الكتابة المسرحية عند »محمد مسكين » الجزء(4)
الكتابة المسرحية عند »محمد مسكين » الجزء(4)
بقلم:د خالد عيادي.
…يعتبر الراحل « محمد مسكين » علما من أعلام المسرح، بالمنطقة الشرقية عامة، وبمدينة وجدة على الخصوص، كما يعتبر أيضا اسما بارزا من بين المسرحيين المغاربة الكبار. فهو مبدع ومسرحي، وناقد، ومنظر، ومخرج، وممثل، اجتمعت فيه كثير من المواهب، بفضل ما كان يتمتع به من ذهنية خلاقة، وذكاء ثاقب.
عاش « محمد مسكين » ضمن وضع عائلي فقير، علمه معنى المعاناة المادية والاجتماعية ، لذلك أحس بمعظم المشاكل التي تعانيها الطبقات الكادحة. ولعل هذا الإحساس الدفين في أعماق روح مسؤولة، هي التي دفعت بالراحل كي يقرر الانخراط في العمل الجمعوي مبكرا.([1]).. فمن أجل تلك الطبقة الكادحة ألف « محمد مسكين » مسرحيته الشهيرة: « امرأة وقميص وزغاريد » انطلاقا من حادثة تحويل مياه « سيدي معافة » عن كثير من المستفيدين من الفلاحين البسطاء…فصنع من أجل ذلك عملا دراميا شديد الخصوبة([2]).
و فيما يخص حياته التربوية والتعليمية، فقد تخرج « الراحل » من شعبة الفلسفة بمدينة فاس.وأدت به مواقفه السياسية وقناعاته الفكرية، إلى المرور بتجربة سجن.وما من شك أن ذلك الحدث ،القاسي، أضاف إلى « محمد مسكين » تجربة نفسية عمقت رؤيته للعالم،ومتنت رصيده النضالي اليومي . فلقد آمن « محمد مسكين » أن المسرح وجه حي من أوجه التغيير، فارتبط به ارتباطا شديدا. ففي وقت مبكر انخرط في الفعل المسرحي منذ بداية سنوات السبعين ضمن جمعيات كان إشعاعها مميزا كجمعية: « المسرح البلدي »، و « المسرح الشعبي »، غير أن دماء جديدة ستتدفق ، وجهودا مسرحية ستتألق، في أواخر سنوات السبعين، لما التحق بجمعية « المسرح العمالي »، إثر تخرجه من شعبة الفلسفة.
لقد كان تحدي الظروف الصعبة والإكراهات المادية والمعنوية « تيمة » واضحة في مسار الراحل. وكما قيل: « من كانت بدايته محرقة كانت نهايته مشرقة » . فقد كان يؤدي هو وزملاؤه: « بنيحيي العزاوي »، و « الفيلالي بنيونس »، و « جميلة يعقوبي »، و »بلعيد ». تداريبهم المسرحية فوق سطح « السوق المغطى » بوجدة، لانعدام قاعة مخصصة لتلك الأنشطة الفنية.. وهذا يدل بوضوح على صدق المسؤولية الفنية ، و التعلق بالعمل المسرحي، والمراهنة عليه من أجل التغيير.
لقد كان « محمد مسكين » من رجال التعليم بمدينة وجدة. حيث مارس مهنة تدريس مادة الفلسفة في ثانوية « عبد المومن » الواقعة في قلب المدينة، فتمكن من الاحتكاك بالمجتمع، وسبر أغواره من خلال الاحتكاك بشريحة مجتمعية « مراهقة » شديدة الخصوبة والحساسية. ثم إن تخصصه أهله للإطلاع على الفلسفات الغربية، ناهيك عن تعمقه في التراث العربي و الإسلامي، وهذا ما تشهد به مضامين أعماله.
من أهم أعمال « محمد مسكين » نجد: « نيرون السفير المتجول »، و « صبرا يا أيوب » و « عاشور ». « تراجيديا السيف الخشبي »، و « مهرجان المهابيل »، و « النزيف » و »قاضي الفئران »، و « امرأة وقميص زغاريد » و السوط والطاحونة والقنديل ». وللإشارة فإن هذه الأخيرة لا زالت مخطوطة([3]).هذا وتعتبر مسرحية « عاشور » منعطفا مهما ضمن أعماله المسرحية، حيث سيبرهن « محمد مسكين » عن إبداع فني دقيق في التقاط الحدث الدرامي، ليقدمه بأسلوب نقدي ساخر.([4])وتجدر الإشارة إلى أن آخر مسرحية كان بصدد كتابتها وهو على فراش المرض هي « تعال نمثل الجاحظ » إلا أن الموت لم يمهله حتى ينهيها.([5])
…………………………………………………………………………………………………….
[1] ) الحركة المسرحية بوجدة من التأسيس إلى الحداثة الدكتور مصطفى الرمضاني.
[2] ) الحركة المسرحية بوجدة من التأسيس إلى الحداثة.
[3] ) الحركة المسرحية بوجدة من التأسيس إلى الحداثةد. مصطفى رمضاني.
[4] ) الحركة المسرحية بوجدة من التأسيس إلى الحداثة ..
[5] ) الحركة المسرحية بوجدة من التأسيس إلى الحداثة..
1 Comment
شكراااااااااااااااااااا