هذا ما يحز في النفس بخصوص محاكمة استاذ تارودانت
محمد حمداوي
أن يتم إلقاء القبض على أستاذ ارتكب جناية يعاقب عليها القانون فأمر عادي جدا و تنفيذ للقانون في دولة حق و قانون.
لكن أن يتم استنفار قنوات تلفزية و مواقع إلكترونية و صحافة مكتوبة و مسموعة لإعلان الخبر و نشر تفاصيل المحاكمة و كأن الأمر يتعلق بمحاكمة شهيد العروبة « صدام حسين » أو محاكمة الديكتاتور « بينوشي » و السفاح الصربي « سلوفودان ميلوزوفيتش ».هذا ما يحز في النفس و يثير الريبة و الشكوك حول أهداف التشهير و التنكيل بشخص حتى قبل إدانته بشكل نهائي…!!
ثم لماذا يتم الحديث عن نساء و رجال التعليم بشكل عام و في منابر عمومية و لا يتم الإنتباه أو حتى ذكر و تعداد أدواره و ثقل مهامه و تعددها و اختلاف و تنوع مجالات تدخله (تربوية تعليمية إجتماعية سيكولوجية بيداغوجية أخلاقية دينية معرفية….) أم أن الآية قد قلبت و قد « تزر وازرة وزر أخرى » في مجتمع تقوده الإشاعات و يطغى عليه اختطاف الإشاعة و نشرها بسرعة تفوق سرعة الضوء تفاديا لخوضه في نقاشات مصيرية و أكثر فعالية. ..!
كيف لا يرتاب لبيب و قد أصبح الفعل الشنيع -إن سلمنا به كما روي – و كان كل أستاذ شريك في الجريمة إلى أن يغادر المهنة أو يثبت العكس …؟
قد يبدو لمن لا يدرك خطورة الأمر -التشهير بالجريمة و إن ثبتت – أن في ذلك تحذير و زجر و تنبيه للمعنيين بمهنة المتاعب و حرق الأعصاب نعم.لكن أليس في ذلك فقدان للتوازن في علاقة المدرس بالأسرة و بالتلميذ كحلقة وصل بينهما و كمحور لمختلف عمليات التعليم و التعلم و التربية و صناعة الأجيال. …؟
كيف يتم التعامل بانتقائية في جرائم تمس الأمن العام و المنظومة المجتمعية بشكل عام .و لماذا لا يطول الحديث حين يتعلق الأمر بظواهر إجتماعية أخطر و أكثر انتشارا من حدث معزول قام به شخص بغض النظر عن الدوافع و الحيثيات…؟
سيقول حاقد لأن الأستاذ يربي و يعلم و عليه أن يكون القدوة و لا يجوز له الخطأ أو التهاون و مخالفة القانون…؟
كيف لا و هو صاحب الرسالة و النور المنير و معين الأسرة و مصنع المواطنة الحقة…..و هو كذلك.لكن لماذا لا تقوم قائمة المجتمع و يتم توجيه السهام نحو فئات أخرى عندما يظلم أو يسرق أو يرتشي أو يعنف أو يسجن أو. …أو. ….أحد أعضائها نهارا جهارا و دون لبس و بحجج دامغة.
لست رجل قانون لاغوص في شكليات المحاكمة و اطوارها طبعا .لذلك افترض نزاهة المحاكمة و صحة المساطر القانونية و المرافعات و شهادة القاصر و دور الجمعيات الحقوقية و….
لست طبيبا و ذا معرفة في مجال الطب لأتحدث عن الشهادة الطبية لا بل الشواهد الطبية الممنوحة للضحية….لست إلا معلم أبجديات و حروف القراءة و مبادىء الحساب و مسك القلم و الكتابة على السطر و استعمال الطبشور. …..لكنني أدرك مدى خطورة إهانة نساء و رجال التعليم على فلذات أكبادنا .أعلم جيدا أن انهيار المنظومة التعليمية و زعزعة العلاقة بين المجتمع و المدرسة له عواقب وخيمة على البناء المجتمعي و مستقبل الوطن….أعلم علم اليقين أن المساس بهيئة التدريس مس مباشر بالأسرة و هدم لعمود رئيسي لاعمدة التربية و تكوين الفرد الفاعل في المجتمع….زراعة الحقد و كراهية المدرس إفلاس لمؤسسة مجتمعية و هدر لاستثمارات الدولة في بناء و تنمية الإنسان المغربي….
الأستاذ مواطن مغربي و التلميذ طفل مغربي فلماذا افتعال معارك حامية بين الطرفين ….؟
لماذا لا يكفي القانون و القضاء للفصل في حوادث منعزلة و الإجتهاد في سن قوانين زجرية و عقوبات بدل التشهير بها و تعميمها و كأنها ظواهر إجتماعية عمت كافة مؤسسات التربية؟
إذا اعتدى أستاذ على تلميذ كان مخطئا و حق عقابه.و إذا اعتدى تلميذ على أستاذ و تم تصوير ذلك و نشره فهو قاصر و المفعول به نال جزاء أفعاله و أفعال غيره منذ سنين و أعوام؟
لماذا يحاكم الناس أشخاصا لم يرتكبوا إلا جرم الإنتماء للمنظومة و تخرج مكبوتات بعضهم و التي تعود لسنوات الجمر و الرصاص.فتجد شيخا يسب رجال و نساء التعليم لأنه نال من أحدهم زمن صباه ما نلناه جميعا من عقاب و توبيخ من آبائنا و معلمينا و كافة الساهرين آنذاك على تربيتنا من فقيه المسيد إلى أستاذ الجامعة.اللهم أرحم الأموات منهم و اغفر لهم و أطل أعمار من عاصروا عهدنا هذا …
Mohammed HAMDAOUI
1 Comment
الموظف مع الاسف يعتبر رقم تاجير لا اقل و لا اكثر.لذلك انتشر مؤخرا العزوف عن المشاركة في الانشطة التربوية و تنشيط الحياة المدرسية بسبب غياب ثقافة الاعتراف…التضحيات لا يعترف بها القانون يوم تتحرك المساطر القانونية الكل يبحث حن حملية نفسه…