Home»Débats»العدالة ليوسف.. وضحايا الظلم والشطط!

العدالة ليوسف.. وضحايا الظلم والشطط!

0
Shares
PinterestGoogle+

إسماعيل الحلوتي


على إثر الانتشار العريض بشعار « العدالة ليوسف » في مواقع التواصل الاجتماعي، الذي رفعه مجموعة من أنصار فريق الرجاء البيضاوي من فصيل إلتراس « الغرين بويز »، إكراما لروح زميلهم المسمى قيد حياته « يوسف » وتضامنا مع والدته المفجوعة بفقدانه المفاجئ، يطالبون من خلاله السلطات المعنية تعميق البحث في الطريقة التي أودت بحياته ليلة 8 شتنبر 2021، لاسيما أن « الوفاة » جاءت في ظروف مبهمة بعد ملاحقته وصديقه من قبل رجال الأمن لعدم ارتدائه الخوذة الواقية، قبل وقوع حادثة السير التي تعرضا لها…
وهي القضية التي أثارت جدلا واسعا في الأيام الأخيرة ليس فقط من قبل عائلته وأنصار فريق « النسور الخضر »، بل من لدن جميع الجماهير الرياضية من مختلف الفرق الوطنية والمهتمين بالشأن الرياضي المحلي، خاصة بعد نشر التفاصيل الصادمة التي كشفت عنها والدة الضحية في مقطع فيديو، على الصفحة الرسمية للفصيل السالف الذكر حول الحادث المأساوي.
وبعد إفصاح مناصري « الرجاء العالمي » عن معطيات خطيرة تشير إلى أن وفاة زميلهم لم تكن بسبب حادثة سير كما يحاول البعض أن يوهم بها الرأي العام الوطني، وإنما بفعل ما لقيه الضحية من تعنيف على يد ثلاثة من عناصر الشرطة إلى أن لفظ أنفاسه الأخيرة، تحت عدسات كاميرا « الطرامواي » المثبتة بالقرب من مسرح « الجريمة ».
وتبعا لما ورد على لسان والدة الضحية في تسجيل صوتي تم تداوله على نطاق واسع في الفضاء الأزرق، روت فيه بالتفصيل الممل ومرارة ملابسات ما أصاب ابنها، وكيف أنها سارعت إلى طرق أبواب المسؤولين يحذوها الأمل في إحقاق الحق حتى لا يذهب دم ابنها هدرا، عبر تقديم الجناة إلى العدالة، لتقول كلمتها بكل جرأة موضوعية.
أبى المدير العام للأمن الوطني عبد اللطيف الحموشي إلا أن يتفاعل مع الواقعة الأليمة، وفق المتوفر من المعطيات والاتهامات حول وفاة الشاب يوسف، ويبادر كالعادة إلى توجيه تعليماته للمصالح المركزية للأمن الوطني من أجل متابعة ملف الضحية، الذي قضى في حادث دراجة نارية وإصابة مرافقه أثناء مطاردة أمنية، بالإضافة إلى تعرض شرطي لجروح طفيفة، في انتظار نتائج البحث القضائي الذي باشرته الغرفة الوطنية للشرطة القضائية، التي تكفلت بمواصلة تعميق البحث تحت إشراف النيابة العامة المختصة، حتى يتسنى لها الوقوف على الظروف المحيطة بالحادثة والكشف عن جميع تفاصيلها، ومن ثم ترتيب الإجراءات القانونية والإدارية الضرورية.
من هنا بدا واضحا أن المديرية العامة للأمن الوطني لا تألو جهدا في دراسة الملف من كل جوانبه، معتمدة في ذلك على التسجيلات الصوتية والمحتويات الرقمية الموجودة لديها، واضعة نصب أعينها ظروف وملابسات الحادث الأليم الذي وقع قرب سكة « الطرامواي » بمنطقة عين السبع-الحي المحمدي بمدينة الدار البيضاء…
جميل جدا أن يتحرك أصدقاء الضحية ويجعلون من مقتله قضية رأي عام، وأن تعج مواقع التواصل الاجتماعي بالمنشورات والشعارات في حملة تضامنية واسعة، مطالبين بإنفاذ القانون في حق الجناة والانتصار لصوت الأم المفجوعة بفقدان فلذة كبدها، لاسيما أن عائلته تؤكد على أنه تعرض لعنف شديد على يد ثلاثة من رجال الأمن ظلوا يطاردونه حتى وقوع الحادثة، وإشباعه ركلا ورفسا إلى أن فاضت روحه. وأن تغالب والدته دمعها وترفع صوتها عاليا وفي كل الاتجاهات، سعيا منها إلى البحث عن الحقيقة عبر استجماع كل التفاصيل ذات الارتباط الوثيق بالاعتداء الشنيع الذي عجل بموت ابنها…
وجميل أيضا أن يتفاعل مسؤول كبير من حجم المدير العام للأمن الوطني مع الحادث الذي اهتزت له الساكنة البيضاوية، وما أذيع حوله من معلومات في الفضاء الأزرقـ، وإصدار أوامره العاجلة للمصالح المعنية، بهدف تعميق البحث والوصول إلى الحقيقة بكل تجرد وموضوعية، وإنهاء الجدل القائم داخل البيوت ووسط الجماهير الرياضية عامة والرجاوية خاصة…
بيد أن الأجمل من ذلك ليس فقط هو ظهور الحقيقة الكاملة حول « مقتل » الشاب يوسف الذي خلف الكثير من علامات الاستفهام، بل في أن يحرص الجميع مواطنين ورجال الأمن وغيرهم من الموظفين على احترام القانون، بعيدا عن أي تهور ممكن أو شطط في استعمال السلطة. إذ لو أن الضحية ارتدى خوذته الواقية، التي هي في الواقع من مصلحة كل مستعملي الدراجات النارية، لحماية رؤوسهم من الارتطام بالأرض عند وقوع حوادث السير، أو امتثل لأمر رجال الأمن بالتوقف الذي لم يكن ليكلفه أكثر من تحرير مخالفة بدل إزهاق روحه. ولو أن رجال الأمن بدورهم لم يعاملوه كأحد المبحوث عنهم أو من ارتكب للتو فعلا إجراميا خطيرا من خلال مطاردته، ما كان لتلك الروح أن تزهق سواء كان السبب المباشر هو الحادثة أو الضرب المبرح…
وفي انتظار استكمال البحث وقول العدالة كلمتها الفصل، ندعو الجميع إلى ضرورة التقيد بالقانون والسهر على تطبيقه ضد مخالفيه مهما كانت مواقعهم ورتبهم، لأننا نرفض الظلم بمختلف تجلياته ونطالب بإنصاف المظلومين دون ضغوطات أو تدخلات. فالعدل من القيم الأخلاقية النبيلة والتعاليم الإسلامية الرفيعة، التي لا ينبغي التزحزح عنها في محاكمنا وكل شؤون حياتنا العامة والخاصة، ومن معانيه قول الحق واعتماد الصدق في معاملاتنا واحترام حقوق الإنسان. وأي أمة لا تنتصر للضعفاء وتنصف المظلومين، هي أمة غير جديرة بنصر الله، الذي حرم الظلم على نفسه، فيما أمر رسوله الكريم محمد عليه الصلاة والسلام بنصرة المظلوم…

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *