مغامرات مهاجر سري ….الى الديار الاوروبية
عمر بوكنانة
من فوائد الأسفار أنها تيسر سبل اللقاء بأشخاص و تجارب جديدة تفتح أفق التفكير الضيق الذي ننحصر فيه في بيئتنا المنغلقة، في هذا الإطار إلتقيت خلال مقامي في بروكسيل العاصمة الأوربية مهاجرا سريا مغربيا سأتحفظ من ذكر اسمه و المدينة التي ينحدر منها ، الهجرة السرية لم تعد خبرا مثيرا لنا لكن رحلة هذا المهاجر نحو الديار الأوربية تستحق أن تروى.
بدأ رحلته الطويلة من مطار الدار البيضاء في شهر أبريل من العام الماضي عبر رحلة قانونية نحو إسطنبول بتركيا ، ثم حاول مباشرة عبور اليونان لكن المحاولة الأولى باءت بالفشل حيث تم ضبط المجموعة في القطار و إرجاعهم نحو تركيا .
في هذه المرحلة تراجع البعض،مثل اليعاسيب التي أعياها الطيران لحاقا بملكة النحل لتلقيحها ، و عادوا أدراجهم نحو المغرب لكن صديقنا العاقد العزم للوصول إلى الإلدورادو الأوربي لم يتراجع و لكنه تريث قليلا و قضى شهر رمضان في تركيا يشتغل مع أحد الخياطين ثم بدأ زحفه نحو الهدف المنشود مشيا على الأرجل في معظم الأحيان و راكبا في القليل منها حيث عبر اليونان ثم ألبانيا فالبوسنة و الهرسك ، كرواتيا ثم سلوفينيا وصولا إلى إيطاليا ثم الجنوب الفرنسي و منها إلى باريس وصولا إلى بروكسيل .
يتذكر صديقنا بالتحديد عدد الأيام التي قضاها عابرا كل دولة على حدة ، يتذكر كل المدن الكبيرة التي مر بها حيث كانت المجموعة تتحاشى دخول المدن الصغيرة خشية الإنكشاف ، يتذكر الغابات و السهول و القناطر التي نام تحتها ، يتذكر الدول الرحيمة بالمهاجرين التي كانوا يجدون فيها المأوى ،،تتبعت معه مسار الرحلة عبر تطبيق غوغل للخرائط و يمكن القول أنه أصبح خبيرا جغرافيا يعرف تماما أين و متى يجب المرور لتفادي دوريات المراقبة ، استفاد من الفترة الحارة في السنة للنوم حيث اتفق ،،،
في بعض الدول المعروفة بصرامتها تجاه المهاجرين السريين اضطرت المجموعة إلى السير ليلا و النوم نهارا في الغابات و عدم دخول أي مدينة صغيرة أو كبيرة حتى أن التزود بالمؤونة تم في دولة أخرى،،،
تجاوز دولة كرواتيا كان التحدي الأصعب حيث تعتبر بمثابة شرطي أوربا و الوصول إلى سلوفينيا المحاذية لإيطاليا كان بداية الإنعتاق حيث مرت الأمور بسلاسة و سهولة منذ بداية دخول الأراضي الإيطالية….
صديقنا المهاجر السري مناضل حقيقي لم يستسلم لكل العقبات و الحواجز التي انتصبت بينه و بين أوربا وكان يشتغل لكسب القوت كلما أمكنه ذلك و حتى منذ وصوله إلى بلجيكا إشتغل في كل شيء ممكن وذكرني في إصراره و عناده بقصة كيرابان العنيد(Kéraban le tetu de Jules Verne) الذي قام برحلة طويلة حول البحر الأسود رافضا تأدية ضريبة عبور البوصفور….
لم يكن ما قام به صديقنا المهاجر السري قانونيا البتة لكن حقه المقدس في العيش الكريم يسوغ له البحث عنه بشتى الطرق و الوسائل دون إلحاق ضرر بحق الآخرين في الحياة..
أتمنى لصديقي المهاجر السري حظا موفقا وأتشوق لملاقاته مرة أخرى بعد سنوات من الآن إن كانت في العمر بقية و التحدث مجددا وأتمنى الأفضل و الأجمل و الأسعد لكم جميعا في بداية هذه السنة الجديدة التي كتب لنا الله أن نحياها أو نعيش أياما معدودات منها ….
Aucun commentaire