ما قل ودل من فكر العلامة مصطفى بن حمزة: براءة الإسلام من الإرهاب -3-
أعده للنشر: أحمد الجبلي
يعتبر الإرهاب ظاهرة عالمية، ولذلك لا يمكن ربطه بالدين، فالذين فجروا أوكلاهوما أو الذين كانوا من وراء مجزرة النرويج التي قتل فيها سبع وسبعون طفلا أو الذين قتلوا المهاتما غاندي وأنديرا غاندي ورجيف غاندي، إلى غير ذلك من العمليات الإرهابية، لم يكونوا مسلمين، وإذا كان في أمريكا ثمانون في المائة من الشعب الأمريكي يحملون السلاح ويتشبثون به لكونهم يرون أن من حقهم ذلك فماذا يفعلون بهذا السلاح؟
إن مثل هذه الأمور تدل على أن الإرهاب فعلا هو ظاهرة عالمية ويجب أن تعالج في نطاق كونها عمليات إرهابية، لا أن ترد إلى الدين من أجل تحميله هذه المسؤولية.
أما عندما يمارس الإرهاب بعض من المحسوبين على الإسلام، فهم قطعا لا علم لهم بالمعرفة الشرعية، ولا واحدا منهم يستطيع أن يقول بأنه تلقى معارفه من الشريعة الإسلامية. وكل ما في الأمر أن هنالك جهات تعمل على نشر ثقافتها لأنها تستغل غياب المؤسسات والعلماء الذين يؤطرون الحياة وينشرون المعرفة الشرعية التي هي أساسية في نشر التسامح.
ومن أمثلة ذلك، عندما نسمع أن تمة تفجيرا لكنيسة من الكنائس مثلا، وتنسب العملية للمسلمين نقول لم يكن من تاريخ المسلمين أن يفجروا كنيسة أبدا، أو عندما يقول قائل أن راهبا قتل وهو يمارس عبادته، فلم يكن هذا أبدا فعلا إسلاميا، فحتى عندما كان رسول الله يدعو إلى الجهاد كان يأمر باجتناب النساء والعباد والأطفال ومن ليس له يد في القتال. لقد كان عندنا في تاريخنا الإسلامي في الشرق العربي إحدى عشرة كنيسة وكلها كانت موقرة ومحترمة، بل حتى في الفقه الإسلامي نجد كتبا تسمى كتب الكنائس، دعت إلى حماية هؤلاء جميعا، وقد أعجب العديد من المفكرين الغربيين بالتسامح الإسلامي وكتبوا فيه الشيء الكثير منهم أدام ميتز في كتابه الحضارة الإسلامية في القرن الرابع الهجري والذي ذكر فيه أشياء عجيبة عن التسامح الإسلامي الذي تميز به المسلمون. لأن المسلمين لم يكونوا في يوم من الأيام يستغلون وجود الآخر ليجهزوا عليه أو ينتقصوا حقوقه، فحقوق الأغيار في الفقه الإسلامي ثابتة ومكفولة، ولم يسبق للمسلمين أن اعتدوا على أحد سواء في الأندلس أو في غيرها أبدا، وإنما أصبح يقع مثل ذلك بسبب الجهل بأحكام الدين وعدم الاطلاع على المعرفة الشرعية الحقيقية.
Aucun commentaire