قضية المواطن الإيطالي المغتال في مصر أصبحت قضية أوروبية وهكذا تأكدت ازدواجية المعايير لدى الدول الأوروبية في التعامل مع جرائم النظام المصري
قضية المواطن الإيطالي المغتال في مصر أصبحت قضية أوروبية وهكذا تأكدت ازدواجية المعايير لدى الدول الأوروبية في التعامل مع جرائم النظام المصري
محمد شركي
انتقلت قضية تصفية المواطن الإيطالي في مصر بطريقة همجية على يد المخابرات المصرية حسب الرواية الإيطالية من قضية إيطالية إلى قضية أوروبية أدرجت ضمن قضايا كبرى كقضية التفاوض مع إيران المتعلقة ببرنامجها النووي .
إن جريمة اغتيال المواطن الإيطالي بعد تعذيبه والتمثيل بجثته جريمة في منتهى الفظاعة والبشاعة تعكس مدى استخفاف النظام المصري بالقوانين الدولية التي تنص على صيانة أرواح كل مواطني العالم داخل وخارج أوطانهم .
ولا شك أن الدافع وراء قتل هذا المواطن الإيطالي الشاب الذي فجعت أسرته بتصفيته فوق تراب أرض مصر بمنتهى الوحشية كان حسب ما تداولته وسائل الإعلام الإيطالية هو اشتغاله بالبحث في انتهاكات حقوق الإنسان في مصر، الشيء الذي ألّب عليه جهاز المخابرات التي تلاحق كل من يحاول الكشف عن سجل حقوق الإنسان البالغ السوء في مصر بعد الإجهاز على ثورة يناير التي انتهت بتجربة ديمقراطية غير مسبوقة في مصر ولكن سرعان ما أجهضت عن طريق انقلاب عسكري دموي أعاد مصر من جديد إلى أسلوب الحكم الشمولي الذي عانت منه لعقود .
ولقد كان من المفروض أن تكون الطريقة التي تمت بها تصفية الشاب الإيطالي كافية كدليل قاطع وكحجة دامغة بالنسبة للأنظمة الأوروبية على ما لاقاه ويلاقيه مواطنون مصريون أبرياء منذ الانقلاب الدموي ،الشيء الذي لم تحرك بسببه تلك الدول الأوروبية ساكنا لأن مصالحها مرتبطة بالسكوت على جرائم النظام العسكري الشمولي وقد سكتت على إجهاضه الديمقراطية والشرعية في مصر ،علما بأن هذه الدول تنصب نفسها في العالم وصية على الديمقراطية والحريات وحقوق الإنسان ،ولكنها في الحقيقة تضع مصالحها فوق الدفاع عن الديمقراطية والحريات وحقوق الإنسان ، وهذا يعني أن الديمقراطية والحريات وحقوق الإنسان امتيازات خاصة بالإنسان الأوروبي ، ولا حظ للإنسان العربي فيها .
إن اغتيال الشاب الإيطالي بطريقة وحشية لا أحد في دول المعمور يقبله ، والكل يدينه بشدة، ولكن الأنظمة الأوروبية ما أدانت ولم يدن قتل مئات الرعايا المصريين بنفس الوحشية ، الشيء الذي يفضح ازدواجية المكيال لديها حيث تبنت قضية الشاب الإيطالي ، وجعلتها شأنا أوروبيا بينما لم تحرك ساكنا بالنسبة لمئات الشباب المصري الهالك تحت سياط التعذيب، فضلا عن شيوخ ونساء .
فإلى متى سيأتي اليوم الذي ستكيل فيه الدول الأوروبية بمكيال واحد ، فتعتبر أرواح الشباب المصري الذي تمت تصفيته بوحشية مساوية لروح الشاب الإيطالي ؟
ألا تخجل الأنظمة الأوروبية من نفسها، وهي تكيل بمكيال حين يتعلق الأمر بانتهاك حقوق الإنسان المصري ، بينما تكيل بآخر حين يتعلق الأمر بانتهاك حقوق الإنسان الأوروبي ؟
Aucun commentaire