Home»International»كيف يمكن أن تكون الأمة المسلمة سفيرة لدى باقي أمم الأرض لتبليغها دين الإسلام خلال شهر الصيام ؟

كيف يمكن أن تكون الأمة المسلمة سفيرة لدى باقي أمم الأرض لتبليغها دين الإسلام خلال شهر الصيام ؟

0
Shares
PinterestGoogle+

كيف يمكن أن تكون الأمة المسلمة سفيرة لدى باقي أمم الأرض لتبليغها دين الإسلام خلال  شهر الصيام ؟

محمد شركي

من المعلوم أن  الله عز وجل قد قلّد الأمة المسلمة مسؤولية النيابة عنه وعن رسوله صلى الله عليه وسلم في تبليغ دينه للعالمين عن طريق الرسالة العالمية الخاتمة مصداقا لقوله عز من قائل : (( كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله )) . و هذه الخيرية إنما هي تكليف قبل أن تكون تشريفا ،لأنها مشروطة بإيمان بالله تعالى مع أمر الناس بالمعروف ونهيهم عن المنكر . والإيمان لا يكون بالتمني ولا بالتحلي، وإنما هو ما وقر في القلب، وصدقه العمل كما روي  ذلك عن الإمام الحسن البصري رحمه الله تعالى.  والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يقتصر على أقوال تلاك باللسان بل لا بد أن تترجم إلى فعال . ولهذا من أراد أن يكون ضمن هذه الخيرية فلا بد له أن يثبت ذلك بما تقتضيه شروطها .

ومع أن حياة المسلمين كلها فرص للتبليغ عن الله عز وجل وعن رسوله صلى الله عليه وسلم القائل :  » بلغوا عني ولو آية  » ، فإن في حياتهم فرص أسنح للتبليغ خصوصا عند ممارسة ما تعبّدهم به الله عز وجل من عبادات ، ذلك أن عبادة الصلاة اليومية على سبيل المثال  تكون عبارة عن تبليغ دين الإسلام لغير المسلمين بحيث يكفيهم أن يعاينوا المسلمين وهم يؤدونها في المساجد ليثير ذلك فضولهم لمعرفتها، والتفكير فيها والسؤال عن مقصدها ، وكذلك الشأن بالنسبة لصلاة  الجمعة الأسبوعية ، و بالنسبة لصلاة  العيدين السنوية . ونفس الشيء يقال عن باقي العبادات من صيام ،وزكاة ،وحج حيث يكون علم الناس ممن ليسوا مسلمين بها سببا في السؤال عنها، وعن مقاصدها ، وفي أداء المسلمين لها عمليا وإجرائيا ما يسد مسد تبليغها لهم بالأقوال، لأن الأفعال أبلغ في التبليغ من الأقوال ، وليس كل من يقول يفعل ، « ورب مبلغ أوعى من سامع » كما جاء في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم .

ومن الفرص المتاحة للمسلمين من أجل تبليغ دين الله عز وجل للعالمين، فرصة صيام شهر رمضان  السنوية  ، وهي أكثر الفرص المثيرة لفضول الأمم غير المسلمة لمعرفة حقيقة هذه العبادة ، وذلك لارتباطها بالامتناع عن شهوتي البطن والفرج من طلوع الفجر إلى غروب الشمس ، فضلا عما يصاحب ذلك من صلاة بالليل ومن اعتكاف . وعلى المسلمين تقع مسؤولية القيام بالسفارة الناجحة  لدى كل الأمم غير المسلمة للتعريف عمليا وإجرائيا بهذه العبادة وبمقصدها لأنها كلفت شرعا  بالتبليغ نيابة عن الله عز وجل وعن رسوله  صلى الله عليه وسلم ، و هي ليست كغيرها من الأمم التي تجعل  ممارسة دينها  حكرا عليها دون غيرها .

وقد لا تحسن الأمة الإسلامية في بعض أقطار البلاد الإسلامية  مع الأسف هذه السفارة ، فتفشل في التبليغ  عن الله عز وجل وعن رسوله صلى الله عليه وسلم ، وتكون بذلك مقصرة  في هذه المسؤولية التي قلّدها الله عز وجل ولا تنال شرف الخيرية .

ومن المؤسف أن كثيرا من المسلمين يختزلون سفارتهم لدى غيرهم من الأمم غير المسلمة  في استعراض موائد إفطارهم التي يتنافسون في المباهاة بها ، كما يتنافسون  في المبالغة في  تزيينها بما لذ وطاب من الأطعة والأشربة ، فتكون مثار انتباه تلك الأمم أكثر من لفت أنظارها إلى حقيقة عبادة الصيام ،علما بأنها تحتار في أمر أمة تستهلك من الطعام والشراب في شهر الصيام أكثر مما تستهلكه في  غيره من باقي شهور السنة .

وقد يقول قائل إن موائد الإفطار في رمضان  قد تثير  فضول  غير المسلمين ، وربما أغراهم ذلك  بحضورها ، فتكون تلك فرصة للتعريف بعبادة الصيام ،وتبليغ دين الله عز وجل لهم ، والرد على هذا القول أنه صحيح إذا ما أحسن التبليغ ، ولم يقتصر على مجرد تقديم الطعام والشراب لهم ، وهو ما يغيّب المقصد من  عبادة الصيام .

ومما يستوجبه حسن  السفارة لدى غير المسلمين في شهر الصيام إظهار المسلمين للسلوك اللائق بهم مما تقتضيه عبادتهم فيه من امتناع عن الرفث والصخب والجهل ، والزور… وكل مفسدات الصيام، وبهذا تكون دعوتهم بالحال لا بمجرد المقال، لأنه لا يكفي أن يقال لغير المسلمين إننا  معشر المسلمين إذا صمنا لزمنا كيت وكيت من السلوك ، ولكننا لا نؤكد لهم ذلك عمليا وإجرائيا، فتكون حينئذ أحوالنا  حجة على عدم صحة أقوالنا .

ومما يستوجبه حسن السفارة أيضا أن يشيع بين المسلمين في هذا الشهر الفضيل الكرم والجود بحيث لا ترى حشود وطوابير  المتسولين في شوارعهم ، وهم في المقابل يباهون بموائد الإفطار الزاخرة بأصناف الأطباق الشهية من الطعام وبلذيذ الأقداح من الشراب . وإنه لجميل أن تفرش في بعض بلاد الإسلام  السفرات  الطويلة العريضة في أماكن عمومية ساعة الإفطار، فيصيب من طعامها وشرابها المسلم وغير المسلم أيضا ، ولكنه قبيح بنا  أن نرى  فيها طوابير المتسولين  الذين قد يمدون أيديهم  استجداء حتى إلى غير المسلمين ، فتحتار الأمم غير المسلمة في أمرنا ، وهي ترى مثل هذه التناقضات الصارخة الشائعة فينا .

وليعمل كل مسلم أنه يلزمه شرعا  أن يقوم بواجب السفارة لدى غير المسلم في شهر رمضان سفارة  ناجحة  تنوب فيها الأفعال عن الأقوال حتى لا يسجل على دين الله عز وجل ما هو منه  براء  من تناقضات صارخة تلحق الضرر بسمعته.

وبقي أن نشير إلى سلوك بعض المحسوبين على دين الإسلام من الذين يرتادون أماكن الطعام والشراب مع غير المسلمين  وقت الصيام ، فتزدريهم أعين هؤلاء لأنهم لا يلتزمون بما افترض عليهم كباقي المسلمين . وشر من هؤلاء من يطالبون بما يسمونه حرية الإفطار العلني في رمضان دون أعذار شرعية ، وهم يباهون بذلك ، ويتعمدون الإساءة إلى مشاعر إخوانهم الصائمين الدينية  نكاية في دين الإسلام ، وهم في نفس الوقت يقومون بأسوإ سفارة لدى غير المسلمين تشبها بهم لاسترضاهم وما هم براضين عنهم أبدا .

ولا بد أخيرا  من الإشارة إلى أن السفارة الجيدة والمتزنة تؤتي غالبا أكلها ذلك أن كثيرا ممن يعتنقون الإسلام من غير المسلمين يكون ذلك بتوفيق من الله عز وجل وبحسن تلك السفارة كما يصرحون بذلك.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *