عبدالقادر كتــرة

خصص محرك البحث « غوغل »، اليوم، عنوانه الرئيسي للطبيبة التونسية توحيدة بن الشيخ، تكريما لها واحتفاء بها باعتبارها أول طبيبة مسلمة في العالم العربي.

الدكتورة توحيدة بن الشيخ التي ولدت في الثاني من يناير عام 1909 شمالي تونس، حصلت على الدكتوراه في الطب سنة 1936 في فرنسا قبل أن تعود إلى وطنها وتسهم في معركة مكافحة الأمراض التي استشرت حينها في أوساط شعب كان يرزح تحت الاستعمار وتقع أغلب شرائحه تحت مستوى الفقر.

ويرجع سبب هذا الاحتفاء إلى تزامن تاريخ اليوم مع ذكرى طرح البنك المركزي التونسي للتداول، ابتداءً من 27 مارس العام الماضي، ورقة نقدية جديدة من فئة 10 دنانير، واختيرت الدكتورة توحيدة بن الشيخ شخصية رئيسة لتلك الورقة النقدية.

ونجحت الطبيبة التونسية، من خلال عملها أربعة عقود طبيبة ثم مسؤولة في المستشفيات، حسب مقال خصصه موقع « البيان الإلكتروني » لها، في تحسين الوضع الصحي للمرأة التونسية في جميع الأوساط خاصة الفقيرة، ووضع سياسة تنظيم العائلة التونسية، ما أسهم إلى حد كبير في تراجع مهم لنسب وفيات النساء والأطفال عند الولادة في ستينيات القرن الماضي.

تقول توحيدة بن الشيخ، حسب البيان الإلكتروني، في شهادة تضمنها كتاب « نساء وذاكرة: تونسيات في الحياة العامة 1920-1960″، إنها ولدت في عائلة ميسورة الحال من كبار ملاك الأراضي الفلاحية في قرية رأس الجبل التابعة لمحافظة بنزرت شمال تونس، وتوفي والدها بعد أشهر قليلة من مولدها، فنشأت مع أخويها في كنف أمها حلومة بن عمار المنحدرة من عائلة عريقة، وهي شقيقة رئيس الحكومة التونسية في الخمسينيات من القرن الماضي الطاهر بن عمار.

وقد حرصت هذه الأم على تعليم ابنتها مثلها مثل شقيقيها في وقت كانت الأمية منتشرة في أغلب فئات المجتمع التونسي، وخاصة لدى العنصر النسائي، بسبب رفض الأسر التونسية إرسال بناتهم على المدارس أو دفعهن إلى الانقطاع عن التعليم خلال المرحلة الابتدائية.

وحصلت التلميذة توحيدة، حسب نفس المصدر، على الشهادة الابتدائية عام 1922، ثم واصلت دراستها الثانوية في معهد « أرمان فاليار » بتونس العاصمة، حيث نالت البكالوريا (الثانوية العامة) عام 1928.

والتحقت بكلية الطب في باريس بفضل الطبيب والباحث الفرنسي في معهد باستور للبحوث الطبية بتونس إيتيان بورني، الذي تعرفت إليه عن طريق زوجته.

ولم يكن من السهل إقناع عائلتها الموسعة بالسفر إلى فرنسا لولا وقوف أمها إلى جانبها التي تكفلت فيما بعد بمصاريف دراستها ومعيشتها في الغربة.

وفي عام 1936، حازت توحيدة بن الشيخ شهادتها في الطّب لتكون أول تونسية وأول طبيبة عربية مسلمة تحصل على الدكتوراه في الطب، إذ سبقها في نيل هذه الشهادة طبيبتان مسيحيتان عربيتان هما السورية لوريس ماهر والمصرية هيلانة سيداروس، اللتان حصلتا على الشهادة في عام 1930، الأولى ضمن الدفعة الأولى من المعهد الطبي بدمشق، والثانية من إنجلترا.

وعادت إلى تونس بعد نيل شهادتها لتفتح عيادتها الخاصة وتشتغل في البداية في الطب العام، لكنها سرعان ما تخصصت في طب النساء والتوليد.

وتوفيت توحيدة بن الشيخ في السادس من ديسمبر سنة 2010، بعد أن فتحت أمام المرأة التونسية والعربية طريقاً جديداً في مجال علمي صعب.