Home»الصفات المستحبة في الخطيبة

الصفات المستحبة في الخطيبة

14
Shares
PinterestGoogle+

الصفات المستحبة في الخطيبة :

يشترط في من يراد خطبتها بعض الشروط المستحبة  أذكر أهمها فيما يلي :

1ـ  انتقاء ذات الدين :

و المقصود بذات الدين أن تكون المخطوبة متمسكة بدينها وعلى أخلاق فاضلة فذلك يجعل منها الزوجة الصالحة التي تدير شؤون بيتها بحكمة ، ويقوي عرى المحبة بين الزوجين وقد أرشد الرسول صلى الله عليه وسلم إلى النهج القويم الذي يجب مراعاته عند اختيار الزوجة فقال : » تنكح المرأة لأربع : لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك « [1]

فقد ذكر النبي صلى الله عليه و سلم المال و الحسب ضمن المزايا المرغبة في المرأة، ثم حث على اختيار ذات الدين، و اعتبر العثور عليها ظفرا، لما سيجنيه الظافر بها من سعادة للنفس و استقرار في العيش، و تنشئة طيبة في الذرية ، ثم أردف صلى الله عليه

 و سلم كل ذلك بوعيد شديد لمن يتهاون في طلب ذات الدين ، أو يعرض عنها اكتفاء بالمال

و الجمال بقوله :  » تربت يداك  » كناية عما سيتعرض له من خسران في الدنيا و الآخرة لتعديه ذوات الدين إلى غيرهن. »[2]

2- أن تكون من بيت دين و صلاح:

و يستحسن أن تكون المرأة المختارة للخطبة  و النكاح من بيت دين و صلاح ، لأن كونها من أهل بيت بهذا الوصف مظنة حسن تربيتها و أدبها و دينها، و ستؤثر هذه المعاني و الصفات في أولادها، لأنها ستربيهم على معاني الدين و الفضيلة و الأدب و الأخلاق الجيدة التي درجت عليها في بيتها. و لا شك أن مثل هذه المرأة الصالحة ستعين زوجها على تربية أولاده التربية الصالحة، أما إذا لم تكن كذلك فإنها – غالبا-لا تكون ذات دين و صلاح و بالتالي فإنها لا تربي أولادها على معاني الفضيلة و جميل الصفات، لأن فاقد الشيء لا يعطيه، و ربما أشار إلى ما قلته الحديث النبوي الذي ذكره الإمام الغزالي في إحيائه و فيه: » إياكم و خضراء الدمن، فقيل : ما خضراء الدمن؟قال: المرأة الحسناء في المنبت السوء »[3]

3- أن تكون المخطوبة من غير القريبات للخاطب:

لم يقف الإسلام – في حرصه على بناء الأسرة قوية الأسس ، راسخة الدعامات-

عند حد بيان العوامل الأساسية المرغبة في الزواج، بل تعدى ذلك إلى أسباب أخرى لها أثرها في محيط الأسرة، كما أن لها تأثيرها في كيان المجتمع و الأمة الإسلامية. و من هذه الأسباب : الاغتراب في الزواج بتفضيل الغريبات على القريبات إذا ما تساوين في قوة الدين  و طيب العنصر، لأنه في هذه الحالة يتحقق بالزواج من الغرائب ما لا يتحقق بالأقارب ، من تعارف بين الأسر، و ترابط بين الجماعات، و توثيق للعلاقات بين القبائل و الشعوب. و في مغني المحتاج  في فقه الشافعية: » أن الشافعي نص على أنه يستحب  للرجل أن لا يتزوج من عشيرته ، و علله الزنجاني بأن من  مقاصد النكاح اتصال القبائل لأجل التعاضد و المعاونة باجتماع الكلمة  » [4] و فضلا عن ذلك يرى البعض « أن التعاطف بين الزوجين الغريبين يكون عادة أقوى منه بين ذوي القرابة ، بما يكفل دوام العشرة، و سعادة الأسرة، و يثمر قوة في النسل، و نجابة في الولد ، إذ المعروف لدى العرب أن مداومة التزاوج بين ذوي الأرحام يؤدي إلي ضعف الأجسام ، و خمود الأذهان ، و أن الغرائب من النساء أولد للنجباء  أصحاء العقول و الأجسام . و في هذا المعنى يقول الشاعر العربي :

تجاوزت بنت العم و هي حبيبة         مخافة أن يضوي علي سليلها  » [5]

 و لعل هذه الظاهرة – ظاهرة ضعف نسل ذوي القرابات- من الأسباب التي اقتضتها مشيئة المولى عز و جل ، و جرت بها سنته في خلقه ليحفز الناس على الاغتراب عند اختيار الزوجات حرصا على توسعة دائرة التعارف بين الأفراد و الجماعات و تأكيدا لرابطة الأخوة بين الأسر و العائلات « [6]

 فالزواج بالقريبات غالبا ما ينتج عنه نسل ضعيف البنية أو العقل، وقد قيل بأن الزواج بالبعيدات فيه نجابة للأولاد لذا حض الرسول صلى الله عليه وسلم على تزوج الغرائب حيث

قال لعلي كرم الله وجهه- لما عقد على فاطمة بنته – » اغتربوا و لا تضووا » [7]أي تزوجوا البعيدات عليكم في النسب حتى لا تضعفوا . و يضيف ابن قدامة في المغني و الشرح الكبير: » و لأنه لا يؤمن العداوة في النكاح و إفضاءه إلى الطلاق، وإذا كان في قرابة أفضى إلى قطيعة الرحم المأمور بصلتها « [8]

و قد ذهبت سامية حسن الساعاتي إلى أن الطب الحديث » أثبت صحة هذا الاتجاه ، ففي حالة القرابة ، قل أن ينجو الأطفال من الأمراض الموجودة بالأسرة ، أو العيوب الموروثة  و لكن إذا كان الفتى من أسرة و الفتاة من أسرة أخرى، فإنه يكثر أن ينال الأطفال خير ما في الأسرتين ، وأن يفلتا من عيوب أهل الأب و أهل الأم . و ليس معنى ذلك أن هناك ما يمنع أن يتزوج الفتى ابنة عمه أو ابنة خالته ما دامت زوجة عمه في الحالة الأولى من أسرة غريبة

و في الحالة الثانية يكون زوج خالته من أسرة نائية  و إنما كل ما يريد الإسلام التأكيد عليه هو البعد عن تسلسل الزواج في دائرة ضيقة دون دخول دم جديد. و الاغتراب في الزواج لا يحقق نتائج صحية طيبة فقط ، بل إنه أيضا يحقق آثارا اجتماعية في غاية الأهمية ، و هي خلق صلات جديدة تنشأ عن ذلك الزواج . »[9]

4-أن تكون المخطوبة بكرا:

يحث الإسلام – في توجهه لتكوين الأسرة-  على تفضيل البكر على الثيب، و لا سيما إذا كان الزوج شابا لم يسبق له الزواج…. و الإسلام في حثه الشباب على التزوج بالأبكار إنما يختار له ما يناسب الفطرة و يحمي الأسرة مما قد ينغص عيشها أو يكدر صفوها، إذ البكر مجبولة على الأنس بأول أليف لها. أما الثيب فقد لا تجد في الزوج الثاني بعض ما راق لها في الأول ، مما قد يدفعها إلى النفور منه أو الفتور في معاملته. و لقد أوضح صلى الله عليه و سلم مزايا تفضيل الأبكار عند تكوين الأسرة فقال: » عليكم بالأبكار فإنهن أعذب أفواها، و أنتق أرحاما، وأقل خبا، وأرضى باليسير » [10] و تأكيدا لكل هذه المعاني التي لها أهميتها في بناء الأسرة و استقرارها، فإن النبي صلى الله عليه و سلم حين أخبره جابر رضي الله عنه أنه تزوج بامرأة ثيب ، لم يتردد أن قال له : » هلا بكرا تلاعبها

و تلاعبك  » [11] وقد اعتذر جابر للنبي صلى الله عليه و سلم عن زواجه من الثيب بقوله : يا رسول الله  إن عبد الله مات و ترك سبع بنات أو تسعا  فجئت بمن يقوم عليهن . و قد أقره الرسول على ذلك لأنه آثر صالح أخواته بعد و فاة والده و دعا له . و هكذا : قد تكون الثيب أكثر صلاحية في بعض الأحيان لا سيما بالنسبة لمن كان في مثل حالة جابر عنده صبية صغار يفتقرون إلى من تتوفر فيها خبرة الأم و رعايتها . بل قد تكون الثيب أحيانا أرجح كفة حتى لمن كان في سن الشباب . فهذا رسول الله صلى الله عليه و سلم يختار- و هو في عنفوان شبابه – أولى زوجاته السيدة خديجة و كانت تكبره بخمسة عشر عاما ، فكانت له نعم الزوجة الوفية ، و كانت خير معين له في السراء و الضراء ، و وفرت له كل السعادة

 و الهناء ما ظل يذكره طوال حياته اعترافا بفضلها و وفاء لذكراها. »[12] فكم من ثيب أحسن خلقا من بكر طائش.

وقد يكون العارض الذي يجعل زواج الثيب أفضل كونها تعول أيتاما ، فيريد الرجل أن ينال أجر تربية هؤلاء الأيتام و القيام عليهم ، و قد يكون العارض جبر خاطر امرأة مات زوجها كما ذكره بعض العلماء في تزوج النبي صلى الله عليه و سلم بأم سلمة رضي الله عنها. و قد يكون العارض هو دين الثيب القوي و رجاء الانتفاع بها في الدين و الدنيا. و قد يكون العارض مصاهرة أقوام صالحين. »[13] والواقع أن المصلحة قد تقتضي في بعض الحالات أن يتزوج الرجل ثيبا بدل فتاة بكر إذا كان مسنا … كما أن المرأة قد تجد سعادتها في الزواج الثاني بعد فشل زواجها الأول لعدم التوافق واختلاف الطبائع.

5- تحري الودود الولود:

و لقد عني الإسلام بالحث على تحري المرأة الودود الولود، الودود التي تقبل على زوجها فتحيطه بالمودة و الرحمة ، و تحرص على طاعته و مرضاته. و الولود التي يتوفر فيها من سلامة الصحة ، و قوة البدن ما يكفل حسن استعدادها للحمل و الولادة و يطمئن إلى قدرتها على القيام برسالة الأم على أكمل وجه، و لا يقف هدف الإسلام من ذلك عند حد الحرص على تكاثر النسل ، تقوية للأمة ، و إرهابا للأعداء ، و إنما يهدف فوق ذلك إلى توفير أسباب السعادة و الاستقرار للأسرة بإنجاب الذرية التي بها تزداد الرابطة بين الزوجين قوة

 و المودة بينهما ثباتا بوجود هدف مشترك يربط بين حياتهما و يوحد مصيرهما ، و أي هدف أعظم من التعاون في تنشئة الأبناء قرة عين الأمهات و الآباء. « [14]

فالزواج بالمرأة الولود يحقق الغاية القصوى من عقد الزواج وهو إنجاب النسل فقد روى معقل بن يسار قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم . فقال :  » إني أصبت امرأة ذات حسب وجمال وأنها لا تلد أ فأتزوجها ؟ قال له الرسول صلى الله عليه وسلم لا. قال الرسول صلى الله عليه وسلم  » تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم « [15]  و في ذلك نهي صريح عن الزواج بالمرأة العقيم ، لأنه لا يتحقق بها كثير من أهداف تكوين الأسرة ، و أمر بالولود التي تكثر بها الذرية ما لم تكن الحاجة ماسة إلى المرأة الكبيرة لرعاية الأطفال بعد وفاة أمهم. »[16]

6- أن تكون المرأة جميلة:

 و قد راعى الإسلام الجمال  فيمن يتقدم لخطبتها لأنها أسكن لنفس الخاطب، و أغض لبصره، و أكمل لمودته ، للحديث السابق » و لجمالها » فالجمال مع العفة و الدين كمال

 و شرف « [17]  و قد جاء في كشاف القناع: » و لا يسأل عن دينها حتى يحمد له جمالها « [18]

7- أن تكون حسيبة نسيبة :

من توجيهات الإسلام للمقبل على الزواج أن يكون من وقع عليها الاختيار من أسرة عريقة عرفت بالصلاح و الخلق و أصالة الشرف ، لكون الناس معادن يتفاوتون فيما بينهم وضاعة و شرفا و يتفاضلون فسادا و صلاحا… و قد جاء في المغني أن علم الوراثة أثبت أن الطفل يكتسب صفات أبويه الخلقية و الجسمية و العقلية ، و هذا ما يفسر دعوة الإسلام إلى انتقاء ذات الأصل و الشرف و الصلاح ، حتى ينشأ النسل على أفضل ما يكون من العفة و الطهر و الاستقامة  » [19] و الذي لا شك فيه أنه حين يجتمع في الولد عامل الوراثة الصالحة ، و عامل التربية الفاضلة ، يكون ذلك أدعى إلى صلاح الولد و تدينه.

 وفي الحكمة من اختيار الحسيبة النسيبة أي طيبة الأصل يقول الحنابلة: « و يستحب نكاح الحسيبة و هي النسيبة أي طيبة الأصل  ليكون ولدها نجيبا ، فإنه ربما أشبه أهلها و نزع إليهم « [20] و في الحديث الذي أخرجه البخاري » تنكح المرأة لأربع:… » هذا الحديث يدل على أن للحسب اعتباره في اختيار المرأة. و الحسب في الأصل يعني الشرف بالآباء  و ما يعده الناس من مفاخرهم، و قيل الحسب يعني الفعال الحسنة »[21]  و ما أجمل ما أوصى به الحكيم العربي أكثم بن صيفي أبناء قبيلته بقوله : » يا بني تميم، لا يغلبنكم جمال النساء على صراحة

النسب، فإن المناكح اللثيمة مدرج للشرف « [22]و قد افتخر أشراف العرب و فرسانهم أمام أبنائهم بأنهم أحسنوا اختيار زوجاتهم وأنهم قد مهدوا لهم الفخر بأنسابهم . من هنا امتن أبو الأسود الدؤلي على بنيه لأنه اختار لهم أمهات يفخرون بشرفهن و أصلهن ، و لأن كرم الأصل لا بد أن يظهر على كرم الخلق و السلوك قائلا : » أحسنت إليكم كبارا و صغارا قبل أن تولدوا . قالوا : كيف أحسنت إلينا قبل أن نولد ؟! قال : اخترت لكم من النساء من لا تسبون بهن. » [23]و قد خاطب العجير السلولي – و هو شاعر أموي – ابنته مفتخرا بآبائها من بني جابر وأنه اختار أمها من نسائهم :

و لقد وضعتك غير مترك           من جابر في بيتها الضخم

و اخترت أمك من نسائهم            و أبوك كل عزور شهم « [24]

[1] ـ صحيح البخاري- في كتاب النكاح-  باب الأكفاء- ص910 – رقم 5090

[2]  ـ اختيار الزوجين في الإسلام و آداب الخطبة حسين محمد يوسف- ص19- دار الاعتصام- بدون ط – بدون ت.

[3]  ـ أخرجه العجلوني في كشف الخفاء-ج1/319. قال الحافظ العراقي:مخرج أحاديث الإحياء في هامش إحياء علوم الدين للغزالي -ج2- ص38: أخرجه الدار قطني و قال عنه: تفرد به الواقدي، و هو ضعيف

[4]  ـ المفصل في أحكام المرأة و بيت المسلم في الشريعة الإسلامية- ج6 – عبد الكريم زيدان- ص53

[5]  ـ اختيار الزوجين في الإسلام و آداب الخطبة- ص27

[6]  ـ نفسه – ص27/28

[7]  ـ النهاية في غريب الحديث و الأثر- ج3 – لابن الأثير – ص106- تحقيق محمود محمد الطناحي و طاهر أحمد الزاوي – دار الفكر- بيروت – ط2/1979م

[8]  ـ المغني و الشرح الكبير- مجلد7- ص340

[9]  ـ الاختيار للزواج و التغير الاجتماعي- سامية حسن الساعاتي- ص104- دار النجاح – بيروت- بدون ط/1973م

[10] ـ كنز العمال-م16- ج2-  المتقي الهندي- ص4- الباب الثالث في آداب النكاح

[11]  ـ صحيح البخاري- ص937- كتاب النكاح باب تستحد المغيبة و تمتشط الشعتة – رقم الحديث: 5247

[12]  ـ اختيار الزوجين في الإسلام و آداب الخطبة– ص30

[13]  ـ جامع أحكام النساء- ج3-  مصطفى العدوي – ص211 – دار ابن عفان- ط1/1999م

[14]  ـ اختيار الزوجين في الإسلام و آداب الخطبة– ص28

[15]  ـ رواه أبو داود في سننه- ج2- كتاب النكاح- باب4/5- ص347- و الحاكم في المستدرك 2 /176

[16]  ـ اختيار الزوجين في الإسلام و آداب الخطبة- مرجع سابق – ص28

[17]  ـ الفقه المالكي و أدلته – ج3 – الحبيب بن طاهر  ص29 – مؤسسة المعارف- بيروت- ط1/ 2001م

[18]  ـ كشاف القناع عن متن الإقناع- ج3 – منصور بن يونس بن إدريس البهوتي- ص9

[19]  ـ المغني ج6- لابن قدامة – ص566-567

[20]  ـ كشاف القناع عن متن الإقناع – ج3– منصور بن يونس بن إدريس البهوتي-  ص4.

[21]  ـ المفصل في أحكام المرأة و بيت المسلم في الشريعة الإسلامية-ج6-عبد الكريم زيدان-  ص51

[22]  ـ المفصل في أحكام المرأة و بيت المسلم في الشريعة الإسلامية-ج6-عبد الكريم زيدان-  ص51

[23]  ـ إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري-ج8- القسطلاني- ص31

[24]  ـ الخطوبة و الزواج في الأدب العربي- ص20

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *