صراع الحركة بين العارض والراجل والراكب في شوارع مدينة وجدة
يلاحظ المار بشوارع مدينة وجدة وأزقتها وجود فوضى عارمة في حركة المرور. وبدون كبير عناء يستطيع الإنسان أن يدرك السر الكامن وراء هذه الفوضى حيث يعمد أصحاب المحال التجارية المختلفة والمقاهي إلى شغل مساحات هامة من واجهات هذه المحال إلى الأرصفة ببضاعتهم أو كراسيهم أو درجات زبائنهم وزوارهم. وسلوك هؤلاء العارضين للسلع أو الخدمة عبارة عن اعتداء صارخ على حقوق الراجلين الذين لا يجدون بدورهم بدا من السطو على حقوق الراكبين والذين لا يجدون بدورهم ممرات وسط المارة لتحريك سياراتهم ، ويصير المشهد عبارة عن فوضى عارمة كما أسلفنا . وتزداد هذه الفوضى درامية عندما ينزل الباعة المتجولون بعرباتهم سواء التي تجرها الدواب أم التي يدفعونها إلى الشوارع والطرقات ، وبجوار المساكن والمساجد ويختلط الحابل بالنابل والدراع بالحاسر كما يقال وكأن الأمر عبارة عن ساحة حرب. لقد عمد المسئولون عن المدينة إلى تزيينها من خلال توسيع بعض الشوارع وتزفيتها وتبليط الواجهات وتجديد الأرصفة ، وإعداد المساحات الخضراء ، وهم مشكورون على ذلك ولكنهم لم يقاربوا ثقافة الحركة داخل مشروعات الإصلاحات المادية.
وثقافة الحركة عبارة عن سلوكات تلزم الناس في الشوارع والأزقة والأماكن العمومية عموما. فالعارض لسلعته أو لخدمته ملزم بموجب ثقافة الحركة أن يحترم مجال تحرك الراجل الذي يجب أن يجد الفسحة المناسبة لحركته فوق الرصيف الذي لا يجب أن يصير امتدادا للمتاجر والمقاهي أو عبارة عن ملحقات بالمتاجر والمقاهي. والراجل ملزم بإخلاء مجال الراكب الذي يجب أن يجد فسحة ليحرك فيها ما يركب، وهو مجال لا يناسب الراجل بل يهدد حياته. إن ثقافة الحركة أو المرور تعكس سلوكا مدنيا، وبقدر انتظام الحركة أو المرور في حاضرة من الحواضر يمكن قياس هذا السلوك المدني الذي نسعى إلى ترسيخه بشعارات نروجها في وسائل إعلامنا وفي مؤسساتنا التربوية. لقد بذل المسئولون مثلا جهدا يستحق الشكر لتتنفس المدينة عبر جهتها الغربية من خلال توسيع قنطرة واد الناشف التي صارت تحمل اسم المغفور له محمد الخامس ، وزينت أطراف القنطرة بغطاء نباتي جميل وهو عبارة عن أزهار زاهية تثير الناظرين ، وبجوار القنطرة مجال أخضر أعيد بناؤه وتزيينه بنفس الزهور ولكن غابت ثقافة المجال الأخضر عند شريحة من عمال البناء اتخذوا من هذا المكان منذ زمن بعيد ما يسمى » موقفا » أي مكان الوقوف لانتظار فرص الشغل وقد ربطوا درجاتهم الهوائية إلى جدار المجال الأخضر فبدا المشهد غريبا حيث اختلط جمال المجال الأخضر بزهوره الزاهية مع مشهد العمال البسطاء وقد كست أجسادهم الأسمال وأحاطت بهم درجاتهم المتواضعة وعليها بعض وسائل البناء. والمار بهذا المشهد الغريب يأسف لحال المكان وحال الإنسان.
ولعل ترسيخ ثقافة المساحات الخضراء كان يقتضي أن يعد ما يسمى » بالموقف » قبل إصلاح حال المساحات الخضراء التي لا تعني شيئا بالنسبة لشريحة من الناس همها البحث عن لقمة العيش. وعدم التفكير في هذه الشريحة جعلنا بدون مساحة خضراء تضفي جمالا على المدينة، وبدون موقف يقف فيه هؤلاء انتظارا للشغل. وما يقال عن هذه الشريحة يقال عن شريحة الباعة المتجولين الذين يتناسلون بشكل غريب نظرا لظروف العيش الصعبة التي طوحت بالقرويين إلى المدينة بعدما شحت الطبيعة ،وانحبس القطر الذي كان يجعل العيش في البوادي سهلا يسيرا. إن التفكير في تخصيص أماكن لهؤلاء وأولئك يدخل ضمن مشروع تكريس ثقافة جمال المدينة ونظامها. أما صرف الاهتمام لأوراش إصلاح شوارع المدينة دون مقاربة علمية موضوعية تضع في حساباتها العنصر البشري الذي هو واقع غير قابل للتجاوز والمتمثل في شرائح غير معنية في نظرها بأهداف الإصلاح ، وكل همها طلب قوتها بطرق عشوائية تجعل شوارع المدينة مجالا لفوضى عارمة فهو عبارة عن إهدار للجهد والوقت والمال دون جدوى. وإننا لنعاين في كل لحظة عرقلة كبيرة في حركة المرور حيث يحار شرطي المرور المتخصص فيها ويقف عاجزا دون تنظيمها لأنه يواجه خليطا من الحركة المتعارضة بين عارض مقيم وبائع متجول وراجل وراكب وواقف متفرج. إننا نأمل من خلال هذا الموقع الغيور على سمعة المدينة أن نلفت أنظار المسئولين إلى هذا النشاز في حركة المدينة ، ونود أن يعقد مؤتمرا محليا يجمع كل الشرائح من أجل التفاهم حول ميثاق شرف بين الجميع من أجل ترسيخ ثقافة الحركة ، وترسيخ ثقافة السلوك المدني الغائب في مدينتنا. وإننا على ثقة بأن في هذه المدينة الجميلة أصحاب إرادة قوية وحسنة لتحقيق الإصلاح البشري الموازي للإصلاح المادي الذي نثمنه ، ونثني على أصحابه بقدر ما نرفض موقف من يريد إنكاره أو التقليل من شأنه أو نسفه عن طريق تشجيع الظواهر السلبية التي لا تساير هذا الإصلاح .
5 Comments
Il faut d’abord changer la mentalite des oujdis.(l 3aklia nta3 oujada khamja)
بكري قالوا سلطان جاير و لا قبيلة فاسدة و انظروا إن شئتم الدول التي خرجت من الديكتاتورات الغربية و كيف انتقلت الى المجد. حقيقة مؤلمة عندما ترى الفوضى في كل أحوالنا، مأساة و كوارث بشرية تمشي على الأرض بحاجة الى التربية و الرعاية. و ستتفاقم الأمور إن لم نتدارك الأمر بإعادة الأمور الى نصابها. فالكل مسئول و الثقل على المسئولين الدين يتفرجون صامتين. فمتى نستيقظ؟
السلام عليكم و رحمة الله
ان هذا الموضوع له اسباب عدة ومن بين هذه الاسباب و اهمها هو عدم الوعي عند العامة و خطورة ما يقع بالاضافةالى عدم وجود مخططات على المدى البعيد للمدن
المغربية وهذا راجع للمسؤولين الذين كانوا يسهرون ليل نهار على رفع رصيدهم البنكي فقط وفاليموت الشعب وهذا الاخير لا يحرك ساكنة
وانظر كذلك الى ظاهرة الاستلاء على الارصفة من طرف السكان وتسييجها بسياج حتى تصبح ملكا له
اين هي البلدية و المسؤولين بها
اين هي الولاية والولاية لله فقط
واين واين واين
الواحد رجلو فالمرج ويقول ارج
عار وكل العار على المسؤولين في المدينة
والسلام عليكم
أتمنى أن يستعمل المسؤولون في وجدة وغيرها الموقع الخاص بالخرائط http://maps.google.com للاطلاع على كيفية تصميم الطرق ومايتعلق بحركة المرور في الدول المتقدمة ولا بأس أن يخصصوا زيارات ميدانية لهذه الدول لعل أن تكون في ذالك إفادة
الله يكون في عون السائق مادام يسير في شوارع وجدة واش يحضي عن اليمين او عن الشمال اويحضي الشرطي امامه يترقب خطاه