متى يتعافى حكام الجزائر؟
مرة أخرى يعود حكام قصر المرادية بالجزائر الشقيقة للتكشير عن أنيابهم والكشف عن مدى كراهيتهم وحقدهم تجاه النظام المغربي، من خلال ما صدر عن رئيس دبلوماسيتهم الفاشلة عبد القادر مساهل من هذيان، يقتضي التعجيل بحمله إلى مارستان، مؤكدين من جديد للعالم أجمع أنهم لم يتخلصوا بعد من عقدتهم التاريخية. وأنهم هم من يقفون خلف النزاع المفتعل بخصوص قضيتنا الوطنية الأولى، فيما شرذمة المرتزقة الانفصاليين المنضوية تحت لواء « جبهة البوليساريو »، ليست سوى دمية متحركة.
فالخرجة الإعلامية الخرقاء لوزير الشؤون الخارجية والتعاون، بتزامن مع زيارة المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة للمغرب، الألماني هورست كولر المكلف بمف الصحراء، لا تحتاج إلى كبير عناء في فهم خلفياتها، مادام الأمر واضحا وضوح الشمس في كبد السماء. لأن جنرالات الجزائر الماسكين بزمام الحكم، فقدوا السيطرة على أعصابهم في ظل تعاظم نفوذ المغرب داخل الاتحاد الإفريقي ومنظمة الأمم المتحدة، ويغيظهم كثيرا ما أقدم عليه من اختيارات موفقة وما قام به الملك محمد السادس من رحلات مكوكية لدول الساحل ودول أخرى كانت قبل شهور قليلة تصطف خلف الأطروحة الجزائرية المعادية لوحدة المغرب الترابية…
وإلا ما معنى أن تأتي تصريحات الرجل يوم الجمعة 20 أكتوبر 2017 خارج المنطق الدبلوماسي، حيث قال بوقاحة قل نظيرها: « إن المغرب الذي يصفه البعض كمثال ناجح للاستثمار في إفريقيا، يقوم في الحقيقة بتبييض أموال الحشيش عبر فروعه البنكية في القارة »، وزاد بأن تجاوز هذا الحد من الخسة والدناءة، باتهام شركة الخطوط الملكية المغربية للطيران، بنقل مواد غير مشروعة إلى جانب المسافرين ! وهي في مجملها افتراءات باطلة وذات طابع متهور، تنم عن جهل وغل كبيرين. لأنه يجهل كليا ضوابط الدبلوماسية الدولية، وما تتميز به أنشطة الأبناك المغربية من قواعد الحكامة والأخلاقيات عبر العالم بأسره. وأن نظام النقل الجوي يخضع لتفتيش دقيق من طرف هيئات دولية على أعلى المستويات، وأن المنظمات العالمية وسلطات النقل الجوي المغربية تحرص على احترام التشريع الدولي في مجال الأمن والسلامة… ومهما اختلق هذا « البيدق » وأمثاله من أضاليل ومغالطات، فلن يكون بمقدورهم النيل من سمعة المغرب والمس بمصداقيته، أمام ما يحظى به من إشعاع وتقدير، ليس فقط لدى القادة الأفارقة وشعوبهم بل حتى في أوساط العالم الغربي…
وما عودة المغرب إلى الحضن الدافىء لأسرته الإفريقية، التي باتت تشكل سكينا في خاصرة النظام الجزائري، إلا تحصيل حاصل، كان ينبغي لها أن تحدث منذ عدة سنوات خلت لولا التشويش والعراقيل، لأنه حق مشروع للمغرب، باعتباره أحد أبرز الأعضاء المؤسسين لمنظمة الوحدة الإفريقية. وأنه في ظل ما يشهده العالم من تحولات سريعة، اختار الاتجاه صوب أسواق جديدة بقارته الإفريقية. فضلا عن أنه حتى خلال فترة فراغ مقعده، استمر حاضرا بحكم موقعه، يشكل نقطة ارتكاز نحو الأسواق العالمية، ويمد الجسور نحو إفريقيا مرتكزا على تطوير العلاقات الاقتصادية والتجارية وفق سياسة جنوب- جنوب وسياسة رابح- رابح، وهي استراتيجيات تقوم على خلق مشاريع تنموية كبرى في مختلف المجالات، واعتماد الزعماء الأفارقة على إمكانات وقدرات بلدانهم الذاتية، ومن ثم حرص المغرب على تعزيز روابط التعاون المغربي الإفريقي عبر مجموعة من المبادرات الشاملة للبعد الديني والإنساني والتنموي، بلغت حدود تكوين الائمة لنشر تعاليم الإسلام الوسطي ومحاربة الإرهاب والتطرف، بالإضافة إلى الجهود الجبارة التي يقوم بها في مجال محاربة الاتجار بالبشر والمخدرات ومن ضمنها الأقراص المهلوسة القادمة من خلف حدود الجزائر… بشهادة المؤسسات الدولية المختصة.
مؤسف حقا تمادي الحكام الجزائريين في غيهم، والتغاضي عن شؤونهم الداخلية الباعثة على الشفقة، وما يعانون من عدم الاستقرار السياسي والسوسيو اقتصادي والفراغ الرهيب في قيادة البلاد، وما يجري من صراعات خفية بين مختلف مراكز النفوذ، وتبديد أموال الشعب الجزائري في خوض حرب قذرة ضد المغرب من خلف ستار، عبر تسليح ودعم كيان وهمي وشراء ذمم بعض الرؤساء والمسؤولين الفقراء إلى الحس الأخلاقي والبعد الإنساني، معاكسين بذلك مخططات المغرب الاقتصادية والاجتماعية والأمنية والروحية… هذا عدا أنهم كلما شعروا باقتراب حبل المشنقة الشعبية من رقابهم، إلا وسارعوا إلى محاولة تصريف أزماتهم الداخلية إلى الخارج، بافتعال أزمات دبلوماسية ولفت الأنظار عما يجري من غليان وارتفاع الأصوات المطالبة بالإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية… لا سيما أن بلادهم تعيش في أوضاع كارثية، إثر تدهور أسعار النفط والغاز في الأسواق العالمية، ودخول الاقتصاد الجزائري إلى أخطر المراحل، التي تنذر بانتفاضة عارمة، خاصة في أوساط الشباب العاطل.
وفوق هذا وذاك، نستحضر في هذا الصدد ما قاله يوما المحلل السياسي ماء العينين محمد الغيث، في تصريح له حول العداء الجزائري للمغرب: « إن الأمر يعود إلى افتقار الجزائر لمفهوم الدولة، فهي فقط صنيعة الاستعمار الفرنسي » وأضاف بأنها » تفتقد دائما إلى الثقة في هويتها أو تاريخها، وأن الشيء الوحيد الذي يمكن أن يوحد شعبها هو عداؤها للمغرب، لاقتناعها التام بأنها لا يمكن أن تكون قوية بدون وجود مغرب ضعيف ». وحتى تتضح لهم صورة بشاعتهم، أدعوهم إلى التأمل في ما قالته الأديبة الجزائرية أحلام مستغانمي: « النجاح كما الفشل، اختبار جيد لمن حولك، للذي سيتقرب منك ليسرق ضوءك، والذي سيعاديك لأن ضوءك كشف عيوبه، والذي حين فشل في أن ينجح، نذر حياته لإثبات عدم شرعية نجاحك »
اسماعيل الحلوتي
Aucun commentaire