في جاهزية العدوانية
محمد شحلال
إن المنجزات العلمية والحضارية التي نواكبها،كان من المنتظر أن يوازيها رقي في سلوك الإنسان المعاصر ،حتى ننسى زمن التوحش والهمجية اللذين عانت منهما البشرية،حيث كانت الغلبة المستندة إلى القوة،هي من يحدد قواعد الحياة.
لا يمكن لعاقل أن ينكر الجهود التي بذلها الأدباء والمفكرون والفلاسفة من أجل التأسيس لسلوك جديد، يحتكم إلى العقل والحكمة في تدبير وإدارة العلاقات الاجتماعية ، والمعاملات بصفة عامة.
لقد تحقق بالفعل جزء كبير من أحلام العقلاء ،خاصة في دول الغرب،التي تقدم شعوبها دروسا راقية في احترام القانون ،والامتثال لروح الأخلاق العالية التي كان أسلافنا يحصرونها في تعاليم الإسلام،لكنهم فرطوا فيها فانتقلت لغيرهم !
وهكذا،فإن من يتجول بدول الغرب،سيفاجأ بأن ما ورد في ديننا من تمجيد للفضائل،إنما يجد تربته الخصبة في هذه المجتمعات التي يقدم مواطنوها ،بل وحكوماتها دروسا بليغة في الاستقامة واحترام الأنظمة والقوانين التي تضبط سلوكات الأفراد.
لسنا ببعيدين في جنوب المتوسط عما يتحقق من منجزات تكنولوجية لا نتردد في استهلاك ثمارها المتاحة ، لكننا نخضعها لحكم التخلف المتجذر فينا،حيث أن جلنا يوظف ثمار هذه التكنولوجيا من أجل الإيذاء المجاني في سائر الحالات.
وقبل تقديم أمثلة تؤكد ماسبق، فإنه لا بد من التوقف عند السلوك الجديد لجل المواطنين المغاربة،وهو سلوك ينحاز لعدوانية لم يسبق لها مثيل حتى في الفترات الحالكة من تاريخنا.
ولعل من أغرب النماذج القريبة إلى الأذهان،هي ثقافة مالكي السيارات والعربات على اختلافها،حيث أن السيارة التي كانت في الأصل عنوانا للرقي الاجتماعي والحضاري،قد تحولت في أيامنا إلى مستودع مصغر لأنواع من الأسلحة.
وهكذا،تجد تحت كرسي السائق عصا أو خنجرا أو ما يقوم مقامهما تحسبا لمعركة محتملة في كل لحظة،ذلك أن التلاعب بقوانين السير يؤدي إلى مناوشات لا تحسم إلا بإشهار السلاح الذي يضمن الزجر !
ليس من الغريب أن يترجل سائق في منتهى الأناقة وهو يمتشق سلسلة أو خنجرا أو عصا ،،محترمة،، لينفث في وجه غريمه قاموسا من فحش الكلام والسباب الجارح يجعل المعاين لا يفهم كيف يجمع السائق بين المظهر الفاتن والسلوك الهمجي ؟
يمكن للمرء أن يجزم بأنه لم تعد هناك مركبة واحدة تتوفر فيها ،،السلمية،،بل إن الجنس اللطيف،قد اضطر بدوره لأن يجمع بين اللطف والخشونة من خلال وسائل الردع التي تحتل مكانها في أفخم السيارات.
وبما أن التكنولوجيا قد شملت كل جنبات الحياة،فإن بعض السائقين صار بإمكانهم أن يتسلحوا بقنينات الغاز المسيل للدموع والصواعق الكهربائية التي يروجها المهربون ،فيقبل عليها الباحثون عن ضمان السلامة.
وإذا كان هذا حال أصحاب المركبات على اختلافها،فإن العدوانية قد تحولت إلى سلوك يومي بين جل الشرائح الاجتماعية.
وهكذا،فإن المتعلمين قد استعاضوا عن الكتب التي كان الجيل الذهبي يتنافس في قراءتها،بأنواع من المخدرات والأسلحة التي يستعملونها في أول اصطدام مع الزملاء والمدرسين والإدارة.
أما الباعة فإنهم جاهزون لممارسة عدوانيتهم في حق أي زبون يختلفون معه،حيث يشهرون السيوف في وجهه مستأسدين بزملائهم الذين يتحالفون على تأجيج فعل المنكر.
أما حراس مواقف السيارات،فقد اكتسبوا جرأة زائدة لابتزاز الزبناء الذين يجدون أنفسهم في مواجهة جنس من المواطنين الذين ليس لهم ما يخسرونه ولا يترددون في إلحاق الإذاية بهم !
إن الأمثلة على شيوع السلوك العدواني لدى المواطن المغربي،لا حصر لها،ولو تم تفتيش عشوائي لتلابيب جل الشباب،لوجدنا الأغلبية الساحقة مدججة بأنواع من الأسلحة البيضاء،وكأن المواطن الذي يخرج إلى الأسواق والشارع عموما،إنما هو ذاهب لتصفية حسابات مع إخوان له في المواطنة ،يفترض أن يكون الحوار سبيلا لحل كل الخلافات فيما بينهم.
حينما يتأمل المرء هذا التحول السوريالي في سلوك المغاربة،فإنه يصاب بحيرة شديدة: هل التقدم العلمي وسيلة لتهذيب سلوكاتنا،أم أنه يزرع فينا بذور الشر ونحن لا ندري؟ وإلا كيف نفسر حوار الصبيان الذين يلعبون في الأزقة وجل خطاباتهم كلام فاحش وسباب عنيف في حق الوالدين وباقي الأصول ؟
أما إذا انتقلنا إلى الملاعب الرياضية،فإن مظاهر العنف والعدوانية تتحدث عن نفسها كما نعيش ذلك بشكل يومي.
في انتظار أن يحدث التغيير الذي يبني المواطن المنضبط،تساورنا الشكوك حول احتمال ضلوع جهات معينة في نشر العدوانية في سلوك الجيل المعاصر،وكأن لا حل لخلافاتنا إلا بالعنف المتنامي في مكونات المجتمع،إلى درجة أن مؤتمرات الأحزاب وجلسات البرلمان تقدم نموذجا قابلا للتسويق في العنف اللفظي والجسدي، كما حصل لدى الرفاق في مناسبات قريبة العهد،فمن ياترى يستحق قيادتنا نحو الأمثل ؟
3 Comments
رسولنا صلى الله عليه وسلم بعثه الله فينا لاتمام مكارم الأخلاق . ليست الحضارة والتقدم العلمي والتكنلوجي هما سببا في انتشار العدوانية أو العنف ولا هما مصدر للأخلاق والسلوك الراقي . ولكن الغذاء الروحي أي الإسلام والإسلام هو المعاملة. ديننا الحنيف هو العلاج لكل الأمراض والظواهر الغير مقبولة .
تذكرنا هذه التصرفات العدوانية الجاهزة في أية لحظه و بما يسمى بشرع اليد او قضاء الشارع بحياة ال cow-boy الفرق فقط التجهيزات فالكاوبوي الأمريكي كان مجهزا بحصان و مسدس و شابو و علبة ديال سيكار المشرمل المغربي بدراجة نارية و سيف أو سكين و كاسكيطة و علبة ديال القرقوبي. كلمة من عند هذا كلمة من عند لآخر و تسيل الدماء و تقع الجريمة. إلا هاد شي بزاف. من المسؤول عن انتشار هذه الظواهر و الثقافة العدوانية؟
نعم اخونا الأستاذ هذا فعل نقضة من بحر إذا رجعنا إلى الأسباب السبب الأول لهذه المشاكل النظام المغربي هو نفسه يحب الفضاء كلما تحرك في البلد تجد الفوضى تسيرمعه أينما حل ورتحل لو خرج إلى الصلاة تجد الفوضى في الظروقات لو ذهبت الإدارات تجد الفوضى التعليم نفسه فوضى والحل الوحيد هو المرجع إلى الأصل ولتكن منكم اءمة يدعون إلى الخير وياءمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ..ان الله ليغير ما بقوم حتى يغير و ما بأنفسهم صدق الله العظيم