إلى خير جواربعدما جاورت النبراس
» كمال الدين رحموني
رجل آخر من رجال « النبراس » يرحل عن دنيانا، أخونا الحسين مجاهدي، و لانملك إلا أن نسلّم بقَدَرٍمُقَدَّر، ومع التسليم والإذعان لرب العالمين، يأبى الحزن إلا أن يعتصرقلوبا لاهية، أنفسا شاردة، ترقب زيارة المنية التي تقرع البيوت، وليس لنا – أمام قدر الله- إلا العزاء وقد ترجَّلَ أخٌ كريم ورجل صادق يشهد له مقرّبوه الذين نذروا أنفسهم لخدمة أمة قلّ فيها من ينكر ذاته، ويجود بجهده وسَمته، لا يبتغي من وراء ذلك جزاء ولا شكورا من أحد، إلا من الشكورالغفور. بعض الإخوة السائرين إلى عفو الله، منهم من عرفناه عن قرب، وباعد الزمن أو المكان بيننا لنلتقي بهم، لنقْبِسَ منهم شيمة التجرّد والبذل، وقد لا يعرفهم إلا من عاشر أخلاقهم، واستنار بتربيتهم التي جاد بها الباري عليهم. في مثل هذا الرحيل المتسارع، والمغادرة لدنيا الناس التي استعبدت كثيرا منهم، يحقِر الواحد نفسه أمام هؤلاء الرجال، الذين لم يعمّروا إلا قليلا، وتلك مشيئة الباري سبحانه الذي شاء أن يجاوروه جوار من لا يفزع إذا فزِع الناس، ولا يخاف إلى خاف الناس، ولعل الله يكون قد اصطفى الراحل الذي عرفناه صورة وهيئة، لكن روحه، وسمته أبى إلا أن يقتحم علينا المشاعر، ويداخل الوجدان، فلعل الله تعالى أراد بالأخ الحسين -رحمه الله- أن يختم له بحسن خاتمةٍ، اللهُ أعلم بها، -ولا نزكيه على الله-، فقد يكون الراحل قد كُتِبَ له أن ينضاف إلى قائمة الشهداء، لحوقا بإخوان له سبقوه على درب الإيمان والتوحيد وخدمة الصالح العام. عزاؤنا في الأخ الكريم، لأهله ولأسرته، ولحوارييه من حملة النبراس المضيء الذي يظل وقّادا منيرا إلى أن يشاء الله.
Aucun commentaire