبة ولاتحترم أجندتها .
    مدينة بلا ما في 2022 وعلى أبواب العطلة الصيفية ……
    حلل وناقش

  2. كوثر
    11/06/2022 at 23:49

    بارك الله فيك أستاذنا الجليل على قولك السديد.

  3. Prof.
    12/06/2022 at 03:04

    نحن قوم نحب التبذير و الإسراف و التبديد و التباهي بكثرة و وفرة الخيرات و لا نبالي بما قد يخفيه لنا المستقبل من أزمات و نقص في المواد الحيوية كالماء و الغذاء و الدواء و مصادر الطاقة… ولا نعير أي اهتمام لذلك حتى تقع الأزمة. فعوض ان نقوم بتوفير و ادخار الفائض من هذه الخيرات للأجيال القادمة و تحسبا للأزمات المحتملة الوقوع بسبب الحروب و النزاعات و الزلازل و المجاعة و الأوبئة… كما هو الحال اليوم فيما يخص القمح و زيت المائدة و الوقود و الماء… نبذر و نسيء استعمال ما يمكن توفيره و ادخاره. لهذا قطع الماء على مدينة وجدة و غيرها من المدن المغربية بانتظام و لعدة ساعات في اليوم له بعد بيداغوجي تربوي يعلم الساكنة و يربيهم على ثقافة الحفاظ على H2O و يحثهم على عدم تبذير هذه المادة الحيوية التي تشكل أكثر من 65% من جسم الإنسان.

  4. bensaid
    14/06/2022 at 11:58

    bonjour
    je suis yahya bensaid originaire d Oujda élu en France
    j ai déjà écris mes commentaires sur ce sujet dans ce journal mais rien ne bouge. je rentre d Oujda où j ai séjourné du 3 juin au 11 juin
    je suis en colère de voir des quartiers entiers privés d eau alors que d autres non
    y a même des quartiers riches où les gens profitent pour laver leurs voiture
    ou arroser leurs gazons et leurs jardin et même remplir leurs piscines
    est ce logique alors que d autres ne veulent que boire et utiliser l eau pour leurs quotidien
    je ne cesserais de dénoncer cette mascarade et j appelle les citoyens à ne pas payer leurs factures ni leurs abonnement tant que cette affaire n est pas tirée au clair
    j appel aussi les élus locaux et les responsables et à leur tête le président de la région de l oriental fils de village toba d agir et de réagir vite pour mettre fin à ce jeu.
    je reste bien viellant et mon message s adresse aussi a si azzaoui le nouveau maire d Oujda
    avis à bon entendeur
    je vais dénoncer cela auprès de la ville de Lille jumelée avec Oujda depuis 2006 pour faire réagir certains ingrats.

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *