رسالة حركة حماس لمن يهمهم الأمر
نورالدين زاوش
يبدو أن الموظفين المغاربة كانوا مختلفين فيما بينهم حول اسم النقابة التي تستحق أصواتهم في انتخابات اللجان متساوية الأعضاء بتاريخ 16 يونيو؛ لكنهم كانوا شبه مُجْمعين حول اسم النقابة التي لا تستحق هذه الأصوات، هذا ما أشارت إليه الفضيحة الشنعاء والهزيمة النكراء التي منيت بهما نقابة الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، الجناح النقابي لحزب العدالة والتنمية، مما له أكثر من دلالة.
بطبيعة حال، لم يكن التصويت العقابي لشريحة الموظفين ضد نقابة « الإخوان » احتجاجا على توقيع الحزب المعلوم الذي تنتمي إليه النقابة على معاهدة التطبيع مع إسرائيل؛ وإنما لحجم التواطؤ الذي ساهمت به من أجل إقبار المكتسبات التي تمكنت الشغيلة من انتزاعها بعد تضحيات جسام عبر تاريخها النضالي الطويل؛ مما يدل على أن رسالة التهنئة التي أرسلها سعد الدين العثماني لتهنئة حماس على نصرها المظفر لم تكن ذات أثر كبير في كبح مشاعر الاشمئزاز والتذمر التي بات يشعر بهما المواطن المغربي اتجاه حزب يبدل من جلده أكثر مما تستطيعه الأفعى، ويتلون بلون الكرسي الذي يجلس عليه أسرع مما تستطيعه الحرباء؛ كما أن أخذ صور تذكارية مع رئيس الدائرة السياسية لحركة حماس « اسماعيل هنية » وهو يزور المغرب لم تكن كافية لتلميع وجه غزته التجاعيد من كل حدب وصوب.
إن المغيبين الذين كانوا بالأمس القريب يبررون موقف التطبيع مع إسرائيل على أنه أمرٌ أكرهوا عليه وقلوبهم مطمئنة بالإيمان، أنفسهم من يحاولون تزيين واجهة حزبهم المتآكلة بادعائهم أن دعوتهم غير المسبوقة لحماس كانت عن طيب خاطر ولم تكن بإيعاز من أحد؛ إلا أن « اسماعيل هنية » لم يتأخر في تفنيد الإشاعة ونقض الادعاء، حيث أقرَّ في أول كلمة له بأنه يزور المملكة الشريفة برعاية الملك.
إن زيارة حركة حماس الأخيرة للمغرب تقدم رسالتين لا تخطئهما عين لبيب: الأولى لحزب « الإسلاميين »، مفادها أن الدولة تضبط سياستها وهي تنظر إلى العالم من صرحٍ شامخ في السماء، عكس حزب العدالة الذي يقرر مواقفه ويصوغ انفعالاته وهو يطل على العالم من خلال ثقب صناديق الاقتراع، والثانية موجهة لجنرالات الجزائر الأغبياء، مفادها أن الفلسطينيين والمغاربة قلب واحد ويد واحدة، وأنهما إما أن يكونا معا خائنين للقدس والأقصى، أو يكونا مدافعين عنهما معا؛ وإلا، فكيف يُعقل أن يزور رئيس حركة المقاومة الإسلامية المغرب « الخائن »، ولا يفكر ولو لهنيهة في زيارة الجزائر « المجاهدة »؟
نورالدين زاوش
Aucun commentaire