تاريخ سهل أنجاد وثقافة سكانه (25 نظرات في عامية أهل بسيط أنجاد)
تاريخ سهل أنجاد وثقافة سكانه (25)
ذ: الفيلالي عبد الكريم
نظرات في عامية أهل بسيط أنـﯕاد.
– الخصائص الصوتية والصرفية والمعجمية لعامية بسيط أنـﯕـاد.
كما سبقت الإشارة يعود أصل ساكنة بسيط أنـﯕـاد إلى معقل، وقد ذكر ابن خلدون أنها ثلاثة بطون: ذوو عبيد الله وذوو منصور وذوو حسان: «وكان دخولهم إلى المغرب مع الهلاليين في عدد قليل يقال أنهم لم يبلغوا المائتين، واعترضهم بنو سليم فأعجزوهم وتحيزوا إلى الهلاليين»[1]، وبعد ذلك ذكر ابن خلدون مواطن نزول بطون معقل، وكان ممن نزل بسيط أنـﯕـاد ذوو عبيد الله، إذ يضيف قائلا: «فأما ذوي عُبيد الله فهم المجاورون لبني عامر بن زِغبة وفي سلطان بني عبد الواد من زناتة، فمواطنهم ما بين تلمسان إلى وجدة إلى مصب وادي ملوية في البحر ومنبعث وادي صا من القبلة. وتنتهي رحلتهم في القفار إلى قصور التوات وتمنطيت وربما عاجوا ذات الشمال إلى تاسبيت وتوكرارين. وهذه كلها رقاب السفر إلى بلاد السودان، وبينهم وبين بني عامر فتن وحروب موصولة. وكان لهم مع بني عبد الواد مثلها قبل السلطان والدولة، لما كانوا أحلافا لبني عبد الواد. وكان المنبات من ذوي منصور أحلافا لبني عبد الواد فكان يغمراسن يوقع بهم أوقاته وينال منهم إلى أن صحبوا بسبب الجوار، واعتزت عليهم الدولة فأعطوا الصدقة والطوائل وعسكروا مع السلطان في حروبه.
ولم يزل ذلك إلى أن لحق الدولة الهرم الذي يلحق مثلها فوطنوا التلول، وتملكوا وجدة وندرومة وبني يزناسن ومديونة وبني سنوس إقطاعا من السلطان..»[2]
ونستنتج الملاحظات الآتية من انفتاح مجالهم جنوبا، وهو مجال شبه صحراوي، يقارب مجال العيش في نجْد:
– حفاظهم على نمط العيش التقليدي، مما ضمن استمرارية الكثير من العادات والتقاليد، ومن بين ذلك الحفاظ على مخارج الحروف سليمة، وتضمُّن لهجتهم لكثير من الألفاظ الفصيحة.
– علاقتهم الطيبة بجيرانهم من السكان الأصليين بالمنطقة: بني يزناسن، إذ يقول التقي العلوي عن المعقليين عموما: «هم عرب القفار المغربية، تمتد مجالاتهم من خط يخرج من صحراء تلمسان ويتوغل في أعماق الصحراء جنوبا وينتهي بالمحيط غربا وقد وصلت موجتهم إلى الشمال الإفريقي إثر الأثبج مباشرة وكانوا أقل عددا (…) وإنما كثروا بكثرة من اندمج فيهم من غير نسبهم فإن فيهم من فزارة والشجع وغطفان، ومن الأثبج وزغبة. وفيهم من العرب الصباح بن الأخضر بن عامر بن مرداس بن رياح، أضف إلى ذلك العناصر البربرية كهوارة وغيرها ولكن هاته العناصر كلها « تَمعْقلت » بفعل الزمان (…) وقد علمتهم الظروف أن يتعاملوا مع برابر زناتة وغيرهم معاملة الضيف مع المضيف وهذه هي نقطة الافتراق بينهم وبين غيرهم من قبائل العربان، فلم يكونوا يستبيحون من أطراف المغرب وتلوله حمى ولا يعرضون لسابلة سجلماسة وغيرها من بلاد السودان بإذاية ولا مكروه»[3].
ويرى عبد الله كنون أن العامية المغربية أقرب العاميات العربية إلى الفصحى إذ يقول: «ولسائل أن يسأل ما هو السبب الذي بقيت به عامية المغرب قريبة من الفصحى في حين ابتعدت عنها عامية الأقطار الأخرى، على قربها من موطن العروبة الأصلي وبعد المغرب عنه؟
والجواب سهل وهو أن سبب ذلك استقلالُ المغرب الذي لم يتطاول عليه الحكم التركي في حين أن هذا الحكم قد شمل سائر البلاد العربية وعمر فيها قرابة ستة قرون. فقضى على جميع ما كان فيها للعربية من مجد وسمو وبقيت لا ترفع رأسا إلى زمن الانبعاث في عصر محمد علي»[4].
[1] ـ العبر. ابن خلدون. (م س). 6/69.
[2] ـ م ن. 6/71-72.
[3] ـ أصول المغاربة- القسم العربي. الهلاليون بالمغرب الأدنى والأقصى. التقي العلوي. مجلة البحث العلمي. (م س). ص: 396-397.
[4] ـ التعاشيب. عبد الله كنون. (م س). ص: 103.
Aucun commentaire