القاص والناقد حَميد رَكَـاطة: أغلبُ مَن يُـنَظِّـرُ في النقد الأدَبي، لا يُجيدُ الاشتِغَـال فِيهِ تَطبيقيًّا…!
حاوره: إدريس الواغيش
حميد رَكاطة قاص ومسرحي، لكن اهتماماته الأخيرة بالكتابة النقدية، جعلت منه واحدا مِمّن راكموا تجربة مُهمّة في الكتابة النقدية، لا يُنَظِّـر بقدر ما يلتصق بالنصوص التصاقا تطبيقيا، اهتم بالنقد القصصي ونجح فيه، فتح مراتيج أبواب الرواية مؤخرا، وترك انطباعا حسنا في المشرق كما في المغرب. في هذا الحوار سنتطرق معه للتخصص في النقد وآلياته العملية، إلى هِجْـرة الشعراء من القصيدة إلى الرواية وهَـرْوَلة الكثيرين نحو جوائز « كتارا » وغيرها في الخليج العربي، سنعرج على أسماء أخرى سطعت في النقد، أين تبدأ أدوار النقاد ومزاوجتهم بين الكتابة والإبداع الأدبي عموما وأين تنهي؟، هل كل النقاد منصفين؟ أم أن هناك من يتحامل على النص وصاحبه؟، بالإضافة إلى مواضيع وقضايا أخرى تهم راهنية النقد المغربي في علاقاته المتشابكة مع الشرق والغرب.
أستاذ حميد، كثيرون تخصَّصوا في النقد، لكن لم يُعَـرِّف لنا أحَـدٌ لحَـدِّ الآن ماهِيَة النقد في غياب المَرجعيات الغربية الكُبرى التي درست لنا في الجامعات المغربية، إن جاز التعبير:
هل هو نشاط فكري؟
أم هو صياغة جديدة لمرجعيات غربية/ وِفْـقَ ما يراهُ خرّيجو الجامعات؟
بدابة شكرا لكم أستاذ إدريس الواغيش على إتاحة الفرصة لي للإبداء برأيي المُتواضع، بخُصوص بعض القضايا الأدبية الشائكة اليوم. وَجَـوابا على سؤالكم، اعتقد أنه علينا اليوم إعادة النظر في الكثير من القناعات والآراء حول النقد عُـموما، لا سيما بعد التطوُّر الذي عرفته مُـقارباته لمختلف الأشكال السردية عموما، ونقد النقد كذلك. الناقد بالدرجة الأولى هو قارئ مُجتهد يُوَظف كل الأدوات المُمكنة، لمُقاربة العَـمل الابداعي، غير أن الاختلاف يبقى واضحا في النهاية بين المُقاربات، منها ما تسبُر تِيمَات النص( (Thèmes de textesوقضاياه جَماليًّا، منها ما تمارس تفكيكا لمُعطياته، سيميائيا ( (Sémiotiqueانطلاقا من عتباته، وملحقات نصوصه..، وبين من تبرز تمظهراته.. ، وأبعاده ودلالاته الرمزية.. ، فالنقد يكشف عن أسرار الكتابة عموما، وما خلقته من مساحات للمَعْـرفة والتواصل، ويبحث في جَوْهَـر الكتابة من أجل الكشف عن كل ما هو ذاتي أو اجتماعي أو تاريخي… ، لذلك أعتقد أن التسلح بالمَرجِعِيّات أمْـرٌ أساسيٌّ شريطة تكييفها مع طبيعة النص وخصوصيته.
دَعْـنا من النقد في أجناس أخرى( سينما، تشكيل، مسرح..إلخ)، تخصَّص فيها نقاد آخرون أو تطاولوا عليها ظلما وعُـدوانا، ونحَـدِّدُ هَـدَفنا بدقة: السَّرديات أو لنقل النقد القصَصي تحديدًا، كيف ترى مُستواه في المغرب؟ وهل هناك مُتخصِّصون فيه؟
من ينظر ليس كمن يُبدع… ، المبدع لا يتقيَّـد بالأدوات النقدية، ولا بمَفاهيمها، لأن الابداع مُرتبط بشروط ذاتية وموضوعية، تختلف حَسَب سياقات إنتاج كل نص.. ، من هنا يمكننا فتحُ قَـوْسٍ للإجابة عن سُؤالكم.
أعتقد أنه ليس لدينا نقدٌ مُتخصِّصٌ في مجال القصة.. ، بل لدينا نقادٌ يشتغلون على كل الأجناس السَّـردية، ويبقى الحُكم القطعيُّ على المُستوى حُـكما جائرًا في نظري، لأننا اعتدنا على الاشتغال بطريقة فَـوْضوية في مَجال النقد، ونؤمن إلى حد بعيد أنها طبيعية وصحيَّة، تفرضُها كذلك شبكة العلاقات التي تربط الناقد بالمُبدعين عموما، وبالتظاهرات الثقافية المُـتعدِّدَة التي يشارك فيها من مهرجانات، وندوات، وحفلات توقيع، وشهادات، وقراءة في منجزات، أو حفلات تأبين…. إلخ، وبالرغم من هذا الأمر، فقد استطاع أن يُـرَسِّخ مكانته ضمن المشهد النقدي العربي، من خلال أعمال رغم نذرتها تبقى رائدة وجريئة، وبعضها رصين جدا. لذلك تبقى مسألة التخصص محصورة في حلقات التدريس الجامعي (وإن أصبح الأمر مُستبعدا اليوم نسبيا)، فكما اعتدنا على الكتابة في أجناس مختلفة، نزعُمُ أنه بإمكاننا مقاربتها نقديا كذلك. (هذا إذا ما استثنينا أن هناك كتاب التزموا بالكتابة في جنس ابداعي واحد).
كثيرون يقولون، ولو من باب الادعاء، أن النقد القصصي والشعري لم يتخلص بعدُ من مرجعيات الرواية، كما تعلمه النقاد العرب من الغرب، بمن فيهم المغاربة، بماذا تردُّ على هؤلاء؟
أعتقد أن النقد عموما مرتبط بمرجعيه، أو مرجعيات ما، وأن تكوين الناقد يتحكم فيه ما هو ذاتي وما هو موضوعي. ولا يجب أن ننكر ما للتكوين الأكاديمي اليوم من دور في فتح النقد على أفاق أوسع وأرحب، ومن توسيع دائرة الاشتغال النقدي بمستوياته المتعددة، ولعل ترجمة الأعمال النقدية الغربية، قد ساهم بشكل فعّال في الارتقاء بالمقاربة النقدية اليوم، والتي لم تعد تنجز كما اتفق، أو وفق مزاج « الدّارِس »، بل أصبحت خاضعة لضوابط ولصيرورة منطقية. المرجعيات الغربية ساهمت في ترسيخ الجانب المَنهجي أولا، وفي ضبط المفاهيم ثانيا، وفي الاقتراب من الموضوعية وتكريس ثقافة الانصاف أثناء تحليل العمل الابداعي…، فما تعلمه النقاد المغاربة من النقد الغربي، ساعدهم على إبراز لمْسَتِهم الخاصة في هذا الميدان وخلق لهم التميز كذلك إلى جانب ضبط المفاهيم.
هل نستطيع القول بأن هناك تخصُّصٌ في النقد الروائي بالمغرب؟ وهل نجرؤ على الجَـهْـر ببعض الأسماء مثلا؟
بل يمكننا القول باعتزاز أن ما أنتجته المُختبرات السَّردية في بعض الجامعات المغربية يظل مفخرة للنقد الروائي المغربي عموما. وما يزكي هذا الأمر الاصدارات الخاصة بالنقد الروائي من خلال مقاربة أعمال العديد من الكتاب المغاربة. والملتقيات الجهوية والوطنية التي تنظم اليوم، تبرز هذا الطرح وتفسر نوعا ما الرغبة في النزوح نحو التخصُّص، كما لا يجب أن نستثني بعض الجمعيات الثقافية التي سارعت إلى تنظيم ملتقيات خاصة بالرواية بالجهات التي تنتمي إليها، كما ساهمت في اكتشاف العديد من النقاد المحليين. وهناك العديد من الأسماء، أستحضر اللحظة منهم: محمد مفتاح، حميد لحميداني، محمد برادة، محمد الداهي، نجيب العوفي، عز الدين التازي، شعيب حليفي، حسن بحراوي، الحبيب الدايم ربي، عبد الرحيم جيران، حسن نجمي، بوشعيب الساوري، وحسن المودن وابراهيم الحجري، وعبد الحميد عقار، والراحل محمد أنقار، سعيد يقطين، محمد الداهي، مصطفى النحال، محمد البكري، عبد المالك أشهبون، الشرقي النصراوي، يحي بن الوليد، مصطفى الغرفي، محمد بوعزة، إدريس خضراوي…..( وهناك نقاد لم استحضر أسماؤهم اللحظة)
غالبية النقاد يميلون إلى التنظير ولا يؤسِّسون لثقافة تطبيقية، وحين يحْتكّـون بالنصوص تظهر بعض عَـوْرَاتهم، كناقد ينتمي إلى الجيل الجديد في مجال النقد، لمن تميل الكفة عندك أكثر للتنظير أم للتطبيق؟ أم أنك تحاول التوفيق بينهما؟
شخصيا أحَـبِّـذُ الاشتغال التطبيقي، لكون شريحة واسعة من المُتـلقّـين في حاجة لفهم واستيعاب مُعطيات العمل الروائي، ومعرفة مختلف القضايا التي يطرحها الكاتب، وهو اشتغال ينيرُ عتمَة النص، ويكشف الكثير من الأسرار التي ربما قد لا ينتبه إليها متلقي العمل. وأعتقد صادقا أن أغلب من يُـنَظِّـرون اليوم، قد لا يُجيدون الاشتغال تطبيقيا، لعدة اعتبارات قد تتحكم فيها الأحكام المُسبقة، أو التطبيق القسْـري للجانب النظري على النص، دون مُراعاة لخصوصياته الفنية والإبداعية.
معروف أن النصوص الجيدة تعطيك نقدا جيدا كما يقال، هل عندنا في المغرب فعلا ما يستحق المُتابعة إبداعيّا في المَشهد الروائي والقصصي، أم أن ما يكتب من أعمال روائية عموما، لا تعدو أن تكون مُجَـرَّد « هَـرْوَلة » نحو جوائز الخليج العربي؟
ربما ليس إلى حد بعيد، قد تكون بعض الأحكام المُسبقة قاسية نوعا ما، لكن في مجال الابداع تتحكم في الكاتب وكتابته اعتبارات عديدة، يعود أغلبها لقناعاته الخاصة. فلا ضيْـرَ أن يكون الطموحُ نحو الفوز بجائزة ما، جُـرْمًا يعاقب عليه القانون، بل يمكن أن يكون مُحَـفزا فقط. غير أننا لا نستبعد أن هناك شريحة من الكتاب يؤمنون إلى حد كبير أنْ لا شرعِـيّة لهم دون الهَـرْوَلة نحو جوائز الخليج، منها يستمدون بريقهم وأحقية انتمائهم للمشهد الروائي العربي. الكتابة تحت الطلب من الأسقام الجَوْهَـرية لتكريس الـرَّداءة، بل هناك جوائز أسندت مُسبقا للبعض دون أن تستحق أعمالهم ذلك، فلِجَـنُ تحكيم العديد من الجوائز اليوم تزكِـمُ روائحها الأنوف، وأصبح لعبُهم مكشوفا للجميع. فقد بتنا أحيانا نتعرف على اسم الفائز قبل الاعلان عن النتائج.. ، حتى الطريقة التي يتم التعامل بها مع الأعمال الروائية المشاركة تبقى في حاجة لإعادة النظر، وأكاد أجزم هنا أنها لا تُـقرأ بشكل جيّـد، بل هناك أعمال تقصى عُـنوة ليتم فسحُ المجال لأعمال أخرى يتم العمل على تكريس أسماء أصحابها قسْـرًا، وهنا أتحدث عن صناعة الرداءة من خلال الجوائز وللقراء واسع النظر للحكم على مختلف الأعمال التي تصل إلى القائمتين سواء الطويلة منها أو القصيرة. إننا نستغرب من كون الاختيار يقع على عمل لا يتوفر على الحُـدود الأدنى للترشيح. وهنا يجب التنبيه أن أجمل الأعمال المُرشحة التي يجب قراءتها، بعض من الأعمال التي تدرج في القائمة الطويلة. كما أشير في هذا الصدد أن أكثر الأعمال قراءة وأمَـدًا في الاستمرار، تلك التي لا تحصل على جوائز، وعلينا الاستفادة من القراء في أوروبا وأمريكا بهذا الخصوص.
كيف ينظر الناقد المغربي حميد رَكاطة إلى هذه الهجرة الجماعية من القصة والشعر نحو الرواية؟ هل ترى أن هذه الهجرة صحية تخدم الرواية المغربية؟
الابداع اختيار شخصي أولا وأخيرا، واستجابة للذائقة الفنية والابداعية. قد أختار الكتابة في جنس أدبي ما وأخلص له لفترة طويلة، وأنتقل للكتابة في جنس آخر، دون سبب مُحَـدَّد، كأن أقتنع بأنني استنفذت كل إمكانياتي، وبدأ يلفني احتباس رهيب في جنس أدبي مُعَـيَّن. قد يكون هذا الترحال لا إراديا، وقد يكون اختياريا كذلك. غير أني ومن خلال تتبع المشهد الثقافي بالمغرب، لمست أن الشعراء والقصاصين الذين كتبوا الرواية توفقوا فيها إلى حَـدٍّ بعيد، والأمثلة كثيرة أستحضر هنا كاتبين شابين (« سدوم » لعبد الحميد شوقي، « الغرباء » لصلاح انياكي أيوب..) وبوكيرهم الروائية خير شاهد على ذلك. كما أن أعمالهم تميزت بحس فني مُرهف، أبرز فيها أصحابها عن كعب عال في الكتابة.
الرواية كجنس أدبي قديم ظهر في المغرب وفرض وجوده عمليا، هل استطاع أن يزاحم أبناء عمومته من السرديات الأخرى (القصة بأنواعها)، أم أنه لا يعْـدُو أن يكون امتدادا لها على اعتبار أن القصة رواية قصيرة؟
يظل الاشتغال الروائي مشروطا بدقة الصنعة، وحسن الاختيار، والكتابة عموما هي مراس لا يتأتى إلا من خلال القراءة المنتظمة للعديد من النماذج الابداعية، والتجارب المختلفة المنفتحة على أفاق رحبة جدا – قراءة لأعمال مصنفة- من هنا فالبحث عن طرق الاشتغال والتناول، والحبك، والبناء، ليس بالأمر السهل، سيَّـما وأن مِعْمار الرواية، رغم ما يوهمنا به من سهولة في البناء، فهو غير ذلك. ويتطلب نفسا خاصا، ودراية، ودُرْبَـة. إن لم يكن الكاتب قد تشرب تقنياتها، وتعرف على قوالبها في أعمال سابقة. وسارية الراوية الرئيسية تأثيث بالعديد من القصص الجانبية. التي لها تقنيات كتابتها الخاصة، ومساحتها السردية المحدودة، بينما للرواية أمداءها الرحبة وفضاءاتها الشاسعة. وإلا لكان لهما نفس التجنيس، لذلك يبقى المشترك بينها، هو الانتماء لشجَـرَة الآداب المتشعبة الفروع والأغصان، فالاختلاف واضح بينهما كذلك من حيث البنية والشكل.
أغلب الروائيين المغاربة يُبدعون وينتقدون أعمال زملائهم في نفس الوقت، سواء في المغرب كما في العالم العربي، هل هي ظاهرة صحية؟ أم أن الناقد يجب أن يكون مُتخصصا والمُبْـدع في الرواية كذلك؟
أعتقد أنه لا ضَيْتر في المُـزاوجة بين الابداع والنقد. وهي ميزة في نظري، يجب الاعتزاز بها. وصاحبها يكون أقرب للموضوعية في مقارباته النقدية، كما أن اطلاعه على تقنيات الكتابة الابداعية يجعله قريبا من النص في الغالب، وأكثر معرفة بحَـيْـثِياته.
غير أن هذا النوع من التحليق نادرا ما يحافظ على توازنه لزمن طويل، لأنه قد تغلب فيه الكفة لجهة على حساب أخرى. ويرى فيها البعض كذلك نوعا من الازدواجية في الخطاب، وهو ما يجعل من تناسل الأسئلة مجرد محاولة للكشف عن طبيعة الأقنعة، وعن الكيفية التي يحقق بها « الكاتب/ الناقد » انتقاله السَّلِـس من حقل لآخر؟ دون أن يخل بتوازنه؟ أسئلة في الغالب ما تحاول أن تميط اللثام عن طبيعة الصراعات الداخلية غير المُعلنة التي يعيشها « الكاتب/ الناقد ».
ما هي الطرق الأوفر حظا للناقد الناجح؟ هل هي الشواهد التي يحصل عليها من الجامعة؟ أم أن النقد تذوُّق وتراكمُ تجارب في القراءة أولا وأخيرا، ولا علاقة له بالشهادات؟
علينا النظر للموضوع من كل الزوايا، كي لا يكون حُـكمنا مطلقا في النهاية. فالتكوين الأكاديمي يلعب دورا كبيرا في اكتساب المعرفة النقدية، وتطوير آليات الاشتغال المنهجي والموضوعي. كما أن الدرس النقدي الأكاديمي يفتح أمامه أفاقا، تمكنه من الاشتغال عن وَعْـي وهو متسلح بمَعْـرفة رصينة. غير أن الصفة الأكاديمية أحيانا قد لا تحقق هذا الشرط لبعض النقاد، حيث غالبا ما يتحول التخصص وَبالا على صاحبه إن لم يكن له حِـسٌّ فني، يمكنه من التعامل بمُرونة في مقارباته. لكون الابداع سابق على النقد، وهو الذي يحرك آلته النقدية ويساعدها على تطوير آلياتها باستمرار، وفي تأسيس نظرية نقدية ما فيما بعد.
في حين لا يمكن إنكار ما قدمه النقد الفني والجمالي، من سَـبْـر لأغْـوَار النصوص، من خلال مقاربة وتقديم العديد من الأعمال، واقتحامه لطاقاتها التخيلية، وكشف عن صيغها الأسلوبية، وعن البناء والدلالة، والاستذكار، والتشخيص… ، غير أن هذا النوع من القراءة يظل مُنحصرًا عند مستوى مُحَـدَّد، دون القدرة عن الكشف مثلا عن أصالة المكتوب، كما تبقى العديد من الأحكام التي يصدرها الناقد بها إسقاطات كثيرة.. ومجرد توقعات لا تصل لمستوى بناء تصور واضح المعالم، أو محاولة تأسيس نظري كفيل بطرح تصور واضح المعالم.
لماذا يتخصص أغلب النقاد المغاربة في الرواية والشعر؟
لا أعتقد أن هناك تخصص واضح المعالم، كما سبق وأن أشرت سابقا، لكن يمكن القول أن هناك بوادر ومحاولات خجولة للتخصص، لكنها محدودة، ولا تصمد أمام إغراء مقاربة الأجناس الأخرى. بيد أن الطموح الانساني حق مشروع، وللناقد كل الحق في أن يُغامر بمُـقاربة كل الأجناس، فالتخصص قد يكون وَبالا على صاحبه كما سبق وأن أعلنت، وأتمنى أن كان هناك تخصص، لابد وأن يدرُجُ ضمن حلقات المختبرات السردية، كي يستوفي كل شروطه العلمية والموضوعية.
أعود بك إلى سؤال جوهري ومُزمِـن ويطرح دائما: هل النقد إبداع؟ أم هو نبشٌ في إبداع الآخرين؟
النقد إبداع على إبداع، كتابة موازية، قد تتفوق أحيانا على النص المنبوش فيه، كما أنها قد تقتله، إن لم يحسن التصرف فيها. لقد عودتنا التجارب أن العديد من الأسرار كشف عنها النقد في نصوص لم تخطر قط على بال أصحابها. كما قد يجنح النقد عن هدفه، كلما جازف وغالى في منح الشرعية لنص رديء، رياء أو تزلفا. ليظل مفهوم النبش محتفظا بأكثر دلالة قدحية وإحالة على التطفل، والمُغامرة غير المَحسوبة العواقب. من منظوري الخاص، أعتبر النقد بمثابة كتابة موازية للنص الأصلي قد تتفوق عليها أحيانا، وقد تسايرها، كما قد تعْصِـف بها إذا لم ترق إلى مستوى تطلعاتها. لذلك يظل وسيلة لتحقيق ثقافة الانصاف، ومسؤولية الناقد أكبر، وعليه أن يستفتي ضميره، لأن كل ما يخطه سيبقى حُجَّـة عليه، فانتصاره للرداءة يعني مساهمته في تدمير الفعل الابداعي. من هنا يُصبح الناقد مُـلزما بالتحلي بالمِصْداقية والمهنية، وبشروط الاشتغال المَـوْضوعي، وفق الضوابط المُتعارف عليها بعيدا عن العاطفة، أو الصداقة والزمالة، ومختلف روابط الانتماءات القبلية والعشائرية والقبلية.
بماذا ترُدُّ على من يدَّعُـون بأن الناقد مُجَـرَّد لاحِـق، وبأن المبدع هو الأصل؟
ربما هذا الطرح مردود عليه، علينا اليوم أن نتحلى بالجُـرأة في الحديث، وإعطاء كل ذي حق حقه، فالإبداع وإن كان سابقا ومُوَجَّها للنقد في غالب الأحيان، فهو كذلك بحاجة ماسَّة إليه، لن يستطيع تطوير إمكانياته، وتبرير مُمْكنات كتابته دون مُساندة الناقد الفعلية والواقعية. لقد كَـرَّسَ النقد ثقافة الانصاف وتكافؤ الفُـرَص، ومنح تأشيرة العُـبور لأعمال استطاعت اليوم أن تفرض بَصْمَـتها ضمن حساسية جديدة في مجال الكتابة، لذلك لابد من الاقرار أن كل محاولة للفصل بين الأدوار، هي مجرد محاولة للتبخيس القيمي فقط. فلكل منهما مكانته الخاصة، بل المميزة إن صح التعبير.
هل النقدُ اختيارٌ طَـوْعي مثل الابداع في أي جنس أدبي؟ أم أن الناقد يلجأ للنقد حينما يفشل في الابداع؟
الثقافة النقدية اليوم، كغيرها من الثقافات الابداعية بحاجة ماسة إلى التكوين إلى جانب المَـوْهبة، والحِـسّ اليَـقِـظ والمُرْهَـف. ويمكننا توضيح الصورة قليلا، ولنعطي مثلا بمجال العزف. فأحيانا نصادف عازفا عِصاميا ماهرًا إلى درجة كبيرة، وباستطاعته عزف أية قطعة موسيقية، بمجرد ما يُـنصت إليها فقط (سماعيا)، وفي المقابل نصادف كذلك عازفا أكاديميا باستطاعته عزف نفس المقطوعات، لكن ليس بنفس الحِـسّ المُرهف، لأنه لا ينفخ في العمل من روحه، ولا يبثه أحاسيسه الصادقة. هو ينفذ، كل ما يفعله أنه يقرأ القطعة الموسيقية ويطبقها بحذافيرها فقط. والنقاد أصناف عدة كذلك، بل طبقات. فهناك من يقتاتون على أعمال الآخرين، وكل هَمُّهم هو نسخها بأسلوبهم فقط، دون خجل، ومنهم من استطاع أن يجمع بين التكوين الرصين مع إضافة لمسته الخاصة، لمسة تكون مميزة لطبيعة اشتغاله، ودالة عليه كعبد الفتاح كيلطو، حميد لحميداني، حسن بحراوي، شعيب حليفي، جمال بوطيب، محمد أبو العلا … إلخ، على سبيل المثال لا الحصر، مع تقديرينا لباقي أسادتنا الأجلاء، وهي لمَسات فريدة ومتميزة في نفس الوقت، وأغلبهم استطاع الجمع بين تخصصات عديدة. في حين هناك من النقاد بقدر ما فشلوا في الابداع أساؤوا كثيرا إلى النقد – ربما عن غير قصد- ويمكننا إدراجهم في دائرة المُجتهدين ليس إلا.
النقد له دَوْرٌ فاعل في عملية الإنتاج الأدبي ومُصَوِّبٌ وداعمٌ له، أين تتجلى هذه الفاعلية؟
وهذا ما أؤمن به شخصيا، وهو الدور الحقيقي للنقد في نظري، فهناك العديد من الأعمال، التي لولا النقد لما استطاعت أن تحجز لها مكانا خاصا بين بنات جنسها، لقد شجع النقد عملية الانتاج الأدبي، وفتح أمامها آفاقا لم تكن يتوقعها حتى أصحابها. كما مكن من تطويرها، ويتجلى هذا الأمر بوضوح، مثلا في تقنيات عديدة: كأسلوب الكتابة، اللغة، وطريقة التناول، والبناء، أساليب التخييل، التحرير من الصرامة المنهجية أحيانا بتشجيع الانفتاح على العديد من التجارب الجريئة، وعدم التقيد بقواعد اللعبة، وفتح الباب للتجريب…، فتح الباب لتقاطع روافد عدة حقول معرفية. من هنا، فالمتصفح للمُنجز الابداعي الروائي المغربي اليوم، سيلاحظ مدى التحول الذي عرفته الكتابة خصوصا، سيما وأن النقد بالمغرب كان له الفضل الكبير في مساعدتها على تطوير ممكناتها. وربما يعود الأمر في نظري لكون الاشتغال النقدي بالمغرب أسَّس بشكل منهجي ودقيق.
تصادم الأدب على مَـرَّ العُـصور مع المُقدس الديني والأخلاقي والسياسي، وبقي النقد في مَـنأى عن هذا التصادُم؟ هل هو حِيادي إلى هذه الدرجة؟ أم غير جرّيء مثل الإبداع؟
الحديث عن تصادم الديني والأخلاقي، والسياسي، سمة طبعت الاشتغال الابداعي عموما في كل العصور، ولا يزال أثرها باديا في العديد من لأعمال حتى اليوم والرقابة لا تزال تفرض سطوتها، ومنعها بشكل فظيع، على العديد من الأعمال، في حين أن حِـيَادية النقد، حُـكم لا يمكن الوثوق به، أو أن نطلقه كذلك جزافا وبشكل متسرع. لقد تسببت العديد من المواقف النقدية في أزمات كبيرة، وخلفت صراعات مريرة، واتسمت مواقف بعض النقاد بجرأة غير معهودة كذلك، عند مقاربها للعديد من الطابوهات التي كانت إلى عهد قريب لا يمكن لأي أحد أن يتحدث عنها إلا همسا. وربما يعود الأمر كذلك إلى فترات الانفراج السياسي في بعض البلدان، وظهور بوادر التشبُّع بحرية الرأي والرأي الأخر، وحرية العبير عموما، وتحقيق تصالح نسبي مع الماضي ومع الذات. وكان المبدع حينها لا يجرَّأ على التعبير عن مواقفه الابداعية إلا رمزا، كما أن أدوار النقد كانت أكبر بمحاولاتها تفكيك شفرات تلك الرمزية، والتعبير عن أراء الكاتب، والكشف عن مواقفه إزاء قضايا مجتمعه.
فالنقد ظل هو الأخر أكثر اقترابا من دائرة الاحتراق، وهوامشه ظلت محدودة ومُسَـيَّجَـة بالكثير من الخطوط الحمراء، لذلك فمن كان يفكك تلك الشفرات بدقة متناهية، ويؤولها وفق ما يخدم أهدافهم، هو رجال الاستعلامات، ولنا في سنوات الرصاص والجَـمْـر أكبر دليل على هذا الأمر، وما تعرَّض له مثقفو اليسار من الكتاب والنقاد على السواء من ويلات.
هل يُجَـدِّدُ الناقد قِـناعَه، وهو يتعامل في كل مرة مع ظاهرة أدبية جديدة؟ أم أن للنقد استمراريَته؟
أعتقد أن الأمر خاضع لسَيْـرورة، ولتحولات يفرضها الواقع اليوم، فالعديد من القناعات تخلى عنها أصحابها، بعدما كانوا يعتقدون أنها مُسلمات، رغم عدم تماسكها. كل شيء خاضع لقانون التطور، وليس هناك شيء قطعي، علينا الايمان بالنسبية، وعلى الكاتب أن يُجَـدِّدَ قناعاته، كلما اكتشف عدم صحة مواقفه أو جنوحها، وذلك بأن يتحلى بشجاعة كبيرة للتعبير عن الأمر. وهنا أطرح سؤالا: هل هناك وصفة نقدية خاصة تمكننا من التعامل مع الأجناس الأدبية، أم أن لكل جنس إبداعي ألياته وخصوصياته التي تفرض نمطا خاصا من الاشتغال؟ ومواقف الناقد تستخلص من خلال دراساته ومجموع الملاحظات التي يسجلها أثناء اشتغاله، وهي الكفيلة بدَحْـضِ كل ادِّعاءاته السابقة، وبالتالي فهو لا يُجَـدِّدُ القناع، بقدر ما يطور ألياته ومُمكنات اشتغاله. فالناقد إنسان في نهاية الأمر، ويعيش داخل مناخ ثقافي كوني ولاغَـرْوَ في أن التغير سيطاله كما طال المجتمع، القيم والمفاهيم.
لو رجعنا إلى الأدب الرقمي الذي ظهر في المغرب والعالم العربي مُؤخرا على استحياء، هل اقتحَمَهُ النقد؟ وكيف تعامل معه؟
الأدب الرقمي راكم اليوم تجارب محترمة، كما كرس أسماء لها رمزيتها وقيمتها في مشهدنا الأدبي، وساعد على نشر الأعمال بشكل سريع وعلى نطاق واسع وأبرز أسماء جديدة، وبالتالي كسَّـرَ طوق العُـزلة التي كانت مضروبة على النقاد والكتاب على السواء. غير أن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة اليوم، هو ما مدى مصداقية الكتابة الرقمية في ظل نقد الزمالة والصداقة، بحيث يكون التفاعل مع النص بشكل مباشر -حالة المنتديات- وما تكرسه بعض الردود المجاملة من ضحالة. لذلك فالنقاد يتعاملون بحذر كثير مع المنشور الرقمي، إلا فيما نذر ومع أسماء لها مصداقيتها. كما أن النشر المباشر للأعمال الابداعية على صفحات التواصل الاجتماعي، لا يُمكن من الحكم عليها أو تقيمها، وفق الضوابط المتعارف عليها، كما أنها نصوص معرض للتنقيح والزيادة والنقصان، وللحذف أحيانا – إلا فيما نذر- ، في ظل مثل هذه الظروف يبقى الاشتغال عسيرا، وربما محدودا. غير أن هذه الوضعية قد لا تحجب علينا أدوار مواقع لها ميسمها المُمَيَّـز، وطالت بشهرتها الأفاق، وهي مَعين للباحثين والدارسين على السواء. مواقع راكمت سمعة كبيرة وتجارب أكبر، وشكلت أفقا لتلاقح تجارب نقدية عديدة.
علاقة الناقد مع المبدع تصادُمِـيَة في الغالب، ما هي الأسباب في نظرك؟ هل هو تعالي الناقد على المبدع والنص، كما يوصف به دائما؟
يجب الاقرار في البداية، أنه لا يمكن للإبداع أن يحقق تطورا دون الانتباه لهمسات النقد وتصويباته في غالب الأحيان، النقد هو اشتغال بَـعْـدي على النص الابداعي، والتطور لا يتحقق دون تراكم تجارب عديدة. من هذا المنطلق، يظل النقد بدوره غير قادر على تطوير أدواته، ومفاهيمه دون الانصات الجيد لنبض النص، أودون استشراف لآفاقه القصية ولحيثياته المختلفة. لذلك وجب علينا النظر لهذه العلاقة من زاوية التكامل والتعاضد. غير أن الوقائع تبرز عكس هذا الطرح وتفرز لنا مواقف، ومواقف مضادة من الطرفين. فالناقد يعتبر متعاليا، كلما كشف عن هَـنّات وهفوات النص، واقترح تصويبات وتعديلات وفق منظوره الخاص، وهو ما يعتبره المبدع تدخلا مُشينا في عمله الابداعي، وتطاولا غير مسموح به على الاطلاق. في حين نلمس بعض مواطن الخلل في مقاربة بعض الأعمال من طرف نقاد لا يستطيعون اقتحام طيّات العمل الابداعي، إما بسبب سوء التقدير، أو التسرع، أو بسبب المجاملة، وأحيانا يكون الأمر مقصودا، أو تحاملا ليس إلا، وهو ما يوحي بطبيعة تلك العلاقة التصادمية، التي تفرز منطق التعالي. فلو نظرنا إلى ما جناه النقد من تعامله الجاد والمنطقي مع الأدب، لما ظلت هذه النظرة القاتمة مؤثرة ترخي بظلالها على هذه العلاقة بشكل سلبي، وجائر أحيانا. ولا بد من الإقرار أنه بفضل النصوص الجيدة تمكن النقد من تقديم نظريات جديدة. بل ومن الاطلالة على آفاق رحبة كذلك.
المَشرق العربي كان مُتقدما في العَمَلية الإبداعية الحديثة على المغرب لأسباب تاريخية ومَوْضوعية، وهو الشيء الذي حاول المغرب، في زمن ما، أن يُعَـوِّضه بأسْبقية في النقد، لذلك كانت علاقة المَغرب مع المَشرق تسودُها دائما هذه الندِّية وتحكُمُها بعض المَـقولات الجاهزة، من قبيل: » الشرق يُبدع والمغرب يُصَوِّب وينتقد »، أو مقولة كنا قد تلقينا هذا منذ الصغر على لسان لغوي مغربي، حينما قال للمشارقة: » ألهتنا أخطاؤكم عن التأليف ». هل هناك روابط بين النقاد العرب يمكن أن تتبلور، كي توصلهم في الأفق القريب إلى وضع رُؤية نقدية عربية مُوَحَّـدة؟
ربما تأخُّـر المغرب عن المشرق في مجال الابداع يُعْـزى لظروف تاريخية مَحْضة، وكما هو معلوم، كان الابداع في خدمة المقاومة، ومُوَجَّها نحو هدف واحد هو محاربة الاستعمار. والاصدارات المغربية جاءت متأخرة جدا ولم تعش طفرتها إلا في نهاية الألفية الثانية، وبداية الألفية الثالثة. غير أنه في مجال الترجمة، انفتح المغاربة عن وعي أو بدونه على المُنجز النقدي المكتوب باللغات الأجنبية، وبدأ لدَوَاعي خاصة، أو تلبية لحاجة ماسَّة حينها، تهييئ دروس للطلبة تكون مستوفية لكل الشروط البيداغوجية، ولأصول الدرس الأكاديمي، ومن هذا المنطلق نستحضر الانجازات الرائدة للأساتذة بمختلف الجامعات المغربية، وما قـدَّمُوه من خدمات جَمَّة في هذا الميدان، فلم يتم الاكتفاء بالترجمة وانتقاء النصوص المساعدة لمحاضراتهم، بل ساهموا في نقد تلك الأعمال وقدموا وجهات نظرهم حولها، وأبرزوا مكامن القوة والضعف فيها. كما كان طلبة الجامعات بدورهم يعقدون حلقات خاصة بالمقاهي، وبالإقامات الجامعية، وبالساحات، والحدائق العمومية، حلقات نقاش حول الكتب المقررة، ويُضفون عليها لمستهم الخاصة، ولعل هذا الأمر يمكن اعتباره من بين أسباب التأخر الابداعي كذلك. غير أن المُنعطف الكبير، سيبرُز مع أسماء أغلبها من رواد الجامعات المغربية، بادروا بنشر أعمالهم الأولى، وهي أسماء معروفة اليوم.
أما بخصوص الشق الثاني من سؤالكم، حول بلورة رؤية نقدية مُوَحَّـدَة بين النقاد المغاربة والمشارقة، فأعتقد أن الأمر معقد نسبيا، ويجب أن يترفع عن الحزازات والصراعات الاقليمية، والأيديولوجية، والنظر للإبداع والنقد من منظور كوني، كإبداع إنساني. الابداع مشروط بالحرية، والنقد مشروط بإطار نظري ومنهجي واضح. وكما تختلف المنطلقات، ستختلف النتائج حتما. ومع ذلك لي يقين أن الندوات التي تعقد اليوم بمدرجات كليات مختلف الأقطار العربية حول النقد الروائي، أو نقد النقد لا محالة أنها ستشكل في القادم من السنوات أرضية لرؤية موحدة جزئيا.
ما هي نوع المشاكل التي قد تواجه الناقد، وهو يقتحِـمُ عملا روائيا؟
الناقد إنسان قبل كل شيء، ويحمل رسالة، وعليه أن يكون صادقا وواضحا فيما يقدمه من أراء ومواقف، ووجهة نظر، وأحيانا أحكاما على عمل ما. وهنا لا بد من العودة إلى تجاربي الشخصية، لأنني راكمت من المواقف ما قد يجعلني منبوذا من طرف العديد من الكتاب، وعاقا بالنسبة للعديد من الأصدقاء والصديقات، فعندما يطلب مني أحدمه تقديم عمل له أكون سعيدا بالطلب، لكنني عندما أطلع عليه أصاب بصدمة كبيرة، وهو يتسبب لي في إحباط كبير وحيرة، بين أن أقدم شهادة زائفة أو أضع العمل على محك النقد الموضوعي، وهو أمر في الغالب يدفعني نحو الرفض بمبررات واهية. الناقد اليوم سيتحوَّل لخرقة لمسح الأحذية، كلما وافق على التواطؤ على تقديم نصوص لا تتوفر على الحد الأذني من الأدبية، لذلك يظل الناقد أكثر الأشخاص مقتا وكراهية داخل الأوساط الثقافية.
Aucun commentaire